أكّد عضو مجلس إدارة العتبة العباسية المقدسة الدكتور عباس الدده الموسوي، حرص العتبة العباسية في فعالياتها على إحياء نهج السيدة الزهراء (عليها السلام) وإحياء شخصها في وجدان الأمة ومشاعرها. جاء ذلك في كلمته خلال انطلاق فعاليات الملتقى الإعلامي النسوي السنوي بنسخته الثامنة في رحاب مجموعة العميد التعليمية، الذي تقيمه مكتبة أمّ البنين (عليها السلام) في العتبة المقدسة. وجاء في نصّ الكلمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والصلاة والسلام على النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه، وعلى بضعته الطاهرة، قرة عينه، وروحه التي بين جنبيه، وعلى بعلها وبنيها والسر المستودع فيها. وبعد. نحرص، في العتبة العباسية المقدسة، وفي كل مناسبة نجتمع فيها تحت لافتة تحمل اسم بضعة المصطفى وروحه التي بين جنبيه على أن تكون هذه المناسبةُ منطلقًا لإحياء نهجها القويم وإحياء شخصيتها في وجدان الأمة وفي مشاعرها، كي نتأثر بها ونهتدي بهديها، وبالهدى الذي أتى به أبوها صلوات ربي وسلامه عليه. وليس بخافٍ على أخواتنا أنّ هناك مسعًى لأعداء الرسالة الخالدة هو أن يفصلوا بيننا وبين منابعِ العزّ والمجد، وأن يبعدونا عنها. وهناك تيارات وتوجهات فكرية شاذة تواصل عملها باستمرار كي تجعل علاقتنا بالإسلام ورموزه وكتابه المجيد شكلاً لا مضمون له، ولهم في ذلك المسعى أساليب شتى بعضها ظاهر مفضوح، وبعضها مضمر خفي خطير. والهدف هو تخريب القيم والأخلاق السامية التي ركنها المتين في العائلة، وحصنها الواقي هو المرأة، لذلك راحوا يستهدفونها، بشتى السبل. وإذ نجتمع اليوم، لتأمل الخطاب الإعلامي الموجه للمرأة، تحت خيمة مشروع فكري ثقافي إعلامي حمل اسم الزهراء (عليها السلام)، وتبنى نهجها، فإننا نترجم بذلك تمسكنا بالإسلام، ونعلن عن الولاء لنبيه واتّباعِ رسالته، والاقتداء به، وبآل بيته الطيبين الطاهرين، كي نكون في صميم الرسالة، وفي عمق فهمها، وعلى مقربة منها، مهما تقادمت السنون، وتعاقبت الأجيال. ولعل النموذج الأسمى، والمثل الأعلى الذي على المرأة في كل عصورها أن تبحث عنه في كل عصورها هو السيدة الزهراء (عليها السلام)، فهي عنوان الحياة، وشهادة الميلاد للنبل الإنساني، والقيم الأخلاقية، والسمو والرفعة والعفة. فهي صاحبة السيرة التي ظلّ عطرها يفوح، ليملأ سمع التاريخ كلّه، وهي الصفحة الناصعة التي دوّى صداها في الآفاق في الزمان كلّه، والأمكنة كلها. وهي سليلة النبوة، ففي بيتها كان مهبطُ الوحي، بل كانت قريبة من الوحي نفسه بما خصّها اللهُ سبحانه وتعالى وسائر أهل بيت النبوة بآية التطهير، وقد خصّها الله سبحانه وتعالى بأن جعلها تحمل سلسلة الأنوار خلفاء النبي الأكرم من الأئمة المعصومين (عليهم السلام). وإذا مرّ ذكرٌ للزهراء فسيتعبه جريا على عادة القلب واللسان ذكر بنت قلبها، مفخرة الإسلام وفخر مخدّرات نسائه السيدةِ زينب (عليها السلام). وسنستحضر معها المرأة كما أراد لها بارئها عزّ وجل، والاعلام الهادف الملتزم كما يجب أن يكون، والقدوة الحسنة ذات الفضل والحسنى، والثابتة على قيمها وزينبيتها في جميع الأحوال. حيث داهمتها الأحداث الرّهيبة المروّعة، وما كان من شيء سوى العزّ والكرامة، وتوالت عليها المحن، وتجرعت المصاعب القاسية، فما كان سوى الصبر الجميل وابتُلِيت بالرزايا الجسام فما استسلمت، وحاصرتها الوحدة وقلة الناصر والمعين فما استوحشت طريق الحق. وشاهدت بطش الظالمين فما وهن لها ركن، وما ضعفت لها عزيمة، وما خضعت لغير بارئها جلّ وعلا، وفقدت ما فقدت مما عزّ مثاله، وانعدم نظيره، وهي تقول: ((الحمد لله الّذي أكرمنا بنبيّه)) إنها صوت الإسلام الحقيق، وترجمانه الخالد، الذي يريدنا أن نعيش أحرارًا ونموت أحرارًا، ونفهم أن نبيَّنا صلوات الله وسلامه عليه نعمتنا الكبرى وذخيرتنا في دنيانا وآخرتنا.
فلنتعلم درسها الخالد وهو (الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه)، وكأنها تردد بصياغة كونية أخرى قول أبيها (عليه السلام) ((ماذا وجد من فقدك وما الذي فقد من وجدك ))، صلى الله عليهم أجمعين، والحمد لله على نعمة نبينا وآله الطيبين الطاهرين. وليس خافيًا، أنّ ملتقًى نسويًّا كهذا، سيكون حاضنة تتلاقى فيها الأخوات الفضليات من داخل البلاد وخارجه، لتبادلِ الدروس المستفادة من هذه السيرة العطرة، والاقتداء بها. ومن ثمّ يكون اطلاع الأخوات على المشاريع النسوية في العتبة المقدسة في كلّ الحقول المعرفية الدينية والثقافية والفكرية وغير ذلك، التي هي تطبيق لرؤية عملية رسمها وتابعها سماحة السيد المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزّه).وإنّ تلك المشاريع، وما حققته من نجاحات، ومن ضمنها الملتقيات وما حققته من آثار إيجابية في الفئات المستهدفة، ما كانت لتكون، لولا أن اللهَ قد منّ علينا بل على العراق كلّ العراق وأهله، بنعمة كبرى هي وجود سيد النجف سماحة المرجع الأعلى الإمام السيد علي السيستاني (أدام الله ظله)، الذي لولاه ولولا فتواه المباركة، ولولا حشد الملبين لها ممن تزاحموا على التطوع للدفاع عن الأرض والعرض وما قدّموه من تضحيات، لعاش العراق جحيمًا، ولطواه الظلام، ولتبدل كلَّ شيء... فشكرًا لهذه النعمة الكبرى، سليلة الشجرة المحمدية الخالدة. شكرًا لمن رعى الملتقى وسقاه. وشكرًا لكل من ساعدنا في التمسك بنهج الزهراء وزينب (عليهما السلام). شكرًا للباحثات الفضليات ولكلّ من أسهمت ببحث علمي، أو بمشاركة بنقاش أو مداخلة، أو تساؤل، أو حضور بهيّ. شكرًا للجان العلمية النسوية الموقرة. شكرًا للجان التحضيرية الموقرة. شكرًا لمكتبة السيدة أمّ البنين (عليها السلام). شكرًا لمجلة رياض الزهراء الموقرة شكرًا لله من قبل ومن بعد، لنعمه ا لتي لا تُعد ولا تُحصى، ومنها نعمة الإسلام الكبرى، ونعمة النبي وآله الطيبين الطاهرين، الذين نسأل الله شفاعتهم يوم لا ينفع مال ولابنون إلّا من أتى الله بقلب سليم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.