مصبا- دهنّت الشعر وغيره دهنا من باب قتل : والدهن : ما يدهن به
من زيت وغيره ، وجمعه دهان ، وادّهن على افتعل : تطلّى بالدهن. وأدهن على أفعل
وداهن : وهي المسالمة و المصالحة. والمدهن : ما يجعل فيه الدهن ، وهو من النوادر
التي جاءت بالضمّ ، وقياسه الكسر.
مقا-
دهن : أصل واحد يدلّ على لين وسهولة وقلّة. من ذلك الدهن ، ويقال دهنته أدهنه
دهنا. والدهان : ما يدهن به- قال اللّه عزّ وجلّ :. {فَكَانَتْ وَرْدَةً
كَالدِّهَانِ} [الرحمن: 37]. قالوا هو دردئ الزيت ، ويقال دهنه بالعصا دهنا : إذا
ضربه بها ضربا خفيفا. ومن الباب الإدهان من المداهنة وهي المصانعة ، داهنت الرجل :
إذا واربته وأظهرت له خلاف ما تضمر له ، وهو من الباب كأنّه إذا فعل ذلك فهو يدهنه
ويسكّن منه. وأدهنت ادهانا : غششت ، ومنه- {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ }. والدهين : الناقة القليلة الدرّ. ودهن المطر الأرض بلّها بلّا
يسيرا. ودهن : حىّ من العرب. والدهناء : موضع.
صحا-
الدهن : معروف. والدهان : الأديم الأحمر ، ومنه- {فَكَانَتْ وَرْدَةً
كَالدِّهَانِ} [الرحمن: 37] ، أي صارت حمراء كالأديم ، من قولهم فرس ورد ، والأنثى
وردة. والدهان أيضا جمع دهن ، يقال دهنته بالدهان ، وتدهّن هو وادّهن : إذا تطلّى
بالدهن. وقوم مدهّنون : عليهم آثار النعم.
والتحقيق
أنّ
الأصل الواحد في هذه المادّة : هو اللينة واللطافة ، ومن مصاديقه : الدهن وهو في
المرتبة الأولى من اللطافة ، ومنها الملاطفة في الكلام ويقال لها المصالحة
والمداهنة والمصانعة ، ومنها الأديم الأحمر الليّن اللطيف من جهة لطافة جنسه وحسن
دباغته ، ومنها الضرب الخفيف والتأديب الليّن ، ومنها نزول المطر الخفيف اللطيف ، ومنها
قلّة الدرّ و ولينه ويقال لصاحبه الدهين ، والمدهّن من يجعل في مورد اللطف ويكون-
مشمولا للرحمة واللينة.
ثمّ انّ
النظر في الدهن مصدرا الى أصل حدوث الفعل ، وفي الإدهان :
الى جهة
صدور الحدث من الفاعل ، وفي التدهين : الى جهة وقوعه وتعلّقه الى المفعول ، وفي
المداهنة : الى استدامة الحدث.
ولا
يخفى انّ في مادّة الدهن أيضا شيء ما من الدلك والضغط كما في الموادّ القريبة
منها لفظا- الدهم ، الدهق ، الدقع ، الدلك.
{فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ
فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 8 ، 9] - أي يحبّون أن يكون منك اللين واللطف في القول
والفعل بالنسبة اليهم ، وتترك الخلاف الشديد والخشونة والعداوة ، حتّى يلائمون
ويداهنون.
{وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ
سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ } [المؤمنون : 20] - أي تنبت الشجرة نباتا ملابسا بالدهن ، أو تنبته
والباء للتعدية ، ودهن الزيت يؤخذ من أشمار الزيتون بالطبخ أو بالضغط. والدهن من
المصاديق الجليّة للأصل.
{لَا يَمَسُّهُ إِلَّا
الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ
الْعَالَمِينَ (80) أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ
مُدْهِنُونَ}
[الواقعة : 79 - 81] - أي تداهنون وتكونون في لينة ودهن وتسامح بالنسبة الى نزول
القرآن ، وتظهرون الوفاق والقبول وليس لكم عقيدة وايقان.
{فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ
فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} [الرحمن : 37] - الانشقاق التفرّق
والتشعّب. والوردة من الورود. يراد انّ السماء المتفرّقة المتشتّتة- قد تجرى وتسرى
وترد على الأرض وتكون ملائمة وليّنة كالدهان- راجع الورد. و لا يبعد أن يكون
المراد : انشقاق السماء الروحاني وتصدّعها للمكذّبين عند الموت أو بعدها وتراءى
آثار السماء وظهورها وسريان لطف تلك العالم الى جانبه نعيما أو جحيما ، فانّ
الإنسان محجوب في الحياة الدنيا ، والآخرة مستورة ومسدودة ومغلقة أبوابها ، وتفتح
بالموت- {وَفُتِحَتِ
السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا} [النبأ : 19].
ثمّ انّ
الدهن والدهان يدلّان على اللطافة واللينة الذاتيّة في نفسها. وأمّا الَدهان فهو
جعل شيء ذا دهن ، فيدلّ على التصنّع والتكلّف والتظاهر. وبهذه الجهة قد عبّر في
الآيتين الكريمتين بقوله- {تُدْهِنُ ، ... فَيُدْهِنُونَ ، ... مُدْهِنُونَ}.
وأمّا
الدهان : فلا يبعد أن يكون مصدرا من المفاعلة كالقتال ، فيدلّ على الاستمرار
وادامة المداهنة والواردات.
وأمّا
التعبير بهذه المادّة في مواردها : فإنّ مصداقها الآي هو الدهن ، وقد أشربت باقي
المعاني المذكورة بمفهومه ، ففيها من اللطافة والسريان والنفوذ والتليين ما ليس في
غيرها.
وان شئت
فقل : إنّ هذه المادّة تدلّ على شدّة اللطافة واللينة ، وبهذا القيد تفترق عنهما
وعن نظائرهما.