أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-01-2015
2124
التاريخ: 1-12-2014
1189
التاريخ: 8-10-2014
6593
التاريخ: 8-10-2014
827
|
كانت (البيعة) التي هي نوع من معاهدة الرئيس ، من تقاليد العرب قبل الإسلام وسننهم ، ولم يكن الإسلام هو أوّل من ابتكر ذلك ، وحيث كانت المبايعة ممّا تنفع المجتمع وتخدم مصالحه ، فقد أمضاها الدين الإسلاميّ وجعلها من العقود اللازمة ، التي يجب العمل بها ، ويحرّم نقضها.
لقد بايع أهل المدينة النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) في السنة الحادية عشرة والثانية عشرة في العقبة بمنى ، بايعوه مرّتين ففي الاُولى من البيعتين بايعوه على أن لا يشركوا بالله ، ولا يسرقوا ولا يقترفوا فاحشةً ... وو ... (1) .
ولقد خطى النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) في البيعة الثانية خطوةً أكبر حيث أخذ البيعة من أهل المدينة على نصرته ، والدفاع عنه كما يدافعون عن أولادهم وأهليهم (2) .
لقد بايع أهل المدينة النبيّ ـ على عاداتهم قبل الإسلام ـ حيث كانوا يبايعون زعماءهم.
إنّ البيعة نوع من العهد والمعاهدة ، والهدف من إمضائها في زمن النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) لم يكن لتعيينه للحكم والرئاسة ، بل كان لإعطائه الميثاق على الوفاء ، والسير حسب أوامره ، فالمسلمون الذين بايعوا النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) في أوّل بيعة ، إنّما بايعوه على أن لا يشركوا بالله ، وأن يجتنبوا الفواحش ، ولا يسرقوا ، وفي البيعة الثانية عاهدوا النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) على أن ينصروه ، ويدافعوا عنه كما قلنا ، وفي كلتا الصورتين كانت زعامة النبيّ ورئاسته محقّقة من قبل ، فهم كانوا بعد أن آمنوا بنبوّته ، وقيادته اقتضى إيمانهم أن يسمعوا له ويطيعوا أمره ( فلا يشركوا ولا يزنوا ... ) ويحفظوه وينصروه ، ولكنّهم أظهروا هذا السمع والطاعة وأكّدوهما عن طريق المبايعة معه (3).
إنّ الموارد التي بايع فيها المسلمون رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) جميعاً أو فرادى ، لا تنحصر في هذين الموردين ، بل هي أكثر من ذلك ، وفي جميع تلك الموارد يبدو جليّاً أنّ المبايعين كانوا ـ بعد أن يؤمنوا بنبوّة النبيّ ويعترفوا بقيادته وزعامته ـ يصبّون ما يلازم ذلك الإيمان ، من الالتزام بأوامر الرسول وإطاعته في قالب ( البيعة ) ، فكانت البيعة صورةً عمليّةً للالتزام النفسيّ بأوامر النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) بعد الإقرار بنبوّته والاعتراف المسبق بزعامته.
ولو أمعن القارئ الكريم في تفاصيل الموارد التي بايع فيها المسلمون كلهم أو بعضهم ( النبي ) لوجد ، أنّ البيعة لم تعن الاعتراف بزعامة الرسول ورئاسته فضلاً عن نصبه وتعيينه ، بل كانت لأجل التدليل على ذلك الاعتراف والتأكيد العمليّ على الالتزام بلوازم الإيمان المسبق به (صلى الله عليه واله وسلم) ولذلك نجد النبيّ الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) كان يقول : « فإن آمنتم بي فبايعوني على أن تطيعوني ، وتصلُّوا وتزكُّوا » (4) .
« وأن تدفعوا عنّي العدوّ حتّى الموت (5) ، ولا تفروا من الحرب » (6) .
وصفوة القول : أنّ من يلاحظ هذه المضامين ، يمكن أن يحدس بأنّ الهدف من البيعة لم يكن هو الاعتراف بمنصب المبايع وانتخابه وتعيينه لمقام الحكومة والولاية ، بل هو ميثاق بين شخصين وهي تندرج تحت قوله سبحانه : { أَوْفُوا بِالْعُقُودِ } ( المائدة :1). وقوله سبحانه : { وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً } ( الإسراء : 34 )
فيجب العمل بمفادها ويحرم نقضها ونكثها.
يقول الإمام أمير المؤمنين في الحث على الوفاء بالبيعة : « وأمّا حقّي عليكم فالوفاء بالبيعة والنصيحة في المشهد والمغيب والإجابة حين أدعوكم والطاعة حين آمركم » (7) .
ومن مراجعة خطب الإمام عليّ (عليه السلام) وكلماته في نهج البلاغة ، يتضح أنّ نكث البيعة إنّما هو نقض للميثاق لا سواه ، وأنّ نكث البيعة من الذنوب الكبيرة ، لا أنّه عزل للحاكم ، وإزاحته عن منصب الولاية.
ولو جعل البعض ( البيعة ) إحدى الطرق لتعيين الإمام ، فليس إلاّ لأحد سببين هما :
الأوّل : أنّ البيعة كانت تقليداً من تقاليد العرب قبل الإسلام ، حيث كان رائجاً بينهم إذا مات منهم أمير أو رئيس عمدوا إلى (شخص ) فأقاموه مكان الراحل بالبيعة.
الثاني : أنّ تعيين بعض الخلفاء بعد النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) كان بهذا الطراز في الظاهر ، وإن كان على غير ذلك في الباطن ، فإنّ الظاهر هو أنّ خلافة أبي بكر تمّت في السقيفة ، وانتهى كلّ شيء هناك ، ثمّ أريد من بقية الناس ـ بعد السقيفة ـ أن يبايعوا أبا بكر ، لتعميم نفوذه. فكانت بيعتهم للخليفة بمثابة التأييد والتسليم لما تمّ في السقيفة قبلاً ، وكانت خلافة عثمان قد تمت وتحققت بالشورى فكانت البيعة بعد الشورى تنفيذاً لقرارها. وإمضاءً ، لا اختياراً وانتخاباً شعبياً.
والحاصل ، أنّه ليس هناك دليل تأريخيّ ولا شرعيّ يدلّ على كون مجرّد ( البيعة ) إحدى الطرق لتعيين الخليفة ونصبه ، بغض النظر عن أيّة مواصفات أو ضوابط اُخرى.
ولأجل ذلك ، إذا راجعنا موارد البيعة التي تمّت في زمن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وجدنا ، أنّها لم يكن القصد من بيعة المبايعين هو ( تعيين الحاكم ) ، بل كان إمّا إعطاءً لميثاق الوفاء لما يأمر به النبيّ ، أو كان إظهاراً للتأييد المجدد في الحوادث الجلل التي وقعت في حياته (صلى الله عليه واله وسلم) كما حدث في الحديبيّة.
ولو غضضنا الطرف عن كلّ هذا لوجب أن نقول : إنّ البيعة هي إحدى الطرق لتعيين الحاكم والرئيس ، وليس الطريق الوحيد. وفي هذه الصورة تكون ( البيعة ) متّحدةً ـ من حيث المفهوم ـ مع ما ذكرناه حول تأسيس الدولة ، ومن ضرورة انبثاقها عن رضا الاُمّة وناشئةً عن إرادتها ، غاية ما في الأمر أنّ البيعة [ التي تتحقّق بصفق اليد ] تشتمل مضافاً إلى رضا الاُمّة ، على ما يقوّي مركز الإمام والقائد والحاكم ، لما فيها من إبراز الولاء النفسيّ ، وإظهار الطاعة القلبيّة بعمل محسوس.
ثمّ لو كانت ( البيعة ) الطريق الوحيد لانتخاب الحاكم وتعيين القائد ، لوجب أن يرد لها ذكر في أحاديث الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وأهل بيته الطاهرين : ولقد كان الإمام عليّ )عليه السلام) هو الخليفة الوحيد الذي انتخب للحكم عن طريق البيعة دون بقيّة الخلفاء ، فالاُمّة لم تبايع أيّاً من الخلفاء الأربعة بحقيقة البيعة ، سواه ... اللّهمّ إلاّ في أبي بكر والتي كانت البيعة في مورده بيعةً ناقصةً ، أقتصرت على بعض المسلمين لا عامّتهم (8) ، وكانت بمثابة التسليم للأمر الواقع.
وهناك أحاديث غامضة حول البيعة تحتاج إلى الدراسة والتحقيق فلتراجع المصادر التالية :
بحار الأنوار ( الجزء 2 ) كتاب العلم ( باب 33 ) الأحاديث : 21 و 22 و 23 و 28. وبحار الأنوار ( الجزء 27 ) كتاب الإمامة ( الباب 3 ) الأحاديث : 1 و 4 و ...
_____________________________
(1و2) سيرة ابن هشام 1 : 431 ، 438.
(3) لاحظ للوقوف على تفصيل هاتين البيعتين ، السيرة النبويّة لابن هشام وصحيح البخاري.
(4) صحيح البخاري : كتاب الإيمان.
(5) مسند أحمد 4 : 15.
(6) مسند أحمد 3 : 292.
(7) نهج البلاغة : الخطبة (34).
(8) كما مرّ عليك سابقاً.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|