المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



البيان والتبيين وكتاب الحيوان  
  
5005   11:21 صباحاً   التاريخ: 22-3-2018
المؤلف : د. عبد الرسول الغفاري
الكتاب أو المصدر : النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق
الجزء والصفحة : ص :110-113
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-3-2018 5624
التاريخ: 22-3-2018 9829
التاريخ: 23-7-2016 2364
التاريخ: 26-7-2017 2877

وضع الجاحظ ت 255 هـ نظرياته النقدية في الشعر في كتابيه البيان والتبيين، والحيوان.

اهتم الجاحظ بالصورة الشعرية قبل اهتمامه بالمادة، وقدّم الشعر العربي على بقية النتاجات الشعرية عند الامم، إذ اعتبر الشعر العربي التجربة الوحيدة التي تجسّد المشاعر الانسانية، لذا قال: "فضيلة الشعر مقصورة على العرب وعلى من تكلّم بلسان العرب ".

لقد ميّز الجاحظ بين النتاج الشعري والنثري واعطى للشعر موقعه الجميل ووقعه في النفس لأنه صادر عن وزن خاص ويحمل بين ثناياه موسيقى عذبة تشدّ السامع وتطرب العاشق، فقال: "والشعر لا يستطاع ان يترجم ولا يجوز عليه النقل ومتى حوّل تقطّع نظمه وبطل وزنه وذهب حسنه وسقط موضع التعجب كالكلام المنثور، والكلام المنثور المبتدأ على ذلك أحسن وأوقع من المنثور الذي تحوّل عن موزون الشعر" (1). وقد اهتم الجاحظ بالوزن واقتناء الالفاظ بل، انه اراد التنسيق بين المعاني والمفردات فقال:

"المعاني مطروحة في الطريق يعرفها العجمي والعربي والبدوي والقروي والمدني، وانما الشأن في اقامة الوزن وتخير الالفاظ وسهولة المخرج وكثرة الماء وفي صحة الطبع وجودة السبك فانما الشعر صناعة وضرب من النسيج وجنس من التصوير... " (2).

لقد اهتم الجاحظ بالعلوم البلاغية؟ من بديع وبيان ومعانٍ ، لهذا نجده يؤكّد على مقام المخاطب ومقتضى الحال وهذه القاعدة وغيرها وجدها احسن نظماً وتنسيقاً عند الكتّاب دون غيرهم، فقال: أمّا أنا فلم ار قوماً قط انبل طريقة في البلاغة من الكتّاب فانهم قد التمسوا من الالفاظ ما لم يكن متوعّراً وحشياً ولا ساقطاً سوقياً (3).

وعلى هذا فهو يؤكد على سلامة الالفاظ ايضاً اي خلوها وخلوصها من التنافر والغرابة والسقوط. فقال في ذلك:

وكما لا ينبغي ان يكون اللفظ عامياً ساقطاً فكذلك لا ينبغي أن يكون غريباً وحشياً إلّا أن يكون المتكلّم بدوياً اعرابياً فان الوحشي من الكلام يفهمه من الناس كما يفهم السوقي رطانة السوقي، وكلام الناس طبقات، كما ان الناس في طبقات " فمن الكلام: الجزل السخيف والملح والحسن والقبيح والسمج والخفيف والثقيل.. " (4).

كما اكّد الجاحظ على اللفظ والاسلوب كذلك اكّد على المعنى، فهو لم يترك المعنى دون أن يظهر رأيه فيه بل اراد أن تكون الموازنة بين الالفاظ والمعاني على حد سواء فقال: "من علم حق المعنى ان يكون الاسم له طبقاً وتلك الحالة وفقاً ويكون الاسم له لا فاضلاً ولا مفضولاً ولا مقصراً ولا مشتركاً ولا مضمناً ويكون في ذلك ذاكراً لما عقد عليه أول كلامه ويكون تصفحه لمصادره في وزن تصفحه لموارده ". وهذا يعني انه يطلب من الاديب ان يختار للمعاني الفاظاً بقدرها لا أن تزيد عليها ولا تنقص عنها، اضافة الى كون الكلام المنشود يرافق ذهن المخاطب.

ومما يلفت النظر ان الجاحظ يعد بحق أوّل من دافع عن المولدين في الشعر العربي ولا يقيم وزناً للقديم بقدر ما يحسنه الشاعر سواء كان جاهلياً أم اسلامياً. فمثلاً يفضّل ابا نواس على المهلهل اذ يقول الأول:

على خبز اسماعيل واقية البخل

وقد حلّ في دار الامان من الأكل

وما خبزه إلا كآوى يرى ابنها ولم تر آوي في الحزون ولا السهل

وما خبزه إلا كعنقاء مغرب          تصور في بسط الملوك وفي المثل

يحدث عنها الناس من غير رؤية     سوى صورة ما أن تمر ولا تحلي

وما خبزه إلا كليب بن وائل   ليالي يحمي عزّه منبت البقل

واذ هو لا يستب خصمان عنده       ولا القول مرفوع بجد ولا هزل

أمّا المهلهل فيقول:

أودى الخيار من المعاشر كلهم        واستب بعدك يا كليب المجلس

وتنازعوا في أمر كل عظيمة         لو قد تكون شهدتهُم لم ينبسوا

الجاحظ هنا يُقدّم ابا نؤاس على المهلهل فيقول:

"وابيات أبي نؤاس على أنه مولّد شاطر اشعر من شعر المهلهل في اطراف الناس في مجلس كليب ".

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البيان والتبيين: 1/ 295.

(2) الحيوان: 5/ 315.

(3) الحيوان: 2/ 130.

(4) الحيوان: 2/ 130.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.