أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-3-2018
1147
التاريخ: 13-3-2018
1056
التاريخ: 13-3-2018
988
التاريخ: 21-7-2017
978
|
بلغت الدولة العباسية اوجها أيام الرشيد، فآباؤه قد وطدوا له الامر فعم الاستقرار، ووصلت الدولة الى غاية قوتها فساد الامن، ولم يحدث الصراع على الحكم اذ كانت الدولة في مرحلة الشباب حيث لا يزال الشهور بالمعاناة قائما للوصول الى السلطة وانتزاعها من ايدي الامويين.
وكان الرشيد شجاعا قويا قاد الحملات والصوائف في عهد ابيه ولم يتجاوز العشرين من العمر، وسار على راس الجيوش الى بلاد الروم، وهو امير المؤمنين فطأطأ الروم رؤوسهم واحنوا هاماتهم له ورهبوه واخافوا رعاياهم به... .
ولد الرشيد بالري أيام خلافة جده ابي جعفر المنصور عام 146، وبويع بالخلافة عام 170 ولم يكن عمره يوم بويع على اربع وعشرين سنة، وكان ابيض طويلا سمينا جميلا، وتوفى بـ (طوس) في 3 جمادي الآخرة من عام 193 فتكون ولايته ثلاثا وعشرين سنة.
وتزوح بنت عمه زبيدة ام جعفر بنت جعفر بن المنصور وانجبت له ولده الأمين في 16 شوال من عام 170، وكان زواجه من زبيدة عام 165.
كما تزوج عام 187 العباسية بنت عمه سليمان بن ابي جعفر المنصور، كما تزوج عدة نساء اخريات، وتوفي عن اربع منهن. كانت له عدة جوار انجبن عدة أولاد منهم: المأمون، وهو اكبر أولاده، اذ ولد يوم بويع الرشيد بالخلافة أي 15 ربيع الأول وبذا يكون اكبر من الأمين بسبعة اشهر، وتسمى ام المأمون مراجل، والمعتصم وتدعى امه ماردة، والقاسم المؤتمن وتسمى امه قصف.
وكان الرشيد يكنى أبا موسى ثم عرف باسم ابي جعفر.
ولما بويع بالخلافة في 15 ربيع الأول اخرج يحيى بن خالد البرمكي من السجن وولاه الوزارة، اذ كان الهادي قد سجنه لميله للرشيد، وأكمل الخليفة بناء مدينة طرسوس، وهي الثغر على ساحل البحر المتوسط وانتهى العمل فيها في العام الأول من خلافة الرشيد.
وتوفت الخيزران والدة الرشيد عام 172 وبايع لابنه الأمين وليا للعهد عام 175 ولم يتجاوز الأمين الخامسة من عمره، وهذا ما ولد نقدا للرشيد من اهل العلم والعامة على حد سواء، ومع ان ابنه عبد المأمون اكبر من الأمين بسبعة اشهر الا ان البيعة كانت للأمين اذ ان امه زبيدة بنت جعفر ابنة عم الرشيد، وذات الحظوة الكبيرة عنده، على حين كانت ام المأمون ام ولد، هي مراجل، لكنه لم يلبث ان بايع بعد سبع سنوات للمأمون بعد أخيه الأمين.
وكان لآل برمك نفوذ كبير في الدولة أيام الرشيد، اذ كان يحيى بن خالد مربيا للرشيد، حتى كان يناديه ابي، وكان أولاد يحيى وهم: الفضل وجعفر وموسى ومحمد اترابه واقرانه، وكان الهادي يحقد عليهم، وقد سجن والدهم فلما بويع للرشيد اخرجه من السجن وقربه، واعطاه الوزارة وزاد نفوذ هذه الاسرة كثيرا فهم من جهة قد خدموا الدولة، اذ كان محمد بن خالد حاجب الرشيد، ويحيى بن خالد مربيه، وجعفر بن يحيى والي مصر، والفضل بن يحيى والي خراسان، وفي الوقت نفسه فقد قادوا الجيوش، واخضعوا الثورات واخمدوا الفتن، فقد ندب الفضل بن يحيى لقتال يحيى بن عبد الله بن الحسن عندما ثار في بلاد الديلم عام 176، كما سار الفضل نفسه على رأس قوة الى بلاد الترك فدخل كابل، وغزا بلاد ما وراء النهر. وفي الوقت الذي خدم به البرامكة الدولة كانوا يخدمون انفسهم، اذ كانوا أصحاب النفوذ والسلطان واهل المشورة والرأي والمقدمين في كل امر وجلساء الخليفة وندماءه، يدخلون عليه في كل وقت دون اذن، وان كان يعزل احدهم ويستبدله بآخر غير ان مركزهم لم يكن ليتغير فقد عزل جعفرا عن مصر عام 176، وعزل محمد بن خالد عن الحجابة واعطاها للفضل بن الربيع عام 179.
تغيرت أحوال البرامكة اذ تبدل لهم الرشيد فجأة فقتل جعفر بن يحيى وسجن يحيى وانه الفضل، وصادر املاكهم وانوالهم. ولربما كان لما حل بالبرامكة أسباب عامة نتيجة زيادة نفوذهم حتى خافهم الرشيد، ومغالاتهم بالتبذير والمصروفات حتى فاقوا الخليفة نفسه وسبقوه، وعدم اهتمامهم بالخليفة حيث أصبحوا يدخلون عليه من غير اذن وهذا ما جعل العامة والخاصة تحقد عليهم، وتتناولهم بالنقد بل وتتناول الرشيد نفسه الذي فسح المجال فخاف الرشيد على ملكه من نفوذهم، ومن نقمة العامة عليه، وجاء موضوع جعفر الخاص فاتخذ السبب في قتله وانزال النكبة بأهله. فقد ذكر بختيشوع بن جبريل عن ابيه انه قال: اني لقاعد في مجلس الرشيد اذ طلع يحيى بن خالد وكان فيما مضى يدخلان بلا اذن فلما دخل وصار بالقرب من الرشيد وسلم رد عليه ردا ضعيفا: فعلم يحيى ان امرهم قد تغير.
قال: ثم اقبل علي الرشيد، فقال: يا جبريل، يدخل عليك وانت في منزلك أحد بلا اذنك! فقلت: لا، ولا يطمع في ذلك. قال: فما يدخل علينا بلا اذن؟ فقام يحيى، فقال: يا امير المؤمنين قدمني الله قبلك، والله ما ابتدأت ذلك الساعة، وما هو الا شيء قد خصني به امير المؤمنين ورفع به ذكري، حتى ان كنت لأدخل وهو في فراشه مجردا حينا، وفي بعض ازاره، وما علمت ان امير المؤمنين كره ما كان يحب، زاذ علمت فاني أكون عنده في الطبقة الثانية من اهل الاذن، او الثالثة ان امرني سيدي بذلك. قال: فاستحيا- قال: وكان من ارق الخلفاء وجها- وعيناه في الأرض، ما يرفع اليه طرف، ثم قال: ما اردت ما تكره، ولكن الناس يقولون. قال: فظننت انه لم يسنح له جواب يرتضيه فأجاب بهذا القول ثم امسك عنه، وخرج يحيى.
وذكر عن احمد بن يوسف ان ثمامة بن أشرس قال: اول ما أنكر يحيى بن خالد من امره ان محمد بن الليث رفع رسالة الى الرشيد يعظه فيها، ويذكر ان يحيى بن خالد لا يغني عنك من الله شيئا، وقد جعلته فيما بينك وبين الله، فكيف انت إذا وقفت بين يديه فسألك عما عملت في عباده وبلاده فقلت: يارب أنى استكفيت يحيى بن خالد أمور عبادك! اتراك تحتج بحجه يرضى بها! مع كلام فيه توبيخ وتقريع (1) .
قال: وحدثني محمد بن الفضل بن سفيان مولى سليمان بن ابي جعفر، قال: دخل يحيى بن خالد بعد ذلك على الرشيد، فقام الغلمان اليه، فقال الرشيد لمسرور الخادم: مر الغلمان الا يقوموا ليحيى إذا دخل الدار، قال: فدخل فلم يقم اليه أحد، فاربد لونه. قال: وكان الغلمان والحجاب بعد إذا رأوه اعرضوا عنه. قال: فكان ربما استسقى الشربة من الماء او غيره، فلا يسقونه، وبالحري ان سقوه ان يكون ذلك بعد ان يدعو بها مرارا (2).
واما السبب الذي اتخذه الرشيد ذريعة للبطش بالبرامكة فهو فيما يتعلق بجعفر بن يحيى الذي قربة الرشيد اليه كثيرا حتى أصبح سميره الذي لا يكاد يفارقه بل لا يكاد يستطيع مفارقته وامين سره الذي لا يستطيع ان يكتم عنه سرا. فعندما ثار يحيى بن عبد الله بن الحسن عام 176 في بلاد الديلم، ووجه اليه الرشيد الفضل بن يحيى فأمنه، وجاء يحيى الى بغداد فدفعه الرشيد الى جعفر بن يحيى البرمكي فحبسه، ثم دعا به ليلة من الليالي فسأله عن شيء من امره، فأجابه الى ان قال: اتق الله في امري، ولا تتعرض ان يكون خصمك غدا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فوالله ما أحدثت حدثا، ولا اويت محدثا. فرق عليه وقال له: اذهب حيث شئت من بلاد الله . قال: وكيف اذهب ولا آمن اؤخذ بعد قليل فأرد اليك او الى غيرك ! فوجه معه من اداه الى مأمنه. وبلغ الخبر الفضل بن الربيع من عين كانت له من خاص خدمه، فعلا الامر، فوجده حقا وانكشف عنده، فدخل على الرشيد فأخبره، فأراه ان لا يعبأ بخبره. وقال: وما انت وهذا لا ام لك ! فلعل ذلك عن امري، فأنكسر الفضل، وجاءه جعفر فدعا بالغداء فأكلا، وجعل يلقمه ويحادثه الى ان كان اخر ما دار بينهما ان قال: ما فعل يحيى بن عبد الله؟ قال: بحاله يا امير المؤمنين في الحبس الضيق والاكبال. قال: بحياتي! جعفر – وكان من ادق الخلق ذهنا، واصحهم فكرا- وهجس فس نفسه انه قد علم بشيء من امره، فقال: لا وحياتك يا سيدي ولكن اطلقته وعلمت انه لا حياة به ولا مكروه عنده. قال: نعم ما فعلت، ما عدوت ما كان بنفسي. فلما خرج اتبعه بصره حتى كاد ان يتوارى عن وجهه، ثم قال: قتلني الله بسيف الهدى على عمل الظلالة ان لم اقتلك! فكان من امره ما كان (3). ويبدو ان هذا كان سببا رئيسيا لقتله والنكبة بالبرامكة، ولكن هنالك امر اخر يبدو انه اكثر أهمية، وهو ان الرشيد لم يكن يصبر على بعد جعفر بن يحيى اذ كان يحبه جدا، ويحب ان يكون دائما الى جانبه، وفي الوقت نفسه كان يحب اخته العباسية بنت المهدي حيث كانت على شيء من الادب والرأي والحكمة فكان لذلك يحب ان يحضرا مجلسه، ولما كان جعفر لا يحق له ان يرى العباسية اخت الرشيد اذ انه اجنبي عليها لذا قال له الرشيد: ازوجكما ليحل لك النظر اليها اذا حضرت مجلسي على الا تمسها، ولا يكون منك شيء مما يكون للرجل الى زوجته، فزوجها منه على ذلك. فكانا يحضران مجلس الرشيد، غير ان هذا الشرط لا يكون وما كان، فهما شابان وجرت خلوات بينهما، واي منهما قد مكر بالأخر فلا ندري، فالأمر واحد، وحملت العباسية من جعفر، وولدت غلاما فخافت على نفسها من اخيها كما خاف جعفر ان علم الرشيد بذلك لذا فقد وجهت المولود مع حواضن له ممن مماليكها الى مكة، وبقي الامر مستورا عن الرشيد حينا من الزمن، حتى وقع خلاف بين العباسية وبين بعض جواريها فأعلمت الجارية الرشيد بخبر العباسية ووليدها، فلما حج الرشيد عام 186تتبع امر الوليد في مكة فأستيقن الخبر فأخذته النخوة في رأسه مأخذها، وعد ان جعفر قد خانه، وقرر قتله والانتقام منه ومن اهله، وان كان هو نفسه السبب في ذلك لما فرط في اهله. فلما رجع الرشيد من الحج أرسل مسرورا الخادم مع جماعة الى جعفر فأخرجوه من منزله كرها وقيدوه واتوا به الى منزل الرشيد فأمر بضرب عنقه، وكان ذلك في أواخر أيام شهر محرم من عام 187. كما امر الرشيد بسجن يحيى بن خالد وأولاده الفضل ومحمد وموسى واولادهم وأعلن ان لا امان للبرامكة بأستثناء محمد بن خالد اذ كان للخليفة ناصحا، وصادر أموالهم واملاكهم ثم اخرج يحيى من السجن لكبر سنه، كما اخرج ابناء اولاده لصغرهم. ومات الفضل بن يحيى في السجن عام 192، كما مات ابوه يحيى من قبل عام 190.
وبايع لابنه القاسم وليا للعهد بعد ابنه الأمين والمأمون وسماه المؤتمن، وولاه الجزيرة والثغور والعواصم، اما الأمين فقد كان واليا للشام والعراق، واما المأمون فولي امر المشرق من همدان الى اخر المشرق.
_____________
(1) تاريخ الطبري.
(2) المصدر نفسه.
(3) تاريخ الطبري.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|