أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-02
1357
التاريخ: 21-09-2015
1959
التاريخ: 2-03-2015
2541
التاريخ: 5-05-2015
2224
|
يمكن التعامل بوضوح مع كثرة وافرة من نصوص الإمام حيال القرآن وحل
معضلها؛ تلك النصوص التي تنصّ على أنّ القرآن سرّ وسرّ السرّ ، وهو ليس من شأننا ،
ولا يدركه إلّا من خوطب به. فالمقصود بهذه النصوص أولا حقيقة القرآن ، وليس ألفاظه
وأوائل مفهوماته وأحكامه الفقهية ومنطقة واسعة من عظاته وزواجره ونواهيه بل كلّ
ظواهره. وكذلك المقصود بها ثانيا الحدّ الأقصى من المعرفة الوجودية الكنهية
الحقيقية ، وليس المعرفة النظرية التي هي متاحة للجميع بعد توفر أدواتها. من ذلك
مثلا ، قوله : «القرآن سرّ ، سرّ السرّ ، سرّ مستسر بالسرّ ، سرّ مقنّع بالسرّ».
القرآن في هذه المرحلة هو ممّا يختصّ بالنبي وآله صلوات اللّه عليهم أجمعين. لكن
بعد التنزّل من ذلك الأفق إلى عالم العقل والحس يكون متاحا للجميع وإن بدرجات تلي
الدرجة القصوى للنبي وآله.
وهذا ما تفيده تتمّة النص نفسه ، التي نقرأ
فيها : «ينبغي أن
يتنزّل ويتنزّل ، لكي يصل إلى المراتب النازلة. حتّى عند ما نفذ إلى قلب رسول
اللّه فقد تنزّل أيضا ، تنزّل تنزّلا حتّى ورد إلى القلب. ثمّ ينبغي أن ينزل من
هناك أيضا إلى أن يبلغ الموقع الذي يمكن للآخرين أن يفهموه» (1).
كذلك قوله : «ليس القرآن بمستوانا ، ليس هو بمستوى
البشر ، القرآن سرّ بين الحقّ ووليّ اللّه الأعظم الذي هو رسول اللّه». هنا الحديث أيضا عن حقيقة
القرآن في مقام الغيب قبل أن يتنزّل إلى أفق عالم الشهادة ويقع في كسوة الحروف والألفاظ
وفي نطاق الإدراك العقلي ، كما تدلّ على ذلك تتمّة النص الذي نقرأ فيه : «نزل القرآن بتبع رسول اللّه ، حتّى
بلغ المرتبة التي ظهر بها بصورة الحروف ، وبصيغة كتاب» (2). كذلك عند ما يسجّل سماحته عن القرآن : «إن
يد آمال العائلة البشرية قصيرة عن نيله». فالكلام كلّه ينصب على حقيقة القرآن من
جهة ، وعلى معرفة الحد الأقصى من جهة اخرى. وربّما كان في المقتبس التالي الذي
وردت فيه الجملة أعلاه ما يضيء هذه الحقيقة ، حيث يكتب في كتاب «آداب الصلاة» ما
نص ترجمته : «إنّ فهم عظمة كلّ شيء بفهم حقيقته ، وحقيقة القرآن الإلهي الشريف
قبل التنزّل إلى المنازل الخلقية [من الخلق] والتطوّر بالأطوار الفعلية ، هي من
الشئون الذاتية والحقائق العلمية للحضرة الواحدية ، وتلك حقيقة «الكلام النفسي»
الذي هو مقارعة ذاتية في الحضرات الأسمائية. وهذه الحقيقة لا تحصل لأحد لا بالعلوم
الرسمية ولا بالمعارف القلبية ولا بالمكاشفة الغيبية ، إلّا المكاشفة الإلهية
التامّة لذات النبي الخاتم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم» (3).
ثمّ بعد أن يذكر أنّ معرفة القرآن في هذا
الأفق الذي يكون فيه على حقيقته هي ممّا يختصّ به النبي وحده ويأخذه عنه أهل بيته
بالوراثة عنه ، يشير في السياق إلى أنّ : «يد آمال العائلة البشرية قاصرة عنه» من
دون «التنزّل بالمنازل والتطوّر بالأطوار» أو على نحو أوضح : «إنّ سائر الخلق لا يقدرون أخذ
هذه الحقيقة إلّا بالتنزّل عن مقام الغيب إلى موطن الشهادة ، والتطوّر بالأطوار
الملكية [نسبة إلى
عالم الملك والحس والمادة] والتكسّي بكسوة الألفاظ والحروف الدنياوية» (4).
فإذن الكلام في أمثال هذه النصوص يدور حول
حقيقة القرآن العليا في عالم الغيب قبل التنزّل حيث يكون القرآن سرّا لا يقوى على
التماسه أحد ، ثمّ وبعد النزول يكون نصيب الحدّ الأقصى للنبي الذي خوطب به ولأهل
بيته ، ثمّ يتاح ما دون ذلك للآخرين.
__________________
(1)-
تفسير سورة حمد : 165.
(2)- صحيفه امام 19 : 285.
(3)- آداب الصلاة : 181.
(4)- نفس المصدر.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|