أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-03-2015
2222
التاريخ: 25-03-2015
1777
التاريخ: 26-03-2015
6173
التاريخ: 25-09-2015
5835
|
وهو
الذي سماه الحاتمي التتميم، وسماه ابن المعتز قبله: اعتراض كلام في كلام لم يتم
معناه، ثم يعود المتكلم فيتمه، وشرح حده: أنه الكلمة التي إذا طرحت من الكلام نقص
حسن معناه أو مبالغته، مع أن لفظه يوهم بأنه تام، وهو على ضربين: ضرب في المعاني
وضرب في الألفاظ: فالذي في المعاني هو تتميم المعنى، والذي في الألفاظ هو تتميم
الوزن، والأول هو الذي قدمنا حده ومجيئه على وجهين للمبالغة والاحتياط، ويجئ في
المقاطع كما يجئ في الحشو، مثل قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا فِي
ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ
أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) فجاءت
الفاصلة كلها تتميماً، لأن المعنى ناقص بدونها، لكنه متى جاء في المقاطع سمي
إيغالاً، ويكثر مجيئه في الحشو ومثاله قوله سبحانه: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً ) فقوله تعالى: (مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) ، تتميم، وقوله: (وَهُوَ
مُؤْمِنٌ) تتميم ثان في غاية البلاغة التي بذكرها تم معنى الكلام، وجرى على الصحة،
ولو حذفت هاتان الجملتان نقص معناه واختل من حسن البيان.
من
هذا القسم قول الرسول عليه[وآله] الصلاة والسلام: ما من عبد مسلم يصلي لله
كل يوم اثنتي عشرة ركعة من غير الفريضة إلا بنى الله له بيتاً في الجنة
فوقع التتميم في هذا الحديث في أربعة مواضع: منها قوله: مسلم، وقوله: لله، وقوله:
كل يوم، وقوله: من غير الفريضة، ومن أناشيد قدامة على هذا القسم قول الشاعر [طويل]:
أناس
إذا لم يقبل الحق منهم ... ويعطوه عاذوا بالسيوف
القواضب
فقوله:
ويعطوه تتميم في غاية الحسن، وهذا شاهد ما جاء منه للاحتياط، ومثال ما جاء
للمبالغة قول زهير [بسيط]:
من
يلق يوماً على علاته هرماً ... يلق السماحة منٌّ والندى
خلقاً
فقوله
على علاته تتميم جاء للمبالغة، وشاهده من كتاب الله تعالى قوله عز وجل: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ) إن عاد الضمير على الطعام، وإن عاد
على اسم الله فهو للاحتياط.
وأما
الذي في الألفاظ فهو الذي يؤتى به لإقامة الوزن، بحيث لو طرحت الكلمة استقل معنى
البيت بدونها، وهي على ضربن أيضاً: كلمة لا يفيد مجيئها إلا إقامة الوزن فقط،
وأخرى تفيد مع إقامة الوزن ضرباً من المحاسن، والأولى من العيوب، والثانية من
النعوت، وهذا موضع الثانية لا الأولى، ومثالها قول المتنبي [كامل]:
وخفوق
قلب لو رأيت لهيبه ... يا جنتي لرأيت فيه جهنما
فإنه
جاء بقوله: يا جنتي لإقامة الوزن، وقصدها دون غيرها مما يسد مسدها
ليكون بينها وبين قافية البيت مطابقة لو كان موضعها غيرها لم تحصل، والله أعلم.