المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17761 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

كيف تتلاءم القوانين الثابتة مع الحاجات المتغيّرة؟
5-10-2014
إضافة مجموعة الكاربوكسيل Carboxylation
26-9-2017
الاستعداد والتهيؤ ضرورة للمجتمع الإسلاميّ
18-4-2016
التعلــــم
17-2-2017
زواج ذو اليزن من قمرية.
2024-01-18
اتفاقية دول حوض نهر النيل
23-3-2017


تفسير الاية (1-6) من سورة محمد  
  
5076   03:22 مساءً   التاريخ: 11-10-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الميم / سورة محمد /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2017 4004
التاريخ: 11-10-2017 4628
التاريخ: 11-10-2017 5077
التاريخ: 11-10-2017 3348

قال تعالى : {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُو الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3) فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَو يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُو بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } [محمد: 1 - 6].

 تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

{الذين كفروا} بتوحيد الله وعبدوا معه غيره {وصدوا} الناس {عن سبيل الله} أي عن سبيل الإيمان والإسلام باستدعائهم إلى تكذيب النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) يعني مشركي العرب {أضل أعمالهم} أي أحبط الله أعمالهم التي كان في زعمهم أنها قربة وأنها تنفعهم كالعتق والصدقة وقرى الضيف والمعنى أذهبها وأبطلها حتى كأنها لم تكن إذ لم يروا لها في الآخرة ثوابا وقيل نزلت في المطعمين ببدر وكانوا عشرة أنفس أطعم كل واحد منهم الجند يوما {والذين آمنوا وعملوا الصالحات} أي صدقوا بتوحيد الله وأضافوا إلى ذلك الأعمال الصالحة {وآمنوا بما نزل على محمد} من القرآن والعبادات خص الإيمان بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) بالذكر مع دخوله في الأول تشريفا له وتعظيما ولئلا يقول أهل الكتاب نحن آمنا بالله وبأنبيائنا وكتبنا {وهو الحق من ربهم} أي وما نزل على محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) هو الحق من ربهم لأنه ناسخ للشرائع والناسخ هو الحق وقيل معناه ومحمد الحق من ربهم دون ما يزعمون من أنه سيخرج في آخر الزمان نبي من العرب فليس هذا هو فرد الله ذلك عليهم.

 {كفر عنهم سيئاتهم} أي سترها عنهم بأن غفرها لهم يعني غفر سيئاتهم المتقدمة بإيمانهم وحكم بإسقاط المستحق عليها من العقاب {وأصلح بالهم} أي أصلح حالهم في معاشهم وأمر دنياهم عن قتادة وقيل أصلح أمر دينهم ودنياهم بأن نصرهم على أعدائهم في الدنيا ويدخلهم الجنة في العقبي ثم بين سبحانه لم فعل ذلك ولم قسمهم هذين القسمين فقال {ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم} أي ذلك الإضلال والإصلاح باتباع الكافرين الشرك وعبادة الشيطان واتباع المؤمنين التوحيد والقرآن وما أمر الله سبحانه باتباعه {كذلك يضرب الله للناس أمثالهم} أي كالبيان الذي ذكرنا يبين الله سبحانه للناس أمثال حسنات المؤمنين وسيئات الكافرين فإن معنى قول القائل ضربت لك مثلا بينت لك ضربا من الأمثال عن الزجاج وقيل أراد به المثل المقرون به فجعل الكافر في اتباعه الباطل كمن دعاه الباطل إلى نفسه فأجابه والمؤمن كمن دعاه الحق إلى نفسه فأجابه وقيل معناه كما بينت عاقبة الكافر والمؤمن وجزاء كل واحد منهما أضرب للناس أمثالا يستدلون بها فيزيدهم علما ووعظا وأضاف المثل إليهم لأنه مجعول لهم.

 ثم أمر سبحانه بقتال الكفار فقال {فإذا لقيتم} معاشر المؤمنين {الذين كفروا} يعني أهل دار الحرب {فضرب الرقاب} أي فاضربوا رقابهم والمعنى اقتلوهم لأن أكثر مواضع القتل ضرب العنق وإن كان يجوز الضرب في سائر المواضع فإن الغرض قتلهم {حتى إذا أثخنتموهم} أي أثقلتموهم بالجراح وظفرتم بهم وقيل حتى إذا بالغتم في قتلهم وأكثرتم القتل حتى ضعفوا {فشدوا الوثاق} أي أحكموا وثاقهم في الأسر .

أمر سبحانه بقتلهم والإثخان فيهم ليذلوا فإذا ذلوا بالقتل أسروا فالأسر يكون بعد المبالغة في القتل كما قال سبحانه {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض}.

 {فإما منا بعد وإما فداء} أي فأما أن تمنوا عليهم منا بعد أن تأسروهم فتطلقوهم بغير عوض وأما أن تفدوهم فداء واختلف في ذلك فقيل كان الأسر محرما ب آية الأنفال ثم أبيح بهذه الآية لأن هذه السورة نزلت بعدها فإذا أسروا فالإمام مخير بين المن والفداء بأسارى المسلمين وبالمال وبين القتل والاستعباد وهو قول الشافعي وأبي يوسف ومحمد بن إسحاق وقيل أن الإمام مخير بين المن والفداء والاستعباد وليس له القتل بعد الأسر عن الحسن وكأنه جعل في الآية تقديما وتأخيرا تقديره فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أوزارها ثم قال حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء وقيل أن حكم الآية منسوخ بقوله اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وبقوله فإما تثقفنهم في الحرب عن قتادة والسدي وابن جريج وقال ابن عباس والضحاك الفداء منسوخ وقيل أن حكم الآية ثابت غير منسوخ عن ابن عمر والحسن وعطاء قالوا لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) من على أبي غرة وقتل عقبة بن أبي معيط وفادى أسارى بدر والمروي عن أئمة الهدى صلوات الرحمن عليهم أن الأسارى ضربان ضرب يؤخذون قبل انقضاء القتال والحرب قائمة فهؤلاء يكون الإمام مخيرا بين أن يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويتركهم حتى ينزفوا ولا يجوز المن ولا الفداء . والضرب الآخر الذين يؤخذون بعد أن وضعت الحرب أوزارها وانقضى القتال فالإمام مخير فيهم بين المن والفداء إما بالمال أو بالنفس وبين الاسترقاق وضرب الرقاب فإذا أسلموا في الحالين سقط جميع ذلك وكان حكمهم حكم المسلمين.

 {حتى تضع الحرب أوزارها} أي حتى يضع أهل الحرب أسلحتهم فلا يقاتلون وقيل حتى لا يبقى أحد من المشركين عن ابن عباس وقيل حتى لا يبقى دين غير دين الإسلام عن مجاهد والمعنى حتى تضع حربكم وقتالكم أوزار المشركين وقبائح أعمالهم بأن يسلموا فلا يبقى إلا الإسلام خير الأديان ولا تعبد الأوثان وهذا كما جاء في الحديث والجهاد ماض مذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال وقال الفراء المعنى حتى لا يبقى إلا مسلم أو مسالم وقال الزجاج أي اقتلوهم وأسروهم حتى يؤمنوا فما دام الكفر فالحرب قائمة أبدا.

 {ذلك} أي الأمر الذي ذكرنا {ولو يشاء الله لانتصر منهم} أي من الكفار بإهلاكهم وتعذيبهم بما شاء {ولكن} يأمركم بالحرب وبذل الأرواح في إحياء الدين {ليبلوا بعضكم ببعض} أي ليمتحن بعضكم ببعض فيظهر المطيع من العاصي والمعنى أنه لوكان الغرض زوال الكفر فقط لأهلك الله سبحانه الكفار بما يشاء من أنواع الهلاك ولكن أراد مع ذلك أن يستحقوا الثواب وذلك لا يحصل إلا بالتعبد وتحمل المشاق {والذين قتلوا في سبيل الله} أي في الجهاد في دين الله يوم أحد عن قتادة ومن قرأ قاتلوا فالمعنى جاهدوا سواء قتلوا أولم يقتلوا {فلن يضل أعمالهم} أي لن يضيع الله أعمالهم ولن يهلكها بل يقبلها ويجازيهم عليها ثوابا دائما {سيهديهم} إلى طريق الجنة والثواب.

 {ويصلح بالهم} أي شأنهم وحالهم والوجه في تكرير قوله {بالهم} أن المراد بالأول أنه أصلح بالهم في الدين والدنيا وبالثاني أنه يصلح حالهم في نعيم العقبي فالأول سبب النعيم والثاني نفس النعيم {ويدخلهم الجنة عرفها لهم} أي بينها لهم حتى عرفوها إذا دخلوها وتفرقوا إلى منازلهم فكانوا أعرف بها من أهل الجمعة إذا انصرفوا إلى منازلهم عن سعيد بن جبير وأبي سعيد الخدري وقتادة ومجاهد وابن زيد وقيل معناه بينها لهم وأعلمهم بوصفها على ما يشوق إليها فيرغبون فيها ويسعون لها عن الجبائي وقيل معناه طيبها لهم عن ابن عباس في رواية عطاء من العرف وهو الرائحة الطيبة يقال طعم معرف أي مطيب .

______________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9، ص161-163.

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ الَّذِينَ كَفَرُوا وصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ } . صدوا تأتي بمعنى أعرضوا ، وبمعنى منعوا ، وعلى الأول يكون معنى كفروا وصدوا واحدا ، والعطف من باب التفسير ، وعلى الثاني يكون المعنى انهم لم يؤمنوا وأيضا منعوا الناس عن الإيمان ، وهذا هو الظاهر من دلالة اللفظ . وأضلّ أعمالهم أي أبطلها حتى كأنها لم تكن ، والمعنى ان من أعرض عن الإسلام ومنع الناس عنه فلا يقبل اللَّه من عمله شيئا ، لأن الإسلام شرط أساسي في ثواب الآخرة ، قال تعالى :

{ وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ} [التوبة: 54] .

{والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وهُو الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وأَصْلَحَ بالَهُمْ } . بعد ان قال سبحانه : انه لا يقبل من الكافرين قال : أما من يعمل من الصالحات وهو مؤمن باللَّه وبالقرآن الذي لا ريب فيه - أما هذا فإن اللَّه يقبل منه ، ويصفح عن ذنوبه إذا تاب منها ، ويصلح

شأنه في الدنيا بالتوفيق والهداية إلى الخير ، وفي الآخرة بإدخاله الجنة { ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ } . ذلك إشارة إلى ثواب الصالحين ، وعقاب المجرمين ، والمعنى ان للحق أهلا ، وللباطل أهلا ، واللَّه سبحانه يوفي كلا منهما أعمالهم انه بما يعملون خبير { كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ } . فيبين للصالح ثواب أمثاله من الصالحين ليكون على يقين من صلاحه وهدايته ، ويبين للمجرم عقاب المجرمين من أمثاله لعله يهتدي ويرتدع .

( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها }. هذه الآية من أمهات الآيات ومحكماتها ، وموضوعها هام ، وهو القتال ، لذا نبدأ بتفسير مفرداتها ، ثم نبين المعنى المحصل منها . . . والمراد باللقاء هنا مواجهة أعداء الإسلام والمسلمين في جبهة الحرب والقتال . وضرب الرقاب كناية عن القتل سواء أكان بضرب الرقبة أم بغيره ، وانما خص سبحانه الرقاب بالذكر لأنها من الأعضاء الرئيسية . وأثخنتموهم أكثرتم فيهم القتلى حتى ظفرتم بهم وتمكنتم منهم . فشدوا الوثاق أحكموا وثاق الأسير منهم بقيد أو حبل أو سجن كيلا يفر ويعيد الكرة عليكم . فإما منا أي أن تمنوا بالصفح على الأسير من غير عوض . وأما فداء أن تطلقوا سراحه بعوض . وحتى تضع الحرب أوزارها أي حتى يستسلم العدو ويلقي السلاح لأن أوزار الحرب سلاحها .

ومعنى الآية بمجموعها ان أعداء دين اللَّه إذا أصروا على الكفر ، والتقيتم بهم أيها المسلمون في ساحة القتال فاقتلوهم ، ولا تأخذكم بهم رأفة في دين اللَّه ، واصمدوا لهم ، وامضوا في قتلهم وقتالهم حتى تتمكنوا منهم ، وعندئذ أحكموا أسر من بقي منهم كيلا يفلت ، ويعيد الكرة عليكم ، ومتى تم ذلك كان الخيار للنبي أو نائبه في اطلاق الأسير بفداء أومن غير فداء حسبما تقتضيه المصلحة . . . وتجدر الإشارة إلى ان معنى هذه الآية والآية 67 من سورة الأنفال : {ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} ج 3 ص 507 ان معنى الآيتين واحد ، وهولا أسر إلا بعد الإثخان .

{ ذلِكَ ولَو يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ ولكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ } . ذلك إشارة إلى ما بيّنه سبحانه من قتل أعداء اللَّه وأسرهم في ساحة الحرب ، والمعنى انه جل وعز لو أراد أن ينتقم من أعدائه في الدنيا من غير قتال لأهلكهم بما لديه من جنود السماوات والأرض ، ولكنه تعالى أمر المؤمنين بالجهاد وابتلاهم بالكافرين لتظهر الأفعال التي يستحق بها الثواب والعقاب .

{والَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ } . ان اللَّه يقاتل من عصاه بمن أطاعه ، وإذا قتل المطيع فلن يذهب دمه سدى . . . كيف ؟ وقد استشهد في سبيل اللَّه ومن أجل اللَّه . . . ومن أوفى من اللَّه لمن أخلص له وعمل من أجله ؟ وقد بيّن سبحانه أجر العاملين من أجله ، بينه بقوله : {فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ } بل تعود عليهم بالخير ، وذلك بأنه تعالى { سَيَهْدِيهِمْ } إلى منازلهم في الجنة تماما كما كانوا يهتدون إلى منازلهم في الدنيا {ويُصْلِحُ بالَهُمْ } أي شأنهم في يوم يفر المرء من أخيه وأمه وبنيه { ويُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ } أي بينها لهم بأنهارها وأثمارها ، وقصورها وحورها ، وما إلى ذلك مما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين .

______________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7، ص60-62.

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

تصف السورة الذين كفروا بما يخصهم من الأوصاف الخبيثة والأعمال السيئة وتصف الذين آمنوا بصفاتهم الطيبة وأعمالهم الحسنة ثم تذكر ما يعقب صفات هؤلاء من النعمة والكرامة وصفات أولئك من النقمة والهوان وعلى الجملة فيها المقايسة بين الفريقين في صفاتهم وأعمالهم في الدنيا وما يترتب عليها في الأخرى، وفيها بعض ما يتعلق بالقتال من الأحكام.

وهي سورة مدنية على ما يشهد به سياق آياتها.

قوله تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم} فسر الصد بالإعراض عن سبيل الله وهو الإسلام كما عن بعضهم، وفسر بالمنع وهو منعهم الناس أن يؤمنوا بما كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يدعوهم إليه من دين التوحيد كما عن بعض آخر.

وثاني التفسيرين أوفق لسياق الآيات التالية وخاصة ما يأمر المؤمنين بقتلهم وأسرهم وغيرهم.

فالمراد بالذين كفروا كفار مكة ومن تبعهم في كفرهم وقد كانوا يمنعون الناس عن الإيمان بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويفتنونهم، وصدوهم أيضا عن المسجد الحرام.

وقوله: {أضل أعمالهم{ أي جعل أعمالهم ضالة لا تهتدي إلى مقاصدها التي قصدت بها وهي بالجملة إبطال الحق وإحياء الباطل فالجملة في معنى ما تكرر منه تعالى من قوله: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 264] ، وقد وعد سبحانه بإحياء الحق وإبطال الباطل كما في قوله: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [الأنفال: 8].

فالمراد من ضلال أعمالهم بطلانها وفسادها دون الوصول إلى الغاية، وعد ذلك ضلالا من الاستعارة بالكناية.

قوله تعالى: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم} إلخ، ظاهر إطلاق صدر الآية أن المراد بالذين آمنوا إلخ، مطلق من آمن وعمل صالحا فيكون قوله: {وآمنوا بما نزل على محمد} تقييدا احترازيا لا تأكيدا وذكرا لما تعلقت به العناية في الإيمان.

وقوله: {وهو الحق من ربهم} جملة معترضة والضمير راجع إلى ما نزل.

وقوله: {كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم} قال في المجمع: البال الحال والشأن والبال القلب أيضا يقال: خطر ببالي كذا، والبال لا يجمع لأنه أبهم أخواته من الحال والشأن انتهى.

وقد قوبل إضلال الأعمال في الآية السابقة بتكفير السيئات وإصلاح البال في هذه الآية فمعنى ذلك هداية إيمانهم وعملهم الصالح إلى غاية السعادة، وإنما يتم ذلك بتكفير السيئات المانعة من الوصول إلى السعادة، ولذلك ضم تكفير السيئات إلى إصلاح البال.

والمعنى: ضرب الله الستر على سيئاتهم بالعفو والمغفرة، وأصلح حالهم في الدنيا والآخرة أما الدنيا فلأن الدين الحق هو الدين الذي يوافق ما تقتضيه الفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، والفطرة لا تقتضي إلا ما فيه سعادتها وكمالها ففي الإيمان بما أنزل الله من دين الفطرة والعمل به صلاح حال المؤمنين في مجتمعهم الدنيوي، وأما في الآخرة فلأنها عاقبة الحياة الدنيا وإذ كانت فاتحتها سعيدة كانت خاتمتها كذلك قال تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } [طه: 132].

قوله تعالى: {ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم} إلخ، تعليل لما في الآيتين السابقتين من إضلال أعمال الكفار وإصلاح حال المؤمنين مع تكفير سيئاتهم.

وفي تقييد الحق بقوله: {من ربهم} إشارة إلى أن المنتسب إليه تعالى هو الحق ولا نسبة للباطل إليه ولذلك تولى سبحانه إصلاح بال المؤمنين لما ينتسب إليه طريق الحق الذي اتبعوه، وأما الكفار بأعمالهم فلا شأن له تعالى فيهم وأما انتساب ضلالهم إليه في قوله: {أضل أعمالهم} فمعنى إضلال أعمالهم عدم هدايته لها إلى غايات صالحة سعيدة.

وفي الآية إشارة إلى أن الملاك كل الملاك في سعادة الإنسان وشقائه اتباع الحق واتباع الباطل والسبب في ذلك انتساب الحق إليه تعالى دون الباطل.

وقوله: {كذلك يضرب الله للناس أمثالهم{ أي يبين لهم أوصافهم على ما هي عليه، وفي الإتيان باسم الإشارة الموضوعة للبعيد تفخيم لأمر ما ضربه من المثل.

قوله تعالى: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} إلى آخر الآية، تفريع على ما تقدم في الآيات الثلاث من وصف الفريقين كأنه قيل: إذا كان المؤمنون أهل الحق والله ينعم عليهم بما ينعم والكفار أهل الباطل والله يضل أعمالهم فعلى المؤمنين إذا لقوا الكفار أن يقتلوهم ويأسروهم ليحيا الحق الذي عليه المؤمنون وتطهر الأرض من الباطل الذي عليه الكفار.

فقوله: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} المراد باللقاء اللقاء في القتال وضرب الرقاب مفعول مطلق قائم مقام فعله العامل فيه، والتقدير: فاضربوا الرقاب - أي رقابهم - ضربا وضرب الرقبة كناية عن القتل بالسيف، لأن أيسر القتل وأسرعه ضرب الرقبة به.

وقوله: {حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق} في المجمع: الإثخان إكثار القتل وغلبة العدو وقهرهم ومنه أثخنه المرض اشتد عليه وأثخنه الجراح.

انتهى.

وفي المفردات: وثقت به أثق ثقة سكنت إليه واعتمدت عليه، وأوثقته شددته، والوثاق - بفتح الواو- والوثاق - بكسر الواو- اسمان لما يوثق به الشيء.

انتهى.

و{حتى} غاية لضرب الرقاب، والمعنى: فاقتلوهم حتى إذا أكثرتم القتل فيهم فأسروهم بشد الوثاق وإحكامه فالمراد بشد الوثاق الأسر فالآية في ترتب الأسر فيها على الإثخان في معنى قوله تعالى: { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ } [الأنفال: 67].

وقوله: {فإما منا بعد وإما فداء} أي فأسروهم ويتفرع عليه أنكم إما تمنون عليهم منا بعد الأسر فتطلقونهم أو تسترقونهم وإما تفدونهم فداء بالمال أو بمن لكم عندهم من الأسارى.

وقوله: {حتى تضع الحرب أوزارها} أوزار الحرب أثقالها وهي الأسلحة التي يحملها المحاربون والمراد به وضع المقاتلين وأهل الحرب أسلحتهم كناية عن انقضاء القتال.

وقد تبين بما تقدم من المعنى ما في قول بعضهم إن هذه الآية ناسخة لقوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67] ، لأن هذه السورة متأخرة نزولا عن سورة الأنفال فتكون ناسخة لها.

وذلك لعدم التدافع بين الآيتين فآية الأنفال تنهى عن الأسر قبل الإثخان والآية المبحوث عنها تأمر بالأسر بعد الإثخان.

وكذا ما قيل: إن قوله: {فشدوا الوثاق} إلخ، منسوخ بآية السيف {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] ، وكأنه مبني على كون العام الوارد بعد الخاص ناسخا له لا مخصصا به والحق خلافه وتمام البحث في الأصول، وفي الآية أيضا مباحث فقهية محلها علم الفقه.

وقوله: {ذلك} أي الأمر ذلك أي إن حكم الله هوما ذكر في الآية.

وقوله: {ولو يشاء الله لانتصر منهم} الضمير للكفار أي ولوشاء الله الانتقام منهم لانتقم منهم بإهلاكهم وتعذيبهم من غير أن يأمركم بقتالهم.

وقوله: {ولكن ليبلوا بعضكم ببعض} استدراك من مشية الانتصار أي ولكن لم ينتصر منهم بل أمركم بقتالهم ليمتحن بعضكم ببعض فيمتحن المؤمنين بالكفار يأمرهم بقتالهم ليظهر المطيعون من العاصين ويمتحن الكفار بالمؤمنين فيتميز أهل الشقاء منهم ممن يوفق للتوبة من الباطل والرجوع إلى الحق.

وقد ظهر بذلك أن قوله: {ليبلوا بعضكم ببعض} تعليل للحكم المذكورة في الآية والخطاب في {بعضكم} لمجموع المؤمنين والكفار ووجه الخطاب إلى المؤمنين.

وقوله: {والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم} الكلام مسوق سوق الشرط والحكم عام أي ومن قتل في سبيل الله وهو الجهاد والقتال مع أعداء الدين فلن يبطل أعمالهم الصالحة التي أتوا بها في سبيل الله.

وقيل: المراد بقوله: {والذين قتلوا في سبيل الله} شهداء يوم أحد، وفيه أنه تخصيص من غير مخصص والسياق سياق العموم.

قوله تعالى: {سيهديهم ويصلح بالهم} الضمير للذين قتلوا في سبيل الله فالآية وما يتلوها لبيان حالهم بعد الشهادة أي سيهديهم الله إلى منازل السعادة والكرامة ويصلح حالهم بالمغفرة والعفو عن سيئاتهم فيصلحون لدخول الجنة.

وإذا انضمت هذه الآية إلى قوله تعالى: { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ } [آل عمران: 169] ، ظهر أن المراد بإصلاح بالهم إحياؤهم حياة يصلحون بها للحضور عند ربهم بانكشاف الغطاء.

وقال في المجمع،: والوجه في تكرير قوله: {بالهم} أن المراد بالأول أنه أصلح بالهم في الدين والدنيا، وبالثاني أنه يصلح حالهم في نعيم العقبى فالأول سبب النعيم والثاني نفس النعيم.

انتهى.

والفرق بين ما ذكره من المعنى وما قدمناه أن قوله تعالى: {ويصلح بالهم} على ما ذكرنا كالعطف التفسيري لقوله: {سيهديهم} دون ما ذكره، وقوله الآتي: {ويدخلهم الجنة} على ما ذكره كالعطف التفسيري لقوله: {ويصلح بالهم} دون ما ذكرناه.

قوله تعالى: {ويدخلهم الجنة عرفها لهم} غاية هدايته لهم، وقوله: {عرفها لهم} حال من إدخاله إياهم الجنة أي سيدخلهم الجنة والحال أنه عرفها لهم إما بالبيان الدنيوي من طريق الوحي والنبوة وإما بالبشرى عند القبض أوفي القبر أوفي القيامة أوفي جميع هذه المواقف هذا ما يفيده السياق من المعنى.

________________________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج18، ص182-186.

 

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

المؤمنون أنصار الحق، والكافرون أنصار الباطل:

إنّ هذه الآيات الثلاث تعتبر في الحقيقة مقدمة لأمر حربي مهم صدر في الآية الرابعة، فبيّنت الأُولى منها وضع الكافرين وحالهم، والثانية حال المؤمنين، وقارنت ثالثتهما بين الإثنين، وذلك لتتهيأ الأرضية والإستعداد للجهاد الديني ضد الأعداء الظالمين العتاة باتضاح حال الفئتين.

تقول الآية الأولى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم} وهي إشارة الى زعماء الكفر ومشركي مكّة الذين كانوا يشعلون نار الحروب ضد الإسلام، ولم يكتفوا بكونهم كفاراً، بل كانوا يصدون الآخرين عن سبيل الله بأنواع الحيل والخدع والمخططات.

ومع أنّ بعض المفسّرين ـ كالزمخشري في الكشّاف ـ فسّر «الصدّ» هنا بمعنى الإعراض عن الإيمان، في مقابل الآية التالية التي تتحدث عن الإيمان، إلاّ أنّ الإحاطة بموارد استعمال هذه الكلمة في القرآن الكريم توجب الحفاظ على معناها الأصلي، وهو المنع.

والمراد من: (أضلّ أعمالهم) أنّه يحبطها ويجعلها هباءً منثوراً، لأنّ الإحباط والإضاعة كناية عن بقاء الشيء بدون حماية ولا عماد، ولازم ذلك زواله وفناؤه.

وعلى أية حال، فإنّ بعض المفسّرين يرون أنّ هذه الجملة إشارة إلى الذين نحروا الأبل يوم بدر وأطعموها الناس، إذ نحر أبو جهل عشرة من الأبل، ومثله صفوان، وسهيل بن عمر، لإطعام جيش الكفر(2). لكن لمّا كانت هذه الأعمال من أجل التفاخر ومكائد الشيطان فقد أحبطت جميعاً.

غير أنّ الظاهر أنّها لا تنحصر بهذا المعنى، بل إنّ كلّ أعمالهم التي قاموا بها، وظاهرها معونة للفقراء والضعفاء، أو إقراء للضيف، أو غير ذلك، ستحبط لعدم إيمانهم.

وبغض النظر عن ذلك، فإنّ الله سبحانه قد أحبط كلّ مؤامراتهم وما قاموا به من أعمال لمحو الإسلام والقضاء على المسلمين، وحال بينهم وبين الوصول إلى أهدافهم الخبيثة.

والآية التالية وصف لوضع المؤمنين الذين يقفون في الصف المقابل للكافرين الذين وردت صفاتهم في الآية السابقة، فتقول: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزّل على محمّد وهو الحق من ربّهم كفّر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم}(3).

إنّ ذكر الإيمان بما نزل على نبيّ الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ذكر الإيمان بصورة مطلقة، تأكيد على تعليمات هذا النّبي العظيم ومناهجه، وهومن قبيل ذكر الخاص بعد العام، وتبيان لحقيقة أنّ الإيمان بالله سبحانه لا يتمّ أبداً بدون الإيمان بما نزل على النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

ويحتمل أيضاً أن تكون الجملة الأولى إشارة إلى الإيمان بالله تعالى، ولها جانب عقائدي، وهذه الجملة إشارة إلى الإيمان بمحتوى الإسلام وتعليمات النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، ولها الجانب العملي.

وبتعبير آخر، فإنّ الإيمان بالله سبحانه لا يكفي وحده، بل يجب أن يؤمنوا بما نزل على النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأن يكون لهم إيمان بالقرآن، إيمان بالجهاد، إيمان بالصلاة والصوم، وإيمان بالقيم الأخلاقية التي نزلت عليه. ذلك الإيمان الذي يكون مبدأ للحركة، وتأكيداً على العمل الصالح.

وممّا يستحق الإنتباه أنّ الآية تقول بعد ذكر هذه الجملة: {وهو الحق من ربّهم} وهي تعني أنّ إيمانهم لم يكن تقليداً، أو أنّه لم يقم على دليل وحجة، بل إنّهم آمنوا بعد أن رأوا الحق فيه.

وعبارة (من ربّهم) تأكيد على حقيقة أنّ الحق يأتي دائماً من قبل الله سبحانه، فهو يصدر منه، ويعود إليه.

والجدير بالإلتفات إليه أنّ الآية تبيّن ثوابين للمؤمنين الذين يعملون الصالحات، في مقابل العقابين اللذين ذكرا للكفار الصادين عن سبيل الله: أولهما: التكفير عن السيئات التي لا يخلو منها أي إنسان غير معصوم، والثاني: إصلاح البال.

لقد جاء «البال» بمعان مختلفة، فجاء بمعنى الحال، العمل، القلب، وعلى قول الراغب: بمعنى الحالات العظيمة الأهمية، وبناءً على هذا فإنّ إصلاح البال يعني تنظيم كلّ شؤون الحياة والأُمور المصيرية، وهو يشمل ـ طبعاً ـ الفوز في الدنيا، والنجاة في الآخرة، على عكس المصير الذي يلاقيه الكفار، إذ لا يصلون إلى ثمرة جهودهم ومساعيهم، ولا نصيب لهم إلاّ الهزيمة والخسران بحكم: {أضلّ أعمالهم}.

ويمكن القول بأنّ غفران ذنوبهم نتيجة إيمانهم، وأنّ إصلاح بالهم نتيجة أعمالهم الصالحة.

إنّ للمؤمنين هدوءاً فكرياً واطمئناناً روحياً من جهة، وتوفيقاً ونجاحاً في برامجهم العملية من جهة ثانية، فإنّ لإصلاح البال إطاراً واسعاً يشمل الجميع، وأي نعمة أعظم من أن تكون للإنسان روح هادئة، وقلب مطمئن، وبرامج مفيدة بنّاءة.

وبيّنت الآية الأخيرة العلة الأساسية لهذا الإنتصار وتلك الهزيمة من خلال مقارنة مختصرة بليغة، فقالت: {ذلك بأنّ الذين كفروا اتبعوا الباطل وأنّ الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربّهم}.

هنا يكمن سرّ المسألة بأنّ خطّي الإيمان والكفر يتفرعان عن خطّي الحق والباطل، فالحق يعني الحقائق العينية، وأسماها ذات الله المقدّسة، وتليها الحقائق المتعلقة بحياة الإنسان، والقوانين الحاكمة في علاقته بالله تعالى، وفي علاقته بالآخرين.

والباطل يعني الظنون، والأوهام، والمكائد والخدع، والأساطير والخرافات، والأفعال الجوفاء التي لا هدف من ورائها، وكلّ نوع من الإنحراف عن القوانين الحاكمة في عالم الوجود.

نعم، إنّ المؤمنين يتبعون الحق وينصرونه، والكفار يتبعون الباطل ويؤازرونه، وهنا يكمن سرّ انتصار هؤلاء، وهزيمة أُولئك.

يقول القرآن الكريم: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا } [ص: 27].

وفسّر البعض «الباطل» بالشيطان، وآخرون بالعبثية، لكن كما قلنا، فإنّ للباطل معنى واسعاً يشمل هذين التّفسيرين وغيرهما.

وتضيف الآية في النهاية: {كذلك يضرب الله للناس أمثالهم} أي: كما أنّه سبحانه قد بيّن الخطوط العامّة لحياة المؤمنين والكفار، وعقائدهم وبرامجهم العملية ونتائج أعمالهم في هذه الآيات، فإنّه يوضح مصير حياتهم وعواقب أعمالهم.

يقول الراغب في مفرداته: المثل عبارة عن قول يشبه قولاً في شيء آخر بينهما مشابهة يبيّن أحدهما الآخر.

ويستفاد من كلام آخر له أنّ هذه الكلمة تستعمل أحياناً بمعنى «المشابهة»، وأحياناً بمعنى «الوصف».

والظاهر أنّ المراد في هذه الآية هو المعنى الثاني، أي إنّ الله سبحانه يصف حال الناس هكذا، كما مثّل الجنّة في الآية (15) من سورة محمّد: {مثل الجنّة التي وعد المتقون}.

وعلى أية حال، فالذي يستفاد من هذه الآية جيداً، أنّنا كلما اقتربنا من الحق اقتربنا من الإيمان، وسنكون أبعد عن حقيقة الإيمان وأقرب إلى الكفر بتلك النسبة التي تميل بها أعمالنا نحو الباطل، فإنّ أساسي الإيمان والكفر هما الحق والباطل.

وقوله تعالى : {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذلِكَ وَلَو يَشَاءُ اللهُ لاَنتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِن لِيَبْلُوَا بَعْضَكُم بِبَعْض وَالَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَلَهُمْ( 4 ) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ( 5 ) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ}:

يجب الحزم في ساحة الحرب:

كما قلنا سابقاً، فإنّ الآيات السابقة كانت مقدمة لتهيئة المسلمين من أجل إصدار أمر حربي مهم ذكر في الآيات مورد البحث، فتقول الآية: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب}(4).

من البديهي أن «ضرب الرقاب» كناية عن القتل، وعلى هذا فلا ضرورة لأن يبذل المقاتلون قصارى جهدهم لأداء هذا الأمر بالخصوص، فإنّ الهدف هو دحر العدو والقضاء عليه، ولما كان ضرب الرقاب أوضح مصداق له، فقد أكّدت الآية عليه.

وعلى أية حال، فإنّ هذا الحكم مرتبط بساحة القتال، لأنّ «لقيتم» ـ من مادة اللقاء ـ تعني الحرب والقتال في مثل هذه الموارد، وفي نفس هذه الآية قرائن عديدة تشهد لهذا المعنى كمسألة أسر الأسرى، ولفظة الحرب، والشهادة في سبيل الله، والتي وردت في ذيل الآية.

وخلاصة القول: إنّ اللقاء يستعمل ـ أحياناً ـ بمعنى اللقاء بأي شكل كان، وأحياناً بمعنى المواجهة والمجابهة في ميدان الحرب، واستعمل في القرآن المجيد بكلا المعنيين، والآية مورد البحث ناظرة إلى المعنى الثّاني.

ومن هنا يتّضح أنّ أُولئك الذين حوّروا هذه الآية وفسّروها بأنّ الإسلام يقول: حيثما وجدتم كافراً فاقتلوه، لم يريدوا إلاّ الإساءة إلى الإسلام، واتخاذ الآية بمعناها المحرّف حربة ضد الدين الحنيف، محاولة منهم لتشويه صورة الإسلام الناصعة، وإلاّ فإنّ الآية صريحة في اللقاء في ساحة الحرب وميدان القتال.

من البديهي أنّ الإنسان إذا واجه عدواً شرساً في ميدان القتال، ولم يقابله بحزم ولم يكل له الضربات القاصمة ولم يذقه حرّ سيفه ليهلكه، فإنّه هو الذي سيهلك، وهذا القانون منطقي تماماً.

ثمّ تضيف الآية: {حتى إذا اثخنتموهم فشدّوا الوثاق}.

«أثخنتموهم» من مادة ثخن، بمعنى الغلظة والصلابة، ولهذا تطلق على النصر والغلبة الواضحة، والسيطرة الكاملة على العدو.

وبالرغم من أنّ أغلب المفسّرين فسّروا هذه الجملة بكثرة القتل في العدو وشدّته، إلاّ أنّ هذا المعنى لا يوجد في أصلها اللغوي، كما قلنا، ولكن لمّا كان دفع خطر العدو غير ممكن أحياناً إلاّ بكثرة القتل فيه، فيمكن أن تكون مسألة القتل أحد مصاديق هذه الجملة في مثل هذه الظروف، لا أنّها معناها الأصلي(5).

وعلى كلّ حال، فإنّ الآية المذكورة تبيّن تعليماً عسكرياً دقيقاً، وهو أنّه يجب أن لا يُقدَم على أسر الأسرى قبل تحطيم صفوف العدو والقضاء على آخر حصن لمقاومته، لأنّ الإقدام على الأسر قد يكون سبباً في تزلزل وضع المسلمين في الحرب، وسيعوق المسلمين الإهتمام بأمر الأسرى ونقلهم إلى خلف الجبهات عن أداء واجبهم الأساسي.

وعبارة (فشدّوا الوثاق) وبملاحظة أنّ الوثاق هو الحبل، أوكلّ ما يربط به، يشير الى إتقان العمل في شدّ وثاق الأسرى، لئلا يستغل الأسير فرصة يفر فيها، ثمّ يوجّه ضربةً إلى الإسلام والمسلمين.

وتبيّن الجملة التالية حكم أسرى الحرب الذي يجب أن يقام بحقّهم بعد انتهاء الحرب، فتقول: {فإمّا منا بعد وإمّا فداء} وعلى هذا لا يمكن قتل الأسير الحربي بعد انتهاء الحرب، بل إنّ ولي أمر المسلمين ـ طبقاً للمصلحة التي يراها ـ يطلق سراحهم مقابل عوض أحياناً، وبلا عوض أحياناً أخرى، وهذا العوض ـ في الحقيقة ـ نوع من الغرامة الحربية التي يجب أن يدفعها العدو.

طبعاً يوجد حكم ثالث في الإسلام فيما يتعلق بهذا الموضوع، وهو استعباد الأسرى، إلاّ أنّه ليس أمراً واجباً، بل هو راجع إلى ولي أمر المسلمين ينفّذه عندما يراه ضرورة في ظروف خاصة، ولعلّه لم يرد في القرآن بصراحة لهذا السبب، بل بيّنته الرّوايات الإسلامية فقط.

يقول فقيهنا المعروف «الفاضل المقداد» في «كنز العرفان»: إنّ ما روي عن مذهب أهل البيت(عليهم السلام) أنّ الأسير لو أسر بعد انتهاء الحرب فإنّ إمام المسلمين مخيّر بين ثلاث: إمّا إطلاقه دون شرط، أو تحريره مقابل أخذ الفدية، أو جعله عبداً، ولا يجوز قتله بأي وجه.

ويقول في موضع آخر من كلامه: إنّ مسألة الرق استفيدت من الروايات، لا من متن الآية(6).

وقد وردت هذه المسألة في سائر الكتب الفقهية أيضاً(7).

وسنشير إلى هذا المطلب في بحث الرق الذي سيأتي في ذيل هذه الآيات.

ثمّ تضيف الآية بعد ذلك: {حتى تضع الحرب أوزارها}(8) فلا تكفوا عن القتال حتى تحطّموا قوى العدو ويصبح عاجزاً عن مواجهتكم، وعندها سيخمد لهيب الحرب.

«الأوزار» جمع وزر، وهو الحمل الثقيل، ويطلق أحياناً على المعاصي، لأنّها تثقل كاهل صاحبها.

والطريف أنّ هذه الأوزار نسبت إلى الحرب في الآية، إذ تقول: {حتى تضع الحرب أوزارها} وهذه الأحمال الثقيلة كناية عن أنواع الأسلحة والمشاكل الملقاة على عاتق المقاتلين، والتي يواجهونها، وهي بعهدتهم ما كانت الحرب قائمة.

لكن متى تنتهي الحرب بين الإسلام والكفر؟

سؤال أجاب عنه المفسّرون إجابات مختلفة:

فالبعض ـ كابن عباس ـ قال: حتى لا تبقى وثنية على وجه البسيطة، وحتى يقتلع دين الشرك وتجتث جذوره.

وقال البعض الآخر: إنّ الحرب بين الإسلام والكفر قائمة حتى ينتصر المسلمون على الدجال، وهذا القول يستند إلى حديث روي عن الرّسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «والجهاد ماض مذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمّتي الدجال»(9).

البحث حول «الدجّال» بحث واسع، لكن القدر المعلوم أنّ الدجّال رجل خدّاع، أو رجال خدّاعون ينشطون في آخر الزمان من أجل إضلال الناس عن أصل التوحيد والحق والعدالة، وسيقضي عليهم المهدي (عج) بقدرته العظيمة، وعلى هذا فإنّ الحرب قائمة بين الحق والباطل ما عاش الدجّالون على وجه الأرض.

إنّ للإسلام نوعين من المحاربة مع الكفر: أحدهما الحروب المرحلية كالغزوات التي غزاها النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث كانت السيوف تغمد بعد انتهاء كل غزوة. والآخر هو الحرب المستمرة ضد الشرك والكفر، والظلم والفساد، وهذا النوع مستمر حتى زمن اتساع حكومة العدل العالمية، وظهورها على الأرض جميعاً على يد المهدي(عج).

ثمّ تضيف الآية: {ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم}(10) بالصواعق السماوية، والزلازل، والعواصف، والإبتلاءات الأُخرى، لكن باب الإختبار وميدانه سيغلق في هذه الصورة: {ولكن ليبلو بعضكم ببعض}.

هذه المسألة هي فلسفة الحرب، والنكتة الأساسية في صراع الحق والباطل، ففي هذه الحروب ستتميز صفوف المؤمنين الحقيقيين والعاملين من أجل دينهم عن المتكلمين في المجالس المتخاذلين في ساعة العسرة، وبذلك ستتفتح براعم الإستعدادات، وتحيا قوّة الإستقامة والرجولة، ويتحقق الهدف الأصلي للحياة الدنيا، وهو الإبتلاء وتنمية قوّة الإيمان والقيم الإنسانية الأُخرى.

إذا كان المؤمنون يتقوقعون على ذواتهم وينشغلون بالحياة اليومية الرتيبة، وفي كل مرة تطغى فيها جماعة من المشركين والظالمين يدحضهم الله سبحانه بالقوى الغيبية، ويدمّرهم بالطرق الإعجازية، فإنّ المجتمع سيكون خاملاً ضعيفاً عاجزاً، ليس له من الإسلام والإيمان إلاّ اسمه.

وخلاصة القول: إنّ الله سبحانه غني عن سعينا وجهادنا من أجل تثبيت دعائم دينه، بل نحن الذين نتربّى في ميدان جهاد الأعداء، ونحن الذين نحتاج إلى هذا الجهاد المقدّس.

وقد ذكر هذا المعنى في آيات القرآن الأُخرى بصيغ أخرى، فنقرأ في الآية (142) من سورة آل عمران: { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ } [آل عمران: 142].

وجاء في الآية التي سبقتها: {وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين}.

وتحدّثت آخر جملة من الآية مورد البحث عن الشهداء الذين قدّموا أرواحهم هدية لدينهم في هذه الحروب، ولهم فضل كبير على المجتمع الإسلامي، فقالت: {والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضلّ أعمالهم}.

فلن تذهب جهودهم وآلامهم وتضحياتهم سدى، بل كلها محفوظة عند الله سبحانه، فستبقى آثار تضحياتهم في هذه الدنيا، وكلّ نداء (لا إله إلاّ الله) يطرق سمع البشر يمثل ثمرة جهود أولئك الشهداء، وكلّ سجدة يسجدها مسلم بين يدي الله هي من بركات تضحياتهم، فبمساعيهم تحطّمت قيود المذلّة والعبودية، وعزّة المسلمين ورفعتهم رهينة ما بذلوه من الأرواح والتضحيات.

هذه هي أحدى مواهب الله في شأن الشهداء.

وهناك ثلاث مواهب أُخرى أضيفت في الآيات التالية:

تقول الآية أوّلاً: (سيهديهم) إلى المقامات السامية، والفوز العظيم، ورضوان الله تعالى.

والأُخرى: (يصلح بالهم) فيهبهم هدوء الروح، واطمئنان الخاطر، والنشاط المعنوي والروحي، والإنسجام مع صفاء ملائكة الله ومعنوياتهم، حيث يجعلهم جلساءهم وندماءهم في مجالس أنسهم ولذّتهم، ويدعوهم إلى ضيافته في جوار رحمته.

والموهبة الأخيرة هي: {ويدخلهم الجنّة عرّفها لهم}.

قال بعض المفسّرين: إنّه تعالى لم يبيّن لهم الصفات الكلية للجنّات العلى وروضة الرضوان وحسب، بل عرف لهم صفات قصورهم في الجنّة وعلاماتها، بحيث أنّهم عندما يردون الجنّة يتوجّهون إلى قصورهم مباشرة(11).

وفسر البعض (عرّفها) بأنّها من مادة «عرف» ـ على زنة فكر ـ، وهو العطر الطيب الرائحة، أي إنّ الله سبحانه سيدخلهم الجنّة التي عطّرها جميعاً استقبالاً لضيوفه.

إلاّ أنّ التّفسير الأوّل يبدو هو الأنسب.

وقال البعض: إذا ضممنا هذه الآيات إلى آية: { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: 169] ، سيتّضح أنّ المراد من إصلاح البال إحياؤهم حياة يصلحون بها للحضور عند ربّهم بانكشاف الغطاء(12).

________________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج12 ، ص594-603.

2 ـ روح المعاني، المجلد 26، صفحة 33.

3 ـ اعتبر جماعة من المفسّرين جملة {وهو الحق من ربّهم} جملة معترضة.

4 ـ «ضرب» مصدر مفعول مطلق لفعل مقدر، والتقدير: اضربوا ضرب الرقاب، كما

صرّحت الآية (12) من سورة الأنفال بذلك إذ قالت: (فاضربوا فوق الأعناق).

5 ـ ينقل صاحب لسان العرب عن ابن الأعرابي أنّ: أثخن: إذا غلب وقهر.

6 ـ كنز العرفان، المجلد 1، صفحة 365.

7 ـ الشرائع، كتاب الجهاد. شرح اللمعة، أحكام الغنيمة.

8 ـ «حتى» غاية لـ(فضرب الرقاب). واحتملت احتمالات أُخرى لا تستحق الإهتمام.

9 ـ مجمع البيان، المجلد 9، صفحة 98.

10 ـ «ذلك» خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: الأمر كذلك.

11 ـ مجمع البيان، المجلد 9، صفحة 98.

12 ـ الميزان، المجلد 18، صفحة 244.

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .