أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-7-2017
1292
التاريخ: 29-7-2017
1214
التاريخ: 19-8-2017
1162
التاريخ: 11-10-2017
1464
|
زينب الكبرى بنت مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع وتعرف بالعقيلة أمها فاطمة الزهراء بنت رسول الله ص كانت زينب ع من فضليات النساء. وفضلها أشهر من أن يذكر وأبين من أن يسطر.
وتعلم جلالة شانها وعلو مكانها وقوة حجتها ورجاحة عقلها وثبات جنانها وفصاحة لسانها وبلاغة مقالها حتى كأنها تفرع عن لسان أبيها أمير المؤمنين ع من خطبها بالكوفة والشام واحتجاجها على يزيد وابن زياد بما فحمهما حتى لجا إلى سوء القول والشتم واظهار الشماتة والسباب الذي هو سلاح العاجز عن إقامة الحجة وليس عجيبا من زينب ان تكون كذلك وهي فرع من فروع الشجرة الطيبة النبوية والأرومة الهاشمية جدها الرسول وأبوها الوصي وأمها البتول وأخواها لأبيها وأمها الحسنان ولا بدع ان جاء الفرع على منهاج أصله. وكانت زينب الكبرى متزوجة بابن عمها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وولد له منها علي الزينبي وعون ومحمد وعباس وأم كلثوم لسبط بن الجوزي يوسف قزاوغلي وعون ومحمد قتلا مع خالهما الحسين ع بطف كربلا. وأم كلثوم هي التي خطبها معاوية لابنه يزيد فزوجها خالها الحسين ع من ابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب.
وسميت أم المصائب وحق لها ان تسمى بذلك فقد شاهدت مصيبة وفاة جدها الرسول ص ومصيبة وفاة أمها الزهراء ع ومحنتها ومصيبة قتل أبيها أمير المؤمنين ع ومحنة ومصيبة شهادة أخيها الحسن بالسم ومحنته والمصيبة العظمى بقتل أخيها الحسين ع من مبتداها إلى منتهاها وقتل ولداها عون ومحمد مع خالهما امام عينها وحملت أسيرة من كربلاء إلى الكوفة وأدخلت على ابن زياد إلى مجلس الرجال وقابلها بما اقتضاه لؤم عنصره وخسة أصله من الكلام الخشن الموجع واظهار الشماتة الممضة وحملت أسيرة من الكوفة إلى ابن آكلة الأكباد بالشام ورأس أخيها ورؤوس ولديها وأهل بيتها امامها على رؤوس الرماح طول الطريق حتى دخلوا دمشق على هذه الحال وادخلوا على يزيد في مجلس الرجال وهم مقرنون بالحبال. قال المفيد فرأى هيئة قبيحة وأظهر السخط على ابن زياد ثم أفرد لهن ولعلي بن الحسين دارا وامر بسكوتهم وقال لزين العابدين كاتبني من المدينة وانه إلى كل حاجة تكون ولما عادوا ارسل معهم النعمان بن بشير وأمره ان يرفق بهم في الطريق ولما غزا جيشه المدينة أوضى مسرف بن عقبة بعلي بن الحسين ع. وذلك لما رأى من نقمة الناس عليه فأراد ان يتلافى ما فرط منه وهيهات كما قال الشريف الرضي:
وود ان يتلافى ما جنت يده * وكان ذلك كسرا غير مجبور
وكان لزينب في وقعة الطف المكان البارز في جميع الحالات وفي المواطن كلها فهي التي كانت تمرض العليل وتراقب أحوال أخيها الحسين ع ساعة فساعة وتخاطبه وتسأله عند كل حادث وهي التي كانت تدبر امر العيال والأطفال وتقوم في ذلك مقام الرجال وهي التي دافعت عن زين العابدين لما أراد ابن زياد قتله وخاطبت ابن زياد بما ألقمه حجرا حتى لجا إلى ما لا يلجأ إليه ذو نفس كريمة وبها لاذت فاطمة الصغرى واخذت بثيابها لما قال الشامي ليزيد هب لي هذه الجارية فخاطبت يزيد بما فضحه وألقمته حجرا حتى لجا إلى ما لجا إليه ابن زياد.
والذي يلفت النظر انها في ذلك الوقت كانت متزوجة بعبد الله بن جعفر فاختارت صحبة أخيها على البقاء عند زوجها وزوجها راض بذلك مبتهج به وقد امر ولديه بلزوم خالهما والجهاد بين يديه ففعلا حتى قتلا وحق لها ذلك فمن كان لها أخ مثل الحسين وهي بهذا الكمال الفائق لا يستغرب منها تقديم أخيها على بعلها.
اخبارها المتعلقة بوقعة الطف حتى رجوعها للمدينة:
روى ابن طاوس ان الحسين ع لما نزل الخزيمية أقام بها يوما وليلة فلما أصبح أقبلت إليه أخته زينب فقالت يا أخي ألا أخبرك بشئ سمعته البارحة فقال الحسين ع وما ذاك فقالت خرجت في بعض الليل لقضاء حاجة فسمعت هاتفا يهتف ويقول:
الا يا عين فاحتفلي بجهد * ومن يبكي على الشهداء بعدي
على قوم تسوقهم المنايا * بمقدار إلى انجاز وعد
فقال لها الحسين ع يا أختاه كل الذي قضي فهو كائن.
وقال المفيد لما كان اليوم التاسع من المحرم زحف عمر بن سعد إلى الحسين ع بعد العصر والحسين ع جالس امام بيته محتب بسيفه إذ خفق برأسه على ركبتيه فسمعت أخته الضجة الصيحة فدنت من أخيها فقالت يا أخي أما تسمع هذه الأصوات قد اقتربت فرفع الحسين رأسه فقال اني رأيت رسول الله ص الساعة في المنام فقال لي انك تروح إلينا فلطمت أخته وجهها ونادت بالويل فقال لها الحسين ليس لك الويل يا أختاه اسكتي رحمك الله والمراد بأخته في هذه الرواية هي زينب بلا ريب لأنها هي التي كانت تراقب أحوال أخيها في كل وقت ساعة فساعة وتتبادل معه الكلام فيما يحدث من الأمور والأحوال وقد روى ابن طاوس هذه الرواية مع بعض الزيادة وصرح بان اسمها زينب فقال فسمعت أخته زينب الضجة إلى أن قال فلطمت زينب وجهها وصاحت ونادت بالويل فقال لها الحسين ع ليس لك الويل يا أخية اسكتي رحمك الله لا تشمتي القوم بنا.
وقال ابن الأثير ج 4 ص 29 نهض عمر بن سعد إلى الحسين عشية الخميس لتسع مضين من المحرم بعد العصر والحسين جالس امام بيته محتبيا بسيفه إذ خفق برأسه على ركبته وسمعت أخته زينب الضجة فدنت منه فأيقظته فرفع رأسه فقال اني رأيت رسول الله ص في المنام فقال إنك تروح إلينا فلطمت أخته وجهها وقالت يا ويلتاه قال ليس لك الويل يا أخية اسكتي رحمك الله وقال المفيد قال علي بن الحسين اني لجالس في صبيحتها وعندي عمتي زينب تمرضني إذ اعتزل أبي في خباء له وعنده جوين مولى أبي ذر الغفاري وهو أي جوين يعالج سيفه ويصلحه وأبي يقول:
يا دهر أف لك من خليل * كم لك بالاشراق والأصيل
من صاحب أو طالب قتيل * والدهر لا يقنع بالبديل
وانما الامر إلى الجليل * وكل حي سالك سبيلي السبيل
فأعادها مرتين أو ثلاثا حتى فهمتها وعرفت ما أراد فخنقتني العبرة فرددتها ولزمت السكوت وعلمت ان البلاء قد نزل واما عمتي فإنها لما سمعت وهي امرأة ومن شان النساء الرقة والجزع فلم تملك نفسها ان وثبت تجر ثوبها وانها لحاسرة حتى انتهت إليه فقالت وا ثكلاه ليت الموت أعدمني الحياة اليوم ماتت أمي فاطمة وأبي علي وأخي الحسن يا خليفة الماضي وثمال الباقي فنظر إليها الحسين ع فقال لها يا أخية لا يذهبن حلمك الشيطان وترقرقت عيناه بالدموع وقال لو ترك القطا ليلا لنام فقالت يا ويلتاه أفتغتصب نفسك اغتصابا فذلك اقرح لقلبي وأشد على نفسي ثم لطمت وجهها وهوت إلى جيبها فشقته وخرت مغشيا عليها فقام إليها الحسين وصب على وجهها الماء وقال لها أيها يا أختاه اتقي الله وتعزي بعزاء الله واعلمي ان أهل الأرض يموتون وأهل السماء لا يبقون وان كل شئ هالك الا وجهه إلى أن قال فعزاها بهذا ونحوه وقال لها يا أخية اني أقسمت عليك فأبري قسمي لا تشقي علي جيبا ولا تخمشي علي وجها ولا تدعي علي بالويل والثبور إذا انا هلكت ثم جاء بها حتى أجلسها عندي. وروى ابن طاوس في الملهوف هذا الخبر بنحو ما رواه المفيد وصرح باسم أخته زينب وزاد في الأبيات ما أقرب الوعد من الرحيل قال فسمعت أخته زينب بنت فاطمة ع ذلك فقالت يا أخي هذا كلام من أيقن بالقتل فقال نعم يا أختاه فقالت زينب وا ثكلاه ينعى الحسن إلي نفسه الحديث وقال ابن الأثير في الكامل سمعته أخته زينب تلك العشية وهو في خباء له يقول وعنده حوي مولى أبي ذر الغفاري يعالج سيفه يا دهر أف لك من خليل الأبيات الثلاثة المتقدمة ثم ذكر تمام الخبر بنحو مما ذكره المفيد وابن طاوس ثم ذكر ابن طاوس انه خاطب النساء وفيهن زينب وأم كلثوم فقال انظرن إذا انا قتلت فلا تشققن علي جيبا ولا تخمشن علي وجها ولا تقلن هجرا.
وقال المفيد لما قتل علي بن الحسين الأكبر خرجت زينب أخت الحسين مسرعة تنادي يا حبيباه ويا ابن أخياه وجاءت حتى أكبت عليه فاخذ الحسن برأسها فردها إلى الفسطاط. قال ابن الأثير حمل الناس على الحسين عن يمينه وشماله فحمل على الذين عن يمينه فتفرقوا ثم حمل على الذين عن يساره فتفرقوا فما رئي مكثور قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا ولا أمضى جنانا ولا أجرأ مقدما منه ان كانت الرجالة لتنكشف عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب فبينما هو كذلك إذ خرجت زينب وهي تقول ليت السماء أطبقت على الأرض وقد دنا عمر بن سعد فقالت يا عمر أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر فدمعت عيناه حتى سالت دموعه على خديه ولحيته وصرف وجهه عنها.
قال ابن طاوس لما كان اليوم الحادي عشر بعد قتل الحسين ع حمل ابن سعد معه نساء الحسين وبناته وأخواته فقال النسوة بحق الله الا ما مررتم بنا على مصرع الحسين فمروا بهن على المصرع فلما نظر النسوة إلى القتلى فوالله لا انسى زينب بنت علي وهي تندب الحسين وتنادي بصوت حزين وقلب كئيب يا محمداه صلى عليك مليك السما هذا حسينك مرمل بالدما مقطع الأعضاء وبناتك سبايا إلى الله المشتكى والى محمد المصطفى والى علي المرتضى والى فاطمة الزهراء والى حمزة سيد الشهداء يا محمداه هذا حسين بالعرا تسفي عليه ريح الصبا قتيل أولاد البغايا وا حزناه وا كرباه عليك يا أبا عبد الله اليوم مات جدي رسول الله يا أصحاب محمد هؤلاء ذرية المصطفى يساقون سوق السبايا وفي بعض الروايات وا محمداه بناتك سبايا وذريتك مقتلة تسفي عليهم ريح الصبا وهذا حسين محزوز الرأس من القفا مسلوب والردا بأبي من اضحى عسكره يوم الاثنين نهبا بأبي من فسطاطه مقطع العرى بأبي من لا غائب فيرتجى ولا جريح فيداوى بأبي من نفسي له الفدا بأبي المهموم حتى قضى بأبي العطشان حتى مضى بأبي من شيبته تقطر بالدما بأبي من جده رسول إله السماء بأبي من هو سبط نبي الهدى بأبي محمد المصطفى بأبي خديجة الكبرى بأبي علي المرتضى بأبي فاطمة الزهراء بأبي من ردت له الشمس حتى صلى فأبكت والله كل عدو وصديق. ولما دخلوا الكوفة جعل أهلها يناولون الأطفال الخبز والجبن والتمر والجوز فكانت زينب تأخذ ذلك من أيدي الأطفال وترمي به وتقول يا أهل الكوفة ان الصدقة علينا حرام.
خطبة زينب ع بالكوفة :
روى ابن طاوس انه لما جئ بسبايا أهل البيت إلى الكوفة جعل أهل الكوفة ينوحون ويبكون قال بشر بن خزيم الأسدي ونظرت إلى زينب بنت علي ع يومئذ فلم أر خفرة انطق منها كأنها تفرع عن لسان أمير المؤمنين ع وقد أومأت إلى الناس ان اسكتوا فارتدت الأنفاس وسكنت الأجراس ثم قالت: الحمد لله والصلاة على محمد وآله الطاهرين اما بعد يا أهل الكوفة يا أهل الختل والغدر أتبكون فلا رقات الدمعة ولا قطعت الرنة انما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم الا وهل فيكم الا الصلف النطف والصدر الشنف وملق الإماء وغمر الأعداء أو كمرعى على دمنة أو كفضة على ملحودة الا ساء ما قدمت لكم أنفسكم ان سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون أتبكون وتنتحبون اي والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل بعدها ابدا وانى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة وسيد شباب أهل الجنة وملاذ حيرتكم ومفزع نازلتكم ومنار حجتكم ومدرة ألسنتكم الا ساء ما تزرون وبعدا لكم وسحقا فلقد خاب السعي وتبت الأيدي وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب من الله وضربت عليكم الذلة والمسكنة ويلكم يا أهل الكوفة أتدرون اي كبد لرسول الله ص فريتم وأي كريمة له أبرزتم وأي دم سفكتم وأي حرمة له انتهكتم لقد جئتم بها صلعاء عنقاء سوداء فقماء نأناء خرقاء شوهاء كطلاع الأرض أو ملء السما أفعجبتم ان مطرت السماء دما فلعذاب الآخرة أخزى وأنتم لا تنصرون فلا يستخفنكم المهل فإنه لا يحفزه البدار ولا يخاف فوت الثار وان ربكم بالمرصاد قال فوالله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون وقد وضعوا أيديهم في أفواههم ورأيت شيخا واقفا إلى جنبي يبكي حتى اخضلت لحيته وهو يقول بأبي أنتم وأمي كهولكم خير الكهول وشبابكم خير الشباب ونساؤكم خير النساء ونسلكم خير نسل لا يخزي ولا يبزي.
قال المفيد ادخل عيال الحسين ع على ابن زياد فدخلت زينب أخت الحسين ع في جملتهم متنكرة وعليها أرذل ثيابها فمضت حتى جلست ناحية من القصر وحفت بها إماؤها فقال ابن زياد من هذه التي انحازت فجلست ناحية ومعها نساؤها فلم تجبه زينب فأعاد ثانية وثالثة يسأل عنها فقال له بعض إمائها هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله ص وكان هذه الأمة أرادت لفت نظره إلى لزوم تعظيمها واحترامها بكونها بنت فاطمة بنت رسول الله ص وكفى ذلك في لزوم تعظيمها واحترامها ولكن أبى له كفره وخبثه ولؤم عنصره الا ان يتجهم لها في جوابه ويجيبها بأقبح جواب وهو الذي صرح بالكفر لما وضع رأس الحسين ع بين يديه بقوله يوم بيوم بدر فاقبل عليها ابن زياد فقال لها الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم فأجابته جواب الركين الرصين العارف بمواقع الكلام فقالت زينب الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد ص وطهرنا من الرجس تطهيرا انما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا والحمد لله فقال ابن زياد كيف رأيت فعل الله باهل بيتك فقالت كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتتحاجون إليه وتختصمون عنده وفي رواية غير المفيد انها قالت ما رأيت الا جميلا هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم فانظر لمن الفلج يومئذ هبلتك أمك يا ابن مرجانة قال المفيد فغضب ابن زياد واستشاط لما أفحمه جوابها فقال له عمر بن حريث أيها الأمير انها امرأة لا تؤاخذ بشئ من منطقها ولا تذم على خطائها فعاد حينئذ إلى ما جبل عليه من سوء القول فقال لها ابن زياد قد شفى الله نفسي من طاغيتك والعصاة من أهل بيتك فرقت زينب وبكت وقالت له لعمري لقد قتلت كهلي وأبرزت أهلي وقطعت فرعي واجتثثت أصلي فان يشفك هذا فقد اشتفيت فقال ابن زياد هذه سجاعة ولعمري لقد كان أبوها سجاعا شاعرا فقالت ما للمرأة والسجاعة ان لي عن السجاعة لشغلا ولكن صدري نفث بما قلت.
وسأل علي بن الحسين من أنت فأخبره فقال أليس قد قتل الله علي ابن الحسين فقال كان لي أخ يسمى عليا قتله الناس قال بل الله قتله قال الله يتوفى الأنفس حين موتها فغضب ابن زياد وقال وبك جرأة لجوابي وفيك بقية للرد علي اذهبوا به فاضربوا عنقه وهكذا يكون حال من يعجز عن الجواب الحق من الظلمة ان يلجأ إلى السيف فتعلقت به زينب عمته وقالت يا ابن زياد حسبك من دمائنا واعتنقته وقالت لا والله لا أفارقه فان قتلته فاقتلني معه فنظر ابن زياد إليها واليه ساعة ثم قال عجبا للرحم والله اني لأظنها ودت اني قتلتها معه دعوه فاني أراه لما به.
وفي رواية ان عليا ع قال لعمته اسكتي يا عمة حتى أكلمه ثم اقبل عليه فقال أبالقتل تهددني أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة ثم امر ابن زياد بهم فحملوا إلى دار بجنب المسجد الأعظم فقالت زينب بنت علي ع لا تدخلن علينا عربية الا أم ولد أو مملوكة فإنهن سبين كما سبينا وهذا غاية ما في وسع زينب من اظهار الحزن والتألم لما أصابهم واظهار فضائح الظالمين ثم إن ابن زياد بعث بهم إلى الشام إجابة لطلب يزيد بن معاوية ومعهم الرؤوس وفيها رأس الحسين ع فدعا بالرأس الشريف فوضع بين يديه قال المفيد ثم دعا يزيد بالنساء والصبيان فاجلسوا بين يديه قالت فاطمة بنت الحسين ع فقام إليه رجل من أهل الشام احمر فقال يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية فأرعدت وظنت ان ذلك جائز عندهم فأخذت بثياب عمتي زينب وكانت تعلم أن ذلك لا يكون وكانت أكبر منها فقالت عمتي للشامي كذبت والله ولؤمت ما ذاك لك ولا له فغضب يزيد وقال كذبت ان ذلك لي ولو شئت ان افعل لفعلت قالت كلا والله ما جعل الله لك ذلك الا ان تخرج من ملتنا وتدين بغيرها فاستطار يزيد غضبا وقال إياي تستقبلين بهذا انما خرج من الدين أبوك وأخوك قالت زينب بدين الله ودين أبي ودين أخي اهتديت أنت وجدك وأبوك ان كنت مسلما قال كذبت يا عدوة الله قالت له أنت أمير تشتم ظالما وتقهر بسلطانك فكأنه استحيا وسكت وقال ابن طاوس ان زينب بنت علي لما رأت رأس أخيها بين يدي يزيد أهوت إلى جيبها فشقته ثم نادت بصوت حزين يقرح القلوب يا حسيناه يا حبيب رسول الله يا ابن مكة ومنى يا ابن فاطمة الزهراء سيدة النساء يا ابن بنت المصطفى قال الراوي فأبكت والله كل من كان حاضرا في المجلس ويزيد ساكت.
خطبة زينب ع بالشام :
روى ابن طاوس في كتاب الملهوف على قتلى الطفوف انه لما جئ برأس الحسين ع إلى يزيد بالشام دعا بقضيب خيزران وجعل ينكت به ثنايا الحسين ع ويقول من جملة أبيات:
ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلوا واستهلوا فرحا * ثم قالوا يا يزيد لا تشل
فقامت زينب بنت علي ع فقالت:
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على رسوله وآله أجمعين صدق الله كذلك حيث يقول ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوءى ان كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون أظننت يا يزيد حيث اخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الإماء ان بنا هوانا على الله وبك عليه كرامة وان ذلك لعظم خطرك عنده فشمخت بانفك ونظرت في عطفك جذلان مسرورا حيث رأيت الدنيا لك مستوسقة والأمور متسقة وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا فمهلا مهلا لا تطش جهلا أنسيت قول الله تعالى ولا يحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لأنفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإماءك وسوقك بنات رسول الله سبايا قد هتكت ستورهن وأبديت وجوههن تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد ويستشرفهن أهل المناهل والمناقل ويتصفح وجوههن القريب والبعيد والدنئ والشريف ليس معهن من حماتهن حمي ولا من رجالهن ولي وكيف ترتجى مراقبة ابن من لفظ فوه أكباد الأزكياء ونبت لحمه بدماء الشهداء وكيف يستبطئ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف والشنان والإحن والأضغان ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم.
لأهلوا واستهلوا فرحا * ثم قالوا يا يزيد لا تشل
منحنيا على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة تنكتها بمخصرتك وكيف لا تقول ذلك وقد نكات القرحة واستأصلت الشافة بإراقتك دماء ذرية محمد ص ونجوم الأرض من آل عبد المطلب وتهتف بأشياخك زعمت أنك تناديهم فلترون وشيكا موردهم ولتودن انك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت اللهم خذلنا بحقنا وانتقم ممن ظلمنا واحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حماتنا فوالله ما فريت الا جلدك ولا حززت الا لحمك ولتردن على رسول الله ص بما تحملت من سفك دماء ذريته وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته حيث يجمع الله شملهم ويلم شعثهم ويأخذ لهم بحقهم ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل احياء عند ربهم يرزقون وحسبك بالله حاكما وبمحمد ص خصيما وبجبرئيل ظهيرا وسيعلم من سول لك ومكنك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلا وأيكم شر مكانا واضعف جندا ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك اني لأستصغر قدرك واستعظم تقريعك واستكبر توبيخك لكن العيون عبرى والصدور حرى الا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء فهذه الأيدي تنطف من دمائنا والأفواه تتحلب من لحومنا وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل وتعقرها أمهات الفراعل ولئن اتخذتنا مغنما لنجدننا وشيكا مغرما حيث لا تجد الا ما قدمت يداك وما ربك بظلام للعبيد فإلى الله المشتكى وعليه المعول فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا ولا ترحض عنك عارها وهل رأيك الا فند وأيامك الا عدد وجمعك الا بدد يوم ينادي المنادي الا لعنة الله على الظالمين فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ولآخرنا بالشهادة والرحمة ونسأل الله ان يكمل لهم الثواب ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة انه رحيم ودود وحسبنا الله ونعم الوكيل فقال يزيد:
يا صيحة تحمد من صوائح * ما أهون النوح على النوائح
قال ابن الأثير امر يزيد النعمان بن بشير ان يجهزهم بما يصلحهم ويسير معهم رجلا أمينا من أهل الشام ومعه خيل يسير بهم إلى المدينة فخرج بهم فكان يسايرهم ليلا فيكونون أمامه بحيث لا يفوتون طرفه فإذا نزلوا تنحى عنهم هو وأصحابه فكانوا حولهم كهيئة الحرس وكان يسألهم عن حاجتهم ويلطف بهم حتى دخلوا المدينة فقالت فاطمة بنت علي لأختها زينب لقد أحسن هذا الرجل إلينا فهل لك ان نصله بشئ فقالت والله ما معنا ما نصله به الا حلينا فأخرجتا سوارين ودملجين لهما فبعثتا بهما إليه واعتذرتا فرد الجميع وقال لو كان الذي صنعت للدنيا لكان في هذا ما يرضيني ولكن والله ما فعلته الا لله ولقرابتكم من رسول الله ص. هذه نبذة مما جرى على أهل بيت الرسالة من الظلم والفظائع الفادحة من أمة جدهم الرسول ص فكانت الأمة بين مقاتل وخاذل الا نفرا يسيرا قاتلوا فقتلوا أو عمهم الخوف فسكتوا لا يقدرون لقلتهم على كثير ولا قليل فكان هذا جزاء رسول الله ص من أمة هداها إلى الاسلام وطهرها من عبادة الأوثان والأصنام وأوصاها بعترته وأهل بيته واكد الوصية فجعلها أحد الثقلين كتاب الله والعترة وجعلها بمنزلة سفينة نوح وباب حطة وجعل المتقدم عليها هالكا والمتأخر عنها مارقا فكيف تكون بعد هذا خير أمة أخرجت للناس بجميعها لا بمجموعها وكيف يكون خير القرون قرنه ثم الذي يليه ثم الذي يليه وانما مهدت القرون طريق ظلم أهل البيت للذي يليها.
بعض ما نسب إليها من المواعظ والحكم :
في مجلة العرفان ج 1 ص 86 ذكر في كتاب بلاغات النساء حدثني أحمد بن جعفر بن سليمان الهاشمي كانت زينب بنت علي تقول من أراد ان يكون الخلق شفعاءه إلى الله فليحمده ألم تسمع إلى قولهم سمع الله لمن حمده فخف الله لقدرته عليك واستح منه لقربه منك اه ولم أجد هذا الكلام في كتاب بلاغات النساء تأليف أحمد بن أبي طاهر المطبوع بمصر عام 1326.
محل قبرها :
يجب ان يكون قبرها في المدينة المنورة فإنه لم يثبت انها بعد رجوعها للمدينة خرجت منها وان كان تاريخ وفاتها ومحل قبرها بالبقيع وكم من أهل البيت أمثالها من جهل محل قبره وتاريخ وفاته خصوصا النساء وفيما الحق برسالة نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين في النجف وكربلا المطبوعة بالهند نقلا عن رسالة تحية أهل القبور بالمأثور عند ذكر قبور أولاد الأئمة ع ما لفظه: ومنهم زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين ع وكنيتها أم كلثوم قبرها في قرب زوجها عبد الله بن جعفر الطيار خارج دمشق الشام معروف جاءت مع زوجها عبد الله بن جعفر أيام عبد الملك بن مروان إلى الشام سنة المجاعة ليقوم عبد الله بن جعفر في ما كان له من القرى والمزارع خارج الشام حتى تنقضي المجاعة فماتت زينب هناك ودفنت في بعض تلك القرى هذا هو التحقيق في وجه دفنها هناك وغيره غلط لا أصل له فاغتنم فقدوهم في ذلك جماعة فخبطوا العشواء اه بحروفه.
وفي هذا الكلام من خبط العشواء مواضع أولا ان زينب الكبرى لم يقل أحد من المؤرخين انها تكنى بأم كلثوم فقد ذكرها المسعودي والمفيد وابن طلحة وغيرهم ولم يقل أحد منهم انها تكنى أم كلثوم بل كلهم سموها زينب الكبرى وجعلوها مقابل أم كلثوم الكبرى وما استظهرناه من أنها تكنى أم كلثوم ظهر لنا أخيرا فساده كما مر في ترجمة زينب الصغرى ثانيا قوله قبرها في قرب زوجها عبد الله بن جعفر ليس بصواب ولم يقله أحد فقبر عبد الله بن جعفر بالحجاز ففي عمدة الطالب والاستيعاب وأسد الغابة والإصابة وغيرها انه مات بالمدينة ودفن بالبقيع وزاد في عمدة الطالب القول بأنه مات بالأبواء ودفن بالأبواء ولا يوجد قرب القبر المنسوب إليها براوية قبر ينسب لعبد الله بن جعفر ثالثا مجيئها مع زوجها عبد الله بن جعفر إلى الشام سنة المجاعة لم نره في كلام أحد من المؤرخين مع مزيد التفتيش والتنقيب وإن كان ذكر في كلام أحد من أهل الاعصار الأخيرة فهو حدس واستنباط كالحدس والاستنباط من صاحب التحية فان هؤلاء لما توهموا ان القبر الموجود في قرية راوية خارج دمشق منسوب إلى زينب الكبرى وإن ذلك امر مفروع منه مع عدم ذكر أحد من المؤرخين لذلك استنبطوا لتصحيحه وجوها بالحدس والتخمين لا تستند إلى مستند فبعض قال إن يزيد عليه اللعنة طلبها من المدينة فعظم ذلك عليها فقال لها ابن أخيها زين العابدين ع انك لا تصلين دمشق فماتت قبل دخولها وكانه هو الذي عده صاحب التحية غلطا لا أصل له ووقع في مثله وعده غنيمة وهو ليس بها وعد غيره خبط العشواء وهو منه فاغتنم فقدوهم كل من زعم أن القبر الذي في قرية راوية منسوب إلى زينب الكبرى وسبب هذا التوهم ان من سمع ان في رواية قبرا ينسب إلى السيدة زينب سبق إلى ذهنه زينب الكبرى لتبادر الذهن إلى الفرد الأكمل فلما لم يجد اثرا يدل على ذلك لجا إلى استنباط العلل العليلة.
ونظير هذا ان في مصر قبرا ومشهدا يقال له مشهد السيدة زينب وهي زينب بنت يحيى وتأتي ترجمتها والناس يتوهمون انه قبر السيدة زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين ع ولا سبب له الا تبادر الذهن إلى الفرد الأكمل وإذا كان بعض الناس اختلق سببا لمجئ زينب الكبرى إلى الشام ووفاتها فيها فما ذا يختلقون لمجيئها إلى مصر وما الذي اتى بها إليها لكن بعض المؤلفين من غيرنا رأيت له كتابا مطبوعا بمصر غاب عني الآن اسمه ذكر لذلك توجيها بأنه يجوز ان تكون نقلت إلى مصر بوجه خفي على الناس. مع أن زينب التي بمصر هي زينب بنت يحيى حسنية أو حسينية كما يأتي وحال زينب التي برواية حالها رابعا لم يذكر مؤرخ ان عبد الله بن جعفر كان له قرى ومزارع خارج الشام حتى يأتي إليها ويقوم بأمرها وانما كان يفد على معاوية فيجيزه فلا يطول امر تلك الجوائز في يده حتى ينفقها بما عرف عنه من الجود المفرط فمن أين جاءته هذه القرى والمزارع وفي اي كتاب ذكرت من كتب التواريخ خامسا ان كان عبد الله بن جعفر له قرى ومزارع خارج الشام كما صورته المخيلة فما الذي يدعوه للاتيان بزوجته زينب معه وهي التي اتي بها إلى الشام أسيرة بزي السبايا وبصورة فظيعة وأدخلت على يزيد مع ابن أخيها زين العابدين وباقي أهل بيتها بهيئة مشجية فهل من المتصور ان ترغب في دخول الشام ورؤيتها مرة ثانية وقد جرى عليها بالشام ما جرى وان كان الداعي للاتيان بها معه هو المجاعة بالحجاز فكان يمكنه ان يحمل غلات مزارعه الموهومة إلى الحجاز أو يبيعها بالشام ويأتي بثمنها إلى الحجاز أو يبيعها بالشام ويأتي بثمنها إلى الحجاز ما يقوتها به فجاء بها إلى الشام لاحراز قوتها فهو مما لا يقبله عاقل فابن جعفر لم يكن معدما إلى هذا الحد مع أنه يتكلف من نفقة احضارها واحضار أهله أكثر من نفقة قوتها فما كان ليحضرها وحدها إلى الشام ويترك باقي عياله بالحجاز جياعى سادسا لم يتحقق ان صاحبة القبر الذي في راوية تسمى زينب لو لم يتحقق عدمه فضلا عن أن تكون زينب الكبرى وانما هي مشهورة بأم كلثوم كما مر في ترجمة زينب الصغرى لا الكبرى على أن زينب لا تكنى بأم كلثوم وهذه مشهورة بأم كلثوم.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|