المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2764 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24

غارة النعمان بن بشير على عين التمر
18-10-2015
الشوكران السام (Cicuta virosa)
13-8-2021
خرسانة الاسس
14-1-2023
The short vowels FOOT
2024-04-19
Vector Potential
27-12-2018
Sharpe,s Differential Equation
5-7-2018


الدلالة في تعريفات العلماء المحدثين  
  
6529   02:04 مساءً   التاريخ: 13-9-2017
المؤلف : منقور عبد الجليل
الكتاب أو المصدر : علم الدلالة اصوله ومباحثه في التراث العربي
الجزء والصفحة : ص40- 50
القسم : علوم اللغة العربية / علم الدلالة / جهود القدامى في الدراسات الدلالية / جهود اخرى /

 

الدلالة في تعريفات العلماء المحدثين: 

(المصطلح والأبعاد) أو (الماهية والمشروع):

لقد حدث تطور كبير في مفاهيم المصطلحات القديمة في العصر الحديث، واتخذت أبعاداً أخرجتها من تلك الدراسة "الأولية" ووسعت مجال البحث فيها، ومصطلح "الدلالة" هو من ضمن تلك المصطلحات التي تبلورت مفاهيمها في العصر الحديث وشملت الدراسة فيها ميادين عدة من حياة الناس، بل أضحت ملتقى لاهتمامات كثير من المعارف الإنسانية الحديثة، بدءاً بعلم النفس ثم علم الاجتماع والمنطق وعلوم الاتصال والإشارة. وإن هذه الصورة التي برز فيها علم الدلالة كأساس لعدة معارف حديثة هي نتاج للدراسة اللغوية المتخصصة ذلك "أن معالجة قضايا الدلالة بمفهوم العلم، وبمناهج بحثه الخاصة وعلى أيدي لغويين متخصصين إنما تعد ثمرة من ثمرات الدراسات اللغوية الحديثة."(1)

وتبعاً لاتساع مجالات البحث الدلالي الحديث، فلم تعد الدلالة حكراً 

ص40

 

على النظام اللغوي وحسب، وإنما شملتها أنظمة سيميولوجية أزاحت الهيمنة اللغوية بل صارت معها في البحث جنباً إلى جنب، ومع ذلك بقيت اللغة إحدى أنجع وسائل نظام الإبلاغ والتواصل والخطاب، وأقدرها على الإطلاق على التجديد والتطور والتكيف بل لا مندوحة من القول أن الأنظمة السيميولوجية التي تتخذ العلامة المطلقة كمدخل أساسي لأي مستوى من مستويات الدراسة الدلالية، لا تستغني في الأحوال الغالبة عن اللغة خاصة على مستوى القراءة التعليلية التبيينية.

ومقاربة لماهية الدلالة وحقولها الدراسية في العصر الحديث، عجنا نسائل البحث الدلالي عند لفيف من اللغويين وذلك بقصد رسم إطار بين تتضح من خلاله معالم الدرس الدلالي الحديث إن على مستوى الماهية والمصطلح وما أفرزه من تفريعات زادت من توسيع دائرة البحث الدلالي، أو على مستوى الأبعاد والمشروع الذي تأسس بناء على اختلاف الرؤى والأهداف بين مجموع المشتغلين في حقل البحث الدلالي والسيميولوجي العام." يرمي [هذا المشروع السيميولوجي] من وجهة نظر "إينو" إلى تأسيس وعي بنيوي للاستقراء الدلالي."(2) ولأن حلقة تأسيس الدرس الدلالي لم تكتمل دائرتها بعد، اقتصرنا في مساءلتنا لمعالم البحث الدلالي الحديث على بعض اللغويين الذين بدأت معهم عملية التأسيس والتشكيل والتقعيد، وبعض المشتغلين في حقول النقد والأدب حيث غدا عندهم الدرس الدلالي السيميائي أحد أهم المناهج النقدية الحديثة.

أ-ماهية الدلالة بين الوصفية والمعيارية:

بدأ البحث الدلالي في العصر الحديث بمنهج وصفي يعاين جزئيات الظاهرة اللغوية معاينة وصفية تعتمد طريقة الملاحظة والتحليل فالاستنتاج. وهي طريقة تعد امتداداً "لمنهج" البحث اللغوي القديم. ثم ارتقى الدرس الدلالي إلى مرحلة محاولة التنظير والتقعيد، فغدا يعتمد على المنهج المعياري وذلك لنزوع الباحثين اللغويين نحو تشكيل معالم مشروع دلالي بدءاً ببلورة جهود السابقين في ميدان البحوث اللغوية المختلفة، وارتقاء إلى "بناء هيكل نظري ينظم الركام الذي هو هيئة المعلومات السابقة، وبهذا تغدو الدراسة مقدمة لتاليات لها فيدفع العلم خطوات إلى حقول جديدة".(3) هذا الاندفاع نحو بناء وعي دلالي يساهم في تشكيله علماء محدثون تعددت رؤاهم وتكاملت جهودهم التي عكفوا من خلالها 

ص41

 

على إبراز اللغة بمفهومها العام، نظاماً لتحقيق التواصل والإبلاغ فبحثوا جزئياتها وغاصوا في عوالمها مستعينين في سبيل ذلك بعلوم أخرى، فتوسعت مجالات البحث اللغوي وغدا المبحث الدلالي ملتقى لعلوم إنسانية واجتماعية وأدى ذلك إلى تنوع الدراسات، وإذا رمنا حصر العلماء الذين ساهموا في تشكيل معالم الدرس الدلالي والسميولوجي الحديث فإنه يعجزنا ذلك.

وقصدا إلى تقديم صورة لماهية الدلالة في العصر الحديث استجمعنا آراء للفيف من اللغويين والمشتغلين في حقل الأدب والنقد.

لقد أعلن بريال ميلاد علم يختص بجانب المعنى في اللغة وهو علم الدلالة الذي أتى ليسد تلك الثغرة في الدراسات اللغوية التي كانت تهتم بشكل الكلمات ومادتها، أما دراسة المعنى فيها فتمثل الجانب الهزيل قال بريال: "إن الدراسة التي ندعو إليها القارئ هي من نوع حديث للغاية بحيث لم تسم بعد، نعم، لقد اهتم معظم اللسانين بجسم وشكل الكلمات وما انتبهوا قط إلى القوانين التي تنظم تغيّر المعاني وانتقاء العبارات الجديدة والوقوف على تاريخ ميلادها ووفاتها. وبما أن هذه الدراسة تستحق اسماً خاصاً بها فإننا نطلق عليها اسم (semantique) للدلالة على علم المعاني(4)" فعلم الدلالة- عند العالم بريال- يعني بتلك القوانين التي تشرف على تغير المعاني، ويُعاين الجانب التطوري للألفاظ اللغوية ودلالاتها، ويكون بريال بذلك أول من وجه الاهتمام إلى دراسة المعاني ذاتها، لكن أهمية التفاتة بريال إلى جوهر الكلمات لم تقدر حق قدرها قبل محاولة الانجليزيين أوجدن (C.K.Orgdon) وريتشاردز (I.A.Richards) اللذين أحدثا ضجة في الدراسة اللغوية بإصدار كتابهما عام 1923 تحت اسم "معنى المعنى" وفيه تساءل العالمان عن ماهية المعنى من حيث هو عمل ناتج عن اتحاد وجهي الدلالة أي الدال والمدلول(5). وأضحى علم الدلالة ابتداء من ذلك يهتم بالصورة المفهومية، باعتبار أن لا علاقة مباشرة بين الاسم ومسماه، إنما العلاقة المباشرة تربط الدال بالمحتوى الفكري الذي في الذهن يقول مازن الوعر في هذا الصدد في تقديمه لكتاب "علم الدلالة" لبيار جيرو: "إذا كانت الصوتيات واللغويات تدرسان البنى التعبيرية وإمكانية حدوثها في اللغة، فإن الدلاليات تدرس المعاني التي يمكن 

ص42

 

أن يعبر عنها من خلال البنى الصوتية والتركيبية"(6).

ويوضح سالم شاكر أكثر فيقول: "إن علم الدلالة يعني بظواهر مجردة هي الصورة المفهومية"(7). ونزع علم الدلالة في العصر الحديث إلى تمثل المنهج الوصفي في بعض مراحل الدراسة خاصة فيما يتعلق برصد تطور الدلالة وتغيرها وبناء الحقول الدلالية يقول ميشال زكريا: "أما علم الدلالات فهو مستوى من مستويات الوصف اللغوي، ويتناول كل ما يتعلق بالدلالة أو بالمعنى فيبحث مثلاً في تطور معنى الكلمة ويقارن بين الحقول الدلالية المختلفة".(8)

إن المجال الواسع الذي حظيت به الدراسات الدلالية الحديثة، يرجع بالأساس إلى تلك الأطر المميزة التي رسمها العالمان أوجدن وريشاردز وبعدهما بريال، ومع تقدم الدراسة بدأت البحوث الدلالية تشهد عقبات تكمن صعوبتها في استحالة حصرها، وتحديدها من ذلك أن عكف الدرس الدلالي الحديث على البحث في ماهية الصورة المفهومية، بحيث استحال معها الإحاطة بكل ما يشكل عالم المتكلم حتى يمكن فهم وإدراك المحتوى الفكري المجرد. يقول (كولردج) محدداً مجال البحث الجديد لعلم الدلالة: "ولا يتضمن معنى اللفظة في رأيي مجرد الموضوع الذي يقابلها، بل يشمل أيضاً جميع الارتباطات التي تبعثها اللفظة في أذهاننا فطبيعة اللغة لا تمكنها من نقل الموضوع فحسب، وإنما تجعلها أيضاً تنقل شخصية المتكلم الذي يعرض الموضوع ونواياه".(9)

إن الحديث عن البنى العميقة التي تتحكم في إنتاج الدلالة من وجهة نظر مجردة، يبقى بعيد المرام، ولذلك فإن جل علماء الدلالة والسيمياء المحدثين يركزون أبحاثهم أكثر، على ما يحيط عملية تأدية الدلالة من ظواهر منطقية نفسية. يقول بيار جيرو موضحاً ذلك: "ويبقى علم الدلالة بالنسبة لبريال واتباعه متجهاً نحو السمات المنطقية، النفسية والتاريخية للظواهر أكثر من اتجاهه نحو عللها اللسانية".(10)

لقد خطا العالمان كاتر وفودر بالبحث الدلالي خطوة بعيدة إذ تناولاه من ناحية تفاعل مركبات الحدث الكلامي، بل إنهما طرحا إشكالية أساسية تتمحور 

ص43

 

حول تخصيص العلاقة التي يمكن إقامتها بين صورة الجملة ودلالتها في لغة معينة في غياب النحو، إذ قد تصل العملية التواصلية التي تضطلع بأمر نقل الدلالة إلى مستوى من التعقيد لا يمكن للنحو أن يشرح فيه ذلك، لأن السيمانتيك من وجهة نظر هذين العالمين يتناول قدرة المتكلم على إرسال وفهم الجمل الجديدة في ميدان يعجز عن شرحها النحو(11). إن الأبعاد التي اتخذها البحث الدلالي الحديث عبر دراسات معمقة، أخرجت النظريات الدلالية والفرضيات العلمية اللسانية من مجال التخمين والتقدير إلى ميدان التحقيق والتطبيق، رسمت إطاراً مفتوحاً على المستقبل لمشروع دلالي أوسع يلج من خلال الدرس السيمائي إلى كل مجال من مجالات المعرفة والبحث العلمي، ويكفي أن نتأمل كتب (أ.ج. غريماس) مثل كتاب "علم الدلالة البنيوي" 1966، "السيميوتيكا والعلوم الاجتماعية" 1976، "في المعنى" 1970، لندرك المصاف الذي بلغه علم الدلالة بعد ما كان علماً يفتقد إلى المنهج والموضوع معاً، إذ كان منشأه في إطار علم الألسنية العام.

يحتل اسم (غريماس) مكاناً علياً ضمن الباحثين في الحقل الدلالي الحديث ويرجع ذلك إلى قدرته على تحقيق الرؤية في قراءاته النقدية للخطاب الأدبي، الشعري والنثري. لقد تجاوز غريماس المعطى الدلالي، الآني مفترضاً وجود معطى ممكن تتجلى فيه العوالم الدلالية التي تتمظهر في بنى دلالية، وعلى أساس وجود هذه العوالم يتم تنظير البنيات الدلالية والكشف عن آلياتها، وقد يطرح العالم الدلالي فرضية وجود البينة الدلالية والعوالم الدلالية فيقول: "يجب أن نفهم بالبنية الدلالية ذلك الشكل العام لنظام العوالم الدلالية- المعطى، أو الممكن، ذي الطبيعة الاجتماعية والفردية (ثقافات أو أفراد) والسؤال عما إذا كانت البينة الدلالية ماثلة في عالم الدلالة أو تحضن هذا العالم"(12). إن احتواء العوالم الدلالية في بناء من صنع ألسني للتعبير عنها يفترض وجود مشاكلة بين مستوى التعبير ومكوناته ومستوى المعنى وسماته"(13). ذلك أن عالم المعنى يتمظهر في التلفظ articulation ويتموقع في البنى التعبيرية يوضح غريماس ذلك بقوله: "إن فرضية المشاكلة بين المستويين تسمح إذن بالنظر إلى بنية المعنى وكأنها تلفظ 

ص44

 

لعالم الدلالة حسب وحداته المعنوية الصغرى [أي السمات] وما يقابلها من سمات مميزة على مستوى التعبير، هذه الوحدات الدلالية مكونة بالطريقة نفسها المكونة بها سمات التعبير، من فئات سمات ثنائية"(14)

على الرغم من تباين آراء علماء الدلالة حول جوهر العملية الدلالية، فإن البحث الدلالي أخذ مسارات جديدة بعد وقوع التأكيد على أن اللغة هي نظام تتظافر فيه جملة من الأنظمة الفرعية كنظام البنى التركيبية، ونظام البنى المعجمية، والبنى الصوتية، والبنى الدلالية، ضمن نسق محكم أطلق عليه العلماء مصطلح النحو الكلي (Universal Grammar)، واتجه الباحثون إلى الكشف عن هذا النسق وتحديد معالمه وسماته، وهذه مرحلة مهمة ارتقى إليها البحث الدلالي حيث "يلاحظ تشومسكي أن ما طبع البحث اللغوي في السنوات الأخيرة- هو تحول من العناية باللغة إلى العناية بالنحو، وهو تحول من تجميع العينات وتنظيمها أو دراسة لغة خاصة أو الخصائص العامة لكثير من اللغات أو كل اللغات إلى دراسة الأنساق التي توجد فعلاً في الدماغ وتساهم في تفسير الظواهر الملاحظة"(15). وقد أسهمت فكرة تشومسكي في توليد جملة من الأفكار طُرحت كاستفهامات تقتضي أجوبة ولو على وجه الافتراض، من ذلك السؤال حول كيف تنتظم اللغة كجملة من البنى في شكل أنساق نظرية داخل الدماغ؟ إن وجود هذه الأنساق داخل الدماغ يترتب عليه الكشف عن المعرفة اللغوية الباطنية لمتكلم اللغة وضمنها الاهتمام بالجهاز الداخلي الذهني للمتكلمين عوض الاهتمام بسلوكهم الفعلي، وأقصى ما وصلت إليه البحوث اللغوية الدلالية هو بروز نموذج جديد للتفكير في نظام اللغة، المركب من أنساق مختلفة بحيث بزغ زمن التركيب مع نظرية تشومسكي(16) في النحو التوليدي التي تقوم على أساس تحليل السلسلة الكلامية إلى وحدات من الرموز، لتعيد تشكيل ليس السلسلة الكلامية وحسب بل سلاسل كلامية لا متناهية، وذلك إشارة إلى أن الدماغ البشري مركب فيه قواعد إنتاج لأحداث كلامية سليمة في التركيب والدلالة معاً، وعلى الرغم من أن تشومسكي قد أغفل في بحوثه الأولى النسق الدلالي إلا أنه تدارك ذلك، خاصة بعد تلك الإسهامات التي تقدم بها العالمان كاتر وفودور، وأعاد الاعتبار إلى الوظيفة الدلالية للتركيب، وعدّل في رسمه البياني الذي تناول فيه السمات البنيوية 

ص45

 

التي تتألف منها الجملة، مضيفاً المكون الدلالي وإن كانت البنية الدلالية محتواة في ما سماه تشومسكي "بالسلاسل المعقدة" وتوضيح ذلك فيما يلي:

الرسم قبل التعديل: (17)

ص46 

 قواعد مركبية

 

تحولات إجبارية

 

مكون تركيبي   سلاسل نووية

 

تحولات اختيارية

 

سلاسل معقدة

 

قواعد صوتية

مكون صوتي 

تمثيل صوتي

 

ما يلاحظ هو غياب المكون الدلالي في الرسم البياني، إلا أن هناك مرحلة مهمة تقع بين المكون التركيبي والمكون الصوتي وهو ما سيغير فيه تشومسكي في الرسم الثاني وذلك بتحليله للسلاسل المعقدة.

الرسم بعد التعديل: (18)

مكون تركيبي   1- قواعد مقولية     قاعد الاسقاط   تمثيلات دلالية

قاعدة        2- معجم (قواعد معجمية)        بنية عميقة

بنية عميقة

 

قواعد تحويليلة أحادية

 

مكوّن بنية سطحية

صوتي

قواعد صوتية

 

ص47

 

ما يلاحظ هو بروز البنية العميقة والبنية السطحية ولعل ذلك ما خول تشومسكي إضافة الحلقة المفقودة في الرسم الأول، ونعني بها، المكون الدلالي، إذ البنية العميقة هي التي تنطوي على التمثيل الدلالي الذي يتحول إلى بنية سطحية وفق قواعد التحويل متشكلاً في تمثيل صوتي.

وغدا المبحث الدلالي، واسع الأرجاء بحيث انكب الدارسون يتناولون جانباً واحداً من جوانبه، فيبدو عميقاً متشعباً فمن ذلك أن اهتدوا إلى وضع قواعد سلامة التركيب، وسلامة الدلالة، مستوحين ذلك من قواعد الإسقاط التي وضعها تشومسكي، فلكي يؤدي التركيب الدلالة المعنية، وجب أن يكون سليماً في عناصره، وكذلك الشأن لسلامة الدلالة وهو ما يوضحه الرسم البياني التالي: (19)

 

معجم قواعد سلامة قواعد سلامة الدلالة

 

 

بنى تركيبية قواعد الإسقاط بنى دلالية

 

وبعد تخصيص الدلالة في التركيب اللغوي، توسعت الدلالة لتشمل ما هو لغوي وغير لغوي من الرموز والإشارات والسمات، وهو ما انبنى عنه ميلاد السيميولوجيا كمنهج جديد في دراسة الدلالة بحيث لم تعد اللغة المحتكر الوحيد في البحث، إنما برزت أنظمة إبلاغية أخرى أهمها النظام الإشاري: "فالسيميولوجية [كما تقول كريستيفا] هي لحظة التفكير في قوانين التدليل دون أن تبقى أسيرة اللغة التواصلية التي تخلو من مكان الذات"(20). إذن هناك وسائل اتصال- واللغة إحداها- تستدعي دراسة في ماهيتها وعلاقاتها وكيفية حدوثها ثم القوانين التي تنتظمها كما قال الدكتور فيدوج: "إنتاج الإعلام عبر إشارات هو الموضوع الأساسي لعلم السيميولوجية الذي هو بحث في ماهية هذه الإشارات 

ص48

 

وعلتها وكيفية حدوثها أو إنتاجها ووظيفتها والقوانين التي تتحكم بها"(21). إن الاطلاع على القواعد العامة التي تتحكم في حياة الدلائل، يسمح بوضح أسس لمشروع سيميولوجي يعنى بمعاينة إنتاج الدلالة ويحدد طرق وقواعد ذلك كما يبيّنه الكاتب فيدوج بقوله: "والسيميولوجية منهج يهتم بدراسة حياة الدلائل داخل الحياة الاجتماعية ويحيلنا إلى معرفة كنه هذه الدلائل وعلتها وكينونتها ومجمل القوانين التي تحكمها، ويعمل من جهة على دراستها بكل أبعادها واستعمالاتها وتعقيداتها دراسة شاملة وعامة لكل مظاهرها العلامية لأن ذلك يشكل جوهر ما يندرج ضمن أهدافها وغاياتها ومطامحها في تحقيق المشروع السيميولوجي.(22)

إن هذا التحديد المسهب لعلم السيمياء جعله يحتل مكانه المؤثر ضمن المنظومة الاجتماعية، إذ أضحى يشمل الإشارات الدالة اللغوية وغير اللغوية وتشترك جميعها في أدائها للقيمة الدلالية وفق شروط عامة.

في بحوثه حول فعالية الكلام والكتابة، ميّز (رومان جاكبسون) بين عدة نظم تواصلية تتوزع في إطارين:

الإطار الأول: نظم لسانية تستخدم التراكيب اللغوية للتواصل والإبلاغ.

والإطار الثاني: نظم سيمولوجية مستقلة نسبياً، عن النظام الألسني.

ثم ميز في النظم اللسانية بين اللغة المنطوقة واللغة المكتوبة، والذي يوضحها ذلك التمايز التاريخي الذي أشار إليه اللغويون في بحوثهم حول الصوت والحرف وتمييزهم بين السامع والقارئ وبالتالي بين فعالية الكلام وفعالية الكتابة، وخلص إلى أن الكتابة تبقى الأداة الأكثر فعالية في الخطاب التواصلي والإبلاغي كونها تضمن استمرارية ومنفذ إلى المتلقي مهما تباعد المكان والزمان.(23)

لقد تطور البحث الدلالي تطوراً سريعاً منذ عهد بريال ودسوسير، حتى غدا فيه التنوع والاختلاف بين العلماء سمة مميزة وذلك لإغراقه في بحث المجرد، ولاتساع مساحة الدرس وظهور نظم جديدة زاحمت النظام اللغوي "إذ لم تعد اللغة إلا مجرد نقطة في فضاء رحيب تهيمن عليه امبراطورية السمات"(24). وأضحى النموذج السيميولوجي أحد النماذج الأكثر حضوراً في القراءات النقدية الأدبية باعتبار النص شبكة من العلامات الدالة، وإن أهم مظهر تطوري بدا عليه علم الدلالة 

ص49

 

ضمن السيميولوجية الحديثة هو اقترانه بالتفكير الفلسفي "ويعتبر موريس من الذين قدموا نموذجاً سيميولوجياً فلسفياً بحيث استطاع أن يميز بين الأبعاد الدلالية والأبعاد التركيبية والأبعاد الوظيفية للإشارة. فطبقاً لرأيه فإن العلاقة بين الإشارة والمجموعة الاجتماعية هي علاقة دلالية، والعلاقة بين الإشارة والإشارات الأخرى هي علاقة تركيبية أما العلاقة بين الإشارة ومستعمليها فهي علاقة وظيفية"(25)

إن العامل النفسي في إدراك القيمة الدلالية للعلامة ذو أهمية بالغة، فافتراض وجود الكفاية اللغوية عند المتكلم يتوق إلى تحليل نفسي (للمتكلم) لضبط هذه الكفاية مروراً بتحليل التركيب اللساني، ولذلك فالتحليل موحد بين اللسانيات النفسية، أوعلم النفس اللساني (psycholinguistiques) دون إغفال المركب الدلالي في العملية التي تتناول السلوك الكلامي بقصد الوقوف على البنى الذهنية المشكلة لدلالته، فالإحاطة بالجانب التصوري في العملية التواصلية يساهم بقسط وفير في اكتمال حلقات الفعل الدلالي…

إن ماهية علم الدلالة- كما أوضحناها- تنأى عن كل تأطير وحصر، كما أن المباحث اللغوية الحديثة لاتخاذها طابع الشمولية في التناول والطرح، لا زال معها الدرس الدلالي يراوح مكانه ضمن المبحث السيميولوجي العام بين تحديد الماهية العامة، وتحقيق الأبعاد في إطار النظرية السيميولوجية الشاملة التي تحاول وضع المفاهيم الدلالية رهن التحقيق في المنظومة الاجتماعية الحديثة التي عجت فيها المعارف والعلوم، واحتيج في سبيل استثمارها لأنساق لسانية دقيقة قد تضاف إلى النظم السيميائية غير اللغوية لأحداث وعي سيميولوجية، تتحقق معه النهضة المبتغاة.

ص50

__________________

( ) د.أحمد مختار عمر، علم الدلالة، ص22.

(2) د.فيدوج عبد القادر، دلالية النص الأدبي، ص7.

(3) فايز الداية، علم الدلالة العربي، ص99.

(4) Les grands courants de la linguistique moderne (Maurice le roy) P.45. 

(5) موريس أبو ناضر، مدخل إلى علم الدلالة الألسني، مجلة الفكر المعاصر، العدد 18/19، السنة 1982، ص32.

(6) بيار جيرو، علم الدلالة، ترجمة منذر عياشي، ص72.

(7) سالم شاكر، مدخل إلى علم الدلالة، ترجمة محمد جباتين، ص4.

(8) ميشال زكريا، الألسنية: علم اللغة الحديث، ص211.

(9) محمد مصطفى بدوي، كلوردج، ص97.

(10) بيار جيرو، علم الدلالة، ترجمة منذر عياشي، ص133.

(11) Initiation aux problemes des linguistiques contemporaines, C.Fuches et P. le Goffic, P.72.

(12) ج.غريماس، البنية الدلالية، ص97 من مجلة الفكر العربي المعاصر، ترجمة ميشال زكريا، العدد 18/19 السنة 1982.

(13) سمات المعنى: وحدات المعنى الصغرى.

(14) المرجع السابق، ص97.

(5 ) عبد القادر الفاسي، الفهم في اللسانيات واللغة العربية.. ص45.

(6 ) المرجع السابق، ص65.

(7 ) المرجع نفسه، ص66.

(8 ) المرجع نفسه، ص67.

(9 ) المرجع السابق، ص67.

(20) د.فيدوج، دلائلية النص الأدبي، ص9.

( 2) المرجع السابق، ص9-10.

(22) المرجع نفسه، ص6-7.

(23) Essais de linguistique generale Roman Jakobson, P.101-102.

(24) د.عبد المالك مرتاض، بين السمة والسيميائية، ص9 مجلة الحداثة، العدد الثاني، 1993.

(25) دلائلية النص الأدبي، فيدوج، ص15.




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.