المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2764 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

شهادة الحجر الاسود بإمامته(عليه السلام)
11-04-2015
Phonology of Tok Pisin
2024-04-29
لحم علاجي Probiotic Meat
24-9-2019
انواع الصور الخطية- الرسوم الشخصية اليدوية
6/10/2022
الكيمياء الفراغية والايزومر الفراغي Stereochemistry and stereoisomerism
5-12-2016
تهمة سبّ الصحابة
3-5-2018


وحدات الخطاب اللغوي (البلاغي)  
  
297   01:47 مساءً   التاريخ: 31-8-2017
المؤلف : منقور عبد الجليل
الكتاب أو المصدر : علم الدلالة اصوله ومباحثه في التراث العربي
الجزء والصفحة : ص198 -207
القسم : علوم اللغة العربية / علم الدلالة / جهود القدامى في الدراسات الدلالية / جهود الآمدي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-8-2017 378
التاريخ: 14-8-2017 247
التاريخ: 31-8-2017 237
التاريخ: 31-8-2017 298

 

وحدات الخطاب اللغوي:

إن الثنائية التقابلية التي وضعها سوسير، اللغة/الكلام، كانت الأرضية التي تأسست عليها رؤى مختلفة حول مفهوم الخطاب (le discoure) وما يقابله وهو المنطوق (Penonce) وقد أفضى ذلك إلى التمييز بين ما هو أساسي، وما هو عرضي. يشرح ذلك العالم اللساني جسبن (L. Guespin) معرفاً الخطاب بقوله: "هو تعبير يخضع لآليات وشروط متحكمة، فإذا ما رمنا الدراسة اللسانية لشروط إنتاج نص ما كنا بصدد دراسة خطابه، وإذا ما ألقينا نظرة على ذلك النص من وجهة نظر تركيبه أو بنائه اللغوي كنا بصدد دراسة منطوقة".(1) وقد عرض الآمدي لوحدات الخطاب اللغوي وهي: الحرف والفعل والإسم.

أ-الحرف:

فالخطاب اللغوي عند الآمدي يضطلع بتوفير الآليات التعبيرية التي تبدأ من أدنى صيغة إلى أكبر تركيب، فالتفريع الدلالي للحرف يمثل إحدى أهم الأدوات في الخطاب الشرعي لدى الآمدي فضلاً عن الركن الإسمي والركن الفعلي. ولذلك

ص198

 

نجد الآمدي في كتابه الإحكام يقيم للحروف جدولاً تفريعياً من زاوية وظيفته الدلالية، فالحرف ما دل على معنى في غيره وهو أصناف منها حرف الإضافة، وهو ما يفضي بمعاني الأفعال إلى الأسماء وهو ثلاثة أقسام، لكل منها دلالات معينة مقيدة بضوابط محكمة، فمن الحروف مالا يكون إلا حرفاً (كمِنْ) التي تؤدي دلالة التبعيض ودلالة بيان الجنس وبداية الغاية وما إلى ذلك، ومنها مالا يكون حرفاً وإسماً معاً (كعَنْ) التي تؤدي دلالة المباعدة، وقد تكون إسماً مجروراً بإحدى أدوات الجر، ومن الحروف ما يكون حرفاً وفعلاً (-كخلا وحاشا-) اللتين تفيدان الإستثناء،(2) ويمكن توضح ذلك الرسم التفريعي الآتي

ويقف الآمدي وقفة طويلة في مبحث حروف العطف، ويعرض لآراء العلماء في ذلك ثم ينقضها. وقد حصل الاختلاف في دلالة (الواو) أهي للجمع المطلق، أم للترتيب فيشترك إذن مع (الفاء) و(ثم). فهناك من العلماء- ممن عارض الآمدي رأيهم- يذهب إلى حمل (الواو) على دلالة الترتيب مجازاً لأنه يتعذر حملها على ذلك في بعض التراكيب الخالية من القرائن، ففي قول السيد في خطابه لعبده: (أيت بزيد وعمرو) أنه كان يجب على العب الترتيب، يرد الآمدي على هذا الرأي قائلاً: "أنه لم يجب على العبد الترتيب نظراً إلى قرينة الحال المقتضية لإرادة جهة التجوز، حتى لو أنه فرض عدم القرينة لقد كان ذلك موجباً للترتيب.(3)

فالسند الذي اعتمده الآمدي في تصريف دلالة ذلك الخطاب من الدلالة الحقيقية إلى الدلالة المجازية، هو "قرينة الحال" وذلك ما درسه البحث الدلالي واللساني الحديث فيما سمي بالدلالة المقامية، ويقابل الآمدي مقابلة علائقية بين (الواو) التي تدل على الجمع المطلق أصلاً، وبين (الفاء) و(ثم) اللتين تدلان على الترتيب، فتكون دلالة مطابقة بين (الواو) وبين دلالة الجمع المطلق، ودلالة تضمن والتزام بين (الواو) وبين دلالة الترتيب المشترك، وتبعاً لذلك كانت (الواو) دالة حقيقة وأصلاً على معنى الجمع المطلق بحيث يشترك المعطوف والمعطوف

ص199

 

عليه في القضية والحكم.

وتدل (الواو) كذلك من جهة التجوز فتقيد الترتيب، يشرح ذلك الآمدي فيقول: فنحن إنما نجعل (الواو) في الترتيب المطلق المشترك بين (الفاء) و(ثم) وذلك مما تدل عليه (الفاء) و(ثم) دلالة مطابقة، بل أما بجهة التضمن أو الإلتزام، وكما أنها تدل على الترتيب المشترك بدلالة التضمن أو الإلتزام، فتدل على الجمع المطلق هذه الدلالة، وعند ذلك فليس إخلاء الترتيب المشترك عن لفظ يطابقه أولى من إخلاء الجمع المطلق.(4)

ويورد الآمدي أمثلة تطبيقية تميز بين حروف العطف (ثم، الفاء، حتى) التي تشترك في الدلالة على الترتيب، ولكنها تحدها دلالات هامشية ضرورية لمقتضى الحال وسياق الخطاب، وإن مرد ذلك إلى الدلالة الزمانية التي تكون محل اختلاف وتفاوت بين كل حدث وآخر مما تشرف عليه هذه الحروف الثلاثة، وتسهم في تحديده وتأويل مدلوله، يقول الآمدي في ذلك.

"وأما الفاء وثم وحتى، فإنها تقتضي الترتيب وتختلف من جهات أخرى، فأما الفاء، فمقتضاها إيجاب الثاني بعد الأول من غير مهلة() وأما ثم، فإنها توجب الثاني بعد الأول بمهلة

وقيل أنها ترد بمعنى الواو، وأما حتى، فموجبه لكون المعطوف جزءاً من المعطوف عليه نحو قولك: مات الناس حتى الأنبياء. وثلاثة منها تشترك في تعليق الحكم بأحد المذكورين وهي: أو، إما، وأم وثلاثة منها تشترك في أن المعطوف مخالف للمعطوف عليه في حكمه وهي: لا، بل، ولكن،(5) ويربط الآمدي التفريع الدلالي للحروف بما يتعلق به من سمات تمييزية في الجملة، فالحرف (حتى) يؤدي دلالة تميز بين المعطوف والمعطوف عليه بكون المعطوف جزءاً من المعطوف عليه، ويكون عادة المعطوف مقدم في الأفضلية على المعطوف عليه بناء على عملية الإسناد. أما الحروف (أو، أما، أم) وإن كانت

تشترك في أداء دلالة التخيير إلا أنها تتمايز بسمات ذاتية تتمثل في تلك الهوامش الدلالية التي تتحدد مع نسق الخطاب ونوعه فـ(أما) و (أو)، مع نسق الخطاب الخبري فتفيد دلالة الشك في أحد الأمرين أما مع نسق خطاب الأمر، فإنهما يفيدان التخيير مطلقاً والإباحة، أما (أم)، فتفيد دلالة الشك في تعيين

ص200

 

الأمرين معاً مع اليقين في وجود أحدهما(6).

إن هذا التفريع المتميز للحروف ينبني عن وعي معرفي متقدم، وسبر عميق لجوهر حقيقة البنية الدلالية وذلك من أجل حصر الخصائص والسمات التي أُخذت كمعايير دلالية تنتظم وفقها الحروف التي غدت في تراثنا المعرفي حقلاً ألسنياً يغطي مجالات شتى من المفاهيم تتعلق بصيغة الحدث وبزمانه وهيأته، كما تتعلق بالمسند إليه وبدلالة الخطاب بحسب نسقه.

ولذلك انبرى نفر غير قليل إلى تخصيص مؤلفات تتناول حقل الحروف، ومنهم من ساقها في مدخل كتابه كوحدات أساسية في بناء الخطاب اللغوي إذ تأخذ مع الفعل والاسم مسارها الإبلاغي وفق النمط التأليفي، الذي يستمد أصوله من النظام القواعدي للسان ما(7).

وقد شهد العلماء والأدباء قديماً وحديثاً، اختلافات قد امتدت عبر الزمان والمكان حول تأويل آية أو حديث أو بيت شعر أو جملة نثر، وذلك لاختلافهم في تحديد القيمة الدلالية المرجعية لحرف أو لقصورهم عن إدراك الانزياح الدلالي الحاصل للحرف لضرورة إبلاغية اقتضاها السياق الخطابي فخرج بدلالة الحرف عن المألوف.

إن إقرار الأمدي بوجود قواعد كلية مشتركة بين الوحدات التعبيرية للخطاب، ليعطي للحرف قيمته التأسيسية في بنية الخطاب اللغوي في رحاب عملية التشكل المتجدد لمكوناته الدلالية.

ب-الفعل:

إن التفريع الدلالي للفعل له وجود متميز في كتاب الآمدي، فبعد تمييزه بين الماضي والمضارع والأمر تمييزاً صورياً وزمانياً، يقف الآمدي على التمييز بين رؤية النحاة ورؤية المناطقة للفعل، فالبنية الشكلية لصيغة الفعل لها دلالتها التمييزية ضمن المقولات النحوية، فالنحاة يرون أن الفعل كلمة مفردة سواء أكان هذا الفعل ماضياً أو مضارعاً أو أمراً، أما المناطقة فيرون أن الفعل المفرد هو الماضي دون المضارع، فالمفرد هو الذي يدل على شيء مخصوص ولا جزء له يدل على شيء أصلاً، بخلاف غير المفرد وهو الذي يدل على شيء مخصوص، وله جزء يدل على شيء مخصوص كذلك. يقول الآمدي: "والفعل وإن كان كلمة

ص201

 

مفردة عند النحاة مطلقاً فعند الحكماء، المفرد منه إنما هو الماضي دون المضارع وذلك لأن حرف المضارعة في المضارع هو الدال على الموضوع، معيناً كان أو غير معين، والمفرد هو الدال الذي لا جزء له يدل على شيء أصلاً () وهو بخلاف الماضي، فإنه وإن دل على الفعل وعلى موضوعه. فليس فيه حرف يدل على الموضوع فكان مفرداً"(8).

لقد بحث يمسلف (Hjelmslev) الدلالة التي قد تؤديها أجزاء من الكلمة، فكل لغة تكمن في نظام من العلامات يعني ذلك نظام من الوحدات التعبيرية التي تتصل بمحتوى (المعنى)، فالكلمات هي بالطبع علامات لكن أجزاء من الكلمات قد تكون علامات كذلك(9)، فاللغة تفرض سننها في التركيب والبناء، تظل مطردة مع كل تشكيل متجدد لبنيتها، تنتظم معها عملية الوقوع أو الرصف بين عناصر الكلمة الواحدة، أو عناصر التركيب، قد يكون للكلمات المركبة دلالة لعناصرها وقد لا تكون لها دلالة، وهو ما سماه (يمسلاف) بالعلامات الدالة (les signes) والمقاطع غير الدالة (les syllabes) يقول يشرح ذلك: "هناك في بنية اللغة قواعد خاصة لانتظام المقاطع(10).

فالفعل الماضي عند الآمدي كلمة مفردة باعتبارها لا جزء لها، أما الفعل المضارع فأجزاؤه حروف المضارعة كضمير الغائب وضمير المتكلم، فإنها تدل على صاحب الحدث فضلاً عن دلالة الفعل على الحدث المقترن بزمن الحال أو المستقبل، وقد أفضى التفريع الدلالي للفعل عند الآمدي أن عدّ المضارع الذي لا يدل حرفه على شيء مخصوص، مفرداً كالماضي الذي لا جزء له ولكن الاختلاف بيّن كما يوضح ذلك قوله: "وقد ألحق بعضهم ما كان من المضارع الذي في أوله الياء بالماضي في الإفراد دون غيره لاشتراكهما في الدلالة على الفعل، وعلى موضوع له غير معيّن، وليس بحق، فإنهما وإن اشتركا في هذا المعنى، فمفترقان من جهة دلالة الياء على الموضوع الذي ليس معيّناً، بخلاف الماضي حيث أنه لم يوجد منه حرف يدل على الموضوع كما سبق"(11).

وقد يتوضح السبيل أكثر إذا ما اعتمدنا الشكل التالي لتوضيح ما نحن بشأنه.

ص202

إن الفعل الماضي (مرّ) على سبيل المثال وإن كان يدل على حدث المرور في زمن معين فإنه لا يدل على السمات الانتقائية لفاعله الذي يبقى مجهولاً في دائرة من الأسماء قد لا تقع تحت حصر، خاصة في ظل الانزياح الدلالي مع بروز الدلالات المجازية، وإذا صغنا من هذا الفعل (مر) فعلاً مضارعاً (يمر) أو (نمر)، فإن الفعل عندئذ يستدعي سمات انتقائية لفاعله يمكن إبرازها في: +مفرد، + جمع، +حركة + لازم+ حالة عارضة.

إن البنية المورفولوجية للفعل المضارع في النظام الألسني العربي، وما توفره من سمات انتقائية إضافية تعد البنية التأسيسية الرئيسية التي تنشئ تلك العلائق التي ينتظم وفقها الخطاب، فهو يحدث إحالة مرجعية يقتضيها موضوع الفعل اقتضاء، تقوم على أساس الفرز الاستبدالي لفئات الكلم، كما يسميه الأستاذ أحمد حساني الذي حدد أهمية التفريع الدلالي للفعل وحصر سماته الانتقائية إذ يخوّل لنا ذلك بقياس توارد الفعل في اللسان العربي توارداً يمنع اللبس والإبهام(12) وإن كانت السمات الانتقائية في الخطاب اللغوي الحديث قد تعرضت لنوع من (التشتيت) فغدت في بعض الأحيان غير قادرة على ضبط محكم لفئات الكلم التي ترد في رصف مع الفعل بحسب سماته الدلالية وذلك راجع لحركية العلامة اللغوية في محيط سيميائي، قد شكل فيه الانزياح الدلالي أنماطاً تعبيرية جديدة، أعادت النظر في تلك العلائق الدلالية التي ترتد إلى العرف اللغوي، الذي لم يعد يلائم الخريطة الجديدة للنظام العلائقي للعلامات اللغوية.

ص203

 

ج-الاسم:

يقيم الآمدي تقسيمات المفرد على تفريع دلالي يأخذ كمعيار دلالته الإخبارية أو عدم حمله لهذه الدلالة. فالاسم هو الذي يصلح لبناء الجمل الخبرية من جنسه خلافاً للفعل الذي لا يصح منه ذلك. يقول الآمدي في ماهية الاسم المفرد "هو إما أن يصح جعله أحد جزئي القضية الخبرية التي هي ذات جزءين فقط أو لا يصح فإن كان الأول فإما أن يصبح تركيب القضية الخبرية من جنسه أو لا يصبح، فإن كان الأول فهو الاسم وإن كان الثاني فهو الفعل، وأما قسيم القسم الأول فهو الحرف"،(13) وقد احتاط الآمدي في الحد الذي عرف به الاسم، وذلك بأن أخرج منه الأسماء الناقصة والمضمرة التي لا تدل على معين معلوم في عالم الدلالة، بحيث يتعذر بناء قضية خبرية ذات محتوى دلالي من أسماء مبهمة أو ناقصة يقول شارحاً ذلك: "ولا يلزم على ما ذكرناه (في الاسم)، الأسماء النواقص كالذي والتي، والمضمرات كهو وهي، حيث إنه لا يمكن جعلها أحد جزْءَي القضية الخبرية عند تجردها ولا تركب القضية الخبرية منها"(14).

فالاسم عنصر أساسي في أي سياق لغوي، تقتضي دلالته إرجاعاً في عالم الأعيان أو الأذهان بوصفه شيئاً له مميزات خاصة، ينقل (بيار لورة (Pierre Lerat) تعريف أرسطو: "الذي أجمل مدونة أجزاء الخطاب وعرف الاسم كالآتي: هو مقطع صوتي يقصد به دلالة متعارف عليها، خال من أي مرجع إلى الزمن ولا يدل كل جزء منه على دلالة عندما يؤخذ مستقلاً"(15) إن ماهية الاسم عند الآمدي تكاد تنحصر في اسم العلم، إذ يحيل اسم العلم مباشرة على مفهومه الذهني بحيث إذا سمع اسم تبادر إلى الذهن مسماه، على خلاف الأسماء العادية التي لا يخضع حقلها المفهومي إلى حصر أو تعيين. وفي معرض تفريع الاسم تفريعاً، يعتمد معيار الإفراد والتركيب في إحداث أنساق من الحقول المفهومية، يقول الآمدي: "ثم لا يخلو إما أن يكون الاسم واحداً، أو متعدداً، فإن كان واحداً فمسماه إما أن يكون واحداً، أو متعدداً، فإن كان واحداً فمفهومه منقسم على وجوه: القسمة الأولى: أنه إما أن يكون بحيث يصح أن يشترك في مفهومه كثيرون، أو لا يصح فإن كان الأول فهو كلي، وسواء وقعت فيه الشركة بالفعل، ما بين أشخاص متناهية كاسم الكوكب أو غير متناهية كاسم الإنسان أو لم تقع إما لمانع

ص204

 

من خارج كاسم العالم (بفتح اللام) والشمس والقمر أو بحكم الاتفاق كاسم عنقاء مغرب، أو جبل من ذهب"(16).

بهذا التحديد المتناهي، يرسم الآمدي معالم تصلح لأن تتخذ لبناء حقول دلالية ينتظم وفقها اللسان العربي، وهو ينم عن كسب منهجي أحرزه الدرس التراثي العربي.

فالحقل المفهومي العام يحدد في الاسم قسمين اثنين: الاسم المفرد والاسم المركب أو المؤلف(17)، فالمفرد قد يدل دلالة مفردة، أو قد يدل دلالات متعددة، وهو ما يندرج تحت مصطلح المشترك اللفظي، فالاسم ذو الدلالة المفردة أو المتعددة يضم قسمين بارزين هما اللفظ الكلي واللفظ الجزئي وهما يتفرعان إلى أصناف. إن اللفظ الكلي كما حدده الآمدي، هو ما يسمى في السيمائتيك الحديث بالكلمة الغطاء التي تشرف على حقل دلالي، معلومة عناصره أو غير محددة من ذلك كلمة (إنسان) فهي تضم مجموعة من العناصر البشرية تصح أن يطلق على كل منها لفظ (إنسان) وهي عناصر، غير متناهية، فحقلها الدلالي ذو مجال مغلق من جهة ومفتوح من جهة ثانية على الشكل التالي: إنسان [عدد لا متناه من البشر] وقد يكون الحقل الدلالي محدد العناصر متناهي الأجزاء كأيام الأسبوع أو شهور السنة أو رتب الترقية عند الجند وما إلى ذلك، فكلمة أسبوع على سبيل المثال لفظ كلي يغطي حقلاً معينة عناصره ومغلق مجاله من الجهتين على الشكل التالي: أسبوع [السبت-الأحد الإثنين- الثلاثاء- الأربعاء- الخميس- الجمعة].

لقد أحصى الآمدي أصنافاً للفظ الكلي بناء على مجالها الإجرائي أو مجالها النظري، إذ الكلمة الغطاء تحوي أسماء مشكلة حقلاً دلالياً لا شركة بينها بالفعل إنما بالفعل كاسم العالم أو الكون، وأسماء واقعة موقع اللفظ الكلي بفعل التواضع والاصطلاح كاسم العنقاء فرغم أنه اسم وهمي إلا أن له عناصر تنضوي تحته ليس بالفعل والإجراء وإنما بالعقل والنظر، إن هذا التحديد الدقيق لحقول الأدلة يعد ضرورة لغوية ملحة ترسم لعالم اللغة إطاراً واضحاً للتعامل بوعي مع حقيقة المصطلح، وذلك من أجل الولوج إلى مقاربة وظيفية لاستنباط الأحكام من النص، فلا عجب إذن أن نرى الآمدي يخوض في تقسيمات الاسم فيذكر الاسم المتواطئ

ص205

 

والاسم المشكك(18) وهما يقابلان على التوالي اسم الذات واسم المعنى، فالمتواطئ ما تواضع حول دلالته المجتمع اللغوي بحيث لا اختلاف في تعيين إرجاعه في عالم الأعيان، أما المشكك فهو على نقيض المتواطئ بحيث لم يقع حوله تواضع عام بين أهل اللغة فمدلوله غير موحد الدلالة كلفظ الوجود والأبيض وما إلى ذلك، وهو إشارة إلى ضرورة أخذ الحيطة العلمية في التعامل مع الاسم بتفريعاته، خاصة إذا تعلق الأمر باستنباط دلالات الأحكام من نصوص القرآن الكريم.

أما القسم الثاني المفرد فهو الاسم المركب أو المؤلف، ويدرج تحت الاسم المفرد الجزئي وهو يشكل أحد عناصر الاسم المفرد الكلي الذي سبق الحديث عنه. يقول الآمدي في ذلك: "وإما أن يكون مفهوم (الاسم) غير صالح لاشتراك كثيرين فيه فهو الجزئي وهو إما أن لا يكون فيه تأليف أو فيه"(19).

إن اللفظ الجزئي في عرف المناطقة يثير في الذهن الصورة التي يعرفها محددة في عالم الأعيان وهو قد يكون مشتقاً من اسم أو فعل أو صوت وهو المسمى الاسم المنقول، أو لا يكون كذلك فهو الاسم المرتجل الذي ليس بينه وبين ما نقل عنه مناسبة، وهو ما يقابله في الدرس النحوي الاسم المشتق والاسم الجامد على التوالي، كما أشار الآمدي في الاسم إلى المؤلف الجزئي يقول في ذلك، وإن كان (الاسم الجزئي) مؤلفاً فإما من اسمين مضافين كعبد الله أو غير مضافين، وأحدهما عامل في الآخر أو غير عامل والأول كتسمية بعض الناس زيد منطلق، والثاني كبعلبك وحضرموت وإما من فعلين كقام وقعد وإما من حرفين كتسميته إنما، وإما من اسم وفعل نحو تأبط شراً، وإما من حرف واسم كتسميته بزيد وإما من فعل وحرف كتسميته قام على وبهذ يكون الآمدي بحث فيه حصر عام لاسماء في مركبات اسمية وفعلية وحرفية، على النحو الآتي:

إن الآمدي كما نلاحظ، لا يؤسس أحكامه اللغوية النظرية انطلاقاً من الواقع اللغوي الإجرائي فحسب، بل إنه يرسم قواعد كلية تتموضع فيها تراكيب اللغة وعناصرها المعجمية في إطار مشروع لغوي لا يتفاعل بالواقع فحسب بل ويفعل في الواقع، وهو ما نكاد نلمسه في المباحث اللغوية في التراث المعرفي عند علماء اللغة كسيبويه والمبّرد والفّراء وغيرهم فقد يتعاملون مع تركيب (زيد منطلق) كركن اسمي مع انتفاء هذا الاسم في واقع اللغة ويبنون عليه قواعد نظرية تخص أنحاء اللغة.

ص207

_____________________

([1]) Initiation aux methodes de l,analyse du discours D. Maingueneau P.11

(2) الإحكام في أصول الأحكام، ج1، ص61.

(3) الإحكام في أصول الأحكام، ج1، ص64.

(4) المصدر السابق، ج1، ص56-66.

(5) المصدر نفسه ج1 ص69.

(6) المصدر نفسه ج1 ص 69.

(7) الأستاذ أحمد حساني، المكون الدلالي للفعل في لسان العربي ص 124.

(8) الإحكام في أصول، الأحكام ج1، ص 60-61.

(9) Louis Hjelmslev P. 55 Le language.

(0[1]) المرجع السابق، ص 58.

(1[1]) الإحكام في أصول الأحكام، ج1، ص 61.

(2[1]) الأستاذ أحمد حساني، المكون الدلالي للفعل في اللسان العربي، ص 135.

(3[1]) الإحكام في أصول الأحكام، ج1، ص 16.

(4[1]) المصدر السابق ج1 ص 16.

(5[1]) Semantique descriptive P. 40.

(6[1]) الإحكام في أصول الأحكام، ج1، ص16.

(7[1]) لقد وضع الفارابي (ت 339هـ) علماً خاصاً سماه علم الألفاظ بحثَ فيه بإسهاب تفريعات الألفاظ المفردة والمركبة- انظر الفصل الخاص بجهود الفارابي في تحديد ماهية الدلالة في القديم، ص 16.

(8[1]) الإحكام في أصول الأحكام، ج1، ص 17.

(9[1]) المصدر السابق، ج 1، ص18.




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.