المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6767 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



الامام الرضا والمأمون  
  
959   04:07 مساءً   التاريخ: 26-8-2017
المؤلف : محمد تقي المدرسي
الكتاب أو المصدر : الامام الرضا (عليه السلام) قدوة وأسوة
الجزء والصفحة : الفصل الثاني
القسم : التاريخ / التاريخ الاسلامي / الدولة العباسية / خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى / المأمون /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-9-2017 1030
التاريخ: 26-8-2017 960
التاريخ: 26-8-2017 1002
التاريخ: 26-8-2017 675

سارع الأمين وربما بإشارة من بعض قواده العباسيين في خلع أخيه ونصب ابنه ولياً للعهد، وكان من الطبيعي أن يرفض المأمون ذلك مما حدى بالأمين إلى بعث بعض قواده ليأتون به مغلولاً.

وقد شجع المأمون بعض قادة جيشه ولا سيما من هم من الفرس على التمرد، ففعل وانتهى إلى الحرب بين الأخوين التي انتهت بخلع الأمين واستتب الأمر لأخيه.

وكانت هذه الحرب أول حرب بين العباسيين، ومن أسوأ الحروب الداخلية بين المسلمين. مما زعزع الثقة بالنظام السياسي عند الجماهير وشجع المعارضة على الثورة، فإذا بأطراف البلاد تنتفض وتخلع الحاكم وتبايع واحداً من العلويين.

وكانت أخطر وأعظم هذه الثورات حركة أبي السرايا في الكوفة التي قادها السري بن منصور، وعقدت لواء الزعامة لواحد من أبناء الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) واسمه محمد بن إبراهيم بن إسماعيل.

وانتشرت هذه حتى شملت الكوفة والواسط والبصرة والحجاز واليمن. ووقعت بينها وبين جيوش بني العباس معارك طاحنة لم يظفر العباسيون بها إلاّ بالحيلة والمكر (1).

وفي مكة المكرمة ثار محمد ابن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) وبويع بالخلافة ولقب بـ (أمير المؤمنين).

وكانت هناك ثورات أخرى في بلاد الشام والمغرب وكلها تدل على اضطراب الوضع السياسي، حتى أن الناس لم يبايعوا المأمون إلاّ بعد أن استتب الأمر له وعاد إلى بغداد، وبعد حروب أكلت مئات الألوف من المسلمين.

وكان عصر المأمون يتميز بتنامي التيارات الفكرية الغريبة التي كان من شأنها زعزعة النظام الثقافي للأمة، وكانت نتيجة طبيعية لحركة الترجمة التي شجّعها العباسيون من دون رؤية.

كما أن الثقة عند قيادات الجيش الذي يمثل العماد الأصلي للنظام كادت تنهار، حتى قال هرثمة بن حازم (أحد قيادات العسكر) للمأمون:

يا أمير المؤمنين لن ينصحك من كذبك، ولن يغشك من صدقك، لا تجرئ القواد على الخلع فيخلعوك، ولا تحملهم على نكث العهد فينكثوا عهدك وبيعتك (2).

ولعلنا نضيف إلى كل ذلك حالة المجون والترف التي اشتهرت بين رجال الدولة وبطانتهم، والتي كان يشجعها النظام لإلهائهم عن الحقائق المرة التي يعيشها المسلمون. وإذا كان آل (برمك) بالأمس أبطال هذا الميدان، فإن آل (سهل) خلفوهم فيه، وما يذكره بعض المؤرخين عن زواج الخليفة (ببوران) وما رافقه من مظاهر البذخ والترف شاهد على ذلك.

الإمام الرضا يتحدى الفساد:

حينما نتدبر في سورة هود أو سائر السور القرآنية التي تقص علينا رسالة الأنبياء السابقين (عليهم السلام) نجد أنهم يتحدون الفساد بكل ألوانه. وبالذات الفساد الذي كان مستشرياً في قومهم، ويعتبرون كل فساد سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أو فكري ينتهي إلى الضلالة أو الشرك أو الكفر وكانوا (عليه السلام) يذكِّرون الناس بالله ويحذِّرونهم عذابه في الدنيا وعقابه في الآخرة، لأن هذا هو السبيل لإصلاح الإنسان وردعه عن الفساد بكل ألوانه.

وسار الأئمة (عليه السلام) على طريق الأنبياء، حاربوا كل ألوان الفساد، بذات الوسيلة، والإمام الرضا (عليه السلام) كأجداده قاد المخلصين من أبناء الأمة في هذا السبيل وتحمل الأذى في سبيل الله.

لقد رفض الاعتراف بالسلطة الجاهلية التي بناها العباسيون باسم الإسلام واعتبرها سلطة غاصبة ظالمة فاسدة جملةً وتفصيلاً .

وناهض التيارات الفكرية المخالفة لأصول الشريعة، وقاوم الفساد الخلقي في الأمة وذلك بنشر تعاليم الدين الحنيف.

ولم يكن الإمام وحده في مواجهة ذلك الفساد العريض، بل كانت صفوة الأمة وخيرة العلماء والحكماء والقادة المخلصين وهم شيعة أهل البيت (عليهم السلام) يتبعونه في ذلك.

وقد قرأنا معاً كيف وبأي أسلوب كان الأئمة يقودون الأمة، ولكن هنا ينبغي أن نتحدث قليلاً عما أثار التساؤل عند المؤرخين، وهي نقطةٌ مضيئةٌ - في رأينا - تلمع في حياة الإمام الرضا، ومنعطف أساسي في حركة الشيعة وهي قبول الإمام بولاية عهد المأمون .

وقبل كل شيء نتساءل عن الأسباب التي دفعت الخليفة العباسي للإقدام على هذه الخطوة الجريئة.

المأمون يتقرب للإمام:

والمأمون الذي ولد من أم فارسية، وتربى في حجر المؤيدين للبيت العلوي، وعرف الكثير من تاريخ الإسلام وتبحَّر في علم الكلام، هل كان شيعياً فعلاً، وهل كان عهده إلى الإمام الرضا بدافع سليم، ثم انقلب عن ذلك ودس السم إلى الإمام لأن الملك - كما قال والده هارون له يوماً - عقيم وأنه لو نازعه فيه لأخذ الذي فيه عيناه؟

أم كانت خطة دبرها الفضل بن سهل وغيره من بطانته ووقع فيها من دون التفات، ثم عاد عنها وقتل الفضل غيلة في الحمام وقضى على الإمام بالسم؟

أم أنها كانت خطته اشترك فيها هو وغيره من القادة، وكانت مجرد لعبة سياسية؟

كل ذلك ممكن! ولم أجد فيما اطلعت عليه من التاريخ ما يدل على واحد من الإحتمالات بالتأكيد، على أني أميل إلى الإعتراف بكل العوامل التاريخية، وآخذها بعين الإعتبار عند تفسير ظاهرة معينة، لأن مثل هذه العوامل تتفاعل مع بعضها في حياتنا وتصنع من حيث المجموع حياتنا الحاضرة، فلماذا لا نعتقد أن الماضي كالحاضر تصنعه كل العوامل المؤثرة في حياة البشر؟

من هنا أميل إلى الرأي التالي .. أن كلا من خلفية المأمون الثقافية، والظروف السياسية، ورأي بطانته، أقرت في الإقدام على هذه الخطوة الجريئة، ولولا واحدة منها لم يقدم ..

وهذا يعني أن انقلاب المأمون على الإمام الرضا (عليه السلام) جاء بعد تحول الظروف السياسية - وأن الرجل لم يكن شيعياً بالمعنى الحقيقي للكلمة، وهو إتِّباع أهل البيت، والتعبد لله في طاعته، إنما كان متأثراً ببعض الأفكار الشيعية كتفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) على غيره من الخلفاء، والإعتقاد بخيانة معاوية، وبأن القرآن كتاب محدث وما أشبه.

إلاّ أن ذلك لا يجعل الفرد شيعياً في نظر الأئمة (عليه السلام) وهو بالتالي كان صاحب سلطة يبحث عنها أكثر مما يبحث عن المبادئ والقيم.

ولعل والده هارون كان يشير إلى ابنه وإلى خواصّ أهل بيته كما يشير الطغاة عادة إلى بطانتهم من الإعتراف بحق معارضيهم، وذلك عندما تستيقظ ضمائرهم ولو لفترة محدودة. وهكذا يروي المأمون أنه إنما تشيّع على يد والده.

وقد أسرّ المأمون إلى بعض خواصه بالسبب الذي دعاه إلى هذا الأمر، فعن الريّان بن الصلت قال: أكثر الناس في بيعة الرضا (عليه السلام) من القواد والعامة، ومن لا يحب ذلك، وقالوا: إن هذا من تدبير الفضل بن سهل ذي الرئاستين، فبلغ المأمون ذلك، فبعث إليَّ في جوف الليل فصرت إليه، فقال: يا ريّان بلغني أن الناس يقولون: أن بيعة الرضا (عليه السلام) كانت من تدبير الفضل بن سهل؟ فقلت: يا أمير المؤمنين يقولون هذا. قال: ويحك يا ريّان أيجسر أحد أن يجيء إلى خليفة قد استقامت له الرعية والقواد، واستوت له الخلافة فيقول له إدفع الخلافة من يدك إلى غيرك، أيجوز هذا في العقل؟ قلت له: لا والله يا أمير المؤمنين ما يجسر على هذا أحد، قال: لا والله ما كان كما يقولون ولكن سأخبرك بسبب ذلك.

إنه لما كتب إليّ محمد أخي يأمرني بالقدوم عليه فأبيت عليه، عقد لعلي بن عيسى بن ماهان وأمره أن يقيِّدني بقيد ويجعل الجامعة في عنقي، فورد على بذلك الخبر، وبعثتُ هرثمة بن أعين الى سجستان وكرمان وما والاهما فأفسد علي أمري، وانهزم هرثمة وخرج صاحب السرير، وغلب على كور خراسان، من ناحيته، فورد عليَّ هذا كله في أسبوع.

فلما ورد ذلك عليَّ لم يكن لي قوة بذلك ولا كان لي مال أتقوى به، ورأيت من قوادي ورجالي الفشل والجبن، أردت أن ألحق بملك كابل، فقلت في نفسي : ملك كابل رجل كافر ويبذل محمد له الأموال فيدفعني إلى يده، فلم أجد وجهاً أفضل من أن أتوب إلى الله عزّ وجلّ من ذنوبي وأستعين به على هذه الأمور وأستجير بالله عزّ وجلّ ، فأمرت بهذا البيت وأشار إلى بيت تكنس، وصببت عليَّ الماء، ولبست ثوبين أبيضين وصليت أربع ركعات، قرأت فيها من القرآن ما حضرني ودعوت الله عزّ وجلّ واستجرت به، وعاهدته عهداً وثيقاً بنية صادقة إن أفضى الله بهذا الأمر إليَّ وكفاني عاديته، وهذه الأمور الغليظة، أن أضع هذا الأمر في موضعه الذي وضعه الله عزّ وجلّ فيه .

ثم قوي فيه قلبي فبعثت طاهراً إلى علي بن عيس بن هامان فكان من أمره ما كان، ورددت هرثمة إلى رافع (بن أعين) فظفر به وقتله، وبعثت إلى صاحب السرير فهادنته وبذلت له شيئاً حتى رجع، فلم يزل أمري يقوى حتى كان من أمر محمد ما كان، وأفضى الله إلي بهذا الأمر، واستوى لي.

فلما وافى الله عزّ وجلّ لي بما عاهدته عليه، أحببت أن أفي الله تعالى بما عاهدته، فلم أر أحداً أحق بهذا الأمر من أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فوضعتها فيه فلم يقبلها إلا إن عليَّ ما قد عملت، فهذا كان سببها) (3).

ولعل هذا السبب كان أيضاً من الدواعي المساعدة إلاّ أن أبرز العوامل التي دفعته إلى ذلك كانت الظروف السياسية التي أشرنا إليها حيث كانت علاقته بالعباسيين سيئة لقتله أخاه أميناً، كما أن القيادات العربية لم تكن راضية عنه بسبب تفضيله الصارخ للقيادات الفارسية، أما أنصار البيت العلوي فقد رأوا ووجدوا الفرصة مؤاتية للانتقام من السلطة العباسية الغاشمة، وانتفضوا في كل مصر. فماذا بقي له من فرص الإستمرار في السلطة؟

ولكن محصلة خطط المأمون، والأقدار التي أجرت الرياح في اتجاهه كانت التالية:

1 - اكتساب ود أنصار البيت العلوي باستقدام الإمام الرضا لولاية عهده.

2 - تصفية لكثير من الثورات بالأعمال العسكرية وبقدر من السماحة والعطاء.

3 - الإلتفاف على العباسيين واكتساب ودّهم والعودة إلى خطهم، بعد تصفية الفضل بن سهل، وشهادة الإمام الرضا (عليه السلام).

وهكذا تسنى للمأمون أن يستمر في الحكم وأن يحافظ على العرش العباسي من بعده.

الإمام يستجيب للتحدّي:

لماذا قبل الإمام الرضا (عليه السلام) ولاية عهد المأمون، وإذا كان مضطراً إلى ذلك فكيف استجاب لتحديه؟

قبل أن نجيب عن هذا السؤال لابد أن نلقي نظرة إلى واقع الحركة الرسالية عندما تولى الرضا مركز الإمامة من بعد والده الإمام الكاظم (عليهما السلام).

في حديث شريف: كان من المقدر أن يكون الإمام موسى بن جعفر هو قائم آل محمد (ص) إلاّ أن الشيعة أذاعوا الأمر فبدا لله فتأخر إلى أجل غير مسمى.

وهذا يعني أن الحركة الرسالية كادت تبلغ يومئذ إلى مستوى التصدي لشؤون الأمة. وبالرغم من أن الإمام الكاظم (عليه السلام) قضى نحبه في سجن هارون مسموماً، إلاّ أن الحركة لم تصب بأذى كثير كما نستفيد ذلك من حديث شريف.

وهكذا كانت إمامة الإمام الرضا (عليه السلام) واحدة من فرصتين :

الأولى: القيام بحركة مسلحة قد تنتهي إلى دمار الحركة.

الثانية: الإستجابة لتحدي المأمون بقبول ولاية العهد للعمل من خلال السلطة دون إعطاء شرعية لها، كما فعل النبي يوسف حينما طلب من عزيز مصر بأن يجعله على خزائن الأرض. ثم قام بما استطاع إليه سبيلا، من الإصلاح من داخل النظام..

وكما فعل الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) مع الخلفاء الذين سبقوه عندما قبل بالدخول في الشورى كواحد من ستة أعضاء.

وأقل ما في هذه الفرصة الثانية أنها تشكل حماية للحركة الرسالية من التصفية، والقبول بها كحركة معارضة رسمية.

وهكذا نعرف أن الإمام لم يترك قيادته للحركة الرسالية - بل استفاد من مركزه الجديد، كما استفاد الشيعة لدعم مسيرة حركتهم الرسالية التي فرضت نفسها على النظام فرضاً.

ولتحقيق هذه الغايات اتبع الإمام النهج التالي:

أولاً: امتنع عن قبول الخلافة التي عرضها عليه المأمون أولاً، ولعل السبب في رفض الخلافة كان أمرين:

ألف: إن تلك الخلافة كانت ثوباً خاصاً بأمثال المأمون وإنها لا تليق بحجة الله البالغة، لأن بنائها كان قائماً على أساس فاسد، جيشها ونظامها وقوانينها وكل شيء فيها، ولو قبل الإمام بها كان عليه أن يهدمها ويبنيها من جديد ولم يكن ذلك أمراً ممكناً في تلك الظروف.

باء: إن المأمون لم يكن صادقاً في عرضه، فهو كان يدبر حيلة مع حزبه الماكر للإيقاع بالإمام إن قبل، بعد أخذ الشرعية منه، كما فعل بالنسبة إلى ولاية العهد.

ثانياً: اشترط في قبوله لولاية العهد ألاّ يتدخل في شؤون الدولة من قريب أو بعيد، مما أفقدهم القدرة على تمشية الأمور باسم الإمام وكسب الشرعية له وأبان للعالمين ذلك اليوم وللتاريخ إلى الأبد أنه لا يعترف بشرعية النظام بأي وجه. وقد حاول المأمون مراراً أن يستدرج الإمام للتدخل في الشؤون فلم يقبل والحديث التالي يدل على ذلك:

إن المأمون لمّا أراد أن يأخذ البيعة لنفسه بإمرة المؤمنين، وللرضا (عليه السلام) ولاية العهد، وللفضل بن سهل بالوزارة، أمر بثلاثة كراسي فنصبت لهم، فلما قعدوا عليها أذن للناس، فدخلوا يبايعون فكانوا يصفقون بأيمانهم على أيمان الثلاثة من أعلى الإبهام إلى الخنصر ويخرجون حتى بايع في آخر الناس فتى من الأنصار فصفق بيمينه من الخنصر إلى الإبهام، فتبسم أبو الحسن الرضا (عليه السلام) ثم قال:

" كل من بايعنا بايع بفسخ البيعة غير هذا الفتى فإنه بايعنا بعقدها ".

فقال المأمون: وما فسخ البيعة من عقدها؟ قال أبو الحسن (عليه السلام):

" عقد البيعة هو من أعلى ا لخنصر إلى أعلى الإبهام وفسخها من أعلى الإبهام إلى أعلى الخنصر ".

قال: فماج الناس في ذلك وأمر المأمون بإعادة الناس إلى البيعة على ما وصفه أبو الحسن (عليه السلام) وقال الناس: كيف يستحق الإمامة من لا يعرف عقد البيعة، إن من علم لأولى بها ممن لا يعلم، قال: فحمله ذلك على ما فعله من سمه (4) .

ثالثاً: منذ الأيام الأولى لولايته للعهد انتهز الإمام كل فرصة ممكنة لنشر بصائر الوحي، وأظهر أنه أحق بالخلافة من غيره، فمثلاً نقرأ في وثيقة ولايته للعهد ما يدل على أن المأمون إنما عمل بواجبه في الأحتفاء بأهل بيت الرسالة، دعنا نقرأ ونتدبر معاً الوثيقة التالية:

" بسم ا لله الرحمن الرحيم الحمد لله الفعّال لما يشاء لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وصلى الله على نبيّه محمد خاتم النبيين وآله الطيبين الطاهرين.

أقول وأنا علي بن موسى بن جعفر أن أمير المؤمنين عضّده الله بالسداد ووفقَّه للرشاد، عرف من حقنا ما جهله غيره، فوصل أرحاماً قطعت، وآمن نفوساً فزعت، بل أحياها وقد تلفت، وأغناها إذ افتقرت، مبتغياً رضى رب العالمين، لا يريد جزاء من غيره، وسيجزي الله الشاكرين ولا يضيع أجر المحسنين.

وإنه جعل إلي عهده، والأمرة الكبرى إن بقيت بعده، فمن حل عقدة أمر الله بشدها، وقصم عروة أحب الله إيثاقها، فقد أباح حريمه، وأحل محرمة، إذ كان بذلك زارياً على الإمام، منتهكاً حرمة الإسلام، بذلك جرى السالف، فصبر منه على الفلتات، ولم يعترض بعدها على العزمات خوفاً على شتات الدين، واضطراب حبل المسلمين، ولقرب أمر الجاهلية، ورصد فرصة تنتهز، وبائقة تبتدر.

وقد جعل لله على نفسي أن استرعاني أمر المسلمين، وقلَّدني خلافته، والعمل فيهم عامة وفي بني العباس بن عبد المطلب خاصة بطاعته وطاعة رسوله (صلى الله عليه وآله) وأن لا أسفك دماً حراماً ولا أبيح فرجاً، ولا مالاً إلاّ ما سفكته حدوده، وأباحته فرائضه، وأن اتخير الكفاة جهدي وطاقتي، وجعلت بذلك على نفسي عهداً مؤكداً يسألني الله عنه، فإنه عزّ وجلّ يقول:

{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤولاً} (الاسراء / 34).

وإن أحدثت أو غيّرت أو بدَّلت كنت للغير مستحقاً، وللنكال متعرضاً، وأعوذ بالله من سخطه، وإليه أرغب في التوفيق لطاعته، والحول بيني وبين معصيته في عافية لي وللمسلمين.

والجامعة والجفر يدلان على ضد ذلك، وما أدري ما يفعل بي، ولا بكم إن الحكم إلاّ لله يقضي بالحق وهو خير الفاصلين.

لكني امتثلت أمر أمير المؤمنين، وآثرت رضاه، والله يعصمني وإياه، وأشهدت الله على نفسي بذلك، وكفى بالله شهيداً " (5).

وهناك بصائر نستوحيها من كلمات الرضا المضيئة:

أولاّ: قوله (عليه السلام): " عرف من حقنا ما جهله غيره إلخ ".

حيث عرّض بهارون والد المأمون، وبالنظام العباسي كله، الذين لم يرعوا حرمة رسول الله (صلى الله عليه وآله).

ثانياً: إنه قال: فمن حل عقدة أمر الله بشدها إلخ، إشارة إلى خبث السرائر، وحبك المؤامرات ضد الولاية.

ثالثاً: قوله: بذلك جرى السالف إلى آخره، لعله إشارة إلى سكوت الإمام أمير المؤمنين عن جهة أو صبر الأئمة على الأذى خوفاً على شتات الدين واضطراب حبل المسلمين.

رابعاً: ثم بيان برنامجه للحكم الذي يخالف ما كان عليه عامة بني العباس، وبضمنهم المأمون ذاته.

خامساً: وقال أخيراً: والجامعة والجفر يدلان على ضد ذلك، حيث بيّن بذلك أنهم أصحاب علم رسول الله وأنهم أحق بالأمر منهم.

وعندما تهيء الناس للبيعة لفت الإمام نظره إلى أن طريقتهم للبيعة خاطئة مما أثار زوبعة في الناس، دعنا نستمع إلى الحديث التالي الذي جرى بين المأمون والإمام (عليه السلام):

" يا أبا الحسن أنظر بعض من تثق به توليه هذه البلدان، التي قد فسدت علينا، فقلت له: تفي لي وأفي لك، فإني إنما دخلت فيما دخلت على أن لا آمر فيه ولا أنهى، ولا أعزل ولا أولي ولا أسير حتى يقدمني الله قبلك، فوالله إن الخلافة لشيء ما حدثت به نفسي، ولقد كنت بالمدينة أتردد في طرقها على دابتي، وإن أهلها وغيرهم يسألوني الحوائج فاقضيها لهم، فيصيرون كالأعمام لي، وإن كتبي لنافذة في الأمصار، وما زدتني في نعمة هي علي من ربي فقال: أفي لك " (6).

وكانت من أعظم ما بيّن فضل الإمام، مجالس المحاجّة التي كان يعقدها بين فترة وأخرى، ولنستعرض معاً واحداً من هذه المجالس لنرى ماذا يدور فيها:

(قال الحسن بن محمد النوفلي: فبيّنا نحن في حديث لنا عند أبي الحسن الرضا (عليه السلام) إذ دخل علينا ياسر، وكان يتولى أمر أبي الحسن (عليه السلام) فقال: يا سيدي إن أميري يقرؤك السلام ويقول: فداك أخوك إنه اجتمع إليَّ أصحاب المقالات، وأهل الأديان، والمتكلمون من جميع الملل، فرأيك في البكور علينا إن أحببت كلامهم، وإن كرهت ذلك فلا تتجشم، وإن أحببت أن نصير اليك خف ذلك علينا، فقال أبو الحسن (عليه السلام).

" أبلغه السلام وقل له: قد علمت ما أردت، وأنا صائر إليك بكرة إن شاء الله تعالى " (7).

ثم بيَّن الإمام ما يدل على أن هدف المأمون من تشكيل مثل هذه المجالس، النيل من قدر الإمام حيث يظن أنه قد يتوقف عن محاجة خصومه ولكن الإمام قال للنوفلي (الراوي):

يا نوفلي أتحب أن تعلم متى يندم المأمون؟ قلت: نعم، قال: إذا سمع احتجاجي على أهل التوراة بتوراتهم، وعلى أهل الإنجيل بإنجيلهم وعلى أهل الزبور بزبورهم، وعلى الصابئين بعبرانيتهم، وعلى أهل الهرابذة بفارسيتهم، وعلى أهل الروم بروميتهم، وعلى أصحاب المقالات بلغاتهم، فإذا قطعت كل صنف ودحضت حجته، وترك مقالته ورجع إلى قولي، علم المأمون أن الموضع الذي هو بسبيله ليس بمستحق له، فعند ذلك تكون الندامة منه، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم " (8).

ثم بيّن الحديث - بعد هذا الكلام - وضع الجلسة وقال:

(فلما دخل الرضا (عليه السلام) قام المأمون وقام محمد بن جعفر وجميع بني هاشم، فما زالوا وقوفاً والرضا (عليه السلام)جالس مع المأمون حتى أمرهم بالجلوس فجلسوا فلم يزل المأمون مقبلاً عليه يحدثه ساعة ثم التفت إلى الجاثليق فقال : ياجاثليق هذا ابن عمي علي بن موسى بن جعفر، وهو من ولد فاطمة بنت نبينا وابن علي بن أبي طالب (عليه السلام)فأحب أن تكلمه وتحاجه وتنصفه، فقال الجاثليق : يا أمير المؤمنين كيف أحاجّ رجلاً يحتجّ علي بكتاب أنا منكره، ونبي لا أؤمن به فقال الرضا (عليه السلام): يا نصراني فإن احتججت عليك بإنجيلك أتقرّ به ؟

فقال الجاثليق: وهل أقدر على دفع ما نطق به الإنجيل، نعم والله اقرّ به على رغم أنفي. ثم قرأ الرضا (عليه السلام) عليه الإنجيل، وأثبت عليه أن نبينا (صلى الله عليه وآله) مذكور فيه ثم أخبره بعدد حواري عيسى (عليه السلام) وأحوالهم، واحتج بحجج كثيرة أقرّ بها ثم قرأ عليه كتاب شعيا وغيره إلى أن قال الجاثليق: ليسألك غيري فلا وحق المسيح ما ظننت أن في علماء المسلمين مثلك. فالتفت الرضا (عليه السلام) الى رأس الجالوت واحتجَّ عليه بالتوراة والزبور وكتاب شعيا وحيقوق حتى أقحم ولم يُحِر جواباً.

ثم دعا (عليه السلام) بالهربذ الأكبر واحتجَّ عليه حتّى انقطع هربذ مكانه.

فقال الرضا (عليه السلام): يا قوم إن كان فيكم أحد يخالف الإسلام وأراد أن يسأل فليسأل غير محتشم فقام إليه عمران الصابيّ وكان واحداً من المتكلمين فقال : يا عالم النّاس لولا أنّك دعوت إلى مسألتك لم أُقدم عليك بالمسائل، فلقد دخلت الكوفة والبصرة، والشام والجزيرة، ولقيت المتكلّمين فلم أقع على أحد يثبت لي واحداً ليس غيره قائماً بوحدانيّته أفتأذن أن أسالك ؟ قال الرضا (عليه السلام): إن كان في الجماعة عمران الصابيُّ فأنت هو، قال : أنا هو، قال : سل يا عمران، وعليك بالنصفة وإيّاك والخطل والجور، فقال : والله يا سيّدي ما أريد إلاّ أن تثبت لي شيئاً أتعلّق به، فلا أجوزه، قال : سل عمّا بدا لك .

فازدحم الناس وانضمَّ بعضهم إلى بعض، فاحتج الرضا (عليه السلام)عليه وطال الكلام بينهما إلى الزّوال فالتفت الرضا (عليه السلام)الى المأمون، فقال : الصلاة قد حضرت فقال عمران : يا سيدي لا تقطع عليَّ مسألتي فقد رقَّ قلبي قال الرضا (عليه السلام): نصلّي ونعود، فنهض ونهض المأمون، فصلّى الرضا (عليه السلام) داخلاً وصلّى الناس خارجاً خلف محمد بن جعفر، ثمّ خرجا فعاد الرضا (عليه السلام)إلى مجلسه ودعا بعمران، فقال: سل يا عمران، فسأله عن الصانع تعالى وصفاته وأُجيب إلى أن قال: أفهمت يا عمران ؟ قال : نعم يا سيّدي قد فهمت، وأشهد أن الله على ما وصفت، ووحّدت وأنّ محمداً عبده المبعوث بالهدى ودين الحقِّ، ثمَّ خرَّ ساجداً نحو القبلة وأسلم .

قال الحسن بن محمد النوفليُّ: فلما نظر المتكلّمون الى كلام عمران الصابي وكان جدلاً لم يقطعه عن حجته أحد قطّ لم يدن من الرضا (عليه السلام) أحد منهم، ولم يسألوه عن شيء، وأمسينا، فنهض المأمون والرضا (عليه السلام) فدخلا، وانصرف الناس وكنت مع جماعة من أصحابنا إذ بعث إليَّ محمد بن جعفر فأتيته فقال لي: يا نوفلي أما رأيت ما جاء به صديقك، لا والله ما ظننت أن علي بن موسى خاض في شيء من هذا قط ولا عرفناه به، إنه كان يتكلم بالمدينة أو يجتمع إليه أصحاب الكلام؟ قلت: قد كان الحجاج يأتونه فيسألونه عن أشياء من حلالهم وحرامهم فيجيبهم، وربما كلم من يأتيه بحاجة.

فقال محمد بن جعفر: يا أبا محمد إني أخاف عليه أن يحسده هذا الرجل فيسمه أو يفعل به بلية، فأشر عليه بالإمساك عن هذه الأشياء، قلت: إذاً لا يقبل مني، وما أراد الرجل إلاّ امتحانه ليعلم هل عنده شيء من علوم آبائه (عليه السلام) فقال لي: قل له: إن عمك قد كره هذا الباب، وأحب أن تمسك عن هذه الأشياء لخصال شتى.

فلما انقلبت إلى منزل الرضا (عليه السلام) أخبرته بما كان من عمه محمد بن جعفر فتبسم (عليه السلام) ثم قال:

حفظ الله عمي ما أعرفني به لم كره ذلك، يا غلام صر إلى عمران الصابي فائتني به فقلت:

جعلت فداك أنا أعرف موضعه وهو عند بعض إخواننا من الشيعة، قال: فلا بأس فقرَّبوا إليه دابة، فصرت إلى عمران فأتيته به، فرحب به ودعا بكسوة فخلعها عليه، وحمله ودعا بعشرة آلاف درهم، فوصله بها.

فقلت: جعلت فداك حكيت فعل جدك أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: هكذا يجب، ثم دعا (عليه السلام) بالعشاء فأجلسني عن يمينه وأجلس عمران عن يساره، حتى إذا فرغنا قال لعمران: انصرف مصاحباً وبكّر علينا نطعمك طعام المدينة، فكان عمران بعد ذلك يجتمع إليه المتكلمون من أصحاب المقالات، فيبطل أمرهم حتى اجتنبوه ووصله المأمون بعشرة آلاف درهم، وأعطاه الفضل مالاً، وحمله وولاه الرضا (عليه السلام) صدقات بلخ فأصاب الرغائب) (9).

وقصة استعداد الإمام لصلاة العيد التي أرهبت النظام دليل آخر على أن الإمام لم يترك فرصة إلاّ واستفاد منها لإعلان دعوته، وبيان أنه الأحق بالخلافة من البيت العباسي.

(لما حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا (عليه السلام) يسأله أن يركب ويحضر العيد ويخطب لتطمئن قلوب الناس، ويعرفوا فضله، وتقرّ قلوبهم على هذه الدولة المباركة، فبعث إليه الرضا (عليه السلام) وقال: علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخولي في هذا الأمر، فقال المأمون: إنما أريد بهذا أن يرسخ في قلوب العامة والجند والشاكرية هذا الأمر، فتطمئن قلوبهم ويقرُّوا بما فضّلك الله تعالى به، فلم يزل يرادّه الكلام في ذلك. فلما ألح عليه قال:

يا أمير المؤمنين إن أعفيتني من ذلك فهو أحب إلي، وإن لم تعفني خرجت كما كان يخرج رسول الله (ص) وكما خرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

قال المامون: اخرج كما تحب. وأمر المأمون القوّاد والناس أن يبكروا إلى باب أبي الحسن (عليه السلام) فقعد الناس لأبي الحسن (عليه السلام) في الطرقات والسطوح من الرجال والنساء والصبيان واجتمع القوّاد على باب الرضا (عليه السلام).

فلما طلعت الشمس قام الرضا (عليه السلام) فاغتسل وتعمم بعمامة بيضاء من قطن وألقى طرفاً منها على صدره، وطرفاً بين كتفيه وتشمّر ثم قال لجميع مواليه: افعلوا مثل ما فعلت، ثم أخذ بيده عكازة وخرج ونحن بين يديه، وهو حاف قد شمّر سراويله إلى نصف الساق وعليه ثياب مشمَّرة.

فلما قام ومشينا بين يديه رفع رأسه إلى السماء وكبر أربع تكبيرات، فخيل إلينا أن الهواء والحيطان تجاوبه، والقوّاد والناس على الباب قد تزينوا ولبسوا السلاح وتهيأوا بأحسن هيئة، فلما طلعنا عليهم بهذه الصورة حفاة قد تشمّرنا، وطلع الرضا وقف وقفة على الباب وقال:

" الله أكبر الله أكبر الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام، والحمد لله على ما أبلانا " ورفع بذلك صوته ورفعنا أصواتنا.

فتزعزعت مرو من البكاء والصياح فقالها: ثلاث مرات فسقط القوّاد عن دوابهم، ورموا بخفافهم، لما نظروا إلى أبي الحسن (عليه السلام) وصارت مرو ضجة واحدة ولم يتمالك الناس من البكاء والضجة.

فكان أبو الحسن (عليه السلام) يمشي ويقف في كل عشرة خطوات وقفة يكبر الله أربع مرات فيتخيل إلينا أن السماء والأرض والحيطان تجاوبه، وبلغ المأمون ذلك، فقال له الفضل بن سهل ذو الرئاستين: يا أمير المؤمنين إن بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس فالرأي أن تسأله أن يرجع، فبعث إليه المأمون فسأله الرجوع فدعا أبو الحسن (عليه السلام) بخفه فلبسه ورجع) (10).

_____________________

(1)  راجع التاريخ الإسلامي.. دروس وعبر (للمؤلف): (ص 290 - 296).

(2) تاريخ المسعودي: (ج 3، ص 389).

(3) المصدر: (ص 137 - 138).

(4) المصدر: (ص 144).

(5) المصدر: (ص 152 - 153).

(6) المصدر: (ص 144).

(7) المصدر: (ص 174).

(8) المصدر: (ص 175).

(9) المصدر: (ص 175).

(10) المصدر: (ص 143 - 135).




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).