أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-7-2017
1046
التاريخ: 13-6-2019
1076
التاريخ: 23-5-2018
1168
التاريخ: 26-7-2017
1053
|
ذكر استخلاف هارون الرشيد:
وذكروا أنه لما كانت سنة ثلاث وسبعين ومائة توفى المهدى، وذلك أنه خرج يوما إلى بعض المنازل، ومعه أهله وبعض بنيه، وكان قد ذكر أن يستخلف ابنه عبد الله بعده، ثم غفل عن ذلك وتركه، فحمل عبد الله الحرص والطيش إلى أن دس على أبيه بعض الجواري المتمكنات منه بسمه، وبذل لها على ذلك الاموال، ومناها أمانى الغرور. فلما سمته، ووصل إليه السم، عرف المهدى أنه قد قتل، فدعا كاتبه فقال له: عجل واكتب عهد هارون الرشيد، وخذ بيعة الجند، وأمراء الاجناد، واكتب بذلك إلى ولاة الامصار، وكان الرشيد أصغر بنيه، وكان ابن أمة، لا يطمع في خلافة، ولا يظن بها، فأدخله على نفسه وهو يجود بها، والرشيد لا يعلم أنه مستخلف. فقال له المهدى: أي بنى، والله ما أردت استخلافك، ولا هممت به لحداثة سنك، وقد كان قال لي جدك أبو جعفر، وأنت يومئذ قد ترعرعت في أول رؤية رآك: إن ابني هذا الاعين (1) سيلى هذا الامر، ويسير فيه سيرة صالحة، فقلت: يا أبت، أتظن ذلك ؟ قال: ما هو بالظن، ولكن اليقين، ويكون ملكا بضعا وعشرين سنة، وتقتله الحمى الربع (2)، فاندفع الرشيد باكيا فقال له: ما يبكيك يا فتى ؟ قال: يا أبت، إنك والله نعيت لي نفسي، وعرفتني متى أموت، ومما أموت ؟ قال: هو ذاك، فشمر، واجتهد وجد، وخذ بالحزم والكرم، ودع الاحن، وانظر أخاك عبد الله فلا يناله منك مكروه، فقد عفوت عنه. فقال الرشيد: يا أبت، وتعفو عنه، وقد أتى ما ذكرت، وصنع ما وصفت ؟ قال يا بني: وما علي أن أعفو عمن أكرمني الله على يديه، وأرجو أن يغفر لي بصنيعته بى إن شاء الله. عليك يا بني بتقوى الله العظيم وطاعته، فاتخذها بضاعة يأتيك الربح من غير تجارة، وأوصيك بإخوتك خيرا، وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله، اقبل حسناتهم، وتجاوز عن سيأتهم، واغفر زلاتهم، وأوصيك بأهل الحرمين خيرا، فقد علمت من هم، وأبناء من هم، أجزل لهم العطاء، وأحسن لهم الجزاء، يكافئك الله في الآخرة والاولى. ثم توفى المهدى من يومه ذاك، واستخلف الرشيد، وخرج إلى الناس يبايعهم بوجه طلق ولسان سلط (3)، فبايعوه ببغداد، وذلك يوم الخميس من المحرم سنة ثلاث وسبعين ومائة، وتمت له البيعة يوم الجمعة في المسجد الجامع، فلم يختلف عليه أحد. ولا كره خلافته مخلوق، فأحسن السيرة، وأحكم أمر الرعية، وكان أوحد أهل بيته، ولم يشبهه أحد من الخلفاء من أهله.
قدوم هارون الرشيد المدينة:
وذكروا أنه لما كانت سنة أربعة وسبعين ومائة، خرج هارون حاجا إلى مكة، فقدم المدينة زائرا قبر النبي عليه الصلاة والسلام، فبعث إلى مالك بن أنس، فأتاه، فسمع منه كتابه الموطأ، وحضر ذلك يومئذ فقهاء الحجاز والعراق والشام واليمن، ولم يتخلف منهم أحد إلا حضر ذلك الموسم مع الرشيد وسمع وسمعوا من مالك موطأه الذى وضع، وكان قارئه يومئذ حبيب كاتب الرشيد. فلما أتم قراءته قال هارون لفقهاء الحجاز والعراق: هل أنكرتم شيئا من هذا العلم ؟ قالوا: ما أنكرنا شيئا إلا ما ذكر من أمر الدماء، والتدمية في القتل، فإن هذا من أنكر ما يكون من العلم وأبطله، يقول الرجل: قتلني فلان فيقبل منه، ويحلف أولياؤه على القاتل خمسين يمينا، ثم يقتل، ولعل أولياءه لم يحضروا، ولم يكونوا بمصر، فيعرض بهم الحنث في الايمان، فيقبل قول رجل على غيره، وهو لا يقبل في ربع دانق (4) يدعيه إلا ببينة تقوم، إن هذا لهو الضلال.
_________
(1) الاعين: شديد سواد العين واسعها.
(2) الحمى الربع: بكسر الراء وسكون الباء هي التى تأتى المريض يوما وتسكت يومين ثم تأتى في اليوم الرابع.
(3) اللسان السلط: الطويل، والمراد بذلك الفصاحة.
(4) الدانق: بفتح النون: سدس الدرهم.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|