أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-3-2018
41222
التاريخ: 23-3-2018
15213
التاريخ: 14-08-2015
3487
التاريخ: 4-6-2017
2464
|
يكون من الصعب قبل عصر التدوين أن نقف بدقة على مدى الفهم للصورة الأدبية في العصر الجاهلي وفي بداية عصر الإسلام؛ لأن تعليقاتهم الموجزة على الشركات في الغالب غير مدونة، فأصبحت عرضة للضياع، فإذا كان الشعر قد ضاع معظمه، ولم يبق إلا أقله، وليس هو مظنة الضياع، لتمكنه من النفس والعقل معًا، فكيف بالنثر الذي قيل حوله، ولو انتهى إلينا خبر عن بعض النقاد في العصر الجاهلي يبين مدى اهتمامه بالصياغة والصورة فقد يتسرب الشك فيه وفي نقله، كما حدث فيما ورد عن النابغة الناقد في سوق عكاظ تحت القبة الحمراء، ليصدر حكمه في شعر وقع لمشاهير ثلاثة الأعشى والخنساء وحسان، قد فاضل بينهم على الترتيب السابق، فسأله حسان عن سرّ تفوق الخنساء عليه، وهي في نفس الوقت دون الأعشى في الحكم، فقال النابغة لحسان: "قلت: الجفنات، وهي جمع قلة لو قلت: الجفان، لكان أفضل، وقلت: يلمعن، واللمعان يختفي ويظهر، ولو قلت يشرفنَ لكان أفضل وقلت بالضحى، وكل شيء يلمع في الضحى، ولو قلت بالدجى لكان أفضل، وقلت يقطرن، ولو قلت يجرين، لكان أفضل.
كان مثل هذا يحدث من نوابغ الشعراء النقاد كالنابغة، حين أظهر اهتمامه بالصياغة، واختيار الصورة المناسبة للمعنى الذي عبر عنه حسان، ووضح في المحاورة النقدية التي تمت بينهما ما هبط فيه شعر حسان، وكشف النابغة عن أسرار الضعف في اختيار الألفاظ غير الملائمة للمعنى، مما أدَّى إلى نزول شعره إلى المرتبة الثالثة.
ويزيد من اهتمام النقاد في العصر الجاهلي بالصورة وللصباغة، ما اتجه إليه بعضهم من الصناعة الشعرية، كزهير بن أبي سلمى، زعيم مدرسة الصنعة في الشعر آنذاك- ومعلوم إذا أطلق لفظ الصناعة في الكلام، إنما يتجه إلى الصياغة والتصوير، لأن زهيرًا ومن اعتنق مدرسته كانوا يعكفون على القصيدة حولًا كاملًا- حتى سميت القصائد بالحوليات فيتميز اللفظ ويوضع مكانه لفظ آخر، أو يعدل الأسول، أو تضاف استعارة، أو يحذف تشبيهه ويستبدل بآخر، وهكذا، ومثل هذا الصنيع، يجعلنا نحكم على المدرسة بأنها تهتم بالصياغة والصورة، ليشرف المعنى ويقول الجاحظ:
"ومن شعراء العرب، من كان يدع القصيدة تمكث عنده حولًا كريتًا، وزمنًا طويلًا، يردَّد فيها نظره، ويجيل فيها عقله، ويقلب فيها رأيه اتهامًا لعقله وتتبعًا على نفسه فيجعل عقله زمامًا على رأيه، ورأيه عبارًا على شعره، إشفاقًا على أدبه، وإحرازًا لما خوله الله من نعمته، وكانوا يسمون تلك القصائد الحوليات والمقلدات والمنقحات والمحكمات، ليصير قائلها حذيذا وشاعرًا مفلقًا" (1).
لذا يقول الدكتور خفاجي: "وكان ارتباط الشعر الجاهلي، بالغناء ورغبة بعض الشعراء في التجويد والتجديد في المعاني من أسباب نشأة هذا المذهب الفني"(2).
وقال أيضًا: "كان زهير بن أبي سلمى يسمي كبار قصائده بالحوليات، ولذا قال الحطيئة خير الشعر الحولي المحكك، وقال الأصمعي: زهير بن أبي سلمى والحطيئة وأشباههما عبيد الشعر، وكذلك كل من جود في جميع شعره، ووقف عدد كل بيت قاله وأعاد فيه النظر، حتى يخرج أبيات القصيدة كلها مستوية في الجردة" (3).
لهذا كله كان النقاد في العصر الجاهلي، يحكمون على الشعراء بمقدار جودتهم في الصياغة، ويصفونهم حسب أسلوبهم وتصويرهم، فيقولون: إن ربيعة بن عيد كان يسمى المهلهل، لأنه أول من هلهل الشعر وأرقه(4)، وكذلك المرقش لتحسينه شعره وتنميقه(5)، وكذلك قالوا: الأفوه، والمثقب، والمنخل، وسموا القصائد الحوليات والمقلدات والمنقحات والمحكمات (6).
وبدل هذا على اهتمام مدرسة الصنعة بالأسلوب والصياغة، وعنهما كانت الصورة الأدبية بعد ذلك وهكذا استمر مذهب التثقيف وطول التهذيب مذهبًا فيما يسير عليه بعض الشعراء حتى بعد العصر الجاهلي وكان أساسًا لمذهب البديع الذي نشأ على يد مسلم وأبي تمام من المحدثين (7). وقد غالى من رمي الشعر الجاهلي كله ونقده بالشك وعدم صحة الإخبار عنه(8) ولست معهم في هذا الشك المطلق، ما دام هناك في الأدب العربي صناعة شعرية، وللصناعة في أي فنّ، مادة وشكل، ومعنى وصورة.
لذلك تجد ذا الرمة الشاعر الإسلامي، يعجب بالصورة والشكل في أبيات للكميت ولم يصرح بهذا اللفظ، وإن ذكر خاصة تتصل بالصورة لا المعنى قال: "أحسنت ترقيص هذه القوافي" (9).
كما تعجب الكميت من تصوير ذي الرمة حينما أنشد قوله:
دعاني ما دعاني الهوى من بلادها ... إذا ما نأت خرقاء عنى بغافل
فقال الكميت: لله بلاء هذا الغلام، ما أحسن قوله وأجود وصفه يقول: الأستاذ الدكتور خفاجي: "وهذا يدل على إنصاف الكميت في النقد وتمييز الجيد من الرديء في الشعر"(10).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البيان والتبيين: الجاحظ جـ 2 ص 9. د. محمد عبد المنعم خفاجي 1958.
(2) الحياة الأدبية في العصر الجاهلي ص 250.
(3) المرجع السابق جـ 2 ص 13.
(4) الأغاني: الأصفهاني ط دار الكتب جـ 5 ص 57.
(5)المفضليات للظبي جـ1 ص 410.
(6) البيان والتبيين: الجاحظ جـ 2 ص 9.
(7) الحياة الأدبية في العصر الجاهلي: د. محمد عبد المنعم خفاجي ص 244، 247. طبعة ثانية 1958 م.
(8) مثل د. طه حسين في كتابه "في الأدب الجاهلي وغيره ".
(9) المذاهب الأدبية: د. ماهر حسن فهمي ص 27.
(10) دراسات في النقد الأدبي: د. محمد عبد المنعم خفاجي ص 100 طبعة أولى.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|