أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-10-2017
6863
التاريخ: 5-4-2017
4454
التاريخ: 12-10-2017
3731
التاريخ: 16-1-2019
2056
|
تعد الجزاءات الضاغطة من الجزاءات المؤقتة التي لا تنهي العقد وانما توكل تنفيذه إلى غير المتعاقد الأصلي ولكن على مسؤولية هذا الأخير لضمان سير المرافق العامة بانتظام واطراد. ومن أهم مظاهرها سحب العمل في عقد المقاولات أو الأشغال العامة، وحلول الإدارة محل المتعاقد ، ووضع المشروع تحت الحراسة في عقد التزام المرفق العام والشراء على حساب المتعاقد في عقود التوريد(1).
الفرع الأول- سحب العمل من المتعاقد في حالة عقود الأشغال العامة
يقصد بسحب العمل هو قيام الأدارة بتنفيذ العمل بنفسها أو بوساطة متعاقد جديد في حالة اخلال المتعاقد الاصلي وتقصيره في تنفيذ التزاماته ولا يؤدي هذا الجزاء الى انهاء العقد بالنسية للمتعاقد المقصر لأنه يظل مسؤولاً امام جهة الادارة والعملية تتم على حسابه ومسؤوليته (2) وممارسة الإدارة لحقها في فرض هذا الجزاء مرتبط بالنظام العام كما يرى كثير من الفقهاء وبذلك لا تكون هناك حاجة للنص عليه في العقد(3). وقد أشارت المادة (65) من الشروط العامة لمقاولات أعمال الهندسة المدنية العراقية إلى ذلك وهي واردة على سبيل المثال لا الحصر لا تخرج عن فئتين الأولى منها تشتمل الأسباب المتعلقة بالمركز المالي لمتعاقد (المقاول) وتتمثل بـ: 1. إفلاس المقاول 2. إذا تقدم المقاول بطلب لإشهار إفلاسه أو إعساره 3. إذا صدر قرار من المحكمة المختصة بوضع أموال المقاول في يد أمين التفليسة 4. إذا عقد المقاول صلحاً يقيه الإفلاس أو تنازل عن حقوقه لصالح دائنيه 5. إذا وافق المقاول على تنفيذ المقاولة تحت إشراف هيئة مراقبة مؤلفة من دائنيه الخ… وفي هذه الأحوال يكون فيها المركز المالي لمقاول ضعيف على تنفيذ العقد فيتم السحب(4).أما الفئة الثانية فتشتمل على الأسباب المتعلقة بشخص المقاول منها:
أما في مصر فقد حددت المادة (94) من لائحة المناقصات والمزايدات المصرية الحالات التي يمكن للإدارة أن تسحب العمل من المقاول وهي:-
كما أن المادة (53) من اللائحة ذاتها تنص على انه إذا لم يقم مقدم العطاء الذي اختير بتقديم التامين النهائي خلال المدد المنصوص عليها فان الإدارة ((إن تلغى العقد وتصادر التامين المؤقت (وهذه الحالة لا تعنينا هنا) أو أن تنفذه كله أو بعضه على حساب صاحبه بمعرفة تلك الجهة أو بواسطة أحد مقدمي العطاءات التالية لعطائه أو بالممارسة أو بالمناقصة عامة أو محلية…)). وبالرجوع إلى نص المادة (94) من اللائحة الملغاة نجد بأنه يثير تساؤلاً عما إذا كانت الحالات التي وردت في المادة ( أو في غيرها) قد ذكرت على سبيل الحصر. يذهب الدكتور سليمان الطماوي بالقول أن وسائل الضغط حق للإدارة تستمده من طبيعة العقد وصلته بالمرافق العامة ويؤكد هذا الحق في كل حالة يخطئ فيها المقاول وهذا المعنى واضح من الفقرة الرابعة من المادة 94، فانها في حقيقتها تجعل التعداد الوارد بالمادة على سبيل المثال لا على سبيل الحصر (6). وفي فرنسا نجد بان الفقه والقضاء يشترطان لاستخدام الإدارة سلطتها في فرض الحلول تقصير على درجة من الجسامة والاهمية من شأنه تعريض استمرار المرفق للخطر مثل ترك الموقع أو الاهمال الجسيم في التنفيذ(7).
وبالنسبة للحال في العراق فان محكمة التمييز تؤكد في قرار صادر لها بضرورة التفرقة بين سحب العمل كجزاء أو الاتفاق على ذلك، فالمقاول يتحمل النفقات الإدارية في الحالة الأولى ولا يتحمل ذلك في الحالة الثانية وهذا ما أكدته حيث قضت (لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه غير صحيح لان المحكمة لم تجر التحقيق القضائي اللازم لمعرفة ما إذا كانت بلدية (الدبس) قد قامت بتبليط أرصفة الشوارع نتيجة اتفاق مع المقاول أم نتيجة سحب العمل فان كان نتيجة اتفاق فيؤخذ بالكلفة الحقيقية ولا تستقطع نفقات إدارية إلا إذا كان قيام البلدية بالعمل نتيجة سحب من المقاول بالاستناد إلى المادة (95) من الشروط العامة للمقاول بدلالة الفقرة (9) من القسم الثاني من الشروط … ) وتذهب المحكمة إلى انه يجب على الإدارة حين تسحب العمل ان تتوقف عن فرض الغرامات التاخيرية على المقاول من تاريخ السحب وهذا ما أكدته في حكمها الصادر في 5/5/1986 الذي تذهب فيه (حيث لا يجوز الجمع بين الغرامات التاخيرية وسحب العمل وذلك لان المقاول كما تقول لم يعد حراً في إكمال العمل والسيطرة عليه)(8) . بالاتجاه ذاته ذهبت المحكمة نفسها في حكم حديث صدر لها في 27/ رمضان 1412هـ والموافق 31/3/1992 بهذا الخصوص حيث تذهب فيه (حيث تبين ان المدعى عليه المميز كان قد دفع بأنه قد دعي إلى الخدمة العسكرية مما تعذر عليه الاستمرار في تنفيذ المقاولة لذا كان على المحكمة ان تكلف باثبات دفعه فان تأيد ذلك فان المدعي عليه لا يسأل عن التأخير في التنفيذ الذي يلي تاريخ سوقه للخدمة العسكرية استناداً لأحكام المادة 168 من القانون المدني هذا من جهة ومن جهة اخرى وجد ان الخبراء قد ألزموا المدعي عليه بغرامات تاخيرية بعد سحب العمل دون ان يلاحظ ان المدعي عليه يسأل عن مدة التأخير لحين سحب العمل ولا يسأل عن المدة التالية لذلك فكان على الخبراء ملاحظة هذه الجهة)(9). ان الإدارة تتمتع بسلطة توقيع الجزاءات على المتعاقد معها حتى لو لم ينص عليها في العقد او دفاتر الشروط ودون اللجوء إلى القضاء ولما كان سحب العمل أحد هذه الجزاءات فمن الطبيعي ان الإدارة تستطيع توقيعه على المتعاقد المقصر في تنفيذ التزاماته التعاقدية تجاه الإدارة على أساس ان سحب العمل من الجزاءات الخطيرة والمهمة التي تتمتع بها الإدارة لذلك يجب ان تتوفر شروط معينة حتى تستطيع الإدارة ممارسة هذه السلطة وهذه الشروط هي :-
اولاً. ان يكون إخلال المتعاقد بتنفيذ التزاماته إخلالاً جسيماً يتناسب مع الجزاء الذي تفرضه الإدارة عليه.
ثانياً. ان تراعي الإدارة قبل توقيع جزاء السحب ضرورة أعذار المتعاقد (*).
ثالثاً. ان يصدر قرار أداري بسحب العمل من المتعاقد المقصر في تنفيذ التزاماته وبعد توفر هذه الشروط تتخذ الإدارة الإجراءات اللازمة لسحب العمل فتضع يدها على الآلات والمواد التي يستخدمها المتعاقد في التنفيذ واخراجه من موقع العمل لكي يتم إكمال العمل اما من الإدارة مباشرة او من متعاقد آخر(10) "ولهذا فاستخدام الادارة لجزاء السحب أمر تفرضه اعتبارات الصالح العام لذلك فهو ليس حق للأدارة أو امتياز وانما واجب عليها تمارسه حتى دون حاجة الى النص عليه في العقد"(11). اما بخصوص الآثار التي تترتب على سحب العمل من المقاول فاننا نقف لنشير الى ان الإدارة فضلاً عن حقها في اقتضاء الغرامات التاخيرية ان تمارس أحد الحقوق الآتية :-
وهذه الاجراءات هي أحد الجزاءات القهرية المؤقتة التي لا تؤدي الى انهاء العقد بالنسبة للمتعاقد الاصلي والسبب في ذلك أن تقرير الادارة لها ليس هدفاً في ذاته، وإنما وسيلة من وسائل الضغط المعترف بها للأدارة للأجبار المتعاقد على تنفيذ التزامه وهو المسؤول الاخير امام الادارة وكل ما هنالك ان بقية الاعمال التي لم ينفذها تتم من شخص آخر ولكن على نفقة ومسؤولية المتعاقد الأصلي(13). وسحب العمل من المقاول والحلول محله في تنفيذ العقد لا يكون إلا إذا خالف المقاول نصا صريحاً في العقد أو خرج على روحه في الأقل أما إذا لم يتخلف عن تنفيذ شروط العقد فلا يكون للإدارة الحق في اتخاذ هذا الأجراء والحكم نفسه ينطبق إذا كان عدم التنفيذ راجع إلى سبب أجنبي ويشترط في السبب الأجنبي ان لا يكون للمقاول يد فيه حسب المبدأ القائل( يشترط في السبب المعفي من الضمان ان لا يكون للمدين يد فيه) وهذا ما أشارت إليه محكمة التمييز في القرار المرقم 140 / موسعه أولى/ 1985/ 1986 إذ ذهبت المحكمة الى(ان الثابت من وقائع الدعوى ان المقاول قد أحيلت بعهدته إنشاء سراي في ناحية كرده سين بموجب المقاولة المرقمة 325 لسنة 1978 وبعد أن أنجز المقاول المدعى عليه (16%) من العمل توقف عن العمل فاضطر رب العمل (الإدارة) إلى سحب العمل منه وتنفيذه على حساب المقاول (المدعى عليه) وفقا لمادة 65 من الشروط العامة للمقاولات وحيث ان الثابت أيضاً ان المدعى عليه يصادق على إنجازه المقدار الآنف الذكر من العمل وتركه له بعد ذلك واحتج بوجود عداء بين عشيرته والعشيرة التي يقع العمل في منطقتها مما يتعذر عليه معه إكمال العمل وحيث ان مثل هذا العذر لا ينهض سببا قانونيا لعدم تنفيذ الالتزام لان العداء بين العشيرتين لا سيما وان أشارت إليه الكتب الرسمية قديم وكان قائماً وقت التعاقد والمدعى عليه دون شك عالمٌ به كما إنجازه لقسم من العمل يدحض قوله بعدم تمكنه من الوصول إلى منطقه العمل وحيث ان السبب الأجنبي المعفي من الضمان الذي أشارت إليه المادة (211) من القانون المدني يجب ان لا يكون للمدين يد فيه (كأفه سماويه او حادث فجائي او قوة قاهرة او فعل الغير أو خطأ المتضرر) أي لا يكون السبب الأجنبي متعلقاً بشخص المدين وعلى ذلك فلا يمكن اعتبار (العداء) الذي احتج به واعادة التأمينات لطالب التصحيح) (14). والسحب لا يرتبط بمدة زمنية إذ يمكن للإدارة ان تستمر فيه حتى تمام الأعمال واستلامها نهائياً وفي الوقت نفسه للمقاول ان يطلب وضع المقاولة تحت إدارته المباشرة واعادة الأعمال إليه لاتمام تنفيذها في حالة إثباته انه يملك الوسائل الكافية ما يمكنه من استئناف الأعمال والوصول بها إلى نهاية مرضية وتملك الإدارة بهذا الخصوص سلطة تقديرية في تقدير الوسائل دون رقابة عليها من القاضي(15). والسحب ينتهي أيضاً بفسخ العقد والفسخ قد يكون اما مجرداً او مصحوباً بإعادة طرح المقاولة في مناقصة جديدة على حساب وتحت مسؤولية المقاول المستبعد وفي كلتا الحالتين يؤدي الى نهاية العقد وليس السحب فقط(16).
الفرع الثاني // وضع المرفق المدار بطريقة الالتزام تحت الحراسة في عقد الامتياز Lamisesous sequestre
يعرف عقد الامتياز بأنه العقد الذي تبرمه جهة الإدارة المختصة مع فرد او شركة بقصد إدارة مرفق عام ذي صفة اقتصادية واستغلاله لفترة محددة مقابل رسوم يتقاضاها المتعاقد من المنتفعين مع خضوعه للشروط التي تحددها الإدارة والقواعد الضابطة التي تحكم سير المرافق العامة(17).
ويتجه الرأي الغالب الى ان عقد الالتزام عمل قانوني ذي طبيعة مركبة. فهو يحتوي على نوعين من الشروط:-
أولاً. شروط تنظيمية تمثل قانون المرفق العام.
ثانياً. شروط تعاقدية توجب التزامات معينة يقوم بها طرفا العقد: الإدارة مانحة الالتزام والملتزم(18).
والجدير بالاشارة الى ان الحراسة بوصفها جزاء ترتبط بعقد التزام المرافق العامة، يتم بان تضع الادارة المرفق المدار بطريقة الالتزام تحت الحراسة في الحالات الآتية:-
اولاً. إذا قصر الملتزم في تسير المرفق تقصيراً جسيماً ويتحقق ذلك في حالة التوقف الجزئي او الكلي للمرفق نتيجة عجز الملتزم او عدم قدرته.
ثانياً. اذا كان ثمة ما يهدده بالتوقف ولو من دون خطأ من الملتزم كحالة الإضراب الذي لا ذنب له فيه لقد سبق لقسم الرأي مجتمعاً ان اقر معظم هذه المبادئ في فتواه رقم 240 الصادرة 4/2/1952 إذ (ان الحكومة بصفتها مانحة التزام لها سلطات عديدة تملك استعمالها في حالة عدم قيام الملتزم بالوفاء بالتزاماته المفروضة عليه بموجب العقد فلها مثلاً ان تنفذ هذه الالتزامات على حسابه كما في حالة قيام الملتزم (شركة سكة حديد الدلتا) بصيانة الخطوط الحديدية وتنفيذها على الوجه الذي ترضاه الحكومة كما لها ان تتخذ ما تراه من التدابير لضمان سير المرفق في حالة توقف تشغيل الخطوط وكثير من هذه السلطات المخولة لمانح الالتزام يقتضي استعمالها رفع يد الملتزم عن إدارة المرفق. وقيام الحكومة بإدارته بنفسها او بمن تعينه لذلك . والأجراء الذي تتبعه الحكومة في هذه الحالة إذ لم ترد إسقاط الالتزام هو ان تضع بقرار منها المرفق تحت الحراسة وبه ترفع يد الملتزم عن إدارة المرفق لضمان سيره سيراً منتظماً و لإصلاح ما تريد إصلاحه من جهه . ولإجبار الملتزم على تنفيذ التزاماته من جهة أخرى)(19).
والحراسة هي عبارة عن أجراء وقتي يصدر من جانب الإدارة دون التجاء سابق الى القضاء ولا يشترط توجيه إنذار لملتزم (ألا إذا نص على ذلك في العقد ) لانها لا تفرض كجزاء على الملتزم بقدر ما تفرض لضمان سير المرفق العام وقيامه بسد الحاجات العامة لان الإدارة قد تفرضه دون خطأ من جانب الملتزم(20).
وبدورنا نؤيد هذا الاتجاه لان الحراسة اجراء تقتضيه الضرورة لتحقيق المصلحة العامة ، واذا كان الاعذار قد اعترف به كضمان للمتعاقد ولكن ذلك لا يمنع ان تتقدم المصلحة العامة التي يمثلها المنتفعون بالمرفق العام على المصلحة العامة وكما هو معروف ان الزمن يلعب دوراً مهماً في عقد الالتزام وهذا يرجع الى الطبيعة الخاصة لهذا العقد الذي يجب ان ينفذ بطريقة منتظمة ومستمرة بحيث يترتب على فوات المدة استحالة تدارك ما مضى أما عن الفترة الزمنية التي يوضع فيها المرفق تحت الحراسة فان الإدارة هي التي تتولى تحديد المدة وفي حالة تحديد المدة في العقد ، فان هذه المدة لا تلزمها، فهي لست مجبرة على انهاء الحراسة عند انتهاء هذه المدة.
والتساؤل الذي يثار في هذا الخصوص عن ماهية النتائج التي تترتب على وضع المرفق تحت الحراسة الإدارية ؟ .
ومن المسلم به في الفقه والقضاء المصري والفرنسي ان سلطة الإدارة في وضع المرفق تحت الحراسة هو نابع من استعمال امتيازها في التنفيذ المباشر فالحراسة- بطبيعتها – أجراء عاجل تقتضي حالة المرفق سرعة فرضه لضمان السير المنظم والمستمر لهذا المرفق وفي الوقت نفسه من حق الملتزم المنازعة أمام القضاء في صحة قرار وضع المرفق تحت الحراسة وسلطة القاضي تتمثل بإلغاء هذا القرار متى تبين له عدم مشروعيته او عدم وجود مبرر له وفي هذه الحالة يلزم الإدارة بتعويض الملتزم عما فاته من كسب وما لحقه من خسارة(22).
أما بخصوص انتهاء الحراسة فانها الحراسة – كأجراء مؤقت ينتهي في إحدى الحالات اما في حالة عدم الاعتراف بصحة الحراسة او بان يستعيد الملتزم استغلال المرفق او بإسقاط الالتزام(23).
الفرع الثالث// الشراء على حساب المتعاقد في عقد التوريد lachat par defaut
المسلم به ان الشراء على حساب المتعاقد يرتبط بطبيعة عقد التوريد كسائر الإجراءات الضاغطة الاخرى، إذ يجوز للإدارة في حالة تخلف المتعاقد معها عن توريد الأصناف المتفق عليها ان تقوم بهذا الاجراء على حسابه ومسؤوليته، ولكن بشرط ان يتم التوريد بالشروط والمواصفات نفسها المعلن عنها والمتفق عليها في العقد والتنفيذ يتم أما بنفسها أو عن طريق متعهد آخر تختاره بمناقصة محلية أو عامة أو عن طريق الممارسة أو بالدعوة المباشرة للتعاقد، مع ذلك فقد تقوم الإدارة بمنح المتعاقد المتخلف او المتأخر في التوريد مهلة إضافية، علماً بأنها غير ملزمة باعذاره ثانية اذا ما تخلف عن التنفيذ بعد هذه المهلة مع فرض الغرامة التأخيرية عليه ان رأت ذلك(24) . وقد أشارت الى ذلك المادة 68 من تعليمات تنظيم العطاءات الأردنية إذ نصت على (تتخذ الإدارة هذا الأجراء اذ نكل المتعهد عن تنفيذ التزاماته بموجب العقد او قصر في ذلك او تأخر في تقديم اللوازم المحالة عليه، فان للجنة العطاءات شراء اللوازم على حسابه وتحميله فروق الأسعار والنفقات الإضافية واي خسارة او مصاريف او عطل او ضرر يلحق بالإدارة المستفيدة دون الحاجة الى أي انذار)(25). واتخاذ الإدارة هذا الأجراء لا يؤدي الى نهاية الرابطة التعاقدية التي تربط الإدارة بالمتعاقد لان الغاية من الأجراء هو إجبار المتعاقد المقصر على تنفيذ التزاماته مع ذلك فان المتعاقد يتحمل فرق الثمن (*) والمصاريف الإدارية والتعويضات إذا كان لها مقتضى(26) . لان الإدارة ما كانت لتتحمل هذه الزيادة لولا تقصير المتعهد عن الوفاء بالتزاماته وتعد جهة الإدارة بمثابة وكيل عن المتعاقد المقصر لذلك ينبغي ان لا يكون تصرفها منطوي على إلحاق ضرر لمتعاقد وهذا يعني التزامها في هذه الوكالة العناية التي تبذلها في أعمالها الخاصة(27). ولكن إذا جرت العملية بثمن اقل من ثمن العقد الأصلي فان الفرق يكون من حق الإدارة ولا شأن للمورد به (28). وقد أشارت المادة (94) من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات المصرية المرقم 89 لسنة 1998 على ذلك حيث تنص على (أما في حالة ان يكون سعر شراء أي صنف يقل عن السعر المتفق عليه في العقد فلا يحق لمورد المقصر المطالبة بالفرق وفي الوقت نفسه يحق للادارة مطالبته بالغرامة التأخيرية والمصروفات الادارية المستحقة عليه) وقد أقرت المحكمة الإدارية العليا للإدارة الحق في اقتضاء الفوائد القانونية التي تستحق على هذه المبالغ جميعها تطبيقاً للمادة 226 من القانون المدني فضلاً عن فرق الثمن والمصاريف الإدارية التي تكبدتها الإدارة وغرامة التأخير في التوريد وترجع العلة في ذلك على اعتبار ان تاخر المدين في الوفاء يعتبر خطأ يختلف عن خطئه الأصلي في التقصير في التوريد، وهو مجرد التأخير في ذاته في الوفاء بتلك المبالغ من النقود التي عين مقدارها والتي أصبحت معلومة له ومستحقة في ذمته وان نازع في التزامه بها(29) . ويشترط القضاء الإداري لممارسة الإدارة سلطاتها في توقيع الجزاء المتمثل في الثراء على حساب المتعاقد المقصرين في الوفاء بالتزاماته ان يكون إخلاله من الجسامة بحيث يبرر للإدارة استخدام هذا الإجراء ومن أمثلته في عقود التوريد التأخير في التسليم والامتناع او العجز عن تنفيذ التوريد او الإهمال في تنفيذ الالتزامات التي يفرضها عليه العقد على وجه يعرض المرفق للخطر وهذا ما جرى عليه القضاء في مجلس الدولة الفرنسي استناداً الى مبادئ القانون العام وعدم النص عليه في العقد لا يعني حرمان الإدارة من اتخاذ هذا الأجراء وفي الوقت نفسه يجوز للإدارة ان تتنازل عن استعمال هذا الحق اذا ما تطلبت المصلحة العامة. وما يبرر استعمال الإدارة لهذا الحق هو ما ذهب اليه جانب من الفقه بالقول بان هذا الإجراء ليس من النظام العام والنتيجة التي تترتب على ذلك إمكانية الأطراف العقد استبعاده بمقتضى نص عقدي صريح حيث يمكن للإدارة تلافي الضرر الذي يلحق المرفق بفسخ العقد وابرام عقد جديد مع متعاقد آخر الا ان الإدارة اذا ما استخدمت سلطتها في توقيع هذا الجزاء فان ذلك يتم بقرار اداري دون حاجة للجوء الى القضاء والذي يتمتع بسلطة تقديرية واسعة بهذا الشأن عند الطعن في مشروعية قرار الإدارة بفرضه حيث يمكن لمورد المستبعد ان ينازع الإدارة في صحة الأجراء وتقتصر ولاية القاضي على البحث في الحق في التعويض ولا يجوز ان يحكم له بإلغاء هذا الأجراء مهما شابه من اوجه عدم المشروعية(30).
__________________
1- انظر د . محمد فؤاد مهنا، مبادئ واحكام القانون الإداري في ظل الاتجاهات الحديثة، منشأة المعارف بالاسكندرية، 1975،ص813 حيث يذهب (بان من جملة الجزاءات التي توقعها الإدارة هو قيام الإدارة بنفسها مقام المتعاقد في تنفيذ العقد مؤقتاً مع بقاء العقد قائماً ويشتمل على وضع المشرع تحت الحراسة (Misesousspuestret) لعقد امتياز المرافق العامة والاستيلاء على المشروع وتنفيذه بالطريق المباشر (Misenregie) بالنسبة لعقد الأشغال العامة وتنفيذ العقد على مسؤولية المتعاقد Execution par Detaut بالنسبة لعقد التوريد).
2- احمد خورشيد حميد المفرجي، سلطة الإدارة في سحب العمل في عقود الأشغال العامة، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون جامعة بغداد، 1989، ص31.
3- د. عبد المجيد فياض، نظرية الجزاءات في العقد الاداري، ط1، دار الفكر العربي القاهرة، 1975، ص214.
4- انظر المادة (65) من الشروط العامة لمقاولات أعمال الهندسة المدنية العراقية لعام 1988.
5- د. محمود خلف الجبوري، العقود الادارية، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1998، ص134-135.
6- د. الاسس العامة للعقود الادارية، ط4، دار الفكر العربي، القاهرة، 1984، ص484-485 ، وانظر كذلك د. محمود حلمي، العقد الاداري، ط2، دار الفكر العربي، 1977، ص104 إذ يذهب بالقول إلى (ان التعداد الذي ورد في اللائحة ورد على سبيل المثال لا الحصر لان وسائل الضغط التي تلجأ أليها الإدارة إنما تستمدها من طبيعة العقد الإداري وصلته بالمرافق العامة ومقتضيات سير تلك المرافق فحق الإدارة في سحب العمل من المقاول يقوم في كل حالة يخطئ فيها).
7- د. احمد عثمان عياد، مظاهر السلطة العامة في العقود الادارية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1973، ص357-358 وانظر كذلك حكم مجلس الدولة الفرنسي في 30ابريل سنة 1948 في قضية Villed Nantes إذ يذهب بالقول فيه (اعتبر ان من قبيل الخطأ الجسيم 1. ترك المرفق دون استغلال 2. عدم دفع مقابل الالتزام) مشار اليه د. حسين عبد العال محمد ، الرقابة الإدارية بين علم الإدارة والقانون، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2004، ص55.
8- انظر حكم محكمة التمييز المرقم 14/5 في 7/7/1987 الاضبارة 1427 / إدارية ثابتة 1987 اشار اليه، د. محمود خلف الجبوري، العقود الادارية، مرجع سابق، ص126-127.
9- انظر حكم محكمة التمييز المرقم 441/م3 منقول / 1992 (غير منشور) .
* ) أكدت محكمة التمييز العراقية هذه القاعدة حيث قررت بان حق الحكومة في سحب الأعمال من المقاول في العقود الإدارية لا يجوز الا بعد انذاره وهذا ما ورد في قرارها المرقم 2174/م/ 1966 بتاريخ 2/2/1967 وقرارها المرقم 43/ هيئة عامة /1971 بتاريخ 26/6/1971 حيث ذهبت بانه (الشروط العامة والشروط الخاصة يكمل بعضها بعضاً وكلها ملزمة للطرفين فالنص الوارد في الشروط العامة بلزوم توجيه رب العمل إنذار الى المقاول في حالة إخلاله لم يلغ بما ورد في الشروط الخاصة من جواز قيام رب العمل على حساب المقاول مادام النص الخاص لم يعفي رب العمل من توجيه الأعذار ) اشار أليه محمد عبد الله الدليمي، سلطة الإدارة في إنهاء عقودها الإدارية، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون جامعة بغداد ، 1983، ص200
10- ينظر.
11- نقلا عن د. عزيزه الشريف، دراسات في نظرية العقد الاداري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1982، ص176 .
12- انظر د. محمود حلمي ، مرجع سابق ، ص102.
13- د. سليمان الطماوي، الأسس العامة للعقود الادارية، مرجع سابق ، ص485.
14- انظر حكم محكمة التمييز المرقم 140/ موسوعه اولى /1985 /1986 والمؤرخ في 28/5/1986 والمنشور في مجلة الأحكام العدلية، العددان الأول والثاني لسنة 1986، ص26.
15- د. عبد المجيد فياض، مرجع سابق ، ص236.
16- د. عبد المجيد فياض، مرجع سابق ، ص237.
17- ينظر
- د. سليمان الطماوي، الأسس العامة للعقود الادارية، مرجع سابق ، ص96.
- د. منير محمود الوتري، العقود الإدارية وأنماطها التطبيقية ضمن إطار التحولات الاشتراكية، الجزء الأول، مطبعة الجامعة، بغداد ، 1979 ، ص237.
18- د. السيد محمد مدني ، القانون الاداري الليبي، دار النهضة العربية، القاهرة، 1964-1965، ص451 وانظر م/895 من القانون المدني العراقي والتي تنص على انه( 1. يكون لتعريفات الأسعار بالنسبة للعقود التي يبرمها الملتزم مع عملائه قوة القانون الذي لا يجوز للمتعاقدين ان يتفقا على خلاف ما يقتضي به 2. ويجوز إعادة النظر في هذه التعويضات وتعديلها فاذا عدلت الاسعار المعمول بها وصدقت على التعديل سرت الأسعار الجديدة دون اثر رجعي من الوقت الذي عينه قرار التصديق لسريانها …) .
19- د. سليمان الطماوي الاسس العامة للعقود الادارية، ط4، دار الفكر العربي، القاهرة، 1984، ص479-481. وانظر كذلك المادة (899) من القانون المدني العراقي التي تنص على ((ويعتبر الاضراب قوة قاهرة ، اذا استطاع الملتزم اقامة الدليل على ان وقوعه كان دون خطأ منه وانه لم يكن في وسعه ان يستبدل بالعمال المضربين غيرهم، او ان يتلاقي نتيجة اضرابهم بأية وسيلة اخرى)).
20- د. محمود حلمي، العقد الاداري، ط2، دار الفكر العربي، 1977، ص100.
21- ينظر
- د. محمود حلمي، مرجع سابق ، ص100-101.
22- مازن ليلو راضي، مرجع سابق، ص120.
23- د. عبد المجيد فياض، دور الشروط الاستثنائية في تمييز العقد الإداري، رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون جامعة بغداد، 1999.
24- ينظر
25- نقلاً عن د. خالد خليل الظاهر، القانون الاداري، الكتاب الثاني، ط1، دار المسيره للنشر والتوزيع والطباعة، عمان، 1997، ص266.
*) المقصود بفرق الثمن هو (الزيادة في الثمن التي تتحملها جهة الإدارة في استدراك ما عجز عن توريده عن طريق الشراء من متعهد اخر بسعر أعلى من السعر الذي كان المتعهد الأصلي مرتبطا به وبسبب التزام المتعهد الأصيل بهذه الزيادة هو ان جهة الإدارة ما كانت تستعملها لولا تقصير المتعهد في الوفاء بالتزاماته بها هو تعويض لجهة الإدارة عن الضرر الذي لحقها نتيجة تقصيره في التوريد) أشار اليه محمود خليل خضر، الغرامات التاخيرية في العقود الادارية، رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية القانون – جامعة بغداد، 1991، ص35-36.
26- فاروق احمد خماس ومحمد عبد الله الدليمي، الوجيز في العقود الإدارية، 1992، ص146.
27- د. عبد المجيد فياض ، مرجع سابق ، ص243.
28- ينظر:
29- انظر حكم محكمة القضاء الإداري المصرية المرقم 1059 والصادر في 23/2/1986 حيث تذهب فيه (ان مناط استحقاق المصاريف الإدارية وفقاً للمادة 105 من لائحة المناقصات والمزايدات ان تتحمل جهة الإدارة نفقات ومصروفات في سبيل التنفيذ، وان تحسب بواقع 5% من قيمة الأصناف المشتراة على الحساب ، وهو ما لم تقدم الجهة الإدارية دليلاً عليه بل انها احتسبت المصروفات بواقع عشرة في المائة من أجمالي العملية بالمخالفة للنص المذكور ومن ثم فلا يتحمل المدعى المصروفات الإدارية لانعدام سندها)مشار اليه د. حسان عبد السميع هاشم، الجزاءات المالية في العقود الادارية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002، ص96-97. وانظر كذلك م/ 92 من قانون المناقصات والمزايدات المصرية المرقم 9 لسنة 1983 الذي تنص على زيادة هذه النسبة الى 10% اضافة الى ما يستحق عليه من غرامة عن مدة التأخير في التوريد.
30- ينظر:
- د. احمد عثمان عياد، مرجع سابق، ص360-361.
- د. عزيزه الشريف، مرجع سابق ، ص180-181.
- د. عبد المجيد فياض، مرجع سابق، ص244- 245.
- مازن ليلو راضي، دور الشروط الاستثائية في تمييز العقد الاداري، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية القانون – جامعة بغداد، 1999، ص124.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|