المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

Sievert Integral
28-8-2018
مظاهر الاختلال في تدفق المعلومات على المستوى الدولي
15-8-2022
الصحيح والأعم‏
15-6-2019
مكافحة حشرات ثمار التمر المخزونة
8-1-2016
كيف يصلي الله تعالى وملائكته والمؤمنون على النبي
9-11-2014
تعريف دعوى الإلغاء
2024-04-14


الرقابة القضائية على اختصاصات رئيس الدولة في حالة الأحكام العرفية وحالة الطوارئ  
  
3838   10:30 صباحاً   التاريخ: 30-3-2017
المؤلف : علي سعد عمران
الكتاب أو المصدر : ظاهرة تقوية مركز رئيس الدولة في بعض النظم الدستورية
الجزء والصفحة : ص197-204
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدستوري و النظم السياسية /

... ان إعلان الأحكام العرفية وحالة الطوارئ يترتب عليها منح السلطة القائمة عليها صلاحيات استثنائية  منصوص عليها في القوانين المنظمة لها وهي تشكل خطورة على حقوق الأفراد وحرياتهم ، لذا كان لزاما اخضاع هذه السلطة لرقابة القضاء للتأكد من مدى شرعيتها وهذه الرقابة  تنصب على قرار رئيس الدولة باعلان الأحكام العرفية وحالة الطوارئ ، وكذلك تنصب على جميع الاختصاصات الممنوحة لرئيس الدولة بعد اعلانها ، وهذا ما سنبحثه في فقرتين :

اولا: الرقابة القضائية على اختصاص رئيس الدولة باعلان الأحكام العرفية وحالة الطوارئ :

1. الرقابة القضائية على اختصاص رئيس الدولة باعلان الأحكام العرفية :

لقد استقر القضاء الفرنسي - ومنذ وقت طويل – على ان قرار إعلان الأحكام العرفية الصادر من السلطة التنفيذية ما هو الا عمل اداري ولا يدخل تحت طائفة الاعمال الحكومية(1)، حيث قررت محكمة التنازع الفرنسية في عام 1873 بالنظر في شرعية المرسوم الصادر باعلان الأحكام العرفية في 18 اغسطس 1870 والذي صدر بناءً عليه قرار بمصادرة اعداد جريدة (LEDVOIR) والذي انتهت المحكمة الى عدّه مشروعاً وقد انتهت المحكمة إلى عدّ مرسوم إعلان الأحكام العرفية ذا طبيعة ادارية وليس من اعمال الحكومة ثم تاكد هذا الاتجاه في العديد من الأحكام التي صدرت بعد ذلك من قبل هذه المحكمة وكذلك من قبل مجلس الدولة ، ففي عام 1953 طعن أمام مجلس الدولة الفرنسي في القرار الصادر من القائد العام للقوات الفرنسية والمتضمن إعلان الأحكام العرفية في الهند الصينية وذلك في قضية (HUCKEL) وانصب دفاع الحكومة على ان المرسوم الصادر باعلان الأحكام العرفية هو بطبيعته من اعمال الحكومة التي لا تخضع للرقابة القضائية ، الا ان مجلس الدولة أصدر حكمه برفض هذا الدفع والنظر في موضوع الدعوى تاسيسا على ان المرسوم قد صدر من سلطة ادارية  فرنسية ، لذا فهو  المختص بنظره لكونه هيأة قضائية تختص بنظر الطعون المقامة ضد القرارات الادارية(2) .

أما في ظل القانون الأساسي العراقي نجد ان المحاكم المدنية لم يكن يمتد اختصاصها إلى حق تمحيص اعمال الحكومة السياسية ومراقبة انطباقها على القانون وبالتالي اقرارها إذا كانت موافقة للقانون والغاؤها في حالة عدم موافقتها للقانون ، لأن هذه الاعمال لا تخضع للسلطة القضائية نظراً لمبدأ الفصل بين السلطات وهذا  ما اقرته محكمة التمييز في حكمها الصادر بتاريخ 26/6/1954 بانه (( إذا استعمل مجلس الوزراء صلاحياته التي اجازها القانون فلا سلطان للمحاكم التدخل في هذا الجواز القانوني عملا بقاعدة الفصل بين السلطات))(3) .

2. الرقابة القضائية على اختصاص رئيس الدولة بإعلان حالة الطوارئ:

لقد عدّ مجلس الدولة الفرنسي قرار إعلان حالة الاستعجال قراراً ادارياً خاضعاً لاختصاصه فقد قرر في 22 ابريل 1965 بان قرارات الاعتقال وتحديد الاقامة المتخذة بموجب حالة الاستعجال اثناء فترة الاضطرابات في احداث الجزائر كانت غير مشروعة لأنها لم تستند إلى وقائع مادية محددة ثبتت في حق الشخص الذي حددت اقامته أو اعتقل (4). اما في ظل النظام السياسي التونسي فان قرار رئيس الجمهورية باعلان حالة الطوارئ يعد محصناً من الرقابة القضائية فالمحاكم الادارية في مجلس الدولة غير مختصة بنظر أي قرار يصدر من رئيس الجمهورية وذلك وفقا للقانون رقم 40 لسنة 1972 الخاص بالمحكمة الادارية(5). ومن الملاحظ ان القضاء – الاداري والدستوري – في مصر قد استقر على ان قرار إعلان حالة الطوارئ يعد من اعمال السيادة ، فقد قضت المحكمة الادارية العليا في عام 1977 بان (( قرار إعلان حالة الطوارئ من اعمال السيادة التي تصدر من الحكومة  باعتبارها سلطة حكم لا سلطة ادارية ))(6) وكذلك قضت في عام 1989 بان (( نظام الطوارئ وان كان نظاما استثنائيا الا انه ليس نظاما مطلقا ….. فان قرار إعلان حالة الطوارئ من اعمال السيادة ….))(7). وقد قضت المحكمة العليا (المحكمة الدستورية العليا حاليا) في عام 1977 بان ((القرار المطعون فيه والخاص باعلان حالة الطوارئ يعد من اعمال السيادة التي تنحسر عنها رقابة المحكمة العليا على دستورية القوانين ... ))(8)، وكذلك قضت في حكم اخر لها عام 1977 بان (( قرار رئيس الجمهورية باعلان حالة الطوارئ مما يدخل في نطاق الاعمال السياسية التي تنحسر عنها الرقابة القضائية … )) . وهذا الاتجاه المستقر في القضاء المصري جوبه برفض من جانب اغلب الفقه الدستوري الذي ذهب إلى ان قرار إعلان حالة الطوارئ لا يعد من اعمال السيادة وذلك على اساس ان هذا القرار نفسه ما هو الا قرار يصدر من رئيس الجمهورية على اعتباره رئيساً للسلطة التنفيذية وليس كصاحب سيادة مما يجعله قرارا اداريا ويكون بالتالي محلا للطعن به أمام القضاء والقول بغير ذلك معناه تكريس الاستبداد والغاء جميع ضمانات حقوق الأفراد التي لابد من توافرها في نظام ديمقراطي(9). اما في ظل القانون الأساسي العراقي لعام 1925 نجد ان قرار إعلان حالة الطوارئ انذاك يعد من اعمال السيادة التي لا تخضع لرقابة القضاء ...(10). وقد عدّ قرار إعلان حالة الطوارئ في ظل قانون السلامة الوطنية لعام 1965 – والذي ظل نافذا في دستور 1970 – من اعمال السيادة ، وهو ما استقرت عليه محكمة التمييز وقد جاء ذلك في حكمها الصادر بتاريخ 9/5/1966 وهي بصدد تعريف اعمال السيادة إلى ان ((اعمال السيادة حسبما جرى به الفقه والقضاء هي تلك الاعمال التي تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة ادارة فتباشر بمقتضى هذه السلطة العليا لتنظيم علاقتها بالسلطات الاخرى … وهي طورا تتخذ للدفاع عن  الامن العام من اضطراب داخلي باعلان الأحكام العرفية أو إعلان حالة الطوارئ ))(11). وبعد صدور قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم 106 لسنة 1989 الذي انشأ قضاءاً اداريا في العراق المفترض فيه ان يكون حصنا لحماية حريات المواطنين وحقوقهم جاء هذا القانون وعدّ قرار إعلان حالة الطوارئ من اعمال السيادة وذلك استنادا إلى نص البند ( خامسا) من المادة السابعة التي نصت على ان ((لا تختص محكمة القضاء الاداري بالنظر في الطعون المتعلقة بما يأتي :

  • اعمال السيادة وتعتبر من اعمال السيادة المراسيم والقرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية )) , وبذلك فان قرار إعلان حالة الطوارئ يكون بمنجاة من الطعن فيه لانه يصدر من رئيس الجمهورية الذي تعد جميع قراراته من اعمال السيادة وهذا المسلك لم يكن متفقاً مع حماية حقوق المواطنين وحرياتهم من تعسف السلطة ، وكان محلاً لانتقاد الفقه الذي اشار إلى ان القضاء في فرنسا  ومصر قد بسط رقابته على قرارات ومراسيم صدرت من رئيس الجمهورية(12), وان من المتفق عليه في الفقه ان القضاء هو الذي يضفي على العمل صفة السيادة لا المشرع(13)، وعلى ذلك يكون لرئيس الدولة ان يعلن حالة الطوارئ دون الاستناد إلى أي سبب وفي أي وقت وذلك لأن قراره هذا سيكون بمنجاة من الطعن ، وهذا ما يزيد في هيمنته .

ثانيا: الرقابة القضائية على اختصاصات رئيس الدولة عند إعلان الأحكام العرفية وحالة الطوارئ:

1. الرقابة القضائية على اختصاصات رئيس الدولة عند إعلان الأحكام العرفية:

 لقد استقر القضاء  الفرنسي على ان جميع التدابير والاجراءات المتخذة وفقا لقانون الأحكام العرفية اعمالا ادارية تنبسط عليها رقابة القضاء الغاءاً وتعويضا ، وعليه قررت محكمة التنازع الفرنسية في حكم لها بخصوص الطعن في القرار الصادر من الحاكم العسكري بمنع ظهور احدى الصحف بان (( تحريم ومصادرة الجريدة يعتبر اجراء وقائيا من إجراءات البوليس الاداري صدر من الحاكم العسكري وهو يباشر السلطات الاستثنائية التي خولتها اياه الفقرة الرابعة من المادة التاسعة من قانون 9 اغسطس 1849 بشان الأحكام العرفية وفي داخل حدود هذه السلطات …)) كما اخذ مجلس الدولة بالاتجاه نفسه في العديد من احكامه التي قرر فيها صراحة حقه في الرقابة على الاعمال والاجراءات الصادرة تنفيذا لمرسوم الادارة العرفية وتقرير مدى مشروعية هذه الاعمال وتبعا لذلك الغائها والتعويض عنها ، ورفض الاخذ بدفع الحكومة الذي كان ينصب على ان هذه الاعمال تعد من اعمال السيادة(14). اما في ظل القانون الأساسي العراقي لعام 1925 فنجد ان القضاء العراقي كان مترددا في بسط رقابته على السلطات المتاحة للسلطة العسكرية القائمة على الأحكام العرفية ، فنجده تارةً يبسط رقابته على هذه الإجراءات وتارةً اخرى لا يبسطها فضلاً عن ندرة الأحكام في هذا الصدد(15)، فقد قضت محكمة التمييز في حكمها الصادر في 24/6/1959 ((بعدم جواز المطالبة بالتعويض عن الاضرار التي نجمت عن تطبيق القانون بصورة غير صحيحة في ظل الأحكام العرفية ، وليس للمحاكم ولاية النظر في امثال هذه الطلبات ))(16) .

2. الرقابة القضائية على اختصاصات رئيس الدولة عند إعلان حالة الطوارئ:

نجد ان مجلس الدولة الفرنسي قد فرض رقابته على جميع الإجراءات المتخذة في ظل قانون الاستعجال حيث قرر بطلان جميع الإجراءات الاستثنائية المتخذة بموجب سلطة الاستعجال من تاريخ مد حالة الاستعجال 26 اكتوبر 1962 وحتى 31 مايو 1963 لعدم مشروعية مد حالة الاستعجال(17).

وقد أصدر المجلس الدستوري في عام 1999 حكما قرر فيه عدم دستورية نص مادتين من قانون إعلان حالة الاستعجال  المطبق في بلدة كالدونيا الجديدة وذلك لمخالفتها مبدأ ضرورة العقوبة وقد صدر هذا القانون بالاستناد إلى قانون الاستعجال لعام 1955 مما اثار خلافا فقهيا لأن المجلس الدستوري قد تصدى لبحث مدى دستورية قانون مطبق بالفعل وهو القانون الصادر عام 1955(18) . اما في ظل النظام السياسي التونسي فان جميع الإجراءات التي يتخذها رئيس الجمهورية في حالة إعلان الطوارئ تعد محصنة من الرقابة القضائية وفقا للقانون رقم 40 لسنة 1972- السابق بيانه- وفي هذا الاتجاه اهدار فعلي لحقوق الأفراد وحرياتهم لأن ليس كل ما يتخذه رئيس الدولة في هذا المجال يعد مشروعا وغير مشوب بأي عيب من عيوب المشروعية والاولى بالمشرع التونسي ان يعدل عن هذا المسلك غير الديمقراطي ، ويأخذ بما هو مستقر في فرنسا ومصر بكون جميع الإجراءات التي يتخذها رئيس الدولة في هذا المجال من ذات طبيعة ادارية وبالتالي فهي قابلة للطعن فيها أمام القضاء بالالغاء والتعويض وفي ذلك بالتاكيد حماية لحقوق المواطنين وحرياتهم من جهة وتثبيت دعائم الدولة القانونية من جهة اخرى .

اما في النظام السياسي المصري فنجد ان القضاء – الاداري والدستوري – قد بسط رقابته على جميع الإجراءات المتخذة من رئيس الجمهورية  في ظل حالة الطوارئ وتطبيقا لذلك قضت المحكمة الادارية العليا في 25/6/1989 بان (( … ولئن ساغ القول بان قرار إعلان حالة الطوارئ من اعمال السيادة … الا ان التدابير التي يتخذها القائم على اجراء النظام العرفي تنفيذا لذلك سواء  كانت تلك التدابير فردية أو تنظيمية يتعين ان تتخذ في حدود القانون ولا تنأى عن رقابة القضاء واساس ذلك ان هذه التدابير لا تجاوز دائرة القرارات الادارية التي تخضع للاختصاص القضائي لمجلس الدولة )) (19) . ووفقا لذلك  قضت المحكمة ذاتها ان ((وحيث ان القرار المطعون فيه قد صدر في 25 اكتوبر 1967 بفرض الحراسة على بعض المواطنين من الاشخاص الطبيعيين بسند من قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 الذي لم تجز نصوصه فرض الحراسة الاعلى الشركات والمؤسسات ولم يات في نصوص التشريعات المعمول بها وقتئذ ما يسمح بفرض الحراسة على الاشخاص الطبيعيين باستثناء ما يختص برعايا الدول المعادية والدول التي قطعت معها العلاقات السياسية …. فان القرار المطعون فيه مشوب بالبطلان الذي ينحدر به إلى مرتبة العدم على وجه يفرض القضاء بالغائه)) (20). واما المحكمة الدستورية العليا فقد فرضت رقابتها على جميع القرارات والاوامر الصادرة من رئيس الجمهورية في حالة الطوارئ واكدت بان هذه القرارات لا تعد محصنة من الرقابة القضائية ، ولذا قضت في 5/2/1983 بـ ((…. اختصاصها بنظر دعوى موجهة ضد المادة الثامنة من الامررقم 1 لسنة 1967 الصادر من رئيس الجمهورية استنادا إلى قانون الطوارئ والذي حظر رفع اية دعاوى ضد الاعمال الصادرة عن السلطات التي تتولى الرقابة على الكتابات والمطبوعات والصور والطرود التي ترد إلى مصر أو ترسل منها أو تمر بها …..)) وانتهت المحكمة إلى (( عدم دستورية النص المطعون فيه لتعارضه مع الدستور الذي يحظر في المادة 68 تحصين أي عمل من رقابة القضاء )) (21). اما في النظام السياسي في العراق فنجد ان القضاء العراقي كان مترددا في بسط رقابته على جميع الإجراءات المتخذة في حالة الطوارئ والاحكام العرفية فنجده تارةً يعد هذه الإجراءات من اعمال السيادة كما هو الحال في حالة الأحكام العرفية وتارة اخرى يبسط رقابته عليه كما هو الحال في حالة الطوارئ ، فنجد محكمة التمييز بتاريخ 18/3/1957 نقضت حكماً صادراً عن محكمة البداءة برد الدعوى لعدم اختصاصها بنظرها ، والتي رفعت من أحد المحامين  لمنعه من السفر من قبل سلطة الطوارئ لحضور مؤتمر المحامين المنعقد في القاهرة حيث ذكرت في قرارها بانه (( … لم تبحث المحكمة سبب منع السفر وحيث ان القضاء له الولاية على تطبيق القانون بما يحول دون مخالفته أو التعسف في استعمال الحقوق، حيث ان محكمة البداءة لم تحقق في الاسباب التي ادت إلى منع السفر فيكون قرارها برد الدعوى مخالفا للقانون لذا قرر نقضه))(22). ونجد ان قانون السلامة الوطنية رقم 4 لسنة 1965 قد استثنى جميع الإجراءات المتخذة في حالة الطوارئ من الطعن فيها أمام القضاء ، في حين كان لابد ان تكون جميع هذه الإجراءات قابلة للطعن فيها أمام القضاء (23) وذلك استنادا إلى نص المادة (32) التي نصت بان (( لا يكون لانتهاء الأحكام العرفية أو حالة الطوارئ أي اثر على ما اتخذ من الإجراءات خلال فترة اعلانها ولايجوز سماع أي دعوى بشان هذه الإجراءات أمام المحاكم )) وهذا  ما اكدته محكمة التمييز في حكمها الصادر في 4/9/1967 من عدم اختصاصها بالنظر في اوامر الحجز الصادرة وفقا لقانون السلامة الوطنية حيث جاء في حكمها (( … وان الاعتراضات التمييزية غير واردة لأن القرار الذي اقيمت الدعوى بشانه الصادر من وزير الداخلية بحق المميز يعتبر عملا من اعمال السيادة وليس للمحاكم الوطنية النظر فيه ))(24).

وبعد انشاء قضاء اداري في العراق بعد صدور القانون رقم 106 لسنة 1989 فان جميع الامال التي كانت متوقفة عليه قد تبددت وذلك لانه نص على تحصين جميع هذه الإجراءات من الطعن فيها وذلك استنادا إلى نص البند ( خامسا/ ا-ب) من المادة السابعة التي جعلت في الفقرة (ا) جميع قرارات ومراسيم رئيس الجمهورية من اعمال السيادة ثم جعلت الفقرة (ب) من اعمال السيادة (( القرارات الادارية التي تتخذ تنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية وفقا لصلاحياته الدستورية )) , وهذا يعني انه فضلاً عن تحصين المراسيم والقرارات الصادرة من شخص الحاكم فان جميع القرارات التي يتخذها الموظفون تنفيذا لها تعد محصنة حتى في الظروف العادية وهذا الامر غير مألوف في الفقه والقضاء(25)، فالفقه يذهب إلى ان النص السابق يخرج من رقابة القضاء العديد من القرارات الادارية في حين انها لا تعدو ان تكون مجرد قرارات ادارية  تنفيذية(26) ، فاضفاء صفة اعمال السيادة على جميع المراسيم والقرارات التي يتخذها رئيس الدولة وكذلك القرارات التي تتخذ تنفيذا لها هو امر غير متفق مع ما هو مستقر في الفقه والقضاء الاداري(27) , وبذلك تنعدم رقابة القضاء العادي والاداري في العراق على إعلان حالة الطوارئ وعلى الإجراءات المتخذة في ظلها ولا يخفى ما لهذا الامر من خطورة على حريات المواطنين وحقوقهم(28).  ونحن نرى ان نص المادة السابعة سالفة الذكر ولاسيما البند ( خامسا / ا-ب ) غير دستورية لأنها  تحجب حق التقاضي كليا وامام اية جهة من جهات القضاء – العادي والاداري – وهو ما يتعارض مع نصوص الدستور ولاسيما نص المادة (63/ب) التي تنص بان ((حق التقاضي مكفول لجميع المواطنين )) فاين هو حق التقاضي أمام هذا الحظر المطلق لهذا الحق في ظل النصوص السابقة ، وعلى ذلك تكون جميع الحقوق السياسية والمدنية شكلية ونصية اكثر من كونها واقعية ، فالدستور والقوانين كانت جميعها اداة طيعة بيد شخص الحاكم الذي له ان يشرع القوانين ويعدلها ويلغيها دون أي رقيب ، وكذلك الحال بالنسبة للدستور فالقوانين – بصورة عامة – كانت أحد اسلحة رئيس الجمهورية في زيادة سلطانه وتقييد حقوق وحريات المواطنين .

_______________

1- د. محمود أبو السعود حبيب : الاختصاص التشريعي لرئيس الدولة في الظروف الاستثنائية ، القاهرة ، دار الثقافة الجامعية ، 1990 ، ص 308 .

2- لمزيد من التفاصيل حول موقف القضاء الفرنسي ينظر: جورج فيدل ، بيير دلفولفيه : القانون الإداري ، ترجمة منصور القاضي ، الجزء الأول ، ط1 ، بيروت ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 2001، ص423-426, د. محمد الوكيل : حالة الطوارئ وسلطات الضبط الإداري ، ط2 ، القاهرة ، دار النهضة العربية، 2003 ، ص449-450 ، د. صلاح الدين فوزي : واقع السلطة التنفيذية في دساتير العالم ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2002 – 2003 ، ص28 ، د. محمود ابو السعود : المصدر السابق ، ص 308-309 .

3- عبد الرحمن نورجان الايوبي : القضاء الاداري في العراق ، اطروحة دكتوراه ، جامعة القاهرة ، كلية الحقوق ، 1965 ،ص233.

4- ينظر د. محمد الوكيل : المصدر السابق ، ص475 .

5- سالم كرير المرزوقي : التنظيم السياسي والإداري بالبلاد التونسية ، ط6، تونس، مطبعة المنار ، 2000 ، ص191 .

6- اورده د. محمد ماهر ابو العينين : دعوى الالغاء أمام القضاء الاداري ، الكتاب الأول ، الاسكندرية ، دار الكتب القانونية ،1998، ص185 .

7- ذكره د. عبد عبد الفتاح مراد : شرح الحريات العامة وتطبيقات المحاكم بشأنها ، الإسكندرية ، المكتب الجامعي الحديث ، 2002 ،ص340 .

8- اورده د. أحمد سلامة بدر : الاختصاص التشريعي لرئيس الدولة في النظام البرلماني، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2003 ، ص 675 .

9- د. عبد الحميد الشواربي ، شريف جاد الله : شائبة عدم دستورية ومشروعية قرار إعلان ومد حالة الطوارئ والأوامر العسكرية ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، 2000،ص148 .  د. سامي جمال الدين : لوائح الضرورة وضمانة الرقابة القضائية ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، 1982  ، ص340-341.  د. محمود أبو السعود حبيب : الاختصاص التشريعي لرئيس الدولة في الظروف الاستثنائية ، القاهرة ، دار الثقافة الجامعية ، 1990 ،ص315-316 ، د. أحمد سلامة بدر : المصدر السابق ، ص673 .

10- عامر أحمد المختار : تنظيم سلطة الضبط الإداري في العراق ، بغداد ، 1975، ص237 .

لم يعرف التشريع العراقي اعمال السيادة الا في ظل قانون السلطة القضائية رقم 26 لسنة 1963 الذي نص في المادة (4) بان (( ليس للمحاكم ان تنظر في كل ما يعتبر من اعمال سيادة الدولة )) ينظر عبد الرحمن نورجان الايوبي : المصدر السابق ، ص235-236 .

11- اورده أحمد اكرم عبد القادر الدوري : اعمال السيادة في ضوء احكام القضاء المقارن ، رسالة ماجستير، جامعة بابل ، كلية القانون ، 1996 ، ص143-144.

12- د. عصام عبد الوهاب البرزنجي : مجلس شورى الدولة وميلاد القضاء الاداري العراقي ، مجلة العلوم القانونية ، المجلد (9) ، العدد (1-2) ، جامعة بغداد ، 1990 ، ص154.

13-  د. فاروق أحمد خماس : محكمة القضاء الاداري في ضوء قانون 106 لسنة 1989 ، مجلة العلوم القانونية ، المجلد (9) ، العدد ( 1- 2) ، جامعة بغداد ، 1990 ، ص232 ،  د. ماهر صالح علاوي الجبوري : القرار الإداري ، بغداد ، دار الحكمة للطباعة والنشر ، 1991، ص174 .

ولمزيد من التفاصيل حول ما استقر عليه القضاء والفقه من تحديد لاعمال السيادة ، ينظر: د. سامي جمال الدين : الوسيط في دعوى إلغاء القرارات الإدارية ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، 2004 ، ص191 – وما بعدها ،  د. عبد الحميد الشواربي ، شريف جاد الله : المصدر السابق ، ص155- ومابعدها.

14- لمزيد من التفاصيل حول موقف القضاء الفرنسي ينظر: د. محمد عبد الحميد أبو زيد : مدى سلطة الحاكم إزاء التشريعات الظنية والوضعية شرعاً وقانوناً ، ط2 ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1995 ، ص212- وما بعدها ، د. سامي جمال الدين : لوائح الضرورة وضمانة الرقابة القضائية ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، 1982 ، ص363-364.

15- فارس عبد الرحيم حاتم : حدود رقابة القضاء الإداري على القرارات التي لها قوة القانون ، رسالة ماجستير ، جامعة بابل ، كلية القانون ، 2003 ، ص 174 .

16- اورده احمد أكرم عبد القادر الدليمي : أعمال السيادة في ضوء أحكام القضاء المقارن ، رسالة ماجستير ، جامعة بابل ، كلية القانون، 1996 ، ص145.

17- لمزيد من التفاصيل ينظر: د. محمد الوكيل : المصدر السابق ، ص289 ، 474-475.

18- ينظر: د. أحمد سلامة بدر : الاختصاص التشريعي لرئيس الدولة في النظام البرلماني، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2003 ، ص707-708.

19- اورده د. عبد الفتاح مراد : شرح الحريات العامة وتطبيقات المحاكم بشأنها ، الإسكندرية ، المكتب الجامعي الحديث ، 2002 ، ص340.

20- ذكره د. ماجد راغب الحلو : الدعاوى الادارية ، الاسكندرية ، منشاة المعارف ، 2004، ص178.

21- اورده د. أحمد سلامة بدر : المصدر السابق ، ص699-700.

22- ذكره فارس عبد الرحيم حاتم : حدود رقابة القضاء الإداري على القرارات التي لها قوة القانون ، رسالة ماجستير ، جامعة بابل ، كلية القانون ، 2003  ، ص173 .

23- د. فاروق أحمد خماس : الرقابة على أعمال الإدارة ، الموصل ، جامعة الموصل ، 1988 ، ص51 .

24- اورده احمد أكرم عبد القادر الدليمي : أعمال السيادة في ضوء أحكام القضاء المقارن ، رسالة ماجستير ، جامعة بابل ، كلية القانون، 1996 ، ص146-147.

25- فقد استقر قضاء محكمة القضاء الاداري المصري بان (( لايعد من اعمال السيادة القرار الاداري الذي يصدر تطبيقا لنص قانوني  أو لائحي  حتى ولو كان هذا القرار انما هو تطبيق لاجراء يعتبر من اعمال السيادة … )  ذكره د. محمد ماهر أبو العينين : دعوى الإلغاء أمام القضاء الإداري ، الكتاب الأول ، الإسكندرية ، دار الكتب القانونية ، 1998 ، ص178-179.

26- د. فاروق أحمد خماس : محكمة القضاء الإداري في ضوء قانون 106 لسنة 1989 ، مجلة العلوم القانونية ، المجلد (9) ، العدد (1-2) ، جامعة بغداد ، 1990 ، ص232 .

27- د. عصام عبد الوهاب البرزنجي : مجلس شورى الدولة وميلاد القضاء الإداري العراقي ، مجلة العلوم القانونية ، المجلد (9) ، العدد (1-2) ، جامعة بغداد ، 1990 ، ص154 .

28- فارس عبد الرحيم حاتم : حدود رقابة القضاء الإداري على القرارات التي لها قوة القانون ، رسالة ماجستير ، جامعة بابل ، كلية القانون ، 2003  ، ص180 .

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .