أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-10-2015
14929
التاريخ: 2023-11-26
1031
التاريخ: 2023-05-04
1078
التاريخ: 2023-06-28
1255
|
بداية فإن طريقة تعديل الدستور تختلف حسب اختلاف الدساتير، بمعنى أن كل أنواع الدساتير المعروفة لا تعدل بنفس الطريقة، إذ لا يوجد طريقة واحدة لتعديل الدستور معترف بها عالميا في كل الأنظمة الدستورية مهما كان نوع الدستور، وانما تتبع طريقة تعديل الدستور نوعه المحدد. توضيحا لذلك، فإن دساتير دول العالم تنقسم إلى أنواع متعددة، لكن يمكن ضبط هذه الأنواع بمعيارين معروفين هما: معيار التدوين (1) ومعيار التعديل. وبصدد المعيار المحدد لتقسيم الدساتير ... ، هو معيار التعديل، وكما هو معلوم أن عملية تعديل الدستور ترتبط بطبيعته، وعليه يمكن التمييز بين الدساتير الجامدة والدساتير المرنة، حيث ترتبط بإجراءات التعديل وليس بموضوعه، وتأخذ شكل مسائل قانونية وتطبيقية بعيدة عن الطابع السياسي، هذا الطابع الذي يرتبط بموضوع التعديل وليس بإجراءاته التقنية.
مسألة تعديل الدستور ترتبط بتحديد السلطة المخولة لذلك، وقبل ذلك ترتبط بطبيعة الدستور نفسه الذي ينص على طريق التعديل، هذه الطبيعة تستتبع تقسيم الدساتير إلى مرنة أولا وأخرى جامدة ثانيا .
أولا: الدساتير المرنة
الدستور المرن هو الذي يتم تعديله بنفس الإجراءات التي تعدل بها القوانين العادية، لهذا فان الدساتير المرنة تأخذ ذات القيمة القانونية المقررة لهذه القوانين. وبذلك تختفي كل تفرقة بين القاعدة الدستورية المرنة والتشريعات العادية، ولا يبقى إلا الاختلاف من الناحية الموضوعية فقط بحكم اختلاف طبيعة الموضوعات التي يتناولها كل منهما.إذ يرى بعض الفقه انه في حالة سكوت الدستور عن أمر تعديله فانه يعدل بذات الإجراءات لتعديل القوانين العادية، ويعتبر من الدساتير المرنة لأن تضمين أحكام خاصة بالتعديل ضمن الدستور، دليل على اختلاف إجراءات التعديل الدستوري عن إجراءات تعديل القوانين العادية (2) . وينتج عن هذا الوضع تمتع السلطة التشريعية بسلطات واختصاصات واسعة في ظل الدستور المرن، إذ أنها تمتلك إجراء ما تراه من تعديلات في أحكام الدستور بواسطة ذات الشروط والأوضاع التي تعدل بها القوانين العادية، فضلا عن قيامها بسن وتعديل التشريعات العادية. ففي ظل سيادة البرلمان، فإن المشرع يستطيع تعديل الدستور أو يتجاهله بمجرد التصويت على قانون يخالف الأحكام الدستورية العرفية، أي أن البرلمان من الناحية النظرية له أن يلغي مثلا النظام البرلماني الإنجليزي بقانون يصدر بنفس الإجراءات التي يصدر بها قانون يتعلق بالصحة أو بالتعليم (3)، هذا ما يضفي على الدستور صفة المرونة نظرا لأنه سهل التعديل من الناحية الإجرائية وسرعة تلاءمه مع الواقع.
ثانيا: الدساتير الجامدة
إن الدستور يوصف بالجمود إذا كانت إجراءات تعديله مغايرة للإجراءات التي يتم عن طريقها تعديل القوانين العادية، ذلك حتى يكون بعيدا عن التغييرات المستمرة ولضمان قدر من الثبات والاستقرار له. هذه الإجراءات المعقدة المختلقة عن مثيلتها في تعديل الدساتير المرنة تبرز من خلال مظاهر الاختلاف في الإجراءات بين القانون العادي والدستور، وأيا ما كانت طبيعة الشروط والاجراءات اللازمة لإجراء التعديل، فإنه يكفي أن تختلف هذه الإجراءات والشروط عن الاجراءات المطبقة في تعديل القوانين العادية ولو اختلاف يسير حتى يتصف الدستور بالجمود (4) . ويمكن إجمال مظاهر الاختلاف بين إجراءات تعديل الدستور واجراءات تعديل القانون العادي، أي الإجراءات التي يتطلبها الدستور الجامد فيما يلي:
أ - من حيث الهيئة التي تملك الحق في التعديل: قد يتطلب الدستور وجوب تعديله من قبل مجلس منتخب خصيصا لغرض التعديل، أو أي هيئة مسماة لهذه العملية، أو يعهد الدستور أمر التعديل للهيئة التشريعية، لكن مع الالتزام بإجراءات أصعب وأعقد من تلك المتبعة لوضع أو تعديل القوانين العادية، كأن يتطلب أغلبية أعلى من الأغلبية المطلوبة للتصويت على القوانين العادية (5).
ب- من حيث الاجراءات التي يتم بها التعديل: قد يشترط الدستور لتعديله مثلا اجتماع مجلس البرلمان في هيئة مؤتمر، أي اقتراح التعديل من طرف الغرفتين المجتمعتين معا، أو اشتراط توافر أغلبية 2/3 او ¾ بدلا من الأغلبية المطلوبة في تعديل القانون العادي، أو إحالة النص المقترح على الاستفتاء الشعبي، هذا الإجراء لا يمكن بأي حال من الأحوال أي نجده في عملية تعديل القوانين العادية. إضافة إلى اشتراط عدم المساس تماما ببعض أحكام الدستور، بحجة أنها تمثل ثوابت الأمة وهذا غير متوفر على مستوى تعديل القانون العادي (6) .
__________________
1- تنقسم الدساتير من حيث التدوين الى دساتير مكتوبة و أخرى غير مكتوبة الأولى تكون اغلب أحكامها الأساسية المتصلة بنظام الحكم مدونة في وثيقة او عدة وثائق ، إذ بدأت حركة التدوين كما اشرنا في الفصل التمهيدي الى الدستور الأمريكي سنة 1787 ، ثم انتشرت في باقي دول العالم ، و يعتبر الدستور المدون كقاعدة هامة أحسن ضمان لتبيان قواعده ومن ثم إلزامية الجميع حكاما ومحكومين، و حول أهمية تدوين الدساتير يقول THOMAS PAYE : الدستور لا يكون الا عندما يكون بوسعنا وضعه في الجيب أي معرفة نصوصه و مضمونه.
- النوع الثاني هو الدساتير الغير المدونة أو العرفية و هي التي لم تدون أحكامها الأساسية في وثيقة معينة ، بل هي عبارة عن مجموعة من الأعراف و السوابق و التفسيرات القضائية الناتجة عن التطور التدريجي للدولة ، و في أمثلة ذلك و هي دساتير قليلة مقارنة مع الدساتير المكتوبة دستور بريطانيا الذي يعتبر المثال التقليدي لذلك.
للمزيد من المعلومات حول أنواع الدساتير من حيث التدوين، راجع، مولود ديدان، - مباحث في القانون الدستوري والنظم السياسية، دار النجاح للكتاب، الطبعة الأولى، 2005، ص ص 59 -65 ؛ يوسف حاشي، النظرية الدستورية، ابن النديم للنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الأولى، 2009 ، ص 129 وبعدها.
-cf, Benoit HAUDRECHY, Droit constitutionnel et institutionts politiques, Ellippse, 2011, p121.
2- اسماعيل الغزال، القانون الدستوري والنظم السياسية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 1982 ، ص 27
-cf, Calorina CEDRA-GUZMAN, Droit constitutionnel et institutions de la 5e republique, Gualino edition, 2015, pp90-95
3-" il y’a des états importants qui sont dotés de constitutions souples : la grande Bretagne , la nouvelle Zélande , qui en 1974 a décidé de ramener 10 constitutions au rang des lois ordinaires , la chine qui depuis 1975reconnait à l’assemblée le droit de modifier sa constitution sans conditions spéciales " ,François LUCHERE, Institutions politiques et droit constitutionnel , édition Delta , L.G. D.J , Paris , 1995 , 86
4- عبد الحميد متولي، القانون الدستوري والأنظمة السياسية، الجزء الأول، دار المعارف، الطبعة الرابعة "منقحة"، القاهرة، 1966 ، ص 45
5- علي يوسف شكر، مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية، الدار الجامعية للطباعة والنشر، القاهرة، 2004 ، ص 56
6- للمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع، راجع، القانون عبد الحميد متولي، القانون الدستوري والأنظمة السياسية، الجزء الأول، دار المعارف، الطبعة الرابعة "منقحة"، القاهرة، 1966 ، ص ص 129- 135 ؛ رمزي طه الشاعر، النظرية العامة القانون الدستوري والنظام الدستوري للجمهورية العربية المتحدة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1970، ص ص 44-59.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|