أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-10-2015
2898
التاريخ: 2023-06-05
989
التاريخ: 2024-08-17
428
التاريخ: 10-5-2022
1830
|
لقد تباينت اراء الفقه الدستوري بشان ظاهرة شخصانية السلطة ويمكن ان نلخص هذه الاراء بما يأتي :
الرأي الأول: شخصانية السلطة ظاهرة طبيعية
يرى أنصار هذا الرأي ان شخصانية السلطة ليس ظاهرة استثنائية بل هي ظاهرة طبيعية موجودة في جميع النظم الدستورية , وان عدم شخصانية السلطة هو الذي يبدو غير طبيعي , بل ان هذه الظاهرة لا تتعارض مع الديمقراطية , لانه من الطبيعي ان يكون وصول الزعماء في الأنظمة الديمقراطية إلى السلطة معتمدا على شعبيتهم وعلى خصائصهم الذاتية(1).
ونجد ان بعض النظم الدستورية تمهد للشخصانية فالنظام الرئاسي الامريكي وطريقة إنتخاب رئيس الجمهورية يؤدي إلى تنصيب رؤساء يتمتعون بالشعبية , والشيء نفسه يقال عن النظام البرلماني الانكليزي حيث تلعب الأحزاب السياسية دورا أساسيا في شخصانية السلطة(2) .
الرأي الثاني: شخصانية السلطة ظاهرة غير طبيعية
ويذهب أنصار هذا الرأي إلى ان السياسة كانت في القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين في اوربا قائمة على فكر , اما اليوم فإنها تعتمد على الاشخاص حيث يقوم كل زعيم بتمثيل دور في مسرح السياسة فبعد ان كانت السلطة مجرد فكرة باردة تحولت اليوم إلى وجه مليء بالحركة اي -أصبحت مجسدة في الاشخاص(3).
لذا فان أنصار هذا الاتجاه ينتقدون هذه الظاهرة ويوضحون مخاطرها بالاتي :
وهنا نتساءل عن تأثير شخصانية السلطة على حقوق الافراد وحرياتهم ؟
نشير إبتداءً إلى ان الحقوق والحريات في النظم المعاصرة تعاني من ازمة حقيقية, وذلك نتيجة القيود الصارمة التي تفرضها السلطة الحاكمة على هذه الحقوق والحريات – مع وجود اختلاف نسبي في مدى صرامة هذه القيود في النظم الدستورية – وعلى ذلك فلا يظهر من الحريات الا ما تجيزه السلطة الحاكمة , وتحت رقابة مباشرة , وذلك بحجة حفظ النظام العام , يضاف إلى ذلك سيطرة اصحاب رؤوس الاموال – في الديمقراطيات الغربية – على النظام الاقتصادي في الدولة واحتكارهم للاعلام والصحافة والسيطرة على الادارات , بل والسيطرة على مصادر القرار السياسي في الدولة وهنا يظهر التناقض بين الديمقراطية وهذه السيطرة (الاحتكار ) . وكذلك الحال في دول العالم الثالث حيث تحتكر وسائل الاعلام من قبل الاقلية الحاكمة وتسخرها لمصلحتها(5) ، وشخصانية السلطة –ولاسيما الإستفتاء الشخصي- يتعارض مع الحقوق السياسية الممنوحة للإنسان بموجب دساتير العالم وبالاخص حق الترشيح والإنتخاب والإستفتاء الشعبي(6) ، وكذلك يتعارض الإستفتاء الشخصي مع مبدا المساواة بين المواطنين , إذ ان مقتضى هذا المبدا ان الشروط المتطلبة إذا توافرت في مجموعة اشخاص وجب اعمال المساواة بينهم لتماثل ظروفهم ومراكزهم القانونية(7) . اما في ظل الإستفتاء الشخصي فلا تداول للسلطة وهو ما يؤدي إلى اهدار مبدأ المساواة لأن من توافرت فيهم شروط الترشيح القانونية لا يمكنهم المنافسة الفعلية والوصول إلى سدَّة الرئاسة , وقد لا يستطيعون الوصول حتى إلى المقاعد البرلمانية , لأن السلطة الحاكمة قد تعمد إلى سن قانون إنتخاب يبعد بعض الأحزاب أو يعمل على تمزيق الدوائر الإنتخابية لصالح بعض الأحزاب أو لاستبعاد المرشحين المستقلين(8) .
اما بالنسبة لتقوية دور السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الدولة والاختصاصات الواسعة التي يتمتع بها فإن افضل طريقة لحماية حقوق المواطنين وحرياتهم من سوء إستخدام السلطة والتعدي على الحقوق والحريات يكمن في ضرورة ايجاد هيأة قضائية مستقلة فعلا لحماية حقوق الافراد وحرياتهم من تعسف السلطة(9) . وبذلك يتضح ان شخصانية السلطة بكافة مظاهره يعمل على تدعيم وتعزيز مركز رئيس الدولة وبذلك تكون الكلمة الاولى والاخيرة له وفي جميع قطاعات الحياة السياسية .
__________________
1- نقلا عن : د. سعاد الشرقاوي : النظم السياسية في العالم المعاصر –تحديات وتحولات-، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2002, د. محمود عاطف البنا: الوسيط في النظم السياسية ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1995 – 1996, ص49-50 .
2- نقلا عن د. سعاد الشرقاوي :المصدر نفسه , ص 124.
3- نقلا عن د. سعاد الشرقاوي :المصدر نفسه , ص125، انور زكار : السلطة
السياسية وشرعيتها http://www.alraaFidmag.com
4- نقلا عن د. سعاد الشرقاوي : المكان نفسه .
5- د. اسماعيل إبراهيم البدوي : دعائم الحكم في الشريعة الاسلامية والنظم الدستورية المعاصرة, القاهرة ,
دار النهضة العربية , 1994 , ص223-224، د. كريم كشاكش : الرأي العام وأثره في نفاذ القاعدة الدستورية ، مجلة أبحاث اليرموك ، المجلد (10) ، العدد (1) ، جامعة اليرموك ، اربد ، 1994, ص106 .
6- وقد جاء في حكم المحكمة الدستورية العليا في مصر عام 1989 بانه ((... الحقوق السياسية المنصوص عليها في المادة (62) من الدستور ... ومن بينها حق الترشيح ... وحق الإنتخاب وابداء الرأي في الإستفتاء اعتبرها الدستور من الحقوق العامة التي حرص الدستور على كفالتها وتمكين المواطنين من ممارستها لضمان اسهامهم في اختيار قياداتهم ... لذا فإنه لا يجوز ان تؤدي القواعد التي يضعها المشروع تنظيما للحقوق العامة ومنها الحقوق السياسية , إلى مصادرتها أو الانتقاص منها ...)) اورده د. ﭽورﭽي شفيق ساري : رقابة التناسب في نطاق الدستوري , القاهرة , دار النهضة العربية , 2000, ص156 .
7- د. محمد علي السالم عياد الحلبي : مبدأ المساواة في الشريعة الاسلامية والقانون الوضعي , ط1 , عمان
, الدار العلمية للنشر والتوزيع 2002 , ص159- وما بعدها ، د. محمد مخادمة : حقوق الإنسان في القانون الدولي , عمان , 2001 , ص313 . وقد جاء في حكم المحكمة الدستورية العليا في مصر لعام 1989 بانه (( ... لا يجوز ان تؤدي القواعد التي يضعها المشرع تنظيما للحقوق العامة ومنها الحقوق السياسية إلى مصادرتها أو الانتقاص منها و يشترط الا تخل القيود ... بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة ... )) اورده د. ﭽورﭽي شفيق ساري : المصدر السابق , ص156 .
8- وقد جاء في حكم للمحكمة الدستورية العليا المصرية عام 1990 بانه (( ... وان كانت للمشرع سلطة تقديرية في اختيار النظام الإنتخابي الملائم للمجتمع فإن هذه السلطة تجد حدها في عدم الخروج على القيود والضوابط التي نص عليها الدستور وعدم المساس بالحريات العامة التي كفلتها نصوصه )) اورده د. ﭽورﭽي شفيق ساري , المصدر نفسه , ص157 ولمزيد من التفاصيل حول سلطة الحكومة القائمة في سن قوانين الإنتخاب لتحقيق مصالحها أو مصالح مرشحيها والاحكام القضائية بهذا الصدد ينظر د. ﭽورﭽي شفيق ساري : النظام الإنتخابي على ضوء احكام المحكمة الدستورية العليا , ط2 , القاهرة , دار النهضة العربية , 2005 , ص171 - وما بعدها .
9- حول دور الرقابة القضائية في حماية الحقوق والحريات ينظر د. هاني سليمان الطعيمات : حقوق الإنسان وحرياته الأساسية , عمان , دار الشروق , 2001 , ص 337-339 , 353-ومابعدها
د. جابر إبراهيم الراوي : حقوق الإنسان وحرياته الأساسية في القانون الدولي والشريعة الاسلامية , ط1, عمان , دار وائل للنشر , 1999 , ص213-215
د. محمود محمد حافظ : الوجيز في القانون الدستوري , ط3 , القاهرة , دار النهضة العربية , 1999 , ص 64- وما بعدها .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|