أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-2-2017
2290
التاريخ: 2023-12-09
831
التاريخ: 2-2-2017
4406
التاريخ: 14-1-2017
1995
|
ترجع خطوط الكتابات القديمة التى سبقت الخط العربي المألوف في شبه الجزيرة العربية، إلى مجموعتين كبيرتين: مجموعة شاعت فيها كتابة المسند، وهي كتابة استخدمتها الدول العربية الجنوبية المتحضرة القديمة، سبأ وقتبان ومعين وحضرموت وأوسان. ثم شاركتها فيها بعض الإمارات والجماعات الشمالية والغربية في شبه الجزيرة العربية وما يتصل بها من جنوب الشام، بعد أن حور كتبتها في أشكال حروفها بما يتفق مع مدى إتقانهم لها وربما بما يناسب مخارج ألفاظهم، تعديلات عفوية أحيانًا وتعديلات مقصودة أحيانًا أخرى. وهكذا خرجوا منها بخطوط إقليمية امتاز منها الخط اللحياني والخط الثمودي والخط الصفوي. ويرى بعض اللغويين أن هذه الخطوط الإقليمية يمكن التمييز فيها أيضًا بين عدة خطوط فرعية محلية اختلفت فيما بينها باختلافات طفيفة.
ثم مجموعة ثانية من الخطوط اعتمدت أساسًا على قواعد الكتابة الآرامية وكتب بها فريق آخر من الدول والإمارات العربية الشمالية والغربية، بعد أن حور كتبتها فيها هم الآخرون تحويرًا قليلًا أو كثيرًا. وأهم هذه الدول هي إدوم والأنباط وتدمر، مع احتمال وجود خطوط أخرى فرعية في داخلها. وأخيرًا اشتق كتبة الحجاز الخط العربي الصريح من الخط النبطي في الأجيال القليلة التى سبقت ظهور الإسلام لا سيما في مكة ويثرب.
وعثر على بعض نصوص هذه الكتابات الشمالية منها والجنوبية منقوشة على سطوح حجرية كبيرة وصغيرة مثل جدران المعابد ومداخل المدن والحصون وسفوح الجبال وقواعد التماثيل وسطوح النصب وكسر الحجر الصغيرة. وعثر عليها منقوشة كذلك على سطوح معدنية كالصحاف وقواعد التماثيل الصغيرة وقطع العملة وما إليها. وربما كانت منقوشة على الأخشاب أيضًا. ولكن ندر حتى الآن ما يحتمل معه أن العرب القدماء كتبوا عليه من ألواح الصلصال التي كتب عليها كتبة الهلال الخصيب، والجلود والرق والعظام وحقاف النخيل التى كتب العرب عليها في صدر الإسلام، أو صحائف البردي التى صنعها وكتب عليها المصريون القدماء ثم تعلم استخدامها منهم بعض الآراميين. ولو أنه ليس من المستبعد أن العرب القدماء في الشمال وفي الجنوب كتبوا على بعض هذه المواد، ولكنها بليت بمرور الزمن نظرًا لطبيعتها الهشة وفعل الأرضة والحشرات فيها.
وفي سياق النصوص المنقوشة يمكن التمييز بين نوعين: نصوص مطولة إلى حد ما نقش الكتبة المهرة حروفها بعناية على جدران المعابد والنصب وواجهات المقابر والمباني الدنيوية الكبيرة أحيانًا، وعلى بعض المصنوعات الثمينة. ثم نصوص أخرى مختصرة أطلق المستشرقون عليها لفظ المخربشات. وقد حزها أو خربش حروفها فى عجلة رجالة عاديون من أهل المدن والقرى لخدمة مطالب حياتهم اليومية، كما حزها وخربش حروفها بعض الكتبة المصاحبين للقوافل على سفوح التلال وجوانب الوديان التى كانوا يمرون بها ويريحون عندها، وسجلوا فيها بعض أسمائهم ودعواتهم بأسماء معبوداتهم، بل وبعض ما عن لهم من خواطر شخصية أيضًا.
كتابة المسند:
ليس ما يمكن تأكيده حتى الآن عن المنطقة أو الدولة التى بدأت فيها كتابة المسند في الأجزاء الجنوبية من شبه الجزيرة العربية. فبينما كان هناك رأي قديم رد ابتداعها إلى دولة معين، نبه رأي آخر إلى دلالة العثور على أقدم صور معروفة لهذه الكتابة في دولة قتبان. ونبه رأي ثالث إلى وضع ظاهر تركز أغلب النصوص المعروفة حتى الآن في دولة سبأ موضع الاعتبار.
ومرة أخرى ليس ما يمكن تأكيده عن العهد الذي ظهرت فيه بداية كتابة المسند في هذه المناطق، وذهب بعض الاحتمال إلى تعيين هذا العهد بأواخر الألف الثاني ق. م. أو أوائل الألف الأول ق. م.، وإن افترضت جاكلين بيرن لها تاريخًا أحدث من هذا بكثير.
وتضمنت كتابة المسند تسعة وعشرين حرفًا جامدًا لم تتأكد أسماؤها القديمة ولا ترتيبها القديم حتى الآن. ولكن تشابهت أصوات ثمانية وعشرين حرفًا جامدًا لم تتأكد أسماؤها القديمة ولا ترتيبها القديم حتى الآن. ولكن تشابهت أصوات ثمانية وعشرين حرفًا منها مع أصوات حروف الهجاء العربية الحالية، وزادت عليه حرفًا واحدًا يسمى (في العبرية) حرف سامك كان ينطق قريبًا من نطق حرف السين على الرغم من وجود سين أخرى عادية في كتاب المسند (وقد وجد حرفان للسين فى الكتابة المصرية القديمة أيضًا). وذلك في مقابل عدم تضمنها حرف لا المركب في الكتابة العربية.
وتتصف كتابة المسند بصفات أخرى بعضها اختصت به. وبعضها اشتركت في مع غيرها من الكتابات السامية القديمة. وكان من ذلك على سبيل المثال:
أولًا: كانت حروفها تخطيطية، وليس صورًا صريحة أو مقاطع صوتية. وقد يدل ذلك على أنه كانت لها أصول أخرى تصويرية لم تكتشف بعد، أو أنها نقلت حروفها ناضجة من كتابة أخرى متطورة هي فيما يغلب على الظن الكتابة الكنعانية المبكرة.
ثانيًا: أن حروفها ظلت تكتب منفصلة غير متصلة. الواحد منها بجوار الآخر، وكان ذلك هو شأن أغلب الكتابات القديمة أيضًا حتى ما قبل الميلاد بقليل.
ثالثًا: لم تتغير أشكال حروف المسند، سواء كتبت في بداية الكلمة أو وسطها أو آخرها. وكانت سطورها الأفقية تكتب عادة من اليمين إلى اليسار. ولكن فردية الحروف، وثبات أشكالها، كل منهما سمح لبعض الكتبة ببداية السطور من اليسار أحيانًا. وقد يخالف الكتاب بين بدايتي سطرين متتاليين فيبدأ أولهما من اليمين ويبدأ الثاني من اليسار، إما لإظهار المهارة ورغبة التغيير، أو للتعمية على القارئ العادي في النصوص اللغوية.
رابعًا: كانت كل كلمة فيها تنفصل عن الأخرى في سطرها الأفقي بخط قائم، دون ترك مسافة مقصودة بين كلمة وأخرى إلا في القليل النادر وذلك مع إلحاق حرف الوصل بأول الكلمة المتصل بها.
خامسًا: أنها لم تتضمن حروفًا لينة أو حروف حركة ولم تسجل تشكيل الحروف، شأنها في ذلك شأن أغلب الكتابات السامية القديمة، وإن لم يمنع هذا من ترجيح استعمال الحروف اللينة في لغتها المنطوقة ووجود قواعد شفهية لنطق كلماتها مشكلة.
سادسًا: أنها لم تأخذ بالحروف المنقوطة، واكتفت بتغيير أشكال حروفها المتقاربة بعضها من بعض.
سابعًا: أنها عبرت أحيانًا عن التعريف والتنوين بإضافة نون أخيرة في نهاية الاسم، كما عبرت أحيانًا عن التنكير بإضافة حرف ميم أخيرة في نهاية الاسم، وذلك بما يتفق مع لهجة أهلها.
ثامنًا: أنها نسبت أغلب أفعالها إلى ضمير الغائب، على الرغم من معرفة لغتها بضمائر المتكلم والمخاطب في الإفراد والجمع والتذكير والتأنيث.
تاسعًا: أنها اكتفت في أغلب أحوالها بكتابة أصول الأفعال، وتركت للقارئ أن يستنتج صيغ هذه الأفعال من سياق النصوص، فيما خلا التعبير عن صيغة المستقبل بإضافة حرف السين أو حرف الهاء في بدايتها، بما يتفق مع لهجة أصحابها.
عاشرًا: أنها عبرت عن التشديد أحيانًا بتكرار الحرف المراد تشديده، ولم تتضمن ما يعبر صراحة عن صيغة الاستفهام وما يشبهها.
وتعددت آراء اللغويين في تعليل تسمية كتابة المسند وأقرب هذه الآراء إلى الاحتمال رأين وهما:
أولًا: أن العرب الجنوبيين كانوا يستخدمون كلمة مسند بمعنى الكتابة على الإطلاق. ويزكي هذا الفرض أن بعض الأوامر الملكية القديمة كانت تبدأ عندهم بعبارة: سطرو ذن مسندن، اى: سطروا أو أكتبوا هذه الكتابة.
ثانيًا: أن الفواصل القائمة بين كل كلمة وأخرى في هذه الكتابة، قد أوحت إلى أهلها، أو أوحت إلى المؤرخين المسلمين، بتسمية خطهم باسم الخط المسند، على اعتبار أن كل كلمة فيه تكاد تستند على الخط القائم الذي يسبقها والخط القائم الذي يليها.
أن بعض الدول والجماعات العربية الشمالية كتبت بالخط المسند ، وأهمها دولة ددان أو لحيان التى قامت حاضراتها في واحة العلا الحالية. وكانت حروفها أقرب الحروف الشمالية شبهًا بحروف المسند الجنوبية، مع تعديلات طفيفة فيها. ثم جماعات الثموديين الذين تعددت مناطقهم في شمال الحجاز وشمال نجد وغيرهما من مناطق شبه الجزيرة وخارجها، وقد كتبوا نصوصهم الرأسية بخط تقيدوا فيه بأشكال حروف المسند التقليدية في النصوص الرئيسية، وخط آخر اشتقوا أشكال حروفه من أشكال المسند أيضًا ولكنهم حوروا فيها تحويرًا ملحوظًا وغالبًا ما استخدموه في النصوص الموجزة والمخربشات. أما المنطقة الثالثة التى أخذت بكتابة المسند فقد انتشرت نصوصها أساسًا بين جبل سيس شرقي دمشق وبين قلعة الزرقا إلى الشمال الشرقي من عمان (وعلى سفوح جبل حوران إلى الجنوب الشرقي من دمشق). وسميت كتابتها اصطلاحًا باسم الكتابة الصفوية، مع أن أقدم نصوصها وجدت في الحرة وليس في الصفا، ولكن كثرة الحرار واتقاء اللبس بينها دعيا إلى نسبتها تجاوزًا إلى الصفا. وقد حور كتبتها في رسم حروفها عن حروف المسند أكثر مما فعل غيرهم.
ولم ينتشر الخط المسند القديم في هذه المناطق العربية وحدها، وإنما وجد سبيله كذلك إلى منطقة أكسوم الحبشية حيث كتب به الجعزيون (وهم الأحرار من نصوصهم بين اللغة الأفريقية المحلية وبين اللغة العربية الجنوبية. ويرى بعض اللغويين أن تسميات الحروف وترتيبها فيما احتفظت به الأبجدية الحبشية قد تلقى ضوءًا على تسميات وترتيب الحروف في الجنوب العربي القديم نظرًا للصلات المكانية والبشرية والحضارية بين الجانبين.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|