المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6689 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
النقل البحري
2024-11-06
النظام الإقليمي العربي
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية
2024-11-06
تقييم الموارد المائية في الوطن العربي
2024-11-06
تقسيم الامطار في الوطن العربي
2024-11-06
تربية الماشية في الهند
2024-11-06

معنى التوحيد في القرآن
23-09-2014
زواج ذو اليزن من قمرية.
2024-01-18
هل للحشرات حلمات حس ذوقية كما في الانسان؟
12-2-2021
طرق ووسائل انتقال الامراض النباتية
3-7-2016
مدينة أور.
2023-07-24
تفسير الاية ( 267-268) من سورة البقرة
11-5-2017


الحالة الاقتصادية للعرب قبل الاسلام  
  
31696   09:44 صباحاً   التاريخ: 7-11-2016
المؤلف : محمود عرفة محمود
الكتاب أو المصدر : العرب قبل الاسلام و احوالهم السياسية والدينية واهم مظاهر حضارتهم
الجزء والصفحة : ص217-243
القسم : التاريخ / احوال العرب قبل الاسلام / عرب قبل الاسلام /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-15 370
التاريخ: 8-2-2021 2015
التاريخ: 2-2-2021 1832
التاريخ: 27-2-2021 2502

1- الثروة الزراعية:

كانت الحالة الاقتصادية في الجزيرة العربية متعددة الجوانب، فبينما اشتهرت بعض جهاتها بالنشاط التجاري، اختصت أماكن أخرى بالصناعات والصناعات الحرفية، وفضلا عن ذلك قامت زراعة متقدمة في المناطق الخصيبة من بلاد العرب.

ترجع أهمية الزراعة الى انها توفر حاجة الانسان من الغذاء وتؤمن له المعاش وتمده بالثروة الصافية الخالدة(1). وقد أشار القران الكريم الى هذا العنصر الاقتصادي الرفيع فوصفه بالجنات، قال تبارك وتعالى: { وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [الأنعام: 99] (2) وجه اهل يثرب والطائف وبلاد اليمن عنايتهم الى تنمية موارد الثروة الزراعية في بلادهم، فنشطوا في حفر الترع والقنوات وإقامة السدود والقناطر، وقد نالت الأراضي الواقعة في جنوب الجزيرة العربية وفي شرقيها حظا وافرا من العناية، فامتدت بها شبكة واسعة الناق من الترع فتحسنت زراعتها، كما ان أقاليم اليمامة ونجد عمرت بالقرى والضياع، وقد ساعد على قيام زراعة جيدة في بلادهم، طيب الهواء وصفاء الفضاء وتدفق الماء، فازدهرت الزراعة والعمارة(3). كما ان اختلاف المدرجات في الجبال اليمنية وتباين درجات الحرار تبعا لذلك قد أدى الى تنوع الغلات الزراعية في هذه المنطقة الخصيبة التي كانت تتمتع بوفرة المياه ودوامها طوال العام(4) وذلك بعد ان اقام أهلها السدود، وحفروا الابار للاستفادة منها في السقي وفي الزراعة(5) وبذلك تمكن اهل اليمن من زراعة الأراضي مرتين في السنة في الخريف والصيف، وكانت الذرة تزرع مرة فاذا ظهر نباتها واينع حصد، وتستخلف في كثير من المواضع فتحصد مرة أخرى(6).

تعددت نظم الزراعة عند العرب قبل الإسلام، فكان هناك نظام المحاقلة وهي في الزرع كالمزابنة في التمر وذلك بان يبيع الرجل الزرع بمائة فرق حنطة(7). ونظام المساقاة، وذلك بان يتفق مالك الأرض ذات النخيل او الاعناب مع الفلاح لسقي الزرع وعلاجه ولقاحه مقابل جزء من الناتج(8). ونظام المخابرة وذلك بالاتفاق بين المالك والزارع على اقتسام الزرع بنسب متفق عليها، المالك مقابل ارضه والفلاح نظير جهده وتكاليف الإنتاج(9) ونظام المزارعة التي كانت تشبه المخابرة، وذلك بزراعة الأرض نظير نسبة معينة من ثمارها(10). كما كان هناك نظام الخراج، الذي كان يفرضه المنتصر على المنهزمين من ملاك الأرض، يتضح ذلك من قول حرقة بنت النعمان ابن المنذر لسعد بن ابي وقاص، امير القادسية حين وفدت عليه، قالت: ((كنا ملوك هذا المصر يجبى لنا خراجه ويطيعنا اهله))(11).

كانت الالات المستخدمة في الزراعة على أنواع مختلفة فمنها، المحفار او المسحاة مما يحفر به، والمخدة وهي حديدة تخذ بها الأرض، والمجرفة، والملطس وهي عبارة عن معاول قوية غليظة، والصوقر والصاقور وهو فاس عظيمة لها راس واحد دقيق، والخنزرة والمقراع(12)، ومنها أيضا المعزقة والجوار والاكار وهو الحراث. ومنها المالق والمملقة لنثر الحب وهي خشبة عريضة تجرها الثيران. كذلك استعملت الالات لقطع سوق الزرع وتهشيمه وتهثيم السنبل وكان يجرها الثيران ويجلس عليها شخص ليثقلها وهي مثل العجلة يقال لها ((الحيلان)) وهي الة من خشب لها محالتان. وكذلك كان هناك المقحفة وهي الخشبة المتقفعة التي يقحف بها الحب. والمذرة للتذرية والنفية وهي شبه طبق من خوص ينقي به الطعام(13).

ابرز المدن العربية وصفاتها

اليمن:

تعد اليمن من اهم المناطق الزراعية في الجزيرة العربية لهبوب الرياح الموسمية التي تحمل الامطار الغزيرة عليها(14)، فضلا عن كثرة الاودية والابار، فمنها وادي خبش ووادي المنبج الذي يتفرع من جبال نهم، ووادي الخارد في الجهة الجنوبية الغربية والوادي الثالث الذي يتفرع من جولان شرقي(15). والى جانب ذلك استفاد اليمنيون من كثرة الامطار بإقامة السدود، التي كان من اشهرها سد مارب، وسد الخانق وسد ريعان وسد سيان، وسد جبرة. وبلغ عدد السدود نحو ثمانين سدا(16). جعلت من اليمن بقعة خضراء غنية بالحاصلات الزراعية، ففي صنعاء ساعد البرد على انتاج الفاكهة من العنب الملاحي والدوالي والاشهب والدريج، والرمان الحلو والحامض، والممزوج والملبس والسفرجل والاجاص والمشمش، والتفاح الحلو والحامض والممزوج، والخوخ الحميري والفارسي والهندي، مما كان يجلب شجره من جهات زراعته الاصلية، وكذلك كانت تنتج البقول والحبوب(17). واشتهرت نجران بإنتاج سكر القشور والقنب والمدبس واخشاب العقاقير، واللبان والورس فضلا عن القرظ(18). والى جانب ذلك كانت نجران مركزا للثروة الحيوانية الناشئة عن كثرة المراعي(19).

سبأ:

كانت سبا ارضا خصيبة من اغنى أراضي اليمن واثراها وأكثرها جنانا وافسحها مروجا، وبها الأنهار والازهار وقد وصفت جناتها بان الراكب والمار كانا يسيران في تلك البلاد من أولها الى اخرها لا تواجهه شمس لاستئثار ارضها بالعمارة الشجرية. وكان أهلها في عيش طيب ورغد كثير، فقد كانت المياه هي اكثر ما يرد الى ارض سبا وكانت تظهر من مخراق من الحجر الصلد والحديد من خلال السدود والجبال، طول المخراق فرسخ، وكان وراء السد انهار عظام(4). واهم المنتجات الشعير والقمح والذرة، فكانت هذه البلاد مخزنا عظيما للغلال، فضلا عن النخيل الذي كان يروي من ماء السيول، وأنواع الفاكهة المتنوعة.

اما تبالة في شمال اليمن فكان يضرب بها المثل في الخصب وقد اشتهرت بواد عظيم هو وادي تبالة وكانت تنتج مختلف الثمار صيفا وشتاء. قال الشاعر(20):

سقي الصفرات العفر حول تبالة

الى رحب بالرشم غيث مطبق

وكذلك اشتهرت اثافت بزراعة الكروم، وكانت على مسيرة يومين من صنعاء، بينما كانت المهرة تزرع البطيخ والقصب والذرة، وكانت تعرف بانها غنية بالأغنام، واللبان والبخور والمر.

استغل اليمنيون الجبال المدرجة في بلادهم في زراعة الكروم، فصارت تبدو سلالم مكسوة بالخضرة البديعة وكانت المدرجات عبارة عن شريط ضيق يمتد على جوانب التلال والوديان والجبال، والى جانب الكروم قاموا بزراعة مختلف أنواع الزروع الصيفية والشتوية تبعا لارتفاع الجبال والتلال(21).

حضر موت:

لما كانت حضرموت منخفضة تتخللها الوديان، فقامت في وسطها منطقة زراعية تميزت بإنتاج التمور والسمسم والذرة والفاكهة كما انتجت التمور من المناطق قليلة الماء في الأجزاء الغربية والساحلية منها، وكانت اهم اودية حضرموت وادي المسيلة، وواحة شيبام(22)، واهم حاصلاتها البلح واللبان والدخن والعسل وغيرها من منتجاتهم الزراعية(23).

المدن الشمالية للجزيرة العربية:

اشتهرت المناطق الشمالية من الجزيرة العربية بانها ارض صحراوية تندر فيها المياه وبخاصة في بادية الحجاز ونجد، لذلك كان اشهر غلاتها النخيل لانها تنمو في الطقس الحار، وفي ظلاله تنمو بعض البقول غير ان بعض المدن التي قامت في هذه المنطقة تمتعت بالعيون والابار التي تجري فيها المياه، فصارت ارضا خصبة لمختلف الثمار واشتهرت بالحدائق والخضرة اليانعة. يثرب:

ففي يثرب كان هناك بئر اليسيرة وبئر رومة وبئر اريس(24)، وبئر جمل، وبئر بضاعة، وبئر ابي أيوب، وبئر ابي الهيثم بن النبهان(25)، وبئر الغربال، وبئر جديلة، وبئر القلعجية(26). وكان لكثرة الابار والعيون في يثرب ان اشتغل أهلها بالزراعة. ومن اشهر حاصلات يثرب الزراعية التمر والشعير فضلا عن القمح والعنب والرمان والليمون والقاوون، والبقول وبعض الخضروات كالقرع والبصل والثوم والقثاء(27)، كما اشتهرت يثرب بكثرة حدائقها واشجارها ومن أهمها، حديقة جابر بن عبد الله وحائط بن النجار وحائط الشوط والمخراف لسعد بن عبادة وحائط ابي سعيد الخدري(28). وفي المنطقة الجنوبية الغربية من يثرب عاش البدو على المراعي التي اتخذت حمى لخيل المسلمين فيما بعد، وكانت تقع فيما بين يثرب وينبع فضلا عن مراعي كلاب من اعمال يثرب(29). وحول يثرب كانت تزرع البساتين والمتنزهات ومنها حديقة حاجر والنقا(30). وكانت الخليفة من ضواحي يثرب بها زروع ونخيل وقصور لقوم من ال الزبير(31).

تيماء:

لما كانت تيماء تقع قرب تبوك في واد كثير المياه صارت بلدة زراعية فضلا عن كونها مركزا تجاريا على طرق القوافل القادمة من الجنوب، وكانت البويلة الواقعة بين تيماء والحديبية من القرى الزراعية أيضا، كما وصفت خيبر بانها كثيرة الزروع ومنها اوديتها، خاص(32).

تهامة:

تقع في تهامة كثير من المدن والقرى والاودية التي يعيش أهلها على ما تنتجه ارضها من الزروع والنخيل، كما كان بنو مدلج يملكون نخلا وارضا يزرعونها في العشيرة، من بطن ينبع. عسير:

اما عسير فكانت عبارة عن هضبة شمالي اليمن تتاخم تهامة، وقد استغل أهلها الامطار التي تسقط على مرتفعاتها في الزراعة في السفوح واشتهرت بإنتاج الحبوب والنخيل والموز والكروم فضلا عن استغلال مراعيها في تغذية الماشية. وتنقسم المناطق الزراعية في عسير الى وادي بيشة ويزرع فيه النخيل والحبب، ووادي نجران وبه عين الحصين ويزرع به الفواكه وقصب السكر والنخيل، وابها واهم حاصلاتها العنب والتين والخوخ والرمان، وصبيا ويزرع فيها الحبوب(33).

اليمامة:

كانت اليمامة من المناطق الزراعية ايضا في الجزيرة العربية وقد وصفها الهمداني بانها ذات حصون كثيرة وابار عذبة ونخيل وزروع، وكانت تشتهر بأنواع مختلفة من التمور والحنطة، وقد افتخر اليمانيون بذلك في قولهم: ((ليس في الدنيا احسن الوانا من نسائنا، ولا اطيب طعاما من حنطتنا ولا اشد حلاوة من تمرنا، ولا اطيب مضغة من لحمنا ولا اعذب من مائنا))(34).

على الرغم من ان نجد كانت هضبة مرتفعة، الا ان كثرة الاودية بها أدت الى قيام الواحات التي اشتغل أهلها بالإنتاج الزراعي وتربية الحيوان(35)، فقامت الدرعية على وادي حنيفة، وبريدة وعنيزة على وادي الرمة. كما كثرت بها المراعي لوفرة الأعشاب والنباتات التي ذكر منها الهمداني سبعا وسبعين صنفا(36)، وفضلا عن ذلك كان يزرع بها القمح والذرة والتمر.

المحاصيل الزراعية في الجزيرة العربية :

تنوعت الحاصلات الزراعية في الجزيرة العربية فكان لكل منطقة في انحاء الجزيرة أنواع من الحبوب والفواكه والتمور اشتهرت بها، وذلك تبعا لموضوع المنطقة وخصوبتها ومناخها على مدار العام.

ومن اشهر الحاصلات الزراعية في الجزيرة العربية الحنطة، وتزرع في جهات مختلفة منها، اليمن واليمامة ويثرب، وهذا المحصول كان يسد حاجة السكان من الغذاء وفي بعض الأحيان كان يستورد الدقيق من الشام والعراق الى الانحاء التي تقل فيها زراعة الحبوب. والحنطة هي لفظة شمالية بينما عرف باسم البر في اليمن وذكر ابن المجاور ان الحنطة كانت تزرع مرة كل ستة اشهر(37). وكانت منطقة البادية مركزا هاما لزراعة الشعير ويصنع منه خبز اكثر الاعراب والفقراء، وكان يزرع منه الشعير العربي وهو ابيض وسنبله حرفان عريض وحبه كبار، والشعير الحبشي وهو اسود الحب والسنبل، وكان يباع في سوق بني قينقاع بيثرب. وكان الشعير يزرع بخاصة تحت النخيل(38). اما الذرة فتكثر زراعتها في جنوب جزيرة العرب وكانت تستعمل في عمل الخبز أيضا، وخبزها يعرف بالطهف. وكان هناك الى جانب هذه الأنواع من الحبوب العلس وهو حبة سوداء، اذا اجدبوا طحنوها واكلوها والبعثة وهو حب اخضر يؤكل مخبوزا او مطبوخا، فضلا عن السلت وهو حب بين الشعير والبر، وهو شعير لا قشر له اجرد(39).

اشتهرت مواضع متعددة من جزيرة العرب بإنتاج الكروم وهي اليمن والطائف(40). وذلك لوفرة المياه وطيب المناخ المناسب لزراعته، وكانوا ينتجون من فائض الاعناب الزبيب والنبيذ ومنه الغربيب، الذي كان يعد من اجود العنب وارقه واشده سوادا. ومن أنواع العنب الأخرى، الجرشي وهو منسوب الى جرش في اليمن، والعنب التبوكي نسبة الى تبوك، والعنب الكلافي نسبة الى كلاف وهي بلدة في اليمن، والعنب التربي نسبة الى تربة. واما اعناب الطائف فمنها الحنان والكشمش والرمادي وكان اسود اغبر، وكانت زراعة الكروم تدر أرباحا طائلة وبخاصة بعد عصرها في ((موهتين)) وهي المعصرة وتحويلها الى نبيذ، وكانت المعاصر تتالف من حجارة قطعت من الصخر، ويوضع العنب في ثقب بالحجر الأعلى وبإدارته يجري العصير الى الموضع الذي يسيل منه الى وعاء اخر يودع فيه العصير(41).

ومن الفواكه التي عرفت في جزيرة العرب الرمان وكان يزرع في الحجاز وفي اليمن وقد ورد ذكره في القران الكريم في قوله تعالى: (وجنات من اعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه)(42). ومن أنواع الرمان، رمان شحم ورمان مظ، والجشب وهو قشور الرمان عند اهل اليمن وكانت الوهط وهي قرية بالطائف تشتهر بزراعة الأشجار والفواكه وكانت تمون الطائف ومكة بأنواع الفواكه المختلفة وكانت غنية بالكروم وشجر التوت(43).

كذلك اشتهر الحجاز بجودة ما يزرع به من التين ومنه الجلداسي وهو تين اسود ليس بالحالك، والقلاري وهو ابيض متوسط، والطبار وهو كبير الحجم والفيلحاني أيضا، وهناك تين وحشي وكان ينبت في الجبال وشواطئ الاودية وهو اصغر أنواع التين. وقد ذكر التين في القران الكريم في قوله تعالى {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [التين: 1 - 3] (44). ولما سئل ابن عباس عن التين والزيتون. قال: ((تينكم هذا وزيتونكم هذا))(45).

ومن الحاصلات الزراعية البقول، فمنها الفول واللوبياء والباقلاء والعدس وكان يعرف بالعلس والبلس، والى جانب ذلك كان هناك السلق وهو نبت له ورق طوال يجعلون فيه حبات من شعير ويطبخونه، والقثاء والثوم والبصل واليقطين، وهو ما لا ساق له من النبات مثل القرع، والبطيخ والحنظل، وقد ذكرت أسماء عدد من الحاصلات الزراعية التي كانت تنمو نموا طبيعيا فمنها، الشوحط، والقرظ، والرنف، والعرعر والظيان والبشام والعشرق والدلب والشبهان والسدر(46)، والسدر من الأشجار المعروفة في جزيرة العرب واستعمل ورقه في مقام الصابون كما استعملت اغصانه واشجاره في أغراض مختلفة، وهو يتحمل قلة الماء لعمق جذوره في باطن الأرض. وتنبت أشجار السلم والسمر والطلح والوهط والسرح في الجبال ويستفاد من احطابها واخشابها في اعمال البناء وغيرها.

اما جل حاصلات العرب الزراعية فكان التمر، الذي كان يعتمد عليه اهل الجزيرة العربية في حياتهم ومعايشهم فكانوا يأكلون ثمار النخيل.

وستخدمون جذوعها في اعمال البناء، والشوك والكرانيف للوقود، ويرضخون نوى التمر ويجعلون منه علفا لابلهم(47). وقد انتشر النخيل في ارجاء الجزيرة لانه يتحمل الصبر على العطش، وتكثر غابات النخيل في وادي حضرموت وواحات الاحساء والقصيم ووادي حنيفة وسهول الباضة في عمان وسهول تهامة(48)، فضلا عن منطقة نجران التي كانت تشتهر بزراعة النخيل(49) وكان لكثرة أنواع التمر المنتج في جزيرة العرب ان وصفه الشافعي بقوله ((ثمار الحجاز كلها تمر او زبيب))(50) وقد ذكر نحو خمسين صنفا من أنواع التمر الجيدة. فمنها الرانج وهو التمر الاملس والكبيس والجنيب، والبلعق والتي والجذامي، والسنة والفرض تمر عمان، والصفري والخضرية والاطرق وهو نخل الحجاز، والباهين نخل هجر(51).

نظرت الشعوب السامية الى النخلة نظرة خاصة واعتبرتها من الأشجار المقدسة وتبركت بأكل تمرها وبخاصة في الأعياد الدينية(52)، فضلا عن استخدام لحاء النخيل في صنع الحبال، وسعفه في نسج الحصير، كما كان يستخرج الخل من التمر، والخل هو ما حمض من الخمر وكان يطلق على مزارع النخيل لفظ الصور والحائش وهي جماع النخل، والعقدة، الجماعة من النخل وكذلك الشرب، ومما يدل على الاهتمام بالنخيل وثماره ان زراعيه قد لاحظوا الافات التي قد تصيبه بالأذى، وقد أوردها الكتاب في مواضع عديدة من مؤلفاتهم فمنها، الدمان ويقع على التمر فيفسد ويتعفن قبل اداركه والمراض يصيب النخل، والقشام وهو ان ينتفض تمر النخل قبل ان يصير بلحا(53). ومن ناحية أخرى أورد ابن سيده أسماء الافات التي كانت تصيب الزروع، بصفة عامة فمنها البثق والغمل والخناس والشفران واليرقان والسوس والقادح والنخر، فضلا عن الأرض وهو تسلط الارضة على الشجرة فتجوفها وتسوسها. والقادحة وهي دودة تاكل الشجر(54).

كانت جزيرة العرب تكثر بها المراعي، التي انقسمت الى مراع عامة وأخرى خاصة، والعامة هي التي لا تدخل في ملك احد، اما الخاصة فهي ما تكون ملكا لأسرة او قبيلة او تدخل في منطقة حمي احدى القبائل وترجع أهمية المراعي الى ارتباط حياة الابل والانعام بها، والماشية هي عماد ثروة العربي وبخاصة ف البادية. وكان لقلة الامطار وندرة المياه في بعض جهات الجزيرة العربية ان قصر زمن الرعي ولذلك قامت الحروب بين القبائل حول الماء والكلأ وهي المراعي، بل ان الاعراب كانوا يضطرون الى الانتقال والارتحال كلما حدث جفاف كانوا يتجهون نحو بلاد الشام والعراق للرعي والاكتيال مما أدى الى اصطدامهم بحكام هذه المناطق، فبنيت المسالح ووضعت الحرس لمنعهم من التوغل في بلادهم(55).

كان نظام الري يختلف في كل إقليم من أقاليم الجزيرة العربية عن الاخر، ففي اليمن وجنوبي الجزيرة تحمل الرياح الامطار في مواسم معروفة فيتم خزن مياهها في أماكن جعلت لها أبوابها ومنافذ وسدود للاستفادة منها وقت الحادة وقد ساعدت مياه الامطار اهل اليمن في تطوير حياتهم الاجتماعية فمال كثير منهم الى الاستقرار والاشتغال بالزراعة والتعيش منها حتى عرفت باليمن الخضراء.

ترجع مهارة العرب في جنوب الجزيرة العربية في استخدام السدود للاستفادة من مياه الامطار الى زمن بعيد، فكان هناك سد مارب الشهير وخزانات المياه في منطقة عدن، وقد عثر على اثار سدود في انحاء أخرى من الجزيرة في المواضع التي تنهمر عليها الامطار وعثر المستشرقون، الذين زاروا خرائب اليمن، ودرسوا اثار السدود على حرات كثيرة تتخل جانبي السد، وهي عبارة عن فتحات مستديرة تختلف اقطار فتحاتها بحسب كميات المياه المراد امرارها منها الى القنوات، والحرة هي مجرى ماء يتخذ لمرور الماء فيه الى الحقول والبساتين. وقد اشادوا بمقدرة ومهارة الذين قاموا بتشييد السدود وبنبوغهم الفني بالرغم من بدائية الأساليب التي استعملت في ذلك الزمن(56). يعد سد مارب من اهم السدود التي أقيمت في الجزيرة العربية، وقد بني من اجل السيطرة على مياه الامطار والسيول التي تتدفق منها لوقاية الزروع والاحتفاظ بالماء والاستفادة منه في ارواء مناطق واسعة، وعلى الرغم من ان العلماء اتفقوا على انه شيد قبل الميلاد، الا ان الإصلاحات أدخلت عليه في ازمنة مختلفة، فقد رمم في عهد الملك شمر يرعش، وتم اصلاحه في عهد شرحبيل يعفر في منتصف القرن الخامس الميلادي، بينما كانت اخر الإصلاحات التي سجلت عليه اصلاح ابرهة له سنة 542م(57).

كانت السدود تقام في الجهة الضيقة التي يسيل منها الماء الى المجاري، وتفتح في السد فتحات وابواب تفتح وتغلق حسب الحادة لمرور الماء منها الى المساويل المتصلة بها لإرواء المزارع، وكان يستخدم في بناء السد والحواجز حجارة صخرية ترص بعضها فوق بعض وتمسك بمادة ربط قد تكون من الرصاص والنحاس او الملاط لتتحمل ضغط الماء عليها فلا تنهار او يتسرب الماء من خلالها فتهوي(58)، واستخدم لفظ سكر وسكر الأنهار للتعبير عن سد الماء وحبسه عند اهله الحجاز، وذلك لضبط الماء فلا يتسرب الى المكان فيغرقه، او الحبس للماء للاستفادة منه في الاستقاء(59)، وذلك انهم اقاموا سدودا للاستفادة أيضا من مياه الامطار.

اما الأقسام الشرقية والوسطى من الجزيرة فاعتمدت على العيون والابار في الري، وذلك لطبيعة هذه المناطق الصحراوية بسبب قلة الامطار وندرتها في مواضع أخرى مما أدى الى ارتحال أهلها وتنقلهم الدائم من مكان الى مكان طلبا للماء والكلأ، فصاروا بذلك بدوا رحلا. ومن ناحية أخرى اثرت ندرة الامطار في حياتهم الدينية، فكانوا يجتمعون بعض البقر ويصعدون بها في الجبال الوعرة ويشعلون فيها النار متوسلين الى الالهة ان ترسل عليهم الغيث. والاستمطار بالنار من العادات التي ابطلها الإسلام(60)، وكانوا يستمطرون الالة لان جل اعتماد اهل الجزيرة في الشرب والري على مياه المطر قال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} [الواقعة: 68، 69] (61).

وفي الأماكن المرتفعة من الجزيرة كان سكانها يقومون بجمع ماء المطر والسيطرة عليه وذلك بحفر الصهاريج العميقة في عدة مواضع وفي البيوت وكان للصهاريج فتحات يخرج منها الماء للري والشرب والتطهر، فكان في جدة عدة مئات من الصهاريج، وكان العبيد ينقلون ماءها على الدواب، وقد عثر في حضرموت على صهاريج عديدة وكانت تعرف عندهم باسم ((نقر))(62)، لانها كانت عبارة عن حفر نقرت في الصخور والمواضع الحجرية، واعماقها تتراوح بين ثلاثة امتار الى أربعة(63). ومعناها حفروا نقبا(64).

على الرغم من اعتماد اهل الجزيرة العربية على مياه الامطار بصفة أساسية الا ان الطبيعة قد حبت بلادهم بالنهيرات والاودية والابار في مواضع مختلفة، فمنها نهر الخارد بجنوب الجزيرة، وقد اقام المعينيون حوله واقاموا هناك زراعة متقدمة ولا تزال هذه المنطقة من المناطق الزراعية الجيدة(65). كما كان هناك نهيرات أخرى صغيرة منها مور وسردد وشوابه، وسهام، ورسيان، وزبيد، وهي التي تعرف بالوديان عند اليمنيين، بينما هناك اودية لا يجري فيها الماء الا في مواسم معينة بعد هطول الامطار(66).

ومن الاودية الكبيرة الواقعة بين الحجاز واليمن وادي تباله ورنية وتربة وقد استخدم العرب مياهها في الري وذلك لوجود الماء بها قريبا من سطح الأرض، وكان اهل اليمامة يعتمدون على وادي برك في الري والشرب على السواء(67).

اما الابار فقد استخدمت مياها على نطاق واسع في انحاء عديدة من الجزيرة العربية، ففي الموضع المعروف باسم بريك وجد أربعة الاف بئر تسقي مزارع بني تميم ونخيلهم، وكان يخدم كل بئر منها أربعة من الموالئ ومن ناحية أخرى كان الناس يحفرون الابار في بيوتهم وفي أراضيهم، وكانوا يعتمدون في ذلك على الخدم والسقائين وبخاصة عند جلب المياه من الابار، وكان في حصن الهجوم بئر عظيمة عميقة بها مياه عذبة(68).

تعددت أنواع الابار المكتشفة في بلاد العرب، فمنها الابار الكبيرة ذات المياه الغزيرة التي تسد حاجة سكان مدينة بأكملها، ومنها المتوسطة التي تخدم عدة قبائل وقد تكون ملك اسرة تستغلها او ملك فرد واحد يستفيد منها ويبيع مياهها للناس لإرواء الأرض والمائية. وكانت المياه تستخرج من الابار بالدلاء التي تربط بالحبال الى الاعمدة المثبتة فوق البئر ثم تدلى فتملئ بالماء وتسحب وهي مملوءة به وتفرغ الى الساقية لإرواء المزرعة. وكان الدلو يصنع من الجلد في الغالب(69)، وهذه الطريقة معروفة منذ القدم، وقد أشار اليها القران الكريم في قوله تعالى: {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [يوسف: 19] (70)، وكانت الابار تحمى من الاتربة والادران بإقامة بناء فوقها على هيئة غرفة، ولا يزال الناس يستغلون بعض الابار القديمة للشرب ولري مراعي ماشيتهم، ويتقصرون في استخارج الماء على الدلاء(71).

كانت الابار تنظف من الاتربة والطين والاوساخ المتراكمة بالجبجبة، وهي نوع من الزبيل يصنع من الجلد كما يستخدم الثوج في التنظيف والتنقية من الشوائب والعلائق. وكانت تصنع من الخوص اما الحفص فهو زبيل صغير من ادم(72) وكانت الابار الكبيرة تنظف بنزول الرجال فيها، فيشد الرجل من وسطه بالحبل ويترك طرفه في يد رجل اخر، ويقال لهذا الحبل الجعار، وكانت تترك في جدر الابار أماكن للأقدام ليتمكن الرجل من النزول والصعود بعد أداء مهمته. ومن ناحية أخرى كان يستعان بالثيران والجمال والحمير والبغال في متح الماء بالدلاء من الابار الكبيرة الواسعة لسقي المزارع والبساتين والناس ويشرف على لك العبيد او الفلاحون.

كان لأهمية الابار في حياة العربي ان عنوا بها ودرسوها ووضعوا لها ضوابط، فتنوعت صنوفها، فمنها بئر انشاط التي يخرج منها الطلو بجذبة واحدة وبئر نشوط وهي التي لا تخرج منها الدلو حتى تنشط كثيرا والشطون من الابار هي التي تنزع منها الدلو بحبلين من جانبيها وهي التي يتسع اعلاها ويضيق اسفلها، والبئر المفتوح والنزوع هي التي ينزع منها باليد، والبئر المسبهة هي التي لا يدرك ماؤها، وبئر عقور أي عميقة، وبئر فوهاء واسعة الفم، وبئر رهو أي واسعة الجراب. كما كان هناك الابار الشبكة وهي الابار المتقاربة في ارض كثيرة الابار، والكاظامة هي بئر توصل بأخرى بمجرى في بطن الأرض، والجب هي البئر كثيرة الماء، والجد هي البئر الجيدة الموضع من الكلأ. وكانت الابار تبطن بالجدر لوقاية جوانبها من السقوط وجدرها تبني من الحجارة(73). ومن ناحية أخرى اتخذ النبط وغيرهم من القبائل ابارا لشربهم ولإرواء دوابهم ومراعيهم وجعلوا لها فتحات تسد بالحجارة لإخفائها والمحافظة عليها من الغرباء. وكان البعض يتخذون من الابار المملوكة سبيلا للارتزاق، فكان صاحب بئر رومة، وهو يهودي يبيع الماء منها للناس، ثم يقفل عليها، فلا يستطيع احد اخذ الماء منها، فلما شكا المسلمون ذلك الى الرسول [صلى الله عليه وآله وسلم] قال: ((من يشتريها وينحها للمسلمين ويكون نصيبه كنصيب احدهم، فله الجنة))، فاشتراها عثمان بخمسة وثلاثين الف درهم، فوقفها. وكان اليهودي يبيع كل قربة من الماء بدرهم(74).

ومن نظم الري في الجزيرة العربية استخدام المياه الجوفية التي اكتشفت في مواضع مختلفة، فأقيمت حولها مواطن سكني لإرواء الدواب والزرع منها بئر خم التي حفرها عبد شمس بن عبد مناف، وبئر رم وبئر الغمر لبني سهم وبثار والطوى وسجلة وغيرها من الابار التي وجدت حول مكة(75).

وقصاري القول ان جل اعتماد اهل الجزيرة العربية كان على مياه الامطار في حيات هم ومعايشهم وارواء دوابهم وثروتهم الزراعية. وقد أشار القران الكريم الى هذه الحقيقة الرائعة بقوله تبارك وتعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} [عبس: 24 - 32] (76).

2- الحرف والصناعات:

تعددت الصناعات والحرف التي قامت في الجزيرة العربية تبعا لتوفر الموارد والمواد الأولية اللازمة للصناعة وارباب الحرف. فضلا عن نوعية النشاط السكاني والحياة اليومية.

قامت بعض الصناعات الهامة في المدن التي اعتمد سكانها على النشاط الزراعي فمنها، النسيج والخمور، وارتبط بها صناعة الالات الزراعية كالمحاريث والفؤوس والمناجل، كما عرفت صناعة الحلي والأسلحة طريقها الى الجزيرة العربية. وتطورت حتى بلغت شائنا بعيدا من الدقة. اما المدن الساحلية فقد اهتم سكانها ببناء السفن فضلا عن بعض الحرف والصناعات اللازمة للحياة اليومية. وكانت الصناعات التي قامت في بادية الحجاز بسيطة اعتمدت على الابل والغنم والنخيل فمنها منتجات الالبان ودباغة الجلود، اما الخوص المتخذ من سعف النخيل فكان يصنع منه المقاطف والقفف، وكل ما يلزم لحفظ وتخزين ونقل السلع التي كانوا يعيشون عليها ويتاجرون فيها ومنها يتكسبون.

كان الغزل والنسج من اشهر الصناعات التي انتشرت في بلاد العرب قبل الإسلام، فاشتغل بها البدو والحضر على السواء، ففي بلاد اليمن تقدمت صناعة النسيج لازدهار الزراعة وتوفر المراعي، فكثر الصوف والكتان كما اشتهرت بعض المدن بزراعة القطن وصناعته ومن بينها مجدل وراس العين وحران(77) وكانت اجود أنواع الصوف الخشنة فقال المثل العربي، ((العلوف مولع بالصوف))(78) وكان الصوف يغزل وينسج أيضا يدويا في المنازل على ايدي النساء(79) لصناعة البسط وعمل البشوت(80).

كانت اليمن من مراكز صناعة النسيج في الجزيرة العربية وكانت ريدة وسحيل من قراها التي اشتهرت بصنع الاقمشة الموشاة، والبرد الينية من مواد التجارة الخارجية. وكان لملوك اليمن مصانع للنسيج تسمى ((نعمن ملكين))، وتعني دار النسيج الملكية، وكانت فدك في الشمال من مراكز النسيج التي اشتهرت بصناعة الثياب الفدكية ومن ناحية أخرى عرفت بعض البطون باحتراف النسيج فمنهم بنو يزيد من قضاعة وكانوا يصنعون البرد الجيدة. وفضلا عن ذلك كانت النساء في البادية يقمن بالغزل من خيوط الكتان والصوف وقد ضرب بهن المثل في القران الكريم، قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا} [النحل: 92] (81). وكن يصنعن البرد والاغطية والعباءات والاخفاف وغيرها، وكانت مادتهم الأولية قد وهبتها لهم الطبيعة الربانية فقد امتن الله عليهم بالأنعام واصوافها واوبارها قال تبارك وتعالى: ({وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80] (82).

ارتبطت صناعة أدوات الغزل والنسيج بقيام هذه الصناعة وتطورها فمن الاتها التي كانت تصنع في الجزيرة العربية، الحف وهو المنوال او النسيج، والوشيعة وهي قصبة في طرفها قرن يدخل الغزل في جوفها وتسمى السم. ومنها أيضا الثناية وهي التي يثنى عليها الثوب كلما ازداد طولا اثناء عملية الغزل والنسج. اما الصيصة فهي عود من طرفاء كلما رمي بالسهم كانت اللحمة تقبل بالصيصة وتدبر بها فهي شوكة النساج التي يسوي بها السداد واللحمة قال دريد بن الصمة(83):

فجئت اليه والرماح تنوشه

كوقع الصياصي في النسيج الممدد

كذلك كان هناك النير وهو الخشبة المعترضة التي فيها الغزل، وثوب منير ذو نيرين مضاعف النسيج، والمداد هي عصا في طرفيها صنارتان يمدد بها الثوب المنسوج بينما كانت الصنار هي راس المغزل. والكفة هي الخشبة المعترضة في اسفل السدي. والحماران ويضعان اسفل السدي لرفعها من الأرض. والشفشفة وهي قصب يشق ويوضع في السدي عرضا. والدعائم خشبات تنصب ويمد عليها السدي. واداة الغزل هي المنوال او النول(84).

كانت الصباغة من الصناعات التي حذقها العرب، لارتباطها بالمنسوجات، فكانوا يصبغون منسوجاتهم بالورش والزعفران(85) بعد غزلها وقبل حياكتها ومن الصبغ ما يكون بالصفرة والخضرة والحمرة والسواد(86). وكان الصباغون يستعملون الشقشقة بوضعها في السدي عرضا ليتمكنوا من السقي، وكانوا يصبغون الكتان بالمشق وهو عبارة عن طين احمر، وكانت الصبغة تستخرج من النباتات والزهور فمن ذلك، ان الصباغين كانوا يعصفرون الثياب بمادة تستخرج من القرطم، ويستخرجون اللون الأزرق من الحوار، والاخضر من نبات البرسيم المركز، واللون الأحمر القاني من قشر الرمان.

ومن الصناعات التي اشتهر بها العرب بدورهم وحضرهم دباغة الجلود، فذكر ابن المجاور ان الاديم يدبغ في جميع إقليم اليمن والحجاز، ويباع طاقات بالعدد. واشتهرت مكة في عصر النبي ص وقبله وبعده بدبغ جلود الجمال والبقر والغزلان(87). كما أقيمت في الطائف مدابغ على مجاري المياه، وكانوا يدبغون الادم الثقيل المليح اما في الجنوب فاشتهرت جرش وهي من مخاليف اليمن بهذه الصناعة حتى نسبت اليها فكان يقال ادم جرش(88)، وكان يستعمل القرظ في دباغة الجلود، فيجلب ويطحن بحجر الطواحين، وكان القرظ يجلب من العقيق ويحمل الى مكة لاستعماله في الدباغة وكانت الجلود المدبوغة تستعمل في صنع القرب والدلاء والنعال والخفاف والانطعة فضلا عن الخيام وبيوت البادية قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80] (89).

وكانت الاشفى والمبقر والمسرد والمخصف والمفراط والمجوب من الأدوات التي تستعمل في تصنيع الادم(90).

لا شك ان وفرة الجلود والحصول عليها بيسر كان من الأسباب التي جعلت من دباغة الجلود صناعة شعبية تمارسها جميع الطوائف في المنازل وقد اشترك فيها الرجل والمرأة على السواء(91). ومما يدل على تطور هذه الصناعة اقبال العالم الخارجي على شراء المصنوعات الجلدية العربية بعد ان صارت سلعة هامة من السلع التصديرية(92) يتجلى ذلك ما ذكره ابن هشام(93): ((ان هدية قريش القيمة لنجاشي الحبشة كانت من الجلود المصنعة وغير المصنعة))، التي حملها عمرو بن العاص اليه طالبا رد المسلمين الذين كاوا قد هاجروا الى الحبشة.

كانت الجلود توضع في المرق(94). وهو مكان خاص للدبغ وكان يسمى حينئذ منيئة وبعد جفافه يصبح افيقا، وبعد دلكه بالقرظ يصير اديما(95)، ويكون جاهزا للتصنيع. وعلى الرغم من جودة جلود الضأن ومرونتها الا ان جلود الماعز كانت الأكثر تصنيعا(96)، وذلك فضلا عن جلود الابقار والغزلان والتماسيح والاسماك الضخمة والجمال والخيل والبغال والحمير، وغيرها(97).

كان العرب يدبغون جلودهم بشجر القرظ ونبات الارطى فضلا عن قشور الرمان والطلح ونبات القرنوة وعروق العرين. وكانت بعض الأعشاب تجفف وتطحن ثم تضرب بالماء وتنقع فيه الجلود فتتمرط ويستنقى بقايا الشحوم، ثم تخلط بعشبة حمراء. وكان هناك الجلد المسوم وهو المدبوغ بورق السلم، والمعرشن نسبة الى مادة الدبغ، والغرف وهو المدبوغ بشجر الغرف(98).

استخدمت المصنوعات الجلدية على نطاق واسع لارتباطها بحياة الناس ومعايشهم فكان منها، السروج الخاصة بالخيل والبغال والابل وكافة الدواب تحت الراكب والنطع وهو كالحصير يفرش على الأرض وكان منها ما يصنع من جلود السباع والنمور. كذلك كانت الجلود تستخدم في صنع الشسع وهو ما يربط به النعال، والقراب وهي عبارة عن وعاء يحفظ فيه السيف ونحوه ويعلق في الرحل، والنسع وهو سير عريض تشد به الرحال وسمي نسعا لطوله وهو كالحبل غير انه مصنوع من الجلد(99). وفضلا عن ذلك كان هناك الجلد الأبيض الصنع خصيصا للكتابة عليه(100)، والقفدان وهي خريطة العطار، والنعال باختلاف أنواعها والتي كان اشهرها نعال حضرموت(101).

اهتم العرب باستغلال موارد بلادهم من الثروة المعدنية كالحديد والذهب(102) والفضة فاشتهرت اليمامة ونجد، وانحاء من اليمن بانها أقاليم استخراج الذهب والرصاص، وقد استخدموا الرصاص في صنع أسس الاعمدة وغيرها. وكان الرصاص يعرف بالآنك وهو الرصاص الخالص، والاسرب وهو الرصاص القلعي وهو الشدي البياض. واستخدمت المعادن النفيسة في صنع الحلى وقد اشتهر بنو قينقاع بصناعة الحلي وتخصصوا فيها(103)، فكانوا يصنعون الاساور والخلاخيل(104). والاقرطة والخواتم والفتوخ وهي الدبل والعقود(105)، وغيرها مما يتحلى بها نساء القوم واولادهم. كما استخدم الحديد في صناعة السلاح، واشتهرت يثرب واليمن بهذه الصناعة فكان يصنع منه السيوف والرماح والحراب والسهام وغيرها فضلا عن أدوات الصيد(106). كما استعمل معدن الحديد في عمل الفؤوس والمناجل والمحاريث وغيرها من الأدوات اللازمة للزراعة(107).

كذلك كانت الأحجار النفيسة من بين موارد الثروة التي عنى باستغلالها العرب من اهل الخليج الفارسي في شرق جزيرة العرب وسواحل عمان وكان اللؤلؤ المستخرج من سواحل عمان يعتبر افضل أنواع اللؤلؤ عند اهل الصين، كما كان العقيق يستخرج من بلاد اليمن(108).

استعمل العرب الحلي المستخرجة من البحر بعد تهذيبها وصقلها واعطائها الشكل المرغوب فيه، فكانت الخرز والاصداف المستخرجة من البحر تهذب وتشكل وتثقب قبل النزين بها، واستخدمها الصاغة في تطعيم مشغولاتهم الذهبية والفضية. وقد أشار القران الكريم الى ذلك في قوله تبارك وتعالى: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 14] (109).

كان اللؤلؤ يستخرج من الصدف او المحار، كما عرف المرجان وهو صغار اللؤلؤ واستخدم أيضا في صناعة الحلي والزينة. وذكر اللؤلؤ والمرجان في القران الكريم دليل على وقوف العرب عليهما. قال تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [الرحمن: 19 - 23] (110).

ومن الصناعات الرائجة التي كانت تدر أرباحا كبيرة، صناعة العطور التي اشتهرت بها دارين على الخليج الفارسي، فضلا عن الجنوبية العربية التي كانت تصنع اللاريم، وهو من اذكى العطور رائحة. والطيب كان يصنع من جملة مواد عطرية مع الماء او الدهون فمنه، الذي يرش واخر يدهن به او يمسح به. وعلى الرغم من استخدام الطيب بأنواعه المختلفة لدى العامة والخاصة، الا انه كان هناك طيب مقدس يستخدم في المعابد ويصنع من المر والفرقة العطرة والسليخة وزيت الزيتون مضافا اليه العطر.

كان الطيب المصنع من المواد العطرة على انواع كثيرة فمنها، المسك الذي كان يحفظ في قوارير وهو من اغلى صنوف الطيب، وقد ورد ذكره في القران الكريم في قوله تبارك وتعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26] (111)، والعنبر الذي كان يجلب من شجر عمان وهو من الأنواع النفيسة أيضا(112)، وهو على الوان مختلفة فمنه الاشهب والازرق والاخضر والأبيض، والنضوح، الذي كان ينضح به الثوب ويرش منه على الوجه(113)، ومنه أيضا كست اظفار، وهو ما يتبخر به لرائحته الطيبة(114) والزعفران والورس وكانا يصنعان من نباتات الطيب والمسك من الطيب المعجون، والجلاب وهو ماء الورد، والزرنب(115)، وكان الطيب المصنع مادة غالية وجدت لها سوقا رائجة في ارجاء الجزيرة الداخلية، فاشتهرت ام جميل زوج ابي لهب وهند زوج ابي سفيان بتجارة العطور(116). كما فتحت مجالا طيبا في الأسواق الخارجية. ومن مواد الطيب الثمينة، البخور الذي كان يستعمل على نطاق واسع في المعابد وكان يخصص له محرقة خاصة لتفوح رائحته داخل المعابد، والمبخرة هي المجمر، وتجمر الثياب لتكتسب رائحة طيبة، والتجمير من العادات المعروفة عند العرب في تكريم الضيف والتطيب وبخاصة عند الطبقات الراقية(117).

كانت الخمور من الصناعات الزراعية التي تتخذ من التمر والعنب والبسر والفضيخ والحنطة والشعير والذرة والعسل(118)، والبسر والتمر كانا مادة خمور يثرب التي حذقها اليهود، واليسر ثمر النخيل قبل ان يصبح رطبا(119)، وكان العرب يتفننون في صناعة الخمور، ومن مشاهير صناعها الأعشى وسلام بن مشكم الذي قال فه أبو سفيان.

سقاني قرواني كميتا مدامة

على ظمأ مني سلام بن مشكم(120)

تعددت أنواع الخمور المصنعة في الجزيرة العربية فمنها، الجعة وهو نبيذ الشعير(121)، والجريال وهي الخمر المحمرة أي شديدة الحمرة، والمدر والشكركة وتتخذ من الذرة والشعير، والبتع وهو نوع من النبيذ يصنع من العسل والسكر، وهو نقيع التمر غير المطبوخ. ونقيع الزبيب وهو النيئ من ماء الزبيب المنقوع(122)، والطلاء هي عصير العنب المطبوخ المعتق المصفى، وكان له مذاق خاص عند العرب فقال فيه عبيد بن الابرص(123):

هي الخمر تكنى الطلاء

كما الذئب يكنى أبا جعدة

ارتبطت صناعة الخل بتصنيع الخمر، فكان يتم تحويل الخمر الى خل بإضافة الماء والملح بنسبة محددة، او بإضافة قليل من الخل الى الخمر الازج وغالبا ما يصنع الخل من خمر العنب(124).

ومما يجدر ذكره ان الخمر كان يستورد من بعض الجهات، من الحبشة ومن بلاد الشام التي اشتهرت بخمور الاندرين فضلا عن مدن البحر المتوسط (الروم)، وكانت مفضلة عند علية القوم وكان يتغنى بها الشعراء كما جاء في معلقة عمرو بن كلثوم، الا ان خمور الطائف ويثرب كانت ارخص ثمنا واكثر اقبالا لوفرة العنب والبلح اللازمين لإقامة هذه الصناعة. لم تكن اخشاب الغابات في الجزيرة العربية تمتاز بالمتانة والصلابة اللازمتين لبناء السفن، فكان يستورد خشب الساج(125) من الهند، كما كان يستورد من بلاد الشام وبعض مدن البحر المتوسط (الروم)(126). وكانت السفن تبنى في موانئ الخليج العربي وموانئ اليمن وحضرموت، بعد استيراد الاخشاب اللازمة من الحبشة ومن ميناء بريجازا بالهند(127). وكانت القوارب الصغيرة تصنع من الاخشاب المحلية المتوفرة.

كانت السفن تصنع من سقائف وهي الالواح، وكان اللوح يعرف بالقادس وتثبت السقائف بالطائق، ثم تخرز الواح السفن بالليف ويجعل في خللها القار وهو شيء اسود يطلى به السفن وكان يستعمل الجلفاظ بان يدخل بين مسامير الالواح وخروزها مشاقة الكتان ويمسحه بالقار ثم تسمر السفن بالدسر وهي خيوط من ليف تشد بها الالواح، وقد جاء هذا الوصف في القران الكريم في قوله: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} [القمر: 13] (128). وكان يجعل في السفينة مكان يجتمع فيه الماء الراشح يعرف بجمة السفينة. وكانت الشحوم وبعض الزيوت تستخدم لسد الشقوق والخروق وطلي الاخشاب لمنع تأثرها بالماء وتصنع محليا(129).

لاشك ان ذكر لفظة سفينة في القران الكريم يدل على معرفة العرب قبل الإسلام لها واستعمالها، فقد جاء في قوله تعالى: { أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا } [الكهف: 79] (130)، كا عبر عن السفينة بلفظ الفلك في مواضع عديدة، ومنها قوله تبارك وتعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [يونس: 22] (131)، وتدل الاية الكريمة على استخدام الريح في تسيير السفن، كما جاء ذكر السفن في اقران الكريم بلفظ الجوار قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} [الشورى: 32] (132).

كانت السفن تزود بالأنجر وهو المرساة الذي يتم انزاله في الماء في المرافئ ليستقر على القاع فتثبت السفينة وكان يصنع من الخشب الصلب الثقيل او من الحديد او يتخذ من الحجارة الكبيرة، وكان الانجر يشد بالحبال(133). ومن الالات التي كانت تصنع لتثبت في السفن، القلع والشراع والدقل وهو سهم السفينة وكان عبارة عن خشبة طويلة تشد في وسط السفينة يمد عليه الشراع(134) والقلس وهو حبل ضخم من ليف، والجؤجؤ وهو صدر السفينة والكوثل ذيلها، ومن الأدوات المردى والقيقلان(135) وهي الخشبة التي تدفع بها السفينة والمجداف.

اما أنواع السفن التي كانت تصنع في الجزيرة العربية فهي الفلك والقرقور والجارية والخلية(136) وهي السفن العظيمة، وعدولية وهي سفن كبيرة كانت تصنع في قرية عدولي بالبحرين فنسبت اليها . ما كان هناك الخليج(137) وهي من السفن الكبيرة، وفضلا عن ذلك كانت تصنع مراكب مائية صغيرة فمن أنواعها، الزورق والقارب، والركو والبوصى قال الاعشى(138):

مثل الفراقي اذا ما طمى

يقذف بالبوصي والماهر

قامت في بلاد العرب صناعات اختصت بإنتاج مستلزمات الحياة اليومية، وكان صناعها من ارباب الحرف المختلفة في مجالات متعددة منها النجارة والحياكة ونحت الحجارة وما يستلزم البناء من صناعة.

استخدم العرب أنواعا مختلفة من الحجارة في بناء دورهم، واتخذوا منها الرحى لطحن الحبوب وحجر المسن اللازم لصناعة الاسلحة. وكان المهراس يستخدم في دق الحبوب وهو عبارة عن حجر مستطيل منقور يوضع فيه الماء ويدق فيه الحب وما اشبهه، كما استخدم النصيل في الدق أيضا، وهو حجر طويل قدر الذراع وكانت الحجارة على أنواع تتفاضل بالأجناس والألوان والعظم، فمنها الأخضر والأبيض ومنها الزنبري والسبلاني، ومنها من حيث الكبر ما يحمل البعير منه حجرين فقط، ومنها الصغير وستخدمه اهل البناء والخبرة في الحشو والدواخل(139).

اما صناعة البناء فهي تعد اول صنائع العمل واقدمها قال عنها ابن خلدون: ((هي معرفة العمل في اتخاذ البيوت والمنازل للسكن والمأوى للابدان في المدن وذلك ان الانسان لما جبل عليه من الفكر ف عواقب احواله لابد ان يفكر فيما يدفع عنه الأذى من الحر والبرد كاتخاذ البيوت المكتنفة بالسقف والحيطان من سائر جهاتها. واهل هذه الصناعة القائمون عليها متفاوتون فمنهم البصير الماهر ومنهم القاصر، ثم هي تتنوع أنواعا كثيرة فمنها البناء بالحجارة المنجدة يقام بها الجدران ملصقا بعضها الى بعض بالطين والكلس الذي يعقد معها ويلتحم كأنها جسم واحد، ومنها البناء بالتراب خاصة يتخذ لها لوحان من الخشب مقدران طولا وعرضا باختلاف العادات في التقدير واوسطه أربعة اذرع في ذراعين فينصبان على اسا وقد بوعد ما بينهما بما يراه صاحب البناء في عرض الاسا ويوصل بينهما بأذرع من الخشب يربط عليها بالحبال والجدر. ومن صنائع البناء أيضا ان تجلل الحيطان بالكلس بعد ان يحل بالماء ويخمر))(140).

اقيت في اليمن ابنية عظيمة وقصور مشيدة وكانت ابنيتهم متفاوتة فمنها، البناء بالحجارة ومنها البناء باللبن ومنها البناء بالأجر، كما بنيت الدور والمعابد في جهات مختلفة من الجزيرة العربية، وكانت الدار تعرف تعند العرب بالدارة والمباءة والمعان، ويقال لصحن الدار حر الدار، وقاعتها وباحتها، وساحتها وصرحتها بحبوحتها. ويقال للغرفة العلية، ويبنى اسفل البيت الخزانة، ويقال للصف الواحد من اللبن ساف، فاذا أقيم الاجر بعضه فوق بعض فهو السميط. وبيت مغمر اذا سقف بالخشب، وبيت مقبب ومسنم على هيئة السنام. وفي الدار الصفة والمشكاة في الحائط يقال لها الوقة ويقال بيت ماوق. قال امرؤ القيس(141):

وبيت يفوح المسك في حجراته

بعيد من الافات غير ماوق

اما بيوت العرب من اهل البادية فكانت تصنع على مختلفة فمنها خباء من الصوف، ويجاد من وبر، وفسطاط من شعر، وسرداق من قطن. ومن بيوتهم القشع وكانت تصنع من الجلود، والقشع هو الجلد اليابس، قال متمم بننويرة يرثى اخاه مالكا(142):

 ولا بر ما تهدي النساء لعرسه

اذا القشع من برد الشتاء تقعقعا

على الرغم من اختلاف طبيعة البدو والحضر في تفضيل مساكنهم الا ان الطرفين كانا لا يستغنيان عن صناعة النجارة، فأهل الحضر او المدن كانوا يحتاجون للسقف لبيوتهم، والاغلاق لأبوابهم، وسكان البوادي لابد لهم من العمد والاوتاد الخشبية لخيامهم والحدوج لظعائنهم والجميع يحتاج الى هذه الصناعة لسلاحهم من الرماح والقسي والسهام. يقول ابن خلدون: ((وكل واحدة من هذه الأمور فالخشب مادة لها، ولا تصير الى الصورة الخاصة بها الا بالصناعة، والصناعة المتكلفة بذلك المحصلة لكل واحد من صورها هي النجارة على اختلاف رتبها. والقائم على هذه الصناعة هو النجار وهو ضروري في العمران))(143).

زاول العرب هذه الصناعة ومارسوها وتقدموا فيها ففضلا عن تصنيع الأدوات اللازمة للبناء، قاموا بصناعة مستلزمات الحياة اليومية فمنها الكراسي والسرر والصحون وغيرها من أدوات الطعام والشراب. وقد ذكرت هذه الأدوات في القران الكريم، قال تعالى: {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ} [الغاشية: 13، 14] (144)، وفي قوله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا } [الأحزاب: 53] (145).

كان الصناع يستخدمون في النجارة أدوات كثيرة فمنها، الفأس والخصين والحداة وهي ذات راسين والصاقور وهي الفأس العظيمة والكرزن والقدوم وهي الفأس الصغيرة، والوشيظة والنخاسة للتهذيب والتقليم ومنها المنشار والمحفرة لحفر الخشب والمسحل وهو مبرد خشبي والمثقب، والكلبتان وهي الة يجذب بها النجار المسمار من الخشب والعتلة وبيرم النجار وهي عصي ضخمة من الحديد لها راس مفلطح(146).

كانت الحدادة من الحرف الصناعية التي انتشرت في بلاد العرب، وكان الحداد يعرف بالقين، فقال خباب: ((كنت قينا في الجاهلية))(147)، وهذه الصناعة من اقدم الصناعات لانها ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها، ومنافع الحديد عديدة في مصالح الناس ومعايشهم، قال تبارك وتعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } [الحديد: 25] (148)، وذكر المؤرخون ان هالك بن عمر بن اسد بن خزيمة كان اول من عمل الحديد من العرب، لذلك يقال لبني اسد القيون(149)واحترفها الوليد بن المغيرة وأبو العاص(150) وكان سعد بن ابي وقاص من براة السهام. وهم مصنوعات الحدادين الات الحرب(151)، كالسهام والسيوف والرماح والحراب، فضلا عن الدروع السابغات، والى جانب ذلك كانت تصنع منه اللجم والازمة للدواب، والمسامير والسكاكين والاواني وسائر الأدوات والآلات اللازمة لمعايش العرب ولتغذية صناعتهم جملة الات وأدوات منها، القرزم والعلاة وهي السندانة، والمطرقة والتي يضرب بها الحديد والفطيس والمبرد الذي يبرد به الحديد، والمشحذ وهو المسن، والمفراص الذي يقطع به قال الاعشى(152):

وادفع عن اعراضكم واعيركم

لسانا كمفراص الخفاجي محلبا

ومنها أيضا منفاخة وهو ما ينفخ به الكير، وقد ورد ذكره في القران الكريم: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} [الكهف: 96](153) ، والعسقلان وهو مطرقة صغيرة.

ومن بين الصناعات الحرفية التي قامت في بلاد العرب الحياكة وهي صناعة ضرورية من ضروريات الأمم فهم محتاجون لهذه الصناعة لأجل لبوسهم وفرشهم وحمل اثقالهم ونحو ذلك، ومنها الاكسية من الصوف للاشتمال والثياب من القطن والكتان للباس، والحياكة هي تقدير المنسوجات على اختلاف الاشكال والعوائد تفصل قطعا مناسبة للأعضاء البدنية ثم تلحم تلك القطع بالخياطة المحكمة وصلا او تنبيتا او تفسحا على حسب نوع الصناعة(154).

كان المهرة من ارباب حرفة الخياطة يتقنون صنع الكسوة وهي الثياب التي تلبس، فصنعوا لكل طائفة زيا خاصا بهم، فكان الكاهن يلبس زيا غير مصبوغ، والعراف لا يدل تذييل قميصه، وكان لحرائر النساء زي ولذوات الرايات زي، وكانت العمائم من اجل ملابسهم، لانها كانت تيجانهم وبها عزهم، وكانت عمائم العرب محنكة، فكان يوضع طرف منها تحت الحنك ومن أسماء العمامة العصابة، والمقطعة، والمعجر، والمشوذ، والكوارة، وكان السادة من العرب يلبسون العمائم المهراة وهي الصفرة، وكان الزبرقان يصبغ عمامته بصفرة(155). وذكرت العمامة عند ابي الأسود الدؤلي فقال: جنة في الحرب ومكنة من الحر ومدفأة من القر ووقار في الندى وواقية من الاحداث وزيادة في القامة وهي تعد عادة من عادات العرب(156) وكان أبو احيحة سعيد بن العاصي اذا اعتم لم يقم معه احد، قال أبو قيس بن الاسلت:

وكان أبو احيحة قد علمتم

بمكة غير مهتضم ذميم

اذا شد العصابة ذات يوم

وقام الى المجالس والخصوم

فقد حرمت على من كان يمشي

يمكة غير مدخل سقيم

وقال غيلان بن خرشة للأحنف يا أبا بحر ما بقاء ما فيه العرب، قال: اذا تقلدوا السيوف وشدوا العمائم واستجادوا النعال ولم تأخذهم حمية الاوغاد(157).

لما تنوعت صنوف اللباس، ومال الناس للمغالاة في التزين بها والاقبال على اقتناء المصبوغ منها والمزركش والتزبيب بها رغبة في اظهار الحسن وجذب الأنظار راى عمرو بن معد يكرب انهم بذلك قد حادوا عن الغرض الذي من اجله خلقت وامر الله بها فصنعت، فقال ابن معد يكرب(158):

ليس الجمال بمئزر

فاعلم وان رديت بردا

ان الجمال معادن

وموارث اورثن مجدا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) عيسى عبده: الاقتصاد الإسلامي، ص93.

(2) سورة الانعام: اية (99).

(3) المسعودي: مروج الذهب، جـ2، ص180 – 181.

(4) طه أبو العلا: جغرافية شبه جزيرة العرب، ص34 – 35.

(5) جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، جـ8، 297.

(6) الشافعي: الام، جـ2، ص31.

(7) الشافعي: المصدر السابق، جـ3، ص54.

(8) الشافعي: المدر السابق، جـ3، ص74.

(9) الصنعاني: سبل السلام، جـ3، ص78.

(10) البخاري: صحيح البخاري، جـ2، ص34، ص64.

(11) المسعودي: المصدر السابق، جـ2، ص103.

(12) الزبيدي: تاج العروس، جـ، ص241، جـ3، ص339.

(13) ابن سيده: المخصص، جـ11، ص55.

(14) ابن خرداذبة: المسالك والممالك، ص156.

(15) الهمداني: صفة جزيرة العرب، ص76 – 77.

(16) الهمداني: الاكليل، جـ8، ص115.

(17) الهمداني: صفة جزيرة العرب، ص129.

(18) الميداني: مجمع الامثال، جـ1، ص506.

(19) لوبون: حضارة العرب، ص402.

(19)   المسعودي: مروج الذهب، جـ1، ص421 – 422.

(20)   أسامة بن منقذ: المنازل والديار، ص21.

(21) جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، جـ8، ص214.

(22) طه أبو العلا: جغرافية شبه جزيرة العرب، جـ1، ص127 – 128.

(23) حتى: تاريخ العرب، ص43.

(24) البخاري: صحيح البخاري، جـ2، ص187.

(25) البلاذري انساب الاشراف جـ1، ص536.

(26) محمد حسين هيكل: في منزل الوحي، ص490.

(27) البخاري: المصدر السابق، جـ3، ص65، 109.

(28) البخاري: المصدر السابق، جـ2، ص60، 84، 90.

(29) السمهودي: وفاء الوفا، جـ2 ص365.

(30) محمد حسين هيكل: المرجع السابق، ص512.

(31) ابن هشام: السيرة النبوية، جظ، ص235.

(32) السمهودي: وفاء الوفا، جـ2، ص297.

(33) الهمداني: صفة جزيرة العرب، ص151.

(34) الهمداني: صفة جزيرة العرب، ص55ي.

(35) طه أبو العلا: جغرافية شبه جزيرة العرب، جـ1، ص133.

(36) الهمداني: المصدر السابق، ص155 – 156.

(37) ابن المجاور: صفة بلاد اليمن، جـ1، ص26.

(38) المقريزي: امتاع الاسماع، جـ1، ص328.

(39) الزبيدي: تاج العروس، جـ1، ص554.

(40) lammens: la cite arabe de taif, p, 34 .

(41) جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، جـ8، ص264.

(42) سورة الانعام: اية (99).

(43) ابن المجاور: صفة بلاد اليمن، جـ1، ص21.

(44) سورة التين: الآيات (1 – 3).

(45) الخازن: لباب التأويل، جـ7، ص221.

(46) الزبيدي: تاج العروس، جـ9، ص311.

(47) الفاسي: التراتيب الإدارية، جـ1، ص403.

(48) طه أبو العلا: جغرافية شبه جزيرة العرب، جـ، ص190.

(49) الشوكاني: نيل الاوطار، جـ3، ص47.

(50) الشافعي: الام، جـ2، ص72.

(51) مسلم: صحيح مسلم، جـ3، ص215.

(52) جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، جـ8، ص255.

(53) الجزري: جامع الأصول، جـ1، ص292.

(54) ابن سيده: المخصص، جـ11، ص56.

(55) جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، جـ8، ص282.

(56) جواد علي: تاريخ العرب قل الإسلام، جـ8، ص335.

(57) نزيه العظم: رحلة في بلاد العربية السعيدة، جـ2، ص92.

(58) احمد فخري: اليمن ماضيها وحاضرها، ص131.

(59) العيني: عمدة القارئ، جـ11، ص200.

(60) الالوسي: بلوغ الارب، جـ2، ص164، ص302.

(61) سورة الواقعة: الآيات 68 – 69.

(62) الزبيدي: تاج العروس، جـ2، ص67.

(63) ابن المجاور: صفة بلاد اليمن، جـ1، ص43.

(64) جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، جـ8، ص302.

(65) محمد توفيق: اثار معين في جوف اليمن، ص4 – 7.

(66) احمد فخري: اليمن ماضيها وحاضرها، ص5.

(67) جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، جـ8، ص309.

(68) ابن المجاور: صفة بلاد اليمن، جـ1، ص21.

(69) جواد علي: المصدر السابق، جـ8، ص313.

(70) سورة يوسف: اية (19).

(71) نزيه العظم: رحلة في بلاد العربية السعيدة، جـ2، ص15.

(72) ابن سيده: المخصص، جـ9، ص171.

(73) جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، جـ8، ص322 – 325.

(74) العيني: عمدة القارئ، جـ11، ص190.

(75) ابن هشام: السيرة النبوية، جـ1، ص159 – 160.

(76) سورة عبس: الآيات (24 – 32).

(77) الاصطخري: المسالك والممالك، ص74.

(78) العلوف: الجاف المسن من الرجال.

(79) انظر الميداني: مجمع الامثال، جـ1، ص486.

(80) احمد شلبي: موسوعة التاريخ الإسلامي، جـ1، ص129.

(81) سورة النحل: اية (92).

(82) سورة النحل: اية (80).

(83) الالوسي: بلوغ الارب، جـ2، ص427.

(84) الالوسي: بلوغ الارب، جـ2، ص428.

(85) البخاري: صحيح البخاري، جـ7، ص43.

(86) أبو داود: سنن ابي داود، جـ2، ص374 – 376.

(87) ابن المجاور: صفة بلاد اليمن، جـ1، ص13.

(88) جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، جـ8، ص136.

(89) سورة النحل: اية (80).

(90) ابن سيده: المخصص، جـ4، ص104 – 105.

(91) القسطلاني: ارشاد الساري، جـ5، ص103، جـ7، ص115.

(92) محمد عبد الله: المصنوعات الجلدية، ص4.

(93) ابن هشام: السيرة النبوية، جـ3، ص38.

(94) الزبيدي: نسب قريش، ص314.

(95) مسلم: صحيح مسلم، جـ4، ص11.

(96) ابن سيده: المصدر السابق، جـ4، ص11.

(97) محمد عبد الله: المصدر السابق، ص12 – 14.

(98) ابن سيده: المخصص، جـ4، ص105 – 106.

(99) الشوكاني: نيل الاوطار، جـ7، ص34 – 35.

(100) أبو عبيدة: الأموال، ص195.

(101) ابن هشام: السيرة النبوية، جـ1، ص57.

(102) القزويني: عجائب المخلوقات، ص244.

(103) الوافدي: فتوح الشام، ص138 – 139.

(104) الجاحظ: البيان والتبيين، جـ2، ص333.

(105) ابن هشام: السيرة النبوية، جـ3، ص388 – 389. الخزاعي: الدلالات السمعية، ص676 – 677.

(106) ابن الاثير: اسد الغابة، جـ1، ص38 – 39.

(107) الجاحظ: التبصير بالتجارة، ص12 – 15.

(108) سورة النحل: اية (14).

(109) سورة الرحمن: الآيات (19 – 23).

(110) سورة المطففين: اية (26).

(111) الدمشقي: الإشارة الى محاسن التجارة، ص19.

(112) الشوكاني: نيل الاوطار، جـ4، ص352.

(113) الشوكاني: المصدر السابق، جـ6، ص333.

(114) الشافعي: الام، جـ1، ص39.

(115) الشوكاني: نيل الاوطار، جـ1، ص288.

(116) علي عبد الرسول: المبادئ الاقتصادية، ص205.

(117) جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، جـ8، ص96.

(118) الشوكاني: المصدر السابق، جـ8، ص183.

(119 الدهلوي: حجة الله البالغة، ص826.

(120) السيوطي: تدريب الراوي، جـ2، ص299.

(121) الدهلوي: حجة الله البالغة، ص770.

(122) الشوكاني: نيل الاوطار، جـ8، ص183 – 184.

(123) الصنعاني: سبل السلام، جـ4، ص34 – 35.

(124) أبو عبيد: الأموال، ص102 – 103. الساج: خشب اسود رزين يجلب من الهند، والجمع سيجان، وهو يشبه الابنوس.

الزبيدي: تاج العروس، جـ2، ص61.

(125)  moreland: the ships of the arabian, p. 68.

(126) جوراني: العرب والملاحة في المحيط الهندي، ص244.

(127) القسطلاني: ارشاد الساري، جـ6، ص75.

(128) سورة القمر: اية (13).

(129) جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، جـ8، ص106.

(130) سورة الكهف: اية (79).

 (131) سورة يونس: اية (22).

(132) سورة الشورى: اية (32).

(133) الزبيدي: تاج العروس، جـ10، ص149.

(134) الزبيدي: المصدر السابق، جـ7، ص323.

(135) الالوسي: بلوغ الارب، جـ3، ص366.

(136) الزبيدي: المصدر السابق، جـ6، ص54.

(137) ابن سيده: المخصص، جـ10، ص25 – 26.

(138) الالوسي: بلوغ الارب، جـ2، ص267.

(139) الشافعي: الام، جـ3، ص11 – 112.

(140) ابن خلدون: المقدمة، ص406 – 408.

(141) الالوسي: بلوغ الارب، جـ2، ص409.

(142) الالوسي: المرجع السابق، جـ2، ص412 – 413.

(143) ابن خلدون: المقدمة، ص414 – 415.

(144) سورة الغاشية: الآيات (13 – 14).

(145) سورة الأحزاب: اية (53).

(146) الالوسي: بلوغ الارب، جـ2، ص419 – 420.

(147) البخاري: صحيح البخاري، جـ2، ص7.

(148) سورة الحديد: اية (25).

(149) الجاحظ: الحيون، جـ2، ص21.

(150) الدميري: حياة الحيوان، جـ1، ص176.

(151) السمهودي: وفاء الوفا، جـ1، ص198.

(152) الالوسي: بلوغ الارب، جـ2، ص425.

(153) سورة الكهف: اية (96).

(154) ابن خلدون: المقدمة، ص411.

(155) الالوسي: بلوغ الارب، جـ2، ص430 – 431.

(156) ابن قتيبة: عيون الاخبار، جـ1، ص300.

(157) الالوسي: المصدر السابق، جـ2، ص431.

(158) ابن قتيبة: المصدر السابق، جـ1، ص300.

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).