أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-2-2017
11694
التاريخ: 30-11-2016
1519
التاريخ: 25-11-2016
11980
التاريخ: 12-2-2017
4027
|
قال تعالى : {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (122) وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة: 121 - 123].
{الذين آتيناهم} أي أعطيناهم {الكتاب يتلونه حق تلاوته} اختلف في معناه على وجوه ( أحدها ) أنه يتبعونه يعني التوراة حق اتباعه ولا يحرفونه ثم يعلمون بحلاله ويقفون عند حرامه ومنه قوله والقمر إذا تلاها أي تبعها وبه قال ابن مسعود ومجاهد وقتادة إلا أن المراد به القرآن عندهم و( ثانيها ) أن المراد به يصفونه حق صفته في كتبهم لمن يسألهم من الناس عن الكلبي وعلى هذا تكون الهاء راجعة إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) و( ثالثها ) ما روي عن أبي عبد الله أن {حق تلاوته} هو الوقوف عند ذكر الجنة والنار يسأل في الأولى ويستعيذ من الأخرى .
و( رابعها ) أن المراد يقرءونه حق قراءته يرتلون ألفاظه ويفهمون معانيه و( خامسها ) أن المراد يعملون حق العمل به فيعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه عن الحسن وقوله {أولئك يؤمنون به} أي بالكتاب عن أكثر المفسرين وقيل بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن الكلبي {ومن يكفر به} وهم اليهود وقيل هم جميع الكفار وهو الأولى لعمومه {فأولئك هم الخاسرون} خسروا أنفسهم وأعمالهم وقيل خسروا في الدنيا الظفر والنصرة في الآخرة ما أعد الله للمؤمنين من نعيم الجنة .
{يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 122] .
والآية قد تقدم ذكر مثلها في رأس نيف وأربعين آية ومضى تفسيرها وقيل في سبب تكريرها ثلاثة أقوال ( أحدها ) أن نعم الله سبحانه لما كانت أصول كل نعمة كرر التذكير بها مبالغة في استدعائهم إلى ما يلزمهم من شكرها ليقبلوا إلى طاعة ربهم المظاهر نعمه عليهم و( ثانيها ) أنه سبحانه لما ذكر التوراة وفيها الدلالة على شأن عيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) في النبوة والبشارة بهما ذكرهم نعمته عليهم بذلك وما فضلهم به كما عدد النعم في سورة الرحمن وكرر قوله {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } فكل تقريع جاء بعد تقريع(2) فإنما هو موصول بتذكير نعمة غير الأولى وثالثة غير الثانية إلى آخر السورة وكذلك الوعيد في سورة المرسلات بقوله ويل يومئذ للمكذبين إنما هو بعد الدلالة على أعمال تعظم التكذيب بما تدعو إليه الأدلة .
{وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة: 123] .
ومثل هذه الآية أيضا قد تقدم ذكره ومر تفسيره .
______________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج1 ، ص370-372.
2- وفي النسختين مخطوطتين : تفريع بالفاء بدل القاف ، في الموضعين .
{الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} . بعد أن بين اللَّه لنبيه محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) ان النصارى واليهود لن يؤمنوا به ، بل لن يرضوا عنه ، حتى يتبع ملتهم استثنى الطيبين المنصفين منهم ، وهم الذين أسلموا وآمنوا بمحمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، وعبر عنهم بالذين يتلون الكتاب حق تلاوته ، والمراد بالكتاب كل كتاب أنزله اللَّه ، سواء في ذلك القرآن ، والتوراة والإنجيل - كما أنزلهما اللَّه - لأنه سبحانه لم يعين كتابا خاصا ، وعدم التخصيص والتعيين دليل العموم ، ومعنى يتلونه حق تلاوته يتدبرون معانيه ، ويعملون بأوامره ونواهيه ، لا مجرد تجويد القراءة ، وضبط الكلمات ، وإخراج الحروف من مخارجها ، فان هذه ليست بشيء إذا لم يكن معها تدبر واتعاظ ، وفي الحديث الشريف : ما آمن بالقرآن من استحل محارمه .
وجملة القول ان كلا من التوراة والإنجيل قد بشر بنبوة محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، كما ان القرآن قد دل على صدقه ، وبالفعل قد أسلم كثير من اليهود والنصارى والمشركين الذين تدبروا الآيات ، وتجردوا للحق بما هو حق .
{ومَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ }. أي من كفر بما أنزل اللَّه الذي يستلزم الكفر به الكفر بمحمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) فهومن الخاسرين لا محالة ، لأنه تماما كمن كفر باللَّه . . وبديهة انه لا خسران أعظم من خسران الآخرة ونعيمها الباقي ببقاء اللَّه سبحانه .
{ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } . مضى تفسيرها في الآية 40 ، وقد كرر اللَّه سبحانه تذكير اليهود بنعمته في العديد من الآيات ، والغرض تقريعهم وتوبيخهم بأبلغ أسلوب وأحكمه . . ومن ذلك قوله تعالى :
{واتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً } . مرّ تفسيرها في الآية 48 .
___________________________
الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج1 ، ص193-194.
والمراد بالذين أوتوا الكتاب قوم من اليهود والنصارى ليسوا متبعين للهوى من أهل الحق منهم، وبالكتاب التوراة والإنجيل، وإن كان المراد بهم المؤمنين برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبالكتاب القرآن، فالمعنى.
إن الذين آتيناهم القرآن، وهم يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون بالقرآن، لا هؤلاء المتبعون لأهوائهم، فالقصر حينئذ قصر قلب.
قوله تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا}، إلى آخر الآيتين إرجاع ختم الكلام إلى بدئه، وآخره إلى أوله، وعنده يختتم شطر من خطابات بني إسرائيل.
_________________________
1-الميزان ، الطباطبائي ، ج1 ، ص 223.
وبعد أن ذمّ القرآن الفئة المذكورة من اليهود والنصارى، أشاد بأُولئك الذين آمنوا من أهل الكتاب وانضموا تحت راية الرسالة الخاتمة {أَلَّذِينَ اتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ ـ اي بالتفكر والتدبر ثم العمل به ـ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} أي يؤمنون بالرّسول الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.
هؤلاء كانوا قد تلوا كتابهم السماوي حقّاً، وكان ذلك سبب هدايتهم، فهم قرأوا فيه بشارات ظهور النّبيّ الموعود، وقرأوا صفاته المنطبقة مع صفات نبيّ الإِسلام (صلى الله عليه وآله وسلم)فآمنوا به، والله مدحهم وأشاد بهم.
مرّة اُخرى يتجه الخطاب الإِلهي إلى بني إسرائيل ليذكرهم بالنعم التي اُحيطوا بها، وخاصة نعمة تفضيلهم على أُمم زمانهم، فتقول الآية: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} أي على كل من كان يعيش في ذلك الزمان.
كل نعمة تقترن بمسؤولية، وتقترن بإلتزام وتكليف إلهي جديد، ولذلك قال سبحانه في الآية التالية: {وَاتَّقُوا يَوْماً لاَ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْس شَيْئاً} ... {وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ} أي غرامة أو فدية، {وَلاَ تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ} إلاّ بإذن الله، ولا يستطيع أحد غير الله أن يساعد أحداً {وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ}.
فكل سُبل النجاة التي تتوسلون بها في هذه الدنيا موصدة يوم القيامة، والطريق الوحيد المفتوح أمامكم هو طريق الإيمان والعمل الصالح، وطريق التوبة من الذنوب.
هذه المفاهيم مطروحة في الآيتين 47 و48 من هذه السورة حيث تعرضنا لها بالتفصيل، ونكتفي هنا بهذا القدر.
_____________________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج1 ، ص301و304.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|