أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-10-2016
871
التاريخ: 31-10-2016
802
التاريخ: 5-12-2016
867
التاريخ: 2023-09-26
1131
|
ان نية التقرب الى اللّه هي روح العبادة و قوامها، سواء أ كانت صوما و صلاة، أو حجا و زكاة، و قدمنا أن معنى النية الدافع والباعث على العمل. و المهم هنا هو معرفة أول وقتها، و من آية لحظة يجب أن تبدأ، و بما أن الصوم يبدأ من أول الفجر، و ان النية شرط في صحته وجب قهرا أن تكون من أول الفجر أو متقدمة عليه، مستمرة إلى آخر النهار، حيث ينتهي الصوم، و قد اشتهر عن النبي الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): «لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل». هذا هو مقتضى القاعدة من غير فرق بين الصوم الواجب، و غير الواجب، و لا بين العامد و الناسي، و لكن الفقهاء خرجوا عن هذه القاعدة بعد أن ثبت عن أهل البيت عليهم السّلام صحة الصوم في مواضع، مع تأخر النية فيها عن الفجر، و هذه المواضع هي :
1- إذا وصل المسافر الى حد الترخيص قبل الزوال، و لم يكن قد تناول المفطر، و لا من نيته أن يصوم، فله أن ينوي الصوم، ويصح منه، بل يتعين عليه، ان كان ذلك في شهر الصيام. سئل الإمام عليه السّلام عن رجل قدم من سفر في شهر رمضان، ولم يطعم شيئا قبل الزوال؟ قال: يصوم. و في رواية أخرى عن أبي بصير عن الامام (عليه السّلام) : ان قدم قبل زوال الشمس فعليه صيام ذلك اليوم، و يعتد به.
ومثله تماما إذا شفي المريض من علته قبل الزوال، و لم يكن قد تناول المفطر.
2- إذا جهل ان غدا من رمضان، أو نسي كلية أنّه منه فإنه ينوي الصوم قبل الزوال، و يصح صومه، و لا شيء عليه. و استدلوا على ذلك بالإجماع، و بما روي من «ان أعرابيا جاء النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) يوم الشك، و شهد برؤية الهلال، فأمر النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) منادي ينادي كل من لم يأكل فليصم، و من أكل فليمسك». و هذه الرواية على تقدير صحتها مختصة بالجاهل، و إلحاق الناسي به قياس. و المعتمد هو الإجماع.
3- له ان ينوي الصوم اختيارا قبل الزوال لقضاء شهر رمضان. فقد سئل الإمام الصادق (عليه السّلام) عن رجل يكون عليه أيام من شهر رمضان، و يريد أن يقضيها، متى ينوي الصيام ؟ قال: هو بالخيار الى أن تزول الشمس، فإذا زالت فان كان نوى الصوم فليصم، و ان كان نوى الإفطار فليفطر، قال له السائل: فإن نوى الإفطار أ يستقيم أن ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس؟ قال: لا.
وفي رواية أخرى انّه قال: «نعم، فليصمه، و يعتد به إذا لم يكن أحدث شيئا» أي شيئا يوجب الإفطار. و ربما تحمل هذه الرواية على الاضطرار.
ومثله أيضا من وجب عليه الصوم بنذر، أو يمين، أو كفارة، فإن له أن ينوي الصوم اختيارا قبل الزوال، على شريطة عدم تناوله المفطر.
4- لمن أراد أن يصوم تطوعا و استحبابا أن ينوي الصوم ما دام النهار، حتى و لو بعد الزوال، فقد سئل الإمام الصادق عليه السّلام عن الصائم المتطوع، تعرض له الحاجة؟ قال: هو بالخيار ما بينه و بين العصر، و ان مكث، حتى العصر، ثم بدا له أن يصوم، و ان لم يكن نوى ذلك فله أن يصوم ان شاء.
و قال: كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) يدخل على اهله، فيقول : عندكم شيء و الا صمت، فان كان عندهم شيء أتوه به، و الا صام.
وقد تبين معنا مما تقدم أن من عليه صيام شهر رمضان أن يأتي بالنية مقارنة للفجر أو قبله، و ان من أخرها عنه عامدا متعمدا بطل صومه، و انه يغتفر للمضطر، كالجاهل و الناسي أن ينوي قبل الزوال، و ان لمن وجب عليه الصوم في غير رمضان ان يؤخر النية مختارا الى ما قبل الزوال، على شريطة أن لا يكون الصوم الواجب مضيقا في وقته، و إلا فحكمه حكم رمضان تماما، و ان لمن أحب الصوم تطوعا أن ينوي ما دام النهار باقيا. و يتفرع على ذلك مسائل :
منها: تكفي نية واحدة لشهر رمضان بكامله، و لا تجب لكل يوم على حدة، بخاصة بعد ما فسرنا النية بالباعث و الداعي.
ومنها: لو ترك نية صوم رمضان عمدا، بحيث عزم منذ ليلته أن لا يصوم غدا، و لما أصبح على هذه النية تاب و أناب، و رجع إلى ربّه، و لم يكن قد تناول المفطر بعد فان صومه يفسد، و لا يجديه أن يحدث نية الصوم لا قبل الزوال و لا بعده بطريق أولى إجماعا محصلا، و لكن اختلف الفقهاء: هل تجب عليه الكفارة مع القضاء أو ان عليه القضاء، و كفى، و الصحيح أنّه يقضي و لا يكفر، لأصل البراءة من وجوب التكفير، و لأن الأدلة قد أناطت وجوب التكفير بالأكل و الشرب و الجماع، و ما إلى ذاك من المفطرات.
ومنها: من صام يوم الشك بنية أنه من شعبان، و أراد من صومه مجرد التطوع و الاستحباب، أو القضاء عما في ذمته، ثم تبين انه من رمضان صح عن رمضان دون غيره، لأنه هو الواجب واقعا و قد تحققت نية التقرب، أما نية الاستحباب و القضاء فلغو زائد لا أثر له في أصل النية، و تمحضها للّه سبحانه، و قد سئل الإمام الصادق (عليه السّلام) عن رجل صام اليوم الذي يشك فيه، فكان من شهر رمضان، أ فيقضيه ؟ فقال للسائل: لا، هو يوم وفقت له.
وان قصد الأمر المتعلق بهذا اليوم كائنا ما كان صح بلا ريب، لأن الأمر و المأمور به موجودان واقعا، و القصد تعلق بامتثال الأمر على ما هو عليه، و لا يضر الترديد في تصوره و خياله ما دام القصد متجها الى الأمر الواقعي بالذات.
وان تردد في التعيين، و قصد الوجوب ان كان من رمضان، و الاستحباب ان كان من شعبان، قال أكثر الفقهاء المتأخرين: يبطل صومه، حيث يشترط في العبادة قصد التعيين، و قال السيد الحكيم في المستمسك: بل يصح، لأنه ان تبين أنّه من شعبان فقد نواه، و ان تبين من رمضان فكذلك، و الجزم بأحدهما خاصة لا دليل عليه، بل قام الدليل على عدمه، حيث سئل الإمام الصادق (عليه السّلام) عن صوم الشك ؟ فقال: صمه، فإن يك من شعبان كان تطوعا، و ان يك من رمضان فيوم وفقت له.
وهو الحق، لأن المطلوب هو قصد التقرب الى اللّه سبحانه، و المفروض وجوده، و مجرد التردد لا يضر بأصل القصد ما دام المنوي واحدا لا غير، و قصد التعيين في العبادة انما يجب لو كان المطلوب متعددا في الواقع، كمن عليه أكثر من واجب، أو كمن أراد أن يأتي بعبادتين أحدهما مستحبة، كصلاة الفجر، و الأخرى واجبة، كصلاة الصبح.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|