أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-03-2015
11241
التاريخ: 2024-01-06
1627
التاريخ: 2024-03-30
822
التاريخ: 2024-02-12
1411
|
تبين اسلوب الترجمة الذي نتوخاه ، وهو : ان يـعمد المترجم الى آية آية من القرآن ، وفق الترتيب الموجود ، فيستجيد ـ اولا ـ فهم مضامينها عن دقة وامعان ، بما فيها من دلالات اصلية ودلالات تبعية لفظية ، دون الدلالات التبعية العقلية ، اذ التصدي لهذه الاخيرة شان التفسير دون الترجمة .
فيفرغ المستفاد من كل آية ، في قالب لفظي من اللغة المترجم اليها ويتحرى الكلمات التي تفي بتأدية المعاني التي كانت الفاظ الاصل تؤديها ، وفا كاملا حتى في الدلالات التبعية اللفظية مهما امكن ، والا فيحاول تأديتها ايضا ولو بمعونة قرائن ، لينعكس المعنى في الترجمة كما هو في الاصل كما يحاول ـ مبلغ جهده ـ ان لا يصطدم القالب اللفظي المشابه للأصل بشي من التحوير او التحريف .
وهـذه الكيفية من الترجمة ـ التي تحافظ على سلامة المعنى بالدرجة الاولى ـ قد تستدعي تبديلا فـي مواضع بعض الالفاظ والتعابير ـ من تقديم او تأخير ـ او تغييرا في روابط كلامية معمولة في الاصل ، وفي الترجمة على سواء.
كـمـا قد تستدعي زيادة لفظة في التعبير ، لغرض الوفا بأصل المراد تماما الامر الذي لا باس به ، ما دامت الغاية هي المحافظة على سلامة المعنى .
غير ان الاولى ان يضع اللفظ المزيد بين قوسين ، فلا يلتبس على القارئ هذه الزيادة مع الفاظ الاصل .
وبالجملة فالواجب على المترجم ـ ترجمة معنوية صحيحة ـ ان يتابع الخطوات التالية :
1ـ فهم المعنى الجملي فهما جيدا دقيقا ، والتأكد من ذلك .
2ـ تـحليل جملة الفاظ الاصل الى كلماتها وروابطها الموجودة ، وفصل بعضها عن بعض ، ليعرف ما لـكـل مـن معنى ومفاد استقلالي او رابطي في لغة الاصل ، والتدقيق فيما اذا كان للوضع التركيبي الخاص معنى زائد على ما للألفاظ من معاني ، ويتأكد ذلك عن امعان .
3ـ الـتحري لكلمات وروابط من اللغة المترجم اليها ، تشاكل الكلمات والروابط الاصل ، تشاكلا في الافادة والمعاني ، ان حقيقة او مجازا.
4ـ تـركيب هذه الكلمات والالفاظ تركيبا صحيحا يتوافق مع ادب اللغة المترجم اليها ، ادبا عاليا ، ومراعيا ترتيب الاصل مهما امكن .
5ـ افـراز الالـفـاظ والكلمات الزائدة ، التي لا تقابلها كلمات والفاظ في الاصل ، وانما زيدت في الـتـرجـمـة لـغـرض الايفاء بتمام المعنى ، فيضعها ـ مثلا ـ بين قوسين لكن يمسك عن تكرار ذلك كثيرا في كلام واحد ، لانه يمل ، وقد يسبب تشويش فهم المعاني .
6ـ واخيرا مقابلة الترجمة مع الاصل في حضور هياة ناظرة ، تحكم بالمطابقة في الآراء و الايفاء.
امـا الـشـروط الـتي يجب توفرها في المترجم او المترجمين ، لتقع الترجمة مأمونة عن الخطأ والخلل ، فهي كما يلي :
1ـ ان يكون المترجم مضطلعا بكلتا اللغتين : لغة الاصل واللغة المترجم اليها عارفا بدابهما والمزايا الكلامية التي تبنتها كلتا اللغتين ، معرفة كاملة .
2ـ ان يـتـنـاول الـمعنى المستفاد من كل آية ، بمعونة التفاسير المعتمدة الموثوق بها ، ولا يقتنع بما اسـتـظهره من الاية حسب فهمه العادي ، وحسب معرفة اوضاع اللغة فحسب ، اذ قد يكون دلائل وشواهد على ارادة غير الظاهر قد خفيت عليه ، لولا مراجعته للمصادر التفسيرية المعتبرة .
3ـ ان لا يـحـمـل ميلا الى عقيدة بذاتها ، او انحيازا الى مذهب بخصوصه ، لانه حينذاك قد تجرفه رواسـبـه الذهنية التقليدية الى منعطفات السبل الضالة ، فتكون تلك ترجمة لعقيدة ، وليست ترجمة لمعاني القرآن .
4ـ ان يـتـرك الالفاظ المتشابهة كما هي ، ويكتفي بتبديلها الى مرادفاتها من تلك اللغة ، فلا يتعرض لشرحها وبسط معانيها ، فان هذا الاخير من مهمة التفسير فقط.
5ـ ان يترك فواتح السور على حالها ، لأنها رموز يجب ان تبقى بألفاظها من غير تبديل ولا تفسير.
6ـ ان يترك استعمال المصطلحات العلمية او الفنية في الترجمة ، لان مهمة المترجم افراغ المعاني المستفادة افراغة لغوية بحتة .
7ـ ان لا يـتـعـرض لـلارا والـنظريات العلمية ، فلا يترجم الكلمات الواردة في القرآن بمعاني اكتشفها العلم ، بل يترجمها حسب الاستفادة اللغوية ، لتكون التادية لغوية بحتة .
تلك شروط خاصة يجب توفرها في كل مترجم يقوم بترجمة القرآن الكريم وهناك شروط عامة يجب مراعاتها في ترجمة القرآن ترجمة رسمية ، معترفا بها لدى جامعة المسلمين العامة ، هي :
8ـ ان تـقـوم هـيـاة او لجنة متشكلة من علما صالحين لذلك ، ومعروفين بسلامة الفكر والنظر والاجـتهاد ، لان الترجمة الفردية كالتفاسير الفردية غير مامونة عن الخطأ والاشتباه كثيرا ، وعلى الاقـل يـكـون الـعمل الجماعي ابعد من الزلل مما يكون عملا فردى ا ، ولذلك يكون آمن واحوط بالنسبة الى كتاب اللّه العزيز الحميد.
وهذه الهياة يجب ان تحمل تاييدا من قبل مقامات رسمية اسلامية ، اما حكومات عادلة او مراجع دينية عالية ، ذلك لكي يتنفذ القرار تنفيذا رسميا قاطعا.
9ـ ان يـشترك مع اللجنة شخصية او شخصيات معروفة من اللغة المترجم اليها ، لغرض التأكد من صحة الترجمة اولا ، وليطمئن اليها اصحاب تلك اللغة .
10ـ والشرط الاخير ـ المتمم للعشر ـ ان توضع الترجمة مع الاصل ، مصحوبا معها ، فلا يقدم الى مختلف الاقوام والملل ، تراجم مجردة عن النص العربي الاصل .
وذلـك لـغـرض خـطير ، هو ان لا يلتبس على سائر الملل ، فيحسبوا من الترجمة قرآنا هو كتاب المسلمين ، لا ، بل هي ترجمة محضة وليست قرآنا ، وانما القرآن هو الاصل ، وكانت الترجمة الى جنبه توضيحا وتبيينا لمعانيه فحسب .
وبذلك نكون قد امننا على القرآن ضياعه ، فلا يضيع كما ضاعت التوراة والانجيل من قبل ، بتجريد تراجمهما عن النص الاصل ، الامر الذي يجب ان لا يتكرر بشان هذا الكتاب السماوي الخالد {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر : 9].
نماذج من تراجم خاطئة :
لا ريـب ان كـل عـمـل فـردي قد يتحمل اخطأ لا يتحملها عمل جماعي ، ومن ثم وقع الكثير من الافـاضـل في مزق الانفراد فزلوا او اخطاوا المقصود ، هذا الامام بدر الدين الزركشي ، المضطلع بـالـلغة والادب ، وكذا تلميذه جلال الدين السيوطي الخبير بمواضع الكلام ، نراهما قد اشتبها في (1) ، فزعماه من : هدى يهدي (2). مع العلم انه من : هاد يهود لكن الزمخشري في تفسيره يقول : هدنا ـ بالضم ـ : فعلنا من : هاده يهيده (3) .
وقـال الـراغـب : الهود : الرجوع برفق ، ومنه التهويد وهو مشي كالدبيب وصار (الهود) في التعارف التوبة ، قال تعالى : (انا هدنا اليك ) اي تبنا (4) .
والاعـجـب اشـتـبـاه مـثـل الـراغـب ، ذكر في مادة (عنت ) قوله تعالى : {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} [طه : 111] اي ذلـت وخـضعت (5) ، في حين انه من (عنى ) بمعنى العنا وهو ذل الاسـتسلام ، ولذلك يقال للأسير : العاني وقد غفل الراغب فذكره في (عنى ) ايضا قال الطبرسي : اي خضعت وذلت خضوع الاسير في يد من قهره (6) .
فـاذا كـان مثل هؤلاء الائمة الاعلام يزلون مغبة انفرادهم في المسيرة ، فكيف بمن دونهم من ذوي الاقلام ؟ هذا العلامة المعاصر (الهى قمشه اى ) مع اضطلاعه بالأدب والعلوم الاسلامية ، تراه لم يسلم ـ فـي تـرجـمـته الفارسية للقرآن الكريم ـ من ذلة الانفراد ، فقد ترجم قوله تعالى : {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} [مريم : 27] بما يلي : (آنگاه قوم مريم كه به جانب او آمدند كه از اين مكان همراه ببرند گفتند).
فحسب من القوم فاعلا ، وانهم اتوا مريم مريم ، وانهم اتوها ليحملوها معهم فـي حـيـن ان الايـة تـعـنـي : (ان مريم (س ) هي التي اتت الى القوم ، في حال كونها تحمل الوليد المسيح (عليه السلام ) على عكس ما زعمه المترجم .
وهكذا ترجم قوله تعالى : {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} [المائدة : 117] الى قوله : (تو خود بر آن مـردم گواه وناظر اعمال بودى مادامى كه من در ميان آنها بودم ) في (كنت ) للمتكلم لا للمخاطب ، فضلا عن تهافت المعنى على حسابه .
وتـرجـم قـوله تعالى : {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ} [الفجر : 25 ، 26] ، الى قوله : (وآنـروز بمانند عذاب انسان كافر هيچكس عذاب نكشد ، وآنگونه جز انسان كافر ، كسى به بند (هلاك ) گرفتارنشود) فـحسب من (لا يعذب ) و (لا يوثق ) مضارعا مبنيا للمفعول ، كما حسب من الضمير عوده الى الانسان المعذب والموثق .
وهذه غفلة عجيبة في قراة الاية القرآنية ، لا يمكن اعفاؤها ابدا.
وقـد جـمـع الدكتور السيد عبد الوهاب الطالقاني (7) من ذلك لمة من تراجم قام بها اساتذة ذووا كفاة راقية ، فكيف بغير الأكفاء ومـن الـتراجم الاجنبية ، جات ترجمة (كازانوفا) لكلمة (الامي ) ـ وصفا للنبي (صلى الله عليه واله)بمعنى (الـشـعـبـي ) مـاخـوذا من (الامة ) حسبما زعم في حين انه من (ام القرى ) ـ اسما لمكة المكرمة ـ ليكون بمعنى (المكي ) ، او نسبة الى (الام ) كناية عن الذي لا يكتب ولا يقرا.
وتـرجـم (كـازيـمـيـرسـكـي ) (اسجدوا) في قوله تعالى : واذ قلنا للملائكة اسجدوا في حين انه بمعنى الخضوع التام لادم (عليه السلام ) او جعله قبلة بمعنى (اعبدوا لادم ) للسجود للّه تعالى ـ كما عن بعض التفاسير.
وتـرجـم (هـوا) قوله تعالى : {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم : 43] بمعنى الهوى والميل النفساني ، في حين انه بمعنى (الفارغة الجوفاء) (8) .
____________________________________
1- مـن قـولـه تـعـالـى : (واكـتـب لـنـا في هذه الدنيا حسنة وفي الاخرة ، انا هدنا اليك ) ـ الاعراف /156.
2- قال الزركشي (البرهان ، ج1 ، ص 103ـ104) : فمنه الهدى سبعة عشر حرفا ـ الى قوله ـ او بمعنى التوبة : (انا هدنا اليك ) اي تبنا : وقـال الـسـيوطي (الاتقان ، ج2 ، ص 122ـ123) : من ذلك الهدى يأتي على سبعة عشروجها ـ الى قوله ـ والتوبة : (انا هدنا اليك )
3- الكشاف ، ج2 ، ص 165.
4- المفردات ، ص 546.
5- المفردات ، ص 349.
6- مجمع البيان ، ج7 ، ص 31.
7- نشر بعضها في مجلة (كيهان انديشه ) ، ع28 ، ص 223.
8- من رسالة (القرآن والترجمة ) ص 11 ، للأستاذ عبدالرحيم محمد علي النجفي .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|