أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-5-2017
14351
التاريخ: 10-5-2017
17105
التاريخ: 14-2-2017
14059
التاريخ: 30-11-2016
7303
|
قال تعالى : {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (76) أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } [البقرة: 76-77].
ذكر الله سبحانه خصلة أخرى من خصالهم الذميمة فقال {و} هم الذين {إذا لقوا الذين آمنوا} أي رأوهم {قالوا آمنا} أي صدقنا بمحمد أنه نبي صادق نجده في كتابنا بنعته وصفته وبما صدقتم به وأقررنا بذلك أخبر الله تعالى عنهم أنهم تخلقوا بأخلاق المنافقين وتحلوا بحليتهم واستنوا بسنتهم {وإذا خلا بعضهم إلى بعض} أي إذا خلا بعض هؤلاء اليهود الذين وصفهم الله إلى بعض منهم فصاروا في خلاء وهو الموضع الذي ليس فيه غيرهم {قالوا} يعني قال بعضهم لبعض {أتحدثونهم بما فتح الله عليكم} قال الكلبي بما قضى الله عليكم في كتابكم أن محمدا حق وقوله صدق وروي سعيد بن جبير عن ابن عباس أن معناه قالوا لا تحدثوا العرب بهذا فإنكم قد كنتم تستفتحون به عليهم أي لا تقروا بأنه نبي وقد علمتم أنه قد أخذ له الميثاق عليكم باتباعه وأنه النبي الذي كنا ننتظره ونجده في كتابنا اجحدوه ولا تقروا لهم به وقال الكسائي أ تحدثونهم بما بينه الله لكم في كتابكم من العلم ببعث محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) والبشارة به وبعض الأقوال فيه ذكرناه في النزول وأقوى التأويلات قول من قال {أتحدثونهم بما فتح الله عليكم} أي حكم الله به عليكم وقضاه فيكم ومن حكمه عليكم ما أخذ به ميثاقكم من الإيمان بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وصفته الموصوفة لكم في التوراة ومن قضائه فيكم أنه جعل منكم القردة والخنازير وقوله {ليحاجوكم به عند ربكم} أي ليكون لهم الحجة عليكم عند الله في الدنيا والآخرة في إيمانهم بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) إذ كنتم مقرين به ومخبرين بصحة أمره من كتابكم فهذا يبين (2) حجتهم عليكم عند الله وقيل معناه ليجادلوكم ويقولوا لكم قد أقررتم أنه نبي حق في كتابكم ثم لا تتبعونه وقوله {عند ربكم} قال ابن الأنباري معناه في حكم ربكم كما يقال هذا حلال عند الشافعي أي في حكمه وهذا يحل عند الله أي في حكمه وقوله {أ فلا تعقلون} أي أ فلا تفقهون أيها القوم أن إخباركم محمدا وأصحابه بما تخبرونهم به من وجود نعت محمد في كتبكم حجة عليكم عند ربكم يحتجون بها عليكم وقيل معناه أفلا تعقلون أيها المؤمنون أنهم لا يؤمنون فلا تسمعوا في ذلك عن الحسن وقيل إنه خطاب لليهود أي فلا تعقلون أيها اليهود إذ تقبلون من رؤسائكم مثل هذا وهذا تحذير لهم عن الرجوع إلى قول رؤسائهم .
{أولا يعلمون} يعني اليهود أن الله يعلم سرهم وعلانيتهم فكيف يستجيزون أن يسروا إلى إخوانهم النهي عن التحدث بما هو الحق وهم مقرون بذلك غير جاحدين بأن الله يعلم سرهم وجهرهم كالكفار والمنافقين فهم من هذه الجهة ألوم والمذمة لهم ألزم عن أكثر المفسرين وقيل معناه أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون من كفرهم وتكذيبهم محمدا إذا خلا بعضهم إلى بعض وما يعلنون من قولهم آمنا إذا لقوا أصحاب محمد ليرضوهم بذلك عن قتادة وأبي العالية .
____________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج1 ،ص 272-274.
2- وفي النسخ التي عندنا ((فبهذا تبين )) مكان ((فهذا يبين)) .
كان بعض يهود المدينة ينافقون ويكذبون على المسلمين ، ويقولون لهم : نحن مؤمنون بالذي آمنتم به ، ونشهد ان محمدا صادق في قوله ، فلقد وجدناه في التوراة بنعته وصفته ، وإذا خلا هؤلاء المنافقون برؤسائهم أخذ الرؤساء في لومهم وتوبيخهم ، وقالوا لهم فيما قالوا : كيف تحدثون المسلمين بما حكم اللَّه به عليكم
من أتباع محمد ؟ . . ألا تفقهون بأن هذا اقرار منكم على أنفسكم بأنكم المبطلون ، وهم المحقون ؟ .
{ أَولا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وما يُعْلِنُونَ} . أي مهما حرص المنافقون على إخفاء نفاقهم ، والرؤساء الضالون على توجيه أتباعهم فان اللَّه سبحانه لا تخفى عليه خافية . . فأنتم أيها اليهود تكتمون في دسائسكم ومؤامراتكم ، واللَّه سبحانه يعلم بها رسوله الأعظم ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، ويذهب كيدكم هباء .
_____________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج1 ، ص132-133.
قوله تعالى: {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا} إلخ، لا تقابل بين الشرطين وهما مدخولا إذا في الموضعين كما في قوله تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ } [البقرة: 14] ، بل المراد بيان موضعين آخرين من مواضع جرائمهم وجهالتهم.
أحدهما: أنهم ينافقون فيتظاهرون بالإيمان صونا لأنفسهم من الإيذاء والطعن والقتل.
وثانيهما: أنهم يريدون تعمية الأمر وإبهامه على الله سبحانه العالم بسرهم و علانيتهم وذلك أن العامة منهم، وهم أولوا بساطة النفس ربما كانوا ينبسطون للمؤمنين، فيحدثونهم ببعض ما في كتبهم من بشارات النبي أو ما ينفع المؤمنين في تصديق النبوة، كما يلوح من لحن الخطاب فكان أولياؤهم ينهونهم معللا بأن ذلك مما فتح الله لهم، فلا ينبغي أن يفشى للمؤمنين، فيحاجوهم به عند ربهم كأنهم لولم يحاجوهم به عند ربهم لم يطلع الله عليه فلم يؤاخذهم بذلك ولازم ذلك أن الله تعالى إنما يعلم علانية الأمر، دون سره وباطنه وهذا من الجهل بمكان، فرد الله سبحانه عليهم بقوله: {أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون} الآية فإن هذا النوع من العلم - وهوما يتعلق بظاهر الأمر دون باطنه - إنما هو العلم المنتهي إلى الحس الذي يفتقر إلى بدن مادي مجهز بآلات مادية مقيد بقيود الزمان والمكان مولود لعلل أخرى مادية وما هو كذلك مصنوع من العالم لا صانع العالم.
وهذا أيضا من شواهد ما قدمناه آنفا أن بني إسرائيل لإذعانهم بأصالة المادة كانوا يحكمون في الله سبحانه بما للمادة من الأحكام، فكانوا يظنونه موجودا فعالا في المادة، مستعليا قاهرا عليه، ولكن بعين ما تفعل علة مادية وتستعلي وتقهر على معلول مادي، وهذا أمر لا يختص به اليهود، بل هو شأن كل من يذعن بأصالة المادة من المليين وغيرهم، فلا يحكمون في ساحة قدسه سبحانه إلا بما يعقلون من أوصاف الماديات من الحياة والعلم والقدرة والاختيار والإرادة والقضاء والحكم وتدبير الأمر وإبرام القضاء إلى غير ذلك، وهذا داء لا ينجع معه دواء، وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يعقلون، حتى آل الأمر إلى أن استهزأ بهم من لا مسكة له في دينهم الحق ولا قدم له في معارفهم الحقة، قائلا إن المسلمين يروون عن نبيهم أن الله خلق آدم على صورته وهم معاشر أمته يخلقون الله على صورة آدم، فهؤلاء يدور أمرهم بين أن يثبتوا لربهم جميع أحكام المادة، كما يفعله المشبهة من المسلمين أومن يتلو تلوهم وإن لم يعرف بالتشبيه، أولا يفهموا شيئا من أوصاف جماله، فينفوا الجميع بإرجاعها إلى السلوب قائلا إن ما يبين أوصافه تعالى من الألفاظ إنما يقع عليه بالاشتراك اللفظي فلقولنا: إنه موجود ثابت عالم قادر حي معان لا نفهمها ولا نعقلها، فاللازم إرجاع معانيها إلى النفي، فالمعنى مثلا أنه ليس بمعدوم، ولا زائل، ولا جاهل، ولا عاجز ولا ميت فاعتبروا يا أولي الأبصار فهذا بالاستلزام زعم منهم بأنهم يؤمنون بما لا يدرون، ويعبدون ما لا يفهمون، ويدعون إلى ما لا يعقلون، ولا يعقله أحد من الناس، وقد كفتهم الدعوة الدينية مئونة هذه الأباطيل بالحق فحكم على العامة أن يحفظوا حقيقة القول ولب الحقيقة بين التشبيه والتنزيه فيقولوا: إن الله سبحانه شيء لا كالأشياء وإن له علما لا كعلومنا، وقدرة لا كقدرتنا، وحياة لا كحياتنا، مريد لا بهمامة، متكلم لا بشق فم، وعلى الخاصة أن يتدبروا في آياته ويتفقهوا في دينه فقد قال الله سبحانه: { هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9] ، والخاصة كما لا يساوون العامة في درجات المعرفة، كذلك لا يساوونهم في التكاليف المتوجهة إليهم، فهذا هو التعليم الديني النازل في حقهم لو أنهم كانوا يأخذون به.
________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج1 ، ص180-181.
الآية تلقي الضوء على حقيقة مُرّة اُخرى بشأن هذه الزمرة المنافقة وتقول: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْض قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}؟!
من المحتمل أيضاً أن تتحدث هذه الآية في صدرها عن المنافقين من اليهود الذين يتظاهرون بالأيمان لدى لقائهم بالمسلمين، ويبرزون إنكارهم عند لقائهم بأصحابهم، بل يلومون أولئك اليهود الذين يكشفون للمسلمين عمّا في التوراة من أسرار.
هذه الآية ـ على أي حال ـ تأييد للآية السابقة، التي نهت المسلمين عن عقد الأمل على إيمان مثل هؤلاء القوم.
عبارة {بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ} قد تعني الميثاق الإِلهي الذي كان محفوظاً لدى بني إسرائيل. وقد تشير إلى الأسرار الإِلهية المرتبطة بالشريعة الجديدة.
ويتضح من الآية أن إيمان هذه الفئة المنافقة من اليهود، كان ضعيفاً إلى درجة أنهم تصوروا الله مثل إنسان عاديّ، وظنوا أنهم إذا أخفوا شيئاً عن المسلمين فسيخفى عن الله أيضاً.
لذلك تقول الآية التالية بصراحة: {أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ}؟!
______________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج1 ، ص227.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|