أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-10-2014
1784
التاريخ: 24-04-2015
7853
التاريخ: 25-04-2015
1810
التاريخ: 2024-09-06
305
|
قـد يزعم البعض ان هناك من يرى عدم جواز الاخذ بظواهر كلام اللّه تعالى ، حيث ظاهره انيق وباطنه عميق ، لا يسبر غوره ولا يبلغ اقصاه ، ولا سيما بعد كثرة الصوارف عن هذه الظواهر ، من تخصيص وتقييد ونسخ وتأويل .
غيران هذا يتنافى والامر بالتدبر في آياته ، والحث على التعمق فيها واستخراج للئاليها.
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد : 24] .
{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [الدخان : 58].
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر : 17] .
{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف : 3].
{قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الزمر : 28].
{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } [ص : 29].
و قـد رغب النبي (صلى الله عليه واله) في الرجوع الى القرآن عند مدلهمات الامور وعرض مشتبهات الاحاديث عـلـيـه ، وهكذا ندب الائمة من اهل البيت (عليه السلام)الى فهم الاحكام من نصوص الكتاب ، والوقوف على رموزه ودقائقه في التعبير والبيان .
قـال رسـول اللّه (صلى الله عليه واله) : (فاذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن ، فانه شافع مـشفع وماحل مصدق (1) ومن جعله امامه قاده الى الجنة ، ومن جعله خلفه ساقه الى النار وهـو الـدلـيـل يـدل عـلـى خير سبيل ، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل ، وهو الفصل ليس بـالهزل (2) وله ظهر وبطن ، فظاهره حكم وباطنه علم (3) ، ظاهره انيق وباطنه عـميق له نجوم وعلى نجومه نجوم ، (4) لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه (5) فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ، ودليل على المعرفة ، لمن عرف الصفة (6) فليجل جال بصره ، ولـيـبلغ الصفة نظره (7) ، ينج من عطب ، ويتخلص من نشب (8) فان التفكر حياة قلب البصير ، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور فعليكم بحسن التخلص وقلة التربص (9) .
وبهذا المعنى قال الامام ابو عبد اللّه الصادق (عليه السلام) : (ان هذا القرآن فيه منار الهدى ومصابيح الدجى فـلـيـجـل جـال بـصره ، ويفتح للضياء نظره فان التفكر حياة قلب البصير ، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور) (10) .
والـتفكر المندوب اليه هنا هو التعمق في دلائل القرآن ودقائق تعبيره ، قال تعالى : { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [النحل : 44].
فالتفكر فيه ـ بعد التبيين والبيان ـ هو المندوب اليه ، وهي الغاية القصوى من نزول القرآن .
قال الامام الصادق (عليه السلام) : (لقد تجلى اللّه لخلقه في كلامه ، ولكنهم لا يبصرون ) (11) .
وقال : (انما القرآن امثال لقوم يعلمون دون غيرهم ، ولقوم يتلونه حق تلاوته ، وهم الذين يؤمنون به ويعرفونه ) (12) .
قال الامام امير المؤمنين (عليه السلام) : (الا لا خير في قراءة لا تدبر فيها) (13) .
وقـال رسـول اللّه (صلى الله عليه واله) : (ما انعم اللّه على عبد ، بعد الايمان باللّه ، افضل من العلم بكتاب اللّه والمعرفة بتأويله ) (14) .
ولـما نزلت الاية { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران : 190، 191].
وبـعـد ، فـنقول : ويل لمن نظر في هذه الايات الكريمة والاحاديث المأثورة عن اهل بيت الوحي والرسالة ، ولاكها بين لحييه ثم لم يتدبرها بإمعان ، فأخذها بالهزل ولم يعتبرها الحكم الفصل .
وايضا ، فان اخبار العرض على كتاب اللّه ، خير شاهد على امكان فهم معانيه والوقوف على مبانيه .
قـال رسـول اللّه (صلى الله عليه واله) : (ان عـلـى كل حق حقيقة ، وعلى كل صواب نورا ، فما وافق كتاب اللّه فخذوه ، وما خالف كتاب اللّه فدعوه ).
وخطب بمنى ، وكان من خطبته : ( ايها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب اللّه فانا قلته ، وما جاءكم يخالف كتاب اللّه فلم اقله ).
وقـال الامـام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) : (كل شيء مردود الى الكتاب والسنة ، وكل حديث لا يوافق كتاب اللّه فهو زخرف ).
وقال : (اذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب اللّه ، او من قول رسول اللّه (صلى الله عليه واله) ، والا فالذي جاءكم به اولى به ) (16) .
وفـي كـثير من ارجاعات الائمة (عليه السلام)اصحابهم الى القرآن ، لفهم المسائل واستنباط الاحكام منه ، لدليل ظاهر على حجية ظواهر القرآن ، وضرورة الرجوع اليه .
قـال زرارة بن اعين : قلت لابي جعفر الامام محمد بن علي الباقر(عليه السلام) : الا تخبرني من اين علمت وقلت : ان المسح ببعض الراس وبعض الرجلين ؟.
فـضحك ، وقال : يا زرارة ، قاله رسول اللّه (صلى الله عليه واله)و نزل به الكتاب من اللّه ، لان اللّه عز وجل قال : (فاغسلوا وجوهكم ) فعرفنا ان الوجه كله ينبغي ان يغسل ، ثم قال : (و ايديكم الى المرافق ) فوصل اليدين الى المرفقين بالوجه ، فعرفنا انه ينبغي لهما ان يغسلا الى المرفقين ، ثم فصل بين الكلام فقال : (وامـسحوا برؤوسكم )فعرفنا حين قال : (برؤوسكم ) ان المسح ببعض الراس ، لمكان (الباء) ثـم وصـل الـرجـلين بالراس ، كما وصل اليدين بالوجه ، فقال : (و ارجلكم الى الكعبين ) (17) فعرفنا حين وصلهما بالراس ، ان المسح على بعضهما.
ثـم قـال : (فلم تجدوا ما فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وايديكم منه )فاثبت بعض الغسل مسحا (18) .
فـقد نبه الامام على ان زيادة (الباء) في مدخول فعل متعد بنفسه لا بد فيها من نكتة لافتة ، وليست سـوى ارادة الاكـتـفـاء بـمجرد مماسة الماسح مع الممسوح ، لان البا تدل على الربط والالصاق ، والـتكليف يتوجه الى القيد الملحوظ في الكلام فاذا وضع الماسح يده على راسه وامرها عليه ، فبأول الامرار يحصل التكليف فيسقط ، ولا دليل على الادامة ، فالاستيعاب ليس شرطا في المسح .
هكذا نبه الامام على امكان استفادة مثل هذا الحكم التكليفي الشرعي من الاية ، بإمعان النظر في قيود الكلام .
وعن عبد الاعلى مولى آل سام ، قال : قلت لابي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) : عثرت فانقطع ظفري ، فجعلت على اصبعي مرارة ، فكيف اصنع بالوضوء؟.
قـال : يـعـرف هـذا واشـبـاهـه من كتاب اللّه عز وجل ، قال اللّه تعالى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج : 78] امسح عليه (19) .
يـعني : ان آية نفي الحرج تدل على رفع التكليف ، حيث وجود ضرر او حرج على المكلف ، فيجب ان يفهم ذلك كل مسلم من القرآن ذاته .
و كـذلـك اسـتـدلالات الائمـة (عليه السلام)فـي كـثـير من الموارد ، بيات قرآنية ، لا ثبات مطلوبهم لدى المخاطبين ، ففي ذلك عرض مباشر لشمول فهم القرآن للعموم وقد اتى سيدنا الاستاذ الامام الخوئي ـ حفظه اللّه ـ بأمثلة على ذلك كثيرة ، فليراجع (20) .
__________________________
1- يعني : ان شفع لاحد قبلت شفاعته ، وان سعى بأحد صدق .
2- اي جاء لبيان الحق وفصله عن الباطل ، وليس مجرد تفنن في الكلام والادب الرفيع .
3- فان ظواهر القرآن هي بيان الاحكام التكليفية والتشريعات الظاهرة اما باطنه فملؤه علم وحكمة وحقائق راهنة .
4- اي دلائل لائحة ، بعضها على بعض شاهدة .
5- لانه اتى بحديث لا يبلى على مر الدهور.
6- اي دلائله على الهداية واضحة لمن رام الاهتداء به ، فمن عرف هذا الوصف للقرآن امكنه الاستفادة منه ، قال العلامة المجلسي : صفة التعرف والاستنباط(مرآة العقول ، ج12 ، ص 479).
7- اي وليلتفت بنظره الى هذا الوصف للقرآن ، وانه هداية عامة لكافة الناس ، دلائله واضحة ومعالمه لائحة ، لمن استهدى ادلا.
8- النشب : ما لا مخلص منه .
9- الكافي الشريف ، ج2 (كتاب فضل القرآن رقم2 ) ، ص 598 ـ 599 والمراد بحسن التخلص : الصدق في الاخلاص وقلة التربص : كناية عن سرعة الاقدام وان لا يكف بنفسه عن السعي في الخير.
10- الكافي الشريف ، ج2 ، ص 600 ، رقم5 .
11- بحار الانوار ، ج92 ، ص 107.
12- المحاسن البرقي ، ص 267.
13- معاني الاخبار للصدوق ، ص 67.
14- بحار الانوار ، ج92 ، ص 183.
15- مجمع البيان ، ج2 ، ص 554.
16- الاحاديث مستخرجة من الكافي الشريف ، باب الاخذ بالسنة وشواهد الكتاب ، ج1 ، ص 69 ، رقم 1 و5 و3 و2.
17- هذا بنا على قراءة (و ارجلكم ) بالخفض ، كما هي ايضا قراءة مشهورة ، غيران القراءة بالنصب من العطف على المحل كما رجحناه فى مجاله المناسب ، غير ان خصوصية البعضية مفقودة فيها ، حسبما نبهنا عليه .
18- من لا يحضره الفقيه ـ ابو جعفر الصدوق ، ج1 ، ص 56 ـ 57 ، باب 21 ، التيمم ، رقم1 /212والكافي الشريف ، ج3 ، ص 30 والوسائل ، ج1 ، ص 291(اسلامية ).
19- الوسائل ، ج1 ، ص 327 ، رقم5 .
209284- اي على وجه الاجمال والابهام من غير بيان التفصيل وذكر القيود والشرائط ، فإنها خافية على اذهان العامة غير المطلعين على الشرح والتبيين الذي جاء في كلام الرسول (صلى الله عليه واله).
20- البيان للخوئي : ص283-284.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|