أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-11-2016
1593
التاريخ: 27-3-2021
2131
التاريخ: 26-3-2021
3640
التاريخ: 14-11-2016
1484
|
تبدأ سلطة قريش منذ عهد قصي بن كلاب، ويقال ان قصيا كان صغيراً عندما توفي ابوه، فتزوجت امه من رجل من بني قضاعة وأقامت معه في داره على مشارف الشام، وهناك بلغ قصي اشده ثم جاء الى مكة وتزوج ابنة خليل بن حبشية (1) آخر امراء مكة من الخزاعيين، وبعد وفاة والد زوجته التف حوله أقاربه من قريش واستمد العون من قبيلة قضاعة، وتغلب على الخزاعيين بقوة السيف وتولى إمارة مكة وأمسك بزمام أمور الكعبة في يده.
جمع قصي قبيلته قريش التي كانت حتى ذلك الوقت تقيم في الوديان والجبال المحيطة بالمدينة وأقرهم في الحي الذي يرغبه الجميع اي حول الكعبة وبنى لهم دار الندوة وجعل مهمة حمل مفاتيح الكعبة ورايتها والسقاية والرفادة فيهم، وكانت الأحكام التي أقرها قصي موضع احترام وتنفيذ تام من جانب قريش، بل وكانت تشبه " تعاليم الدين " حسب قول ابن اسحق المؤرخ، وعندما بلغ قصي سن الشيخوخة اسلم مقاليد الأمور لولده الاكبر عبد الدار وتوارث ابناء عبد الدار مقاليد الأمور من بعده، الا ان ابناء عبد مناف (الولد الآخر لقصي) ثاروا وكانت هذه اول فرقة وانقسام يصيب قريش، فجمع الطرفان حلفاءهما واعدا العدة للحرب. ويروى ان ابناء عبد مناف وضعوا كأساس به طيب الى جوار الكعبة وغمسوا ايديهم به كرمز للاتحاد بينهم، ومسحوا به جدار الكعبة وكانت هذه المعاهدة تعرف باسم " حلف المطيبين " ، ولكن لم تنشب الحرب، فقد عقد الطرفان وثيقة صلح على ان يتم تقسيم المناصب والمهام فيما بينهما؛ فكان مفتاح الكعبة ورايتها وزعامة دار الندوة لبني عبد الدار في حين تؤول السقاية والرفادة الى بني عبد مناف، وكانت زعامة الطائفة الاخيرة لهاشم زعم وجود عبد شمس اخيه الاكبر، وفي تفسير اسباب ذلك يروى ان عبد شمس كان دائم الترحال، كما انه كان فقيرا مثقلا بأعباء العديد من الأبناء، في حين كان هاشم رجلا ذا قدرة.
كان هاشم وهو حد سلسلة بني هاشم زعيم قريش في عصره، وكان اسمه الاصلي عمرو واتخذ لقبه هذا عندما اصاب قومه القحط في احد الاعوام فهشم الخبز بينهم، اذ ان كلمة " هشم " تعني التكسير والتفتيت (2)، وكان هاشم طبقا لبعض الروايات هو الذي حدد لقريش رحلتي الشتاء والصيف؛ فكانت رحلة الشتاء هي رحلة قوافل التجارة الى اليمن ورحلة الصيف الى الشام وفلسطين، ويروى انه عقد اتفاقيات مع دولة الروم ومع امراء الغساسنة بهدف تأمين وتسهيل عبور قوافله ويقال أيضاً ان عبد شمس اخا هاشم عقد تحالفا مع ملك الحبشة وان نوفل عقد حلفا مع ملك فارس وعقد مطلب حلفا مع ملك اليمن، وهكذا تم تنظيم تجارة قريش على يد ابناء عبد مناف.
ويروى ان امية بن عبد شمس ابن اخي هاشم كان يكن ضغينة لعمه، وكان يحاكي اعماله، وذات يوم ثار على هاشم ووصل الأمر الى محاكمته امام كاهن خزاعي، وصدر عليه الحكم، وبمقتضى الشرط الذي قبل به هاجر الى الشام لمدة عشر سنوات، وكانت هذه اول عداوة بين اسرتين من عبد مناف.
وتزوج هاشم بامرأة من طائفة بني النجار في رحلته الى مدينة يثرب (المدينة)، وكان له من هذه الزيجة ولد يسمى شيبة، وعاش هذا الطفل لدى امه بالمدينة، وتوفي هاشم في رحلة اخرى الى مدينة غزة بفلسطين، وبعد هاشم تولى مطلب مهمة المناصب المتوارثة، وعندما علم بوجود ابن اخيه في المدينة ذهب إليه وأتى به معه الى مكة ويروى انه حين ورد الى مكة مع ابن اخيه تساءل الناس عمن يكون، فكان عبد المطلب يجيب " هذا عبدي " لذا فقد عرف شيبة بعبد المطلب (3)
كان عبد المطلب من كبار رجال قريش وله تاريخ يزدحم بالأحداث، وبعد وفاة عمه تولى المناصب المتوارثة، ومنذ البداية وقع الشقاق بينه وبين عمه الآخر نوفل، وكان الوحيد من أعمامه الذي كان لا يزال حيا حول الاراضي التي آلت إليه بالإرث، وكانت خاضعة لسيطرة نوفل فطلب العون من اقاربه من ناحية امه بالمدينة فاضطر نوفل الى التخلي عن الأرض، لكنه ذهب الى بني عبد شمس وأقسم معهم على بني هاشم، فقام عبد المطلب بدوره بحشد عدد من بني خزاعة، وعقد معهم حلفا داخل الكعبة، وبهذا وقع الخلاف من جديد بين بني أمية وبني هاشم.
ومن الوقائع الهامة في حياة عبد المطلب حفر بئر زمزم، ذلك البئر الذي تفجر في زمن اسماعيل بمقتضى الروايات التاريخية، وكان أساس الحياة في مكة، وكان قد ردم قبل عصر عبد المطلب بعهود طويلة وطواه النسيان، فصدر الأمر لعبد المطلب في منامه بان يعود حفره، وتبدي له مكانه لم يكن عبد المطلب ولا غيره يعرفونه، فبدأ في الحفر بمساعدة ولده الحارث الذي كان ابنه الوحيد الى ذلك الوقت، وبعد مدة من الحفر ظهر لهما كنز عبارة عن غزالتين من الذهب كان آل جرهم قد دفنوه هناك في زمن نزوحهم، كما عثروا على عدة سيوف ودروع فتنازعت قريش وعبد المطلب على ملكية البئر الذي اعتبروه ملكا لجدهم اسماعيل، ونازعوه في الكنز أيضاً، واستقر الرأي على إجراء القرعة بينهم، فكان الكنز من نصيب الكعبة والسيوف والدروع من نصيب عبد المطلب في حين لم يكن من نصيب قريش اي شيء فأهدى عبدالمطلب ما قسم له الى الكعبة فصنع لها بابا من السيوف وأقام الغزالتين الذهبيتين بها، وكانت هذه اول زينة ذهبية تقام بالكعبة (4)، وبينما كانت قريش تنازع عبد المطلب كان هو قد نذر الى الله ان يقدم واحدا من بنيه اضحية ان رزق بعشرة منهم، فكان له ما تمنى، فجمع بنيه ودخل الكعبة وأجرى القرعة بينهم، وكان كل خوفه ان تأتي القرعة على اسم ولده عبدالله أصغر بنيه وأحبهم الى قلبه الا ان هذا ما حدث فأمسك عبدالمطلب يد ولده عبد المطلب دون تردد وأخذه والسكين في يده الى المذبح ليوفي نذره، فحالت قريش وبنو عبدالمطلب بينه وبين ما أراد، واستقر الرأي على اجراء القرعة بين الاضحية وبي دية الإنسان (واكنت في ذلك الوقت عشرة من الابل) واذا اصابت القرعة الفداء ليزيدوا في عدد الابل، واجريت القرعة الى ان اصابت الابل، فقدم عبد المطلب الدية وانتهى الأمر الى مئة ناقة، ومنذ ذلك الوقت صارت دية الإنسان مئة من الابل.
ثم اختار عبد المطلب آمنة بنت وهب ، رئيس قبيلة بني زهرة (من بطون قريش)، زوجة لولده عبد المطلب، ولكن بعد عدة اشهر توفي عبدالله بالمدينة في إحدى رحلاته التجارية في طريق العودة من الشام بصحبة قافلة. فدفن بها وفي ذلك الوقت كان النبي في بطن أمه.
ومن أحداث عصر عبدالمطلب أيضاً قصة اصحاب الفيل التي ورد الحديث عنها في الجزء الأول من هذا الكتاب، فمن المعروف ان ابرهة قام برد الابل التي كان جنوده قد استولوا عليها لقريش احتراما لمنزلة زعيم قريش وحرمته، ولما تعجب ابرهة من أحجام عبد المطلب عن مطالبته بالرجوع عن الكعبة قال عبد المطلب : " إن للبيت ربا يحميه ".
توفي عبد المطلب، طبقا لرواية كتاب السيرة، بعد ثماني سنوات من حادثة الفيل (5) وانتقلت الزعامة والسلطة من بعده من بني هاشم الى بني امية، حيث كان زعماء بني امية في التجارة اشد ثراء ونفوذا، وفي زمن عبد المطلب زادت قريش ثراء من التجارة وحازت نفوذا عظيما في مكة، وزادتها حادثة الفيل علوا، فكانوا يقولون : " نحن أبناء ابراهيم واهل الحرم والحرمة وأولياء البيت وساكنوا مكة وليس لأي من العرب مالنا من حق ومنزلة " وفي مواسم الحج كانت لهم امتيازات ولمن ينتسبون اليهم على سائر الحجيج وكان اصحاب هذه الامتيازات يقال لهم " حمس" (6) وكان من هذه الامتيازات ترك الوقوف والافاضة من عرفات حيث كانوا يقولون " نحن اهل الحرم ولا نحترم سوى الحرم " ، وفي حالة الاحرام كان من غير المسموح به لأهل الحمس طهي الكشك او الطهي بالزيت او استخدام الصوف في صنع الخيام، وقاموا بسن قانون يقضي بألا يحق لأي حاج ان يأكل طعاما جاء من خارج الحرم، وبأن يتم الحاج اول طواف له برداء يمنحه اياه الحمس، وان لم يجد الحاج مثل هذا الرداء كان عليه ان يطوف عاريا، وبالنسبة للنساء اجازوا ارتداء قميص، وظلت تعاليم الحمس سارية الى ظهور الاسلام حيث تم الغاؤها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ابن هشام، ج1 ، ص125، وهناك روايات اخرى في هذا الصدد، انظر الطبري، ج2 ، ص 182.
(2) ابن هشام، ج1 ، ص143 وهناك تفاصيل اخرى في " الروض الآنف " ..
(3) الطبري، ج2 ، ص177.
(4) ابن هشام، ج1، ص139، والطبري وغيرهما.
(5) المتفق عليه ان وفاة عبد المطلب كانت حين بلغ الى سن الثامنة، ويرجع القول بأنه توفي في العام الثامن بعد عام افيل الى اعتبار ان النبي (صلى الله عليه واله) ولد في عام الفيل، وفي ذلك خلاف يرد في الفصل القادم.
(6) جمع " أحمس " اي شديد المراس في الدين وفي الحرب.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مستشفى العتبة العباسية الميداني في سوريا يقدّم خدماته لنحو 1500 نازح لبناني يوميًا
|
|
|