أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-5-2019
1019
التاريخ: 1-11-2016
875
التاريخ: 1-11-2016
1188
التاريخ: 1-11-2016
1655
|
غوديا حاكم لكش:
في الوقت الذي اختفى فيه آخر ملوك أكد، حكم في لكش الـ( إن – سي ) أورباو (أوربابا) UR-BABAU الذي عثر على تمثال له صغير الحجم وعلى نصوص تمجد ما قام به من أعمال عمرانية. وقد خلفه في الحكم اصهاره الثالثة وأهمهم غوديا Gudea الذي خلفه بعده ابنه وحفيده. واستطاعت هذه الاسرة ان تحكم في النصف الثاني من القرن الثاني والعشرين في بعض مناطق بلاد الرافدين الجنوبية. في الفترة الأخيرة من السيطرة الكوتية.
نجح غوديا في تكوين نواة دولة سومرية جديدة قبل ملوك الأسرة الثالثة في أور. وتميز عهده بالعودة إلى الطقوس المكرّسة لعبادة الآلهة السومرية التقليدية. واسترد الدين مكانته في الحياة اليومية وفي التراث المكتوب في تلك الفترة. وفي النصوص التي خلفها حاكم لكش يعلن أنه ينفذ إرادة الآلهة التي اعتقد أنها اختارته لقيادة بلاده وإدارة دفة الحكم فيها. وفي العقلية السائدة كان يعتقد أن الآلهة كانت تتدخل مباشرة وتحضر بنفسها حفلة التتويج. وكان يجري التعرف على ارادات الآلهة ورغباتها بتفسير النبوءات والظواهر العجيبة وهذا مما كان يعطي للكهنة دوراً خاصا في المدينة والدولة. وكان اتصال الآلهة بالملوك أمراً ممكناً، حسب التقاليد الجارية، ولكن لم يكن من الممكن ان يتجلى الآلهة للناس العاديين.
وفي بعض الظروف الخطيرة كان يسيطر القلق البالغ عندما تتأخر الإرادة الإلهية عن الانكشاف لجلاء امر ما او للنصح في اتخاذ موقف معين تجاه حدث خطير. وكان غوديا بين عواهل الشرق الأدنى القديم شديد الانهماك بهذه الممارسات ويخشى دائماً ان تغيب عنه هذه العناية الإلهية التي كان يؤمن بها.
وضمن هذه المفاهيم الخاصة بالعقيلة الرافدية في تلك المرحلة كان الملوك والحكام يتصورون أنهم هم مسؤولون عن أعمالهم في الحكم تجاه آلهتهم. وتشير المبادئ السائدة إلى ان الآلهة كانت تريد من الحكام ان يعملوا على ترسيخ النظام وإقامة العدل ونشر الخير والازدهار، ويكون ذلك بالعمل على إرضاء الآلهة. وكان واجب الملوك توفير الظروف المناسبة لذلك ويؤدي هذا بالتالي إلى تحسين ظروف المعيشة للناس وتحقيق أسباب السعادة والتقدم. فالملوك الصالحون هم الذين يعملون لخير رعيتهم. وقد كشفت التنقيبات الأثرية في لكش عن جملة من الوثائق الهامة منها الأختام الأسطوانية الفخارية والتماثيل المتعددة الجميلة. والدقيقة التي تمثل غوديا وهو في وضع العابد المتأمل الحكيم. وقد عثر على معظم هذه التماثيل في المعابد رغبة من صاحبها بوجوده الدائم على مقربة إلهة ليستمد منه الرضا والرضوان.
وما يثير الدهشة قبل كل شيء المستوى الرفيع للنحت السومري في ذلك العصر. ويوجد في متاحف العالم اثنا عشر تمثالا لحاكم لكش غوديا وعدد منها من حجر الديوريت. ولئن كان بعض هذه الأعمال يفتقر إلى الأبعاد المتناسبة فبعضها الآخر يعدّ أعمالاً فنية رفيعة وله قيمة عالمية. وتشاهد على بعض النصب والأواني المنقوشة والمنحوتة مشاهد دينية. ولبعضها من الأهمية ما يتجاوز الأهمية التاريخية وحسب ويمكن عده من آثار التراث الإنساني الرفيع. ويقدم بعض هذه النقوش نماذج من التزيينات التي كانت تزين بها المعابد السومرية في ذلك العصر الذي زاد فيه الاهتمام بالحياة الروحية بعد الشدة التي مرت بها البلاد إبان الغزو الكوتي الذي نشر الخراب والدمار.
وقد اختفت من الوجود، وياللأسف، مجموعة المباني الدينية التي شيدت في تلك الفترة. ولم يبق الا قوس وبعض الجدران من معبد نين جرسو، ولكن يشاهد على احد تماثيل غوديا مخطط المعبد ومنه يمكن التعرف على هندسته وأقسامه. ولا شك ان أعمال التنقيب العشوائية في القرن الماضي قد أدت إلى تخريب أجزاء كان من الممكن انقاذها لو اتبعت الأساليب الصحيحة في التنقيب.
وقد ترك الحاكم الحكيم غوديا للأجيال تقريرا عن الجهود التي بذلها ليجعل المعبد الذي أقامه للمعبود نين جرسو في لكش عنوانا للعظمة والإبداع الفني. فقد استحصل على الخشب من جبال الأمانوس والحجارة المقطوعة للبناء من عيلام وجبال أمورو. وجلب الذهب والنحاس والديوريت والعقيق والبخور والخشب الثمين وربما الأبنوس من بلاد ماغان / مغان وملوخا، وقد يقصد بهما عُمان ووادي الهندوس / السند. وقام غويدا بإرسال بعثات إلى عيلام لاستجلاب الأيدي العاملة والحجارة اللازمة للنحت والبناء.
ونستخلص من هذا النص معلومات هامة عن العلاقات بين المناطق وعن التنظيم السياسي والاقتصادي للدولة وعن سير القوافل التجارية في جو يسوده الأمن والنظام. ويشكر غوديا للعناية الإلهية حمايتها للطرق من البحر الأدنى إلى البحر الأعلى وهو المدى الجغرافي التقليدي للتحركات البشرية وللفعاليات التجارية بين مناطق الشرق العربي القديم.
وفي نص آخر ما يفيد ان بناء المعبد كان انقاذا لإرادة إلهية : فقد قرئ على أحد الاختام الاسطوانية نص مسماري يتضمن ان غوديا رأى في الحكم الإله يدعوه إلى بناء المعبد. وقد فسر له كهنة الربة (نانشة) الحلم وباشر العمل فيه لتوه، بعد اجراء الطقوس الدينية الاحتفالية التي شملت الطهارة والصلاة والعبادة وتقديم القرابين. وقد أقيمت احتفالات كبيرة بعد انجاز العمل. وينقل الينا هذا النص تعبيرا صريحا عن عمق الشعور الديني لدى السومريين ويقدم لنا جانبا من مظاهر العقلية السومرية ومنهج التفكير الذي طبع الحياة الرافدية بطابعها إلى نهاية مراحل تاريخها القديم.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|