أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-12-2016
14368
التاريخ: 8-4-2021
2498
التاريخ: 1-12-2016
2161
التاريخ: 18-10-2016
4191
|
أ- السمات الفكرية:
ظهرت حركة واسعة في التدوين والتأليف والنقل والترجمة وفي مقدمتها تدوين المعارف والعلوم التي بدأت في طور نضجها فان اللغة السومرية أخذت بالزوال بعد سقوط مملكة اور الثالثة عام (2004 ق.م) لتحل محلها البابلية التي صارت اللغة الرسمية ولغة التخاطب اليومي في البلاد، فضلاً عن ذلك سيادة اللغة البابلية فقد تم في هذا العصر تدوين واستنساخ نصوص كتبت باللغة السومرية التي يمكن تصنيفها إلى صنفين اساسيين، الاول يتكون من الكتابات التذكارية لملوك مملكتي (أيسن) و (لارسا) اما كتابات ملوك مملكة بابل الاولى فان القسم الاعظم منها دوّن بالبابلية وقليل منها بالسومرية والثاني يتكون من النصوص الادبية مثل الملاحم والاساطير والصلاة والتعاويذ والمناظرات والامثال ومجموعات من الرسائل الرسمية والشخصية ، وبذلك حفظت المدرسة البابلية والنساخ البابليين في حفظ التراث السومري عن طريق استنساخ الوثائق السومرية القديمة(1).
نشأت الحضارة الراقية في بلاد الرافدين من العلوم والمعارف منذ مطلع الالف الثالث قبل الميلاد وقد تطورت بمرور الزمن ولاسيما في مطلع الألف الثاني قبل الميلاد في العصر البابلي القديم الى علوم صحيحة وهي ما تسميها بعلوم الرياضيات والطب والتنجيم الذي نشأ من علم الفلك الحقيقي(2).
يعد النتاج الادبي في حضارة بلاد الرافدين كما تمثله النصوص الادبية التي اكتشفت ذو اهمية في تاريخ الآداب البشرية وتطور الفكر الإنساني ذلك لأنها كانت أولى محاولات للإنسان في التعبير عن الحياة وقيمها واحوال المجتمع ومشاكل الفرد بأسلوب الفن والخيال(3)، فإذا قارنا قدم الادب السومري والبابلي سواء كان ذلك من حيث زمن انتاجه ام زمن تدوينه وجدناهُ يسبق الآداب العالمية جميعاً وفضلاً عن صفة القدم هناك ميزة اخرى تميز بها ادب العراق القديم بالمقارنة مع الادب العالمي فهو أدب خالي من التحوير والاضافة وجاء الادب العراقي بنصوصه الاصلية كما دونته اقلام العراقيين القدماء على الواح الطين قبل خمسة الاف عام(4).
ب- السمات الحضارية:
تميز العصر البابلي القديم في عصر حمورابي (1792-1750ق.م) بكثرة العمارة من البيوت السكنية وبأنواع جديدة من القصور والمعابد التي تركز فيها مبدأ البيت ذي الفناء الوسطي الذي قد يكون في المعابد اكثر استقامة ونظاماً منه في البيوت التي يضطر تنظيمها حسب شكل قطعة الارض المتاحة لها أصلاً، وظهرت المباني الإدارية ذات الطابع شبه الديني وتدل على الاتجاه الاداري المركزي الذي بدأ بتبلور الفكر والتطبيق عند البابليين القدماء(5).
جـ- السمات السياسية:
نظام الحكم:
كانت الملكية في بلاد ما بين النهرين سمة من سمات الحضارة(6) ولم يكن الملك في بادئ الامر اكثر من Primusinter pares أي قائد مؤقت ينتخب وقت الحرب غير ان ذلك تلاشى قبل نهاية عصور فجر السلالات كان الحاكم يسمى (انسي) ونُظر اليه بالدرجة الاولى هو الواسطة بين الالهة والناس الذين خلقتهم لخدمتها. فكان يمثل الناس امام الالهة وبالمقابل فقد كان الواسطة التي تنظم الالهة من خلال شؤون الدولة للناس(7).
اما في حقبة الدولة الاكدية ومملكة اور الثالثة صار النظام الاداري نظاماً مركزياً يعتمد فيه الملك ( لوكال) على حكام وولاة يعينهم من بين التابعين للملك والموالين له (8).
اما في عصر حمورابي فكان الملك يهتم بجميع الامور ويضع الاسس العامة ويوجه ولاته وحكامه لاتباعها ويراقب بدقة تطبيق تعليماته(9)، فصار حمورابي السيد المطلق على جميع المملكة اذ تم نقل جميع السلطات من المعبد الى القصر وصارت السلطة في عصر حمورابي علمانية(10)، يساعده مجلس يسمى مجلس الشيوخ (مجلس المسنين) و ينظر في الامور القضائية التي تحال اليه من حاكم المدينة وربما اشرف على تنفيذ العقوبة التي يصدرها بحق المجرمين(11).
خصائص المجتمع البابلي القديم:
أشارت القوانين العراقية القديمة، ومنها قانون حمورابي وبعض النصوص المسمارية الاخرى إلى الطبقات الاجتماعية التي كان يتألف منها المجتمع العراقي القديم والى الفئات الاجتماعية الكثيرة التي كانت تولف تلك الطبقة الاجتماعية، وقد اعترفت القوانين بطبقتين رئيسيتين فقط وميزت في المعاهدة بين أفرادهما وهما طبقة الاحرار وطبقة العبيد، وضمن طبقة الاحرار جميع الفئات الاجتماعية من السكان في المدينة والقرية والريف من غير المملوكين أي من غير العبيد وكان التمييز بين الاحرار معروفاً في جميع المجتمعات، ويرى كثير من الباحثين ان المجتمع العراقي القديم ضم ثلاث طبقات اجتماعية، فضم فضلا عن طبقتي الاحرار والعبيد طبقة ثالثة وسطى كان افرادها من غير العبيد، أي من الاحرار الا ان حريتهم كانت مقيدة في حين لم يكن للعبيد اية حرية، وقد اعتمد اصحاب هذا الرأي على ما ورد في قانون (اشنونا) وقانون (حمورابي) (12) من أشارات ومصطلحات تشير إلى الفئات الاجتماعية المختلفة، فقد ورد مصطلح (اويلم) (Auilum) بمعنى (رجل) و (مار أويلم) (Mar-Auilum) بمعنى (ابن رجل) وكأنهما يشيران إلى افراد طبقة الاحرار العليا كما ورد مصطلح (مُشكينم) (Muskinum) للإشارة حسب هذا الرأي إلى الفرد من الطبقة الوسطى. الا ان تحليل المواد القانونية القليلة التي ورد فيها ذكر (مشكينم) ومقارنتها مع بقية المواد القانونية يؤكد بأن المقصود من كلا المصطلحين هو الإشارة إلى طبقة الأحرار غير ان القوانين ميزت بين فئتين من الأحرار نسبة إلى امكاناتهم الاقتصادية(13).واهم طبقات المجتمع هي :-
أولاً: طبقة الأحرار:
تمثل هذه الطبقة (الطبقة العليا) المستغلة في المجتمع وكان افرادها يتمتعون بالحرية الكاملة المطلقة وبجميع حقوق المدنية والسياسية فمثلاً كان من حق افراد هذه الطبقة وحدهم المشاركة في شؤون الحكم(14)، كما كان منه كبار موظفي الدولة والبلاط وكبار قادة الجيش، ومن ابرز الحقوق الاقتصادية التي كان يتمتع بها افراد هذه الطبقة هو حق الملكية فقد كان هؤلاء من كبار مالكي الاراضي والعبيد والمشاغل الحرفية ومختلف وسائل الانتاج كما كانت حقوق الارث محفوظة لهم، ومن بين افراد هذه الطبقة فئات من معدمي الاحرار الذين كانوا يساهمون في مختلف عمليات الانتاج كجزء من الطبقة المستغلة اذ كانوا مجردين من وسائل الانتاج مما كان يدفعهم إلى استدانة تلك الوسائل من اغنياء طبقة (اميلو) او (اويلو) الامر الذي كان يؤدي إلى زجهم باستمرار تحت نير العبودية نتيجة عجزهم عن ايفاء ديونهم فلذلك لم يكن نظام الطبقات في بلاد بابل نظاماً طبقياً مقفلاً اذ كان من المحتمل ان يقع الاحرار في العبودية كما كان بإمكان الرقيق ان يحصل على حريته ولم يكن زواج العبد من امرأة حرة غريباً وكان للرقيق ان يحصل على ممتلكات يمكن بواسطتها (ان وافق سيدها على ذلك) ان يشتري حريته الخاصة(15).
لقد جاءت شريعة حمورابي مسندة حقوق ومصالح طبقة (الاويلم) اسناداً قوياً فقد جاء في المادة السابعة منه (انه كل من يتسلب أموالاً منقولة من يد ابن رجل (مار- اويلم) أو من يد شخص رقيق من دون عقدٍ وشهودٍ يعدّ سارقاً وتفرض عليه نفس عقوبة السارق)( 16).
ثانياً: طبقة (المشكينوم) (المساكين):
ان المعنى الدقيق لكلمة (Mushkinum) البابلية غير معروف وانها تعبر عن فئة من المجتمع البابلي، غير معروف موقعها الاجتماعي بشكل اكيد فهم ليسوا عبيداً وليسوا احراراً من طبقة (اويلم) (Auilum) ، لذا اصطلح على ترجمتهم بالطبقة الوسطى، ولكن بعض مواد القانون تمنحهم امتيازات اكثر من طبقة الاحرار، وتعامل ممتلكاتهم وحقوقهم وكأنها جزء من ممتلكات الملك أو القصر(17)، على وفق المواد (8)،(15)،(16) من قانون حمورابي التي تخص (المشكينوم)(18).
أما في الواقع العملي في عصر مملكة بابل الاولى فقد كان (المشكينوم) يعانون الاستغلال من الطبقات الاسمى منزلة، فلقد كانوا يعانون من حالة شديدة من الفقر اذ كانوا يعملون فلاحين ماجورين وحرفيين صغاراً وكانوا خاضعين لأعمال السخرة التي تفرضها الدولة والمعابد ، كما كانوا خاضعين إلى مختلف الضرائب النقدية والعينية وفي شريعة حمورابي ميز بين طبقتي (المشكينوم) و(الأويلم) ، في حين كان ايقاع مثل ذلك الضرر بأحد افراد طبقة (الاويلم) يعاقب مرتكبه بموجب مبدأ القصاص (العين بالعين والسن بالسن) أو بالجلد امام الناس، وفق المواد (196) و (197) و (200) و (202) من قانون حمورابي(19).
ثالثاً: الرقيق (العبيد):
يُعرَف المجتمع العراقي القديم بانه مجتمع قائم على الاسس الطبقية، ويعد المجتمع البابلي القديم في عصر (حمورابي) مثالاً نموذجياً لدراسة تلك الطبقات ولاسيما قد توافرت للباحثين معلومات وافية عن الاسس الاجتماعية والاقتصادية(20) التي كان عليها المجتمع البابلي، وعن حقوق وامتيازات الطبقة العليا وواقع الطبقة السفلى التي كانت تتمثل بطبقة العبيد(21).
لقد جاء في النصوص المسمارية، وفي مقدمتها (قانون حمورابي) استخدام مصطلح (وردوم) Wardum)) المشتق من (وردم) الاكدية للدلالة على العبودية وتعني بالسومرية ( Amar – gi) للدلالة على العتق من العبودية(22).
وبهذا كان المجتمع البابلي من اذ الجوهر مجتمعاً بدوياً تسوده طبقة مالكي العبيد الصغار والمتوسطين، وكانت الدولة البابلية بأجهزتها وقوانينها مكرسة كلياً لخدمة مصالح هذه الطبقة فقد نص (شريعة حمورابي) مثلاً على ان قاتل العبيد يعاقب بتقديم مثله للمالك وعلى من يصبه بأذى يقدم مجرد التعويض عن ذلك، كما ان العبد مجرد (مال) من الاموال يباع ويشترى ويوهب منفصلاً من اسرته الخاصة، وان اقسى العقوبات توقع بمنتهكي حقوق التملك الخاصة، ولاسيما تملك العبيد وهذه تعد قاعدة (النظام الاجتماعي) برمته، فسارق العبد كان يعاقب بالموت، بل امتدت تلك العقوبة حتى لمن يخفي العبد الهارب من مالكه(23). كان الرقيق يؤلفون الفئة الدنيا من فئات المجتمع وكانت هذه الفئة اقل الفئات حظاً في الحياة من جميع الاوجه الاجتماعية والاقتصادية، ولم يكن الرقيق يؤلفون نسبة كبيرة من سكان المدينة في الازمنة الاولى من تاريخ العراق القديم ثم زاد عددهم تدريجياً بازدياد الحروب والمعارك العسكرية ومن ثم زاد اعداد الاسرى الذين آلو إلى العبودية(24 ).
أما أصناف العبيد فقد انقسموا إلى ثلاثة أصناف وهم عبيد القصر وعبيد المعبد وعبيد الملكية الخاصة، أما عبيد القصر فقد جاءت تسميتهم في البابلية (Warad Ekallim) أو (Amat Ekallim) ونادراً ما يذكرون في النصوص.
أما عبيد المعبد فليس لدينا أية إشارة عنهم في القوانين العراقية القديمة ويبدو أنهم كانوا يخضعون لقواعد وتعليمات صارمة (25).
_____________
(1) فاضل عبد الواحد، الكتابة واللغة والادب، في كتاب العراق في موكب الحضارة، (بغداد: دار الحرية للطباعة والنشر، 1988م)،ج1، ص189.
(2) طه باقر و فاضل عبد الواحد علي و عامر سليمان، تاريخ العراق القديم، (بغداد: جامعة بغداد، 1980م)، ج2،ص194.
(3) طه باقر، ملحمة كلكامش، (بغداد: دار الشؤون الثقافية، 2003م)، ص12.
(4) المصدر نفسه، ص12.
(5) مؤيد سعيد، العمارة من عصر فجر السلالات الى نهاية العصر البابلي الحديث، حضارة العراق ، (بغداد: دار الحرية للطباعة والنشر، 1985م)، ج3،ص152.
(6) طه باقر واخرون ، تاريخ العراق القديم،ج2 ص414-415.
(7) المصدر نفسه، ص414-415.
(8) طه باقر، المقدمة، ج1، ص437.
(9 )المصدر نفسه ، 437
(10) المصدر نفسه، ص437.
(11) طه باقر واخرون ، تاريخ العراق القديم،ج2 ، ص450.
(12) نجد ان صدى قانون اشنونا في القانون الذائع الصيت وهو قانون حمورابي الذي اعتبر الاساس في دراسة القانون الشرقي القديم لسنوات عديدة ،ولكن الاختلافات بين القوانين السابقة وقانون حمورابي ان الاخير كان اكثر تنظيما وتنسيقاً لذا فهو احق من غيره بان يوصف بالقانون وان تشابه الكبير في المضمون بين قانوني اشنونا وحمورابي قد اثار النقاش واستنتج العلماء بعد دراسة مفصلة بانه ليس هناك دليل واضح على ذلك لكن مضمون كلا القانونين مشتق اصلا من اصول قديمة واحدة.( هاري ساكز ، عظمة بابل، ص231).
(13) محمد الحاج محمود ، حقوق الانسان في بلاد ما بين النهرين ، مجلة المورد ، ع(3)،(بغداد : وزارة الثقافة والاعلام ، 1987 ) ، ص 32-33 .
(14)هاري ساكز، عظمة بابل، ص195.
(15) المصدر نفسه ، ص 196.
(16) طه باقر ، تاريخ العراق القديم ، ( بغداد : جامعة بغداد ، بلا ت ) ،ج2، ص 304.
(17)عامر سليمان، القانون في العراق القديم ، ج2 ، ص63-83.
(18) وهي المواد القانونية و تشمل الجرائم التي تقع على الاموال ومنها السرقة وهروب
الرقيق والسرقة بعنف ( طه باقر واخرون ، تاريخ العراق القديم ، ج2 ، ص 102).
(19) وهي المواد القانونية التي تتعلق بايذاء الاشخاص ، ( طه باقر واخرون ، تاريخ العراق القديم ، ج2 ، ص102).
(20) محمد الحاج محمود، حقوق الانسان في بلاد ما بين النهرين ، ص 33 .
(21) المصدر نفسه، ص33.
(22) عامر سليمان، القانون في العراق القديم ،ج2 ، ص44.
(23)عامر سليمان، القانون في العراق القديم ،ج2 ، ص55-56.
(24) هاري ساكز ، عظمة بابل، ص196.
(25) صالح حسين الرويح ، العبيد ، ( البصرة : مطبعة الميناء ، 1977م ) ، ص 29.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|