أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-12-2016
2914
التاريخ: 8-4-2021
2498
التاريخ: 27-12-2020
1922
التاريخ: 19-10-2016
2759
|
تعد نهاية سلالة اور الثالثة عام 2004 ق. م احد نقاط التحول التاريخية الكبيرة في العراق القديم، فبالإضافة الى ان هذه النهاية كانت تمثل آخر كيان سياسي للسومريين، فانها ادت كذلك الى تغيير في الخارطة السياسية للبلاد التي اصبحت في وضعية جديدة(1). فقد قامت عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة فيما بينها، اي ان البلاد عادت الى نظام مشابه في بعض جوانبه لما كان قائماً خلال عصر فجر السلالات وهناك سمة اخرى تميزت بها هذه المرحلة التاريخية وهي المعروفة في تاريخ العراق القديم باسم العصر البابلي القديم (2004-1595 ق.م)(2) الا وهي ان كل السلالات والدويلات الحاكمة هي آمورية الاصل، ومعنى ذلك ان تلك القبائل قد تسيدت هذا العصر(3).
ان اهم الممالك التي ظهرت في هذه المرحلة التاريخية هي ايسن ولارسا وبابل في الجنوب، آشور في الشمال، اشنونا في الشرق، وماري في الغرب(4)، ولهذا فان هذا العصر يسمى احيانا بعصر (ايسن-لارسا) نسبة الى اهم واقوى سلالتين قامتا فيه(5). ويمكن القول ان السمة العامة التي غلبت على علاقات تلك الممالك مع بعضها البعض، لم تكن تخرج عن نطاق الانضواء تحت هذا الحلف او ذاك، وانضمام كل مملكة الى حلف مضاد للآخر، وان سياسة الأحلاف هذه كانت تدفع الممالك الصغيرة مرغمة للتحالف مع الممالك الاقوى المجاورة لها، أما كحلفاء أو كمناطق تابعة طلباً للحماية(6).
اما الوضع السياسي الداخلي في سوريا فانه كان مشابهاً تماماً لما كان عليه في بلاد الرافدين قبل ان يفلح حمورابي بتوحيد البلاد فقد كانت سوريا تتكون من مجموعة من الممالك والدويلات المستقلة، وقد مثلت يمخد (حلب) اقوى تلك الممالك وكانت عاصمتها في حلب، وكان أمير ألالاخ تابعاً لها، وهناك ايضاً كركميش (جرابلس) شمال شرق يمخد على الفرات وهي مركز تجاري نشط على طريق القوافل القادمة من وادي الرافدين الى اسيا الصغرى، وكانت قطنا (تل المشرفة) قرب حمص واوغاريت (رأس شمرا) وبيبلوس (جبيل) على الساحل دويلات أمورية(7). حالها حال ممالك بلاد الرافدين.
ويمكننا رسم صورة واضحة للصلات التي كانت بين تلك الدويلات في هذه المرحلة الزمنية وذلك من خلال الوثائق المكتشفة في مدينة ماري، فقد بلغت هذه المدينة مكانة مهمة مع بداية الالف الثاني ق.م وهذا ما اوضحه الارشيف المكتشف فيها، والذي يزيد عدد رقمه الطينية على العشرين الف رقيم(8). وحوت تلك المجاميع من النصوص على عداد كبير من الرسائل التي اشارت الى الاحلاف العسكرية والسياسية التي كانت تقام بين الدويلات المختلفة، كما ضمت اشارات الى ارسال السفراء والمبعوثين والمراسيم الخاصة بأبرام المعاهدات والطقوس الدينية التي كانت ترافق ذلك، فأعطتنا صورة واضحة عن الوضع السياسي العام وعن العلاقات السياسية في كل من بلاد الرافدين وسوريا نظراً لعلاقة مملكة ماري الوثيقة بهذه المنطقة ولوقوعها على الطريق الموصلة بين وادي الرافدين والساحل السوري(9).
ويمكن ان نكمل معرفتنا للأوضاع السياسية التي سادت في المنطقة في هذا العصر من خلال استقراء النصوص التي تم اكتشافها في الالاخ (تل عطشانة) بالقرب من انطاكيا الحالية(10)، حيث اوضحت تلك النصوص الأحوال التي كانت سائدة ما بين القرنين الثامن عشر والخامس عشر قبل الميلاد، لأن معظمها كانت تتحدث عن صلات الممالك السورية مع بعضها(11). في حين زودتنا بعض النصوص التي تم العثور عليها في بلاد الرافدين عن معلومات مهمة تصف لنا خلفية الصلات السياسية مع سوريا خصوصاً في العصر البابلي القديم(12). كما وضحت تلك النصوص نجاح القبائل الآمورية في الهيمنة على مدن الوسط والجنوب بواسطة ممالكهم التي اسسوها مع بداية الالف الثاني ق. م، الا ان سيطرتهم على بلاد اشور تأخرت الى عهد شمشي-ادد الاول (1813-1781 ق.م) الذي قام بتأسيس السلالة الامورية فيها والتي استمرت في الحكم الى حوالي عام 1740 ق.م(13).
_________
(1) رو، جورج، العراق القديم، ص 245.
(2) باقر، طه، مقدمة...، ج1، ص 406.
(3) Snell,D., Life in the Ancient near East, P.50-51.
(4) رو، جورج، العراق القديم، ص 245-246.
(5) باقر، طه، مقدمة...، ج1، ص 406-407.
(6) اسماعيل، شعلان كامل، العلاقات الدولية في العصور القديمة، ص 103.
(7) ادزارد، اوتو، الشرق الادنى الحضارات المبكرة، ص 200.
(8) ساكز، هاري، عظمة بابل، ص 83.
(9) سليمان، عامر، "العلاقات السياسية الخارجية"، حضارة العراق، ج2، (بغداد، 1985)، ص 122.
(10) من الجدير بالاشارة هنا الى ان تلك النصوص قام بترجمتها وايزمن (Wiseman) وتم نشرها في الكتاب الموسوم:( The Alalah Tabalets, London, 1953).
وقد احتفظ بتلك النصوص المكتشفة من قبل ولي في متحف انطاكيا وبعد وقوع مدينة الأسكندرونه تحت السيطرة التركية بتواطؤ مع الاستعمار الفرنسي عام 1939 بقيت تلك النصوص بعيدة عن وطنها الام. انظر:
أحمد، محمود عبد الحميد، وآخرون، آثار الوطن العربي القديم، ص 357.
(11) مرعي، عيد، "دريمي ملك الالاخ"، مجلة دراسات تأريخية، العدد 29-30، (دمشق، 1988)، ص 103.
(12) كلينغل، هورست، تاريخ سورية السياسي، ص 54.
(13) الشمري، طالب منعم، الوضع السياسي في الشرق الادنى القديم بين القرنين الساس عشر والحادي عشر ق.م، ص22.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|