أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2016
300
التاريخ: 16-10-2016
317
التاريخ: 16-10-2016
312
التاريخ: 16-10-2016
254
|
الأخمينيــون Achmeneans:
يشكّل الأخمينيون أحد بطون قبيلة فارسية استقرَّت في منطقة عيلام، ومنهم قورش الأخميني. وقد كان قورش ينتمي إلى أسرة فيشتابا من بطن الأخمينيين من قبيلة بارسا أو فارسا الإيرانية أو الفارسية. وقد هاجرت القبائل التي من بينها القبيلة التي ينتمي إليها الأخمينيون من بحر قزوين من منطقة عُرفت باسم «بارسو» الذي حُرِّف إلى «فارس» خلال الألف الأول قبل الميلاد، وخضعت هذه القبائل لحكم العيلاميين عدة قرون، ولحكم الآشوريين بعد ذلك. واستقرت في إقليم جنوب غربي إيران (في القرن السابع قبل الميلاد) الذي سُمِّي باسمهم. وقد تحالف الميديون مع البابليين عام 612 ق.م. وحطَّموا الإمبراطورية الآشورية. وظلت مجموعة القبائل الفارسية تعيش على شكل قبائل متفرقة حتى تَمكَّن قورش (الثاني) الأكبر (559 ـ 529 ق.م) من خداع البابليين وإيهامهم بأنه لا ينوي بهم شراً، وشن حرباً على الميديين. وبعد أن تَخلَّص من ملكهم، ثم ملك ليديا، هزم بابل نفسها التي كانت تحت حكم الكلدانيين. وتمكَّن قورش من تأسيس مملكة مترامية الأطراف - على أنقاض الإمبراطورية البابلية الجديدة - تمتد من بلاد الرافدين إلى سوريا وفلسطين. وامتدت الإمبراطورية الفارسية بعد ذلك حتى حدود مصر التي فتحها قمبيز بن قورش في عام 525 ق.م.
وبعد فترة من الثورات والفوضى التي عمَّت الإمبراطورية نجح دارا الأكبر (الأول) في تنظيمها وإدارتها بعد أن قسَّمها إلى عشرين مقاطـعة من بينهـا مقاطعـة «عبر النـهر» التي كانت تضم يهودا (بالفارسية: يهود) والتي كانت تمتد من الفرات إلى حوض البحر الأبيض المتوسط. وكان على كل مقاطعة أن تدفع جزية محدَّدة للملك نقداً أو عيناً، وأن تُمد قواته بالمؤن والقوت. وكان يحكم كل مقاطعة حاكم يمثل الإمبراطور ويجمع الضرائب باسمه. وكان القاضي الأعلى وقائد الجيوش يُسمَّى «المرزبان» وهو نبيل من أصل فارسي أو ميدي، وكان هذا المرزبان يُعتبَر حاكماً شبه مستقل يرث أبناؤه منصبه ويساعده مجلس من أعضاء الأسرة المالكة. ومع هذا، فقد كان المرزبان مسئولاً أمام الملك مباشرة. وقد كانت تَحُدُّ من سلطات المرزبان مجموعة من الموظفين المدنيين والعسكريين المسئولين ومجموعة من المفتشين الذين يُطلَق عليهم لقب «عيون الملك» أو «آذان الملك» وكانت هي الأخرى مسئولة بشكل مباشر أمام الملك. وكان المرزبان يرجع في كل الأمور المهمة إلى السلطة المركزية.
وقد أسَّس دارا أربع عواصم كان يتنقل بينها، كما أسَّس جيشاً قوياً يضم جنوداً يونانيين ويهوداً مرتزقة بلغ عددهم ثلاثمائة وستين ألفاً. وقد اتَّسعت الإمبراطورية في عهده حتى وصلت حدودها إلى الهند وآسيا الصغرى. وإلى جانب الجيش، كانت توجد قوة من الحرس الخاص تُسمَّى «الخالدون». وأسَّس الأخمينيون شبكة هائلة من الطرق يسَّرت حركة الجيوش والتجارة والبريد. وقد سمح الأخمينيون (ومن بعدهم الفرثيون والساسانيون) للشعوب التي حكموها بدرجة من الحكم الذاتي. وعم السلام الفارسي، لبعض الوقت، الشرق الأدنى القديم.
وحينما ضمَّ قورش فلسطين إلى الإمبراطورية الفارسية، أصدر مرسومه (538 ق.م) الذي سمح للعبرانيين الذين كانوا قد هُجِّروا إلى بابل بالعودة إلى فلسطين. لكن أثرياء اليهود الذين حقَّقوا مكاسب اقتصادية لم يتحمسوا للعودة، كما لم يتحمس لها الفقراء الذين أحرزوا قدراً من الحراك الاجتماعي والاندماج في مجتمعهم الجديد. ولكن بقايا الكهنة والأسرة الحاكمة العبرانية كانوا من أكبر المتحمسين للعودة، لأن هذا كان يعني بالنسبة لهم العودة إلى المجد القديم والهيمنة وإلى العبادة القربانية المرتبطة بالهيكل بكل ما كان يتضمنه ذلك من مغانم اقتصادية ومكانة اجتماعية وهيبة دينية. ويُلاحَظ أن العائدين كانوا قد نسوا لغتهم العبرية وأصبحوا يتحدثون الآرامية، كما يُلاحَظ أن العبادة الإسرائيلية اكتسبت أبعاداً جديدة غيَّرت هويتها وبدأت تتحول إلى العقيدة اليهودية. ولكل هذا، يجب أن نشير إلى العائدين باصطلاح «يهود عبرانيين»، ولكننا تبسيطاً للأمر سنشير إليهم باعتبارهم يهوداً وحسب.
وكان الأخمينيون، كما أسلفنا، يسمحون بقدر من الإدارة الذاتية للشعوب والجماعات التي تضمها إمبراطوريتهم المترامية الأطراف. ولكنهم وجدوا أن من العسير الاعتماد على الأرستقراطية اليهودية الاقتصادية أو العسكرية متمثلة في بقايا أسرة داود، فآثروا التعامل مع الكهنة. ومما دعم ذلك أن الدولة الفارسية نفسها كانت دولة يشكّل الكهنة فيها عنصراً أساسياً في النخبة الحاكمة. وهكذا، أصبح كهنة الهيكل الثاني النخبة اليهودية الحاكمة التي تحكم باسم الإمبراطور الفارسي وتُسيّر أمور الجماعة اليهودية المتماسكة لصالحه داخل وخارج فلسطين وفي كل أنحاء الإمبراطورية الفارسية. ومن هنا كانت عودة زروبابل عزرا ونحميا. كما وُجدت جماعات يهودية في أرجاء الإمبراطورية على هيئة مستعمرات موالية للدولة الفارسية وجنود مرتزقة. بل عمل اليهود كجواسيس للفرس إذ يقول هيرودوت إن قمبيز أرسل بعض اليهود ليتجسسوا لصالحه في مصر قبل أن يُجرِّد حملته. كما أن أعضاء حامية إلفنتاين انضموا إلى الفرس فور احتلالهم مصر.
ويمكن أن نقول إن اليهود، أو على الأقل نخبتهم الحاكمة، قد تحولوا إلى جماعة وظيفية تخدم المصالح الفارسية. ولذا، فقد كان من مصلحة هذه الدولة تقوية هيمنة النخبة الكهنوتية، وهي هيمنة استمرت منذ مرسوم قورش وحتى التمرد اليهودي الأول ضد روما والنخبة الكهنوتية عام 66م. ومن هنا كان دعم الدولة الفارسية لعزرا ونحميا في محاولتهما تسجيل التوراة وفرضها باعتبارها شريعة وقانوناً ملزماً في كثير من الأمور الشخصية تكملها شريعة الدولة. وقد تم ربط الشريعة اليهودية بشريعة الدولة حتى يكتسب القانون الفارسي الدنيوي (الوضعي) شيئاً من الشرعية الدينية. ومن هنا كان إصرار عزرا على نقاء اليهود العنصري بوصفهم جماعة دينية وسيطة وفسخه الزيجات المُختلَطة - فمن خلال هذا النقاء وحده تستطيع الجماعة أن تقوم بدورها الوظيفي. ومن هنا أيضاً، كانت حماية الأباطرة الفرس للعقيدة اليهودية وإصرارهم على نقائها، فقد كتب دارا الثاني رسالة للحامية اليهودية في إلفنتاين يشرح لهم فيها طقوس الاحتفال بعيد الفصح ويُذكِّرهم بضرورة الاحتفال به. لكن هذا لا يعني أن يهودا أصبحت دولة ثيوقراطية، فقد كانت مقاطعة تابعة وحسب يحكمها المرزبان الفارسي الذي كان يشرف على جمع ضرائب الهيكل بالتعاون مع ملاك الأراضي. ولم يكن يتبع الهيكل أي أراض زراعية، ولهذا فقد كان الكهنة يعيشون على القرابين. ويتجلى ارتباط اليهود بالدولة الفارسية الأخمينية في واقع أن كهنة الهيكل كانوا يقدمون قرباناً في الهيكل كل يوم استجلاباً للسعادة والرفاهية لسيِّد صهيون وحاكمها الأعلى قورش. ويتضح إحساس اليهود بالعرفان تجاه الأخمينيين حيث جاء في المشناه أن صورة مدينة سوسة عاصمة ملوك فارس كانت تُثبَّت على البوابة الشمالية من الهيكل لتُذكّر اليهود بأن خلاصهم تم على يد الأخمينيين.
وقد تحوَّلت العودة إلى يهود، أي مقاطعة يهودا الفارسية، في الوجدان اليهودي إلى خروج ثان، وقُرن عبور عزرا للصحراء بعبور العبرانيين البحر الأحمر وبناء الهيكل وبظهور الإله لموسى (فالهيكل هو حلول للحضرة الإلهية - شخيناه). كما قُرنت قراءة التوراة على يد عزرا بنزولها، أما فسخ الزيجات المختلطـة فقد قُرن بغزو كنعان وإبادة الكنعانين.
ونحن لا نعرف الكثير عن حياة اليهود في فلسطين حتى غزو الإسكندر، ولكننا نعرف أن الحالة الاقتصادية كانت سيئة على وجه العموم كما كانت الضرائب ثقيلة والأرض غير منتجة. ومن المحتمل أن نحميا، بعد عودته إلى سوسة، عُيِّن أخوه حنانيا حاكماً. وفي القرن الخامس، نشب صراع بين الكاهن الأكبر وأخيه، الأمر الذي أدَّى إلى توقيع عقوبة شديدة على الجماعة اليهودية. وقد استمر الصراع القديم بين يهودا والسامرة، وإن كان ذلك أخذ أشكالاً جديدة. فقبل غزو الإسكندر، تزوجت نيكاسو ابنة سنبلط الثالث حاكم السامرة الفارسي من منَسَّى شقيق الكاهن الأعظم. فرفضت السلطات الدينية في يهودا الفارسية الاعتراف بالزواج، وطلبت من منَسَّى أن يختار بين الكهانة أو الزواج، فقبل منَسَّى عرض سنبلط بأن يُصبح كاهناً أعظم في الهيكل الذي سيُؤسَّس في جريزيم، وتبعه عدد كبير من الكهنة إلى السامرة. وهكذا بدأت طائفة السامريين.
ورغم انتشار اليهود على هيئة جماعات في أطراف الإمبراطورية الفارسية، فإنها ظلت كلها، ومنها فلسطين، داخل إطار واحد هو الدولة الأخمينية الفارسية. ولكن حادثاً تاريخياً مهماً، هو قيام الإسكندر عام 331 ق.م بغزو الإمبراطورية الفارسية وضم فلسطين وأجزاء كبيرة من الإمبراطورية نفسها، أدَّى إلى القضاء على وحدة اليهود، وهي وحدة كانت مُستمَدة من وحدة الإمبراطورية الفارسية. وكان من الممكن أن نتحدث، حتى هذه اللحظة، عن تاريخ عبراني أو عبراني يهودي واحد باعتبار أن التاريخ الواحد كان مرتبطاً بمسار التاريخ الفارسي. ولكن، بعد أن ظهر الإسكندر وضمَّ فلسطين، لابد أن نتحدث عن تواريخ الجماعات اليهودية باعتبار أنه لا يمكن فهم تاريخ يهود فلسطين، بعد أن ضمها الإسكندر، إلا في إطار التاريخ اليوناني. كما لا يمكن فهم تاريخ يهود بابل غيرها من الأماكن في هذه المرحلة إلا بالعودة إلى التاريخ الفارسي.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|