يبتدئ العهد الفارسي الأخميني في العراق منذ فتح الملك الفارسي كورش الثاني لبابل عام 539 ق.م وينتهي بفتح الاسكندر عام 331 ق.م، فيكون قد دام زهاء القرنين من الزمان، صار فيه العراق ولاية تابعة إلى الامبراطورية الأخمينية.

والفرس الأخمينيين من الأقوام "الهندية ــ الأوروبية" التي استوطنت بلاد إيران في مطلع الألف الاول ق.م في الجزء الذي دعي باسم بلاد فارس، وهو الجزء الجنوبي الغربي من إيران، فكان هؤلاء الفرس يجاورون العيلاميين الذي لم يكونوا من الأقوام "الهندية الأوروبية" واستوطنوا في إيران إقليم "خوزستان" (الأهواز أو الاحواز ومنها منطقة عبادان أو عربستان الآن) منذ أبعد العصور التأريخية وكونوا حضارة مشتقة في أسسها وأصولها من حضارة وادي الرافدين. وعاش في حدود ذلك الزمن أيضاً أي الألف الاول ق.م، قبيلة إيرانية أخرى، هي قبيلة الماذيين (الماداي) في الاجزاء الشمالية الغريبة من إيران وعاصمتهم فيها "اكبتانا" (همدان الآن)(1)، وبالنظر إلى ضعف الدولة العيلامية لم يقم في وجه الفرس عائق في إنشاء كيانهم السياسي، ولكن المزاحمة كانت شديدة من جانب الماذيين الذين كانت لهم السيادة والسلطة في مبدأ  الامر. وظهر بين الفرس في منتصف القرن السابع ق.م أسرة مالكة أسسها "هاخمانيش" ومنه تحدت السلالة الأخمينية الحاكمة، وقد استطاع ابنه المسمى "كورش" الأول (Kurash) (600 – 640 ق.م) أن يستقبل بعض الوقت عن التبعية الماذية، ولكنه عاد فاعترف بسيادة الملك الماذي القوي "كي ــ اخسار" الذي رأيناه يحالف الزعيم الكلداني والملك البابلي "نابو بولاصر" ويهاجم معه بلاد آشور (610 – 614 ق.م) ويقضيان على الدولة الآشورية. وجاء من بعد كورش الاول ابنه "قمبيز" الأول الذي تزوج ابنة الملك الماذي "اتياجز" خليفة "كي ــ اخسار" وجاء من هذا الزواج "كورش" الثاني الذي لقب فيما بعد يلقب "كورش" الأكبر (530 – 558 ق.م) وقد تمرد على جدة لأمه الملك الماذي(2)، وحاربه واستطاع في النهاية أن يستولى على عاصمته "اكبتانا"، وبذلك تفرد الفرس الأخمينيين بحكم بلاد إيران، وسرعان ما استطاع هذا الملك الفارسي القوي أن يؤسس إمبراطورية واسعة شملت معظم العالم القديم، تمتد من تخوم الهند إلى بحر إيجة وآسية الصغرى ودخلت (بلاد بابل وبلاد آشور) ضمن امبراطورية منذ فتح بابل في عام 539 ق.م، كما مر بنا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) أول إشارة تاريخية إلى القبيلتين "الماذية" والفارسية جاءتنا في أخبار الملك الآشوري "شيلمنصر الثالث" في عام حكمه السادس عشر والرابع والعشرين (843 و 8350 ق.م)، حيث اتصلت الجيوش الآشورية بجملة قبائل إيرانية منها القبيلتان "مادا" أو (مادى) وبرسوا أو برسا (فارس) (انظر ARAB).

(2) اقرأ رواية هيرودوتس الطريفة عن قصة كورش مع جده لأمه الملك الماذي "أستياجز"، (الكتاب الاول 107 فما بعد).