أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2016
1497
التاريخ: 5-10-2016
1639
التاريخ: 2024-02-24
831
التاريخ: 2024-01-29
803
|
هو من نتائج الجبن و ضعف النفس ، إذ كل جبان ضعيف النفس تذعن نفسه لكل فكر فاسد يدخل في وهمه و يتبعه ، و قد يترتب عليه الخوف و الغم و هو من المهلكات العظيمة ، و قد قال اللّه سبحانه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ} [الحجرات : 12] .
وقال تعالى : {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [فصلت : 23] . و قال : {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا} [الفتح : 12].
و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : «ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه ، و لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا و أنت تجد لها في الخير محملا».
ولا ريب في أن من حكم بظنه على غيره بالشر، بعثه الشيطان على أن يغتابه أو يتوانى في تعظيمه و إكرامه ، أو يقصر فيما يلزمه من القيام بحقوقه ، أو ينظر إليه بعين الاحتقار و يرى نفسه خيرا منه و كل ذلك من المهلكات , على أن سوء الظن بالناس من لوازم خبث الباطن و قذاراته ، كما أن حسن الظن من علائم سلامة القلب و طهارته ، فكل من يسيء الظن بالناس و يطلب عيوبهم و عثراتهم فهو خبيث النفس سقيم الفؤاد ، و كل من يحسن الظن بهم و يستر عيوبهم فهو سليم الصدر طيب الباطن ، فالمؤمن يظهر محاسن أخيه ، و المنافق يطلب مساويه وكل إناء يترشح بما فيه.
والسر في خباثة سوء الظن و تحريمه و صدوره عن خبث الضمير و إغواء الشيطان : أن أسرار القلوب لا يعلمها إلا علام الغيوب ، فليس لأحد أن يعتقد في حق غيره سوء إلا إذا انكشف له بعيان لا يقبل التأويل ، إذ حينئذ لا يمكنه ألا يعتقد ما شاهده و علمه ، و أما ما لم يشاهده و لم يعلمه و لم يسمعه و إنما وقع في قلبه ، فالشيطان ألقاه إليه ، فينبغي أن يكذبه ، لأنه أفسق الفسقة ، و قد قال اللّه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات : 6].
فلا يجوز تصديق اللعين في نبأه ، و إن حف بقرائن الفساد ، ما احتمل التأويل و الخلاف فلو رأيت عالما في بيت أمير ظالم لا تظنن أن الباعث طلب الحطام المحرمة ، لاحتمال كون الباعث إغاثة مظلوم.
ولو وجدت رائحة الخمر في فم مسلم فلا تجز من بشرب الخمر و وجوب الحد ، إذ يمكن أنه تمضمض بالخمر و مجه و ما شربه ، أو شربه إكراها و قهرا.
فلا يستباح سوء الظن إلا بما يستباح به المال ، و هو صريح المشاهدة ، أو قيام بينة فاضلة.
و لو أخبرك عدل واحد بسوء من مسلم ، وجب عليك أن تتوقف في إخباره من غير تصديق و لا تكذيب ، إذ لو كذبته لكنت خائنا على هذا العدل ، إذ ظننت به الكذب ، و ذلك أيضا من سوء الظن ، و كذا إن ظننت به العداوة أو الحسد أو المقت لتتطرق لأجله التهمة ، فترد شهادته ، و لو صدقته لكنت خائنا على المسلم المخبر عنه ، إذ ظننت به السوء ، مع احتمال كون العدل المخبر ساهيا ، أو التباس الأمر عليه بحيث لا يكون في إخباره بخلاف الواقع آثما و فاسقا.
و بالجملة : لا ينبغي أن تحسن الظن بالواحد و تسيء بالآخر، فتذكر المذكور حاله على ما كان في الستر و الحجاب ، إذ لم ينكشف لك حاله بأحد القواطع ، و لا بحجة شرعية يجب قبولها ، و تحمل خبر العدل على إمكان تطرق شبهة مجوزة للخبار و إن لم يكن مطابقا للواقع ثم المراد بسوء الظن هو عقد القلب و ميل النفس دون مجرد الخواطر و حديث النفس ، بل الشك أيضا إذ المنهي عنه في الآيات و الأخبار إنما هو أن يظن ، و الظن هو الطرف الراجح الموجب لميل النفس إليه.
والأمارات التي بها يمتاز العقد عن مجرد الخواطر و حديث النفس ، هو أن يتغير القلب منه عما كان من الألف و المحبة إلى الكراهة و النفرة ، و الجوارح عما كانت عليه من الأفعال اللازمة في المعاشرات إلى خلافها.
و الدليل على أن المراد هو ما ذكر ، قوله ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) ثلاث في المؤمن لا تستحسن و له منهن مخرج، فمخرجه من سوء الظن ألا يحققه» ، أي لا يحقق في نفسه بعقد و لا فعل لا في القلب و لا في الجوارح.
ثم لكون سوء الظن من المهلكات ، منع الشرع من التعرض للتهمة ، صيانة لنفوس الناس عنه
فقال ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) «اتقوا مواقع التهم».
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : «من عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن».
وروى : «أنه ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) كان يكلم زوجته صفية بنت حي ابن أخطب ، فمر به رجل من الأنصار، فدعاه رسول اللَّه ، و قال : يا فلان! هذه زوجتي صفية.
فقال : يا رسول اللَّه أفنظن بك إلا خيرا؟.
قال : إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، فخشيت أن يدخل عليك»
فانظر كيف أشفق رسول اللَّه ( صلى اللَّه عليه و آله و سلم ) على دينه فحرسه و كيف علم الأمة طريق الاحتراز عن التهمة، حتى لا يظن العالم الورع المعروف بالتقوى و الدين أن الناس لا يظنون به إلا خيرا ، إعجابا منه بنفسه ، فإن ما لا جزم بتحققه في حق سيد الرسل و أشرفهم فكيف يجزم بتحققه في حق غيره ، و إن بلغ من العلم و الورع ما بلغ.
والسر في ذلك : أن أورع الناس و أفضلهم لا ينظر الناس كلهم إليه بعين واحدة ، بل إن نظر إليه بعضهم بعين الرضا ينظر إليه بعض آخر بعين السخط :
و عين الرضا عن كل عيب كليلة و لكن عين السخط تبدى المساويا
فكل عدو و حاسد لا ينظر إلا بعين السخط ، فيكتم المحاسن و يطلب المساوي ، و كل شرير لا يظن بالناس كلهم إلا شرا ، و كل معيوب مفتضح عند الناس يحب أن يفتضح غيره و تظهر عيوبه عندهم ، لأن البلية إذا عمت هانت ، و لأن يشتغل الناس به فلا تطول ألسنتهم فيه. فاللازم لكل مؤمن ألا يتعرض لموضع التهمة حتى يوقع الناس في المعصية بسوء الظن فيكون شريكا في معصيتهم ، إذ كل من كان سببا لمعصية غيره يكون شريكا له في هذه المعصية.
ولذا قال اللَّه تعالى : {لَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ } [الأنعام : 108].
وقال رسول اللَّه ( صلى اللَّه عليه و آله و سلم ) : «كيف ترون من يسب أبويه ؟ , فقالوا : هل من أحد يسب أبويه؟ , فقال : نعم! يسب أبوي غيره فيسبون أبويه».
ثم طريق المعالجة في إزالته - بعد تذكر ما تقدم من فساده و ما يأتي من فضيلة ضده - أنه إذا خطر لك خاطر سوء على مسلم ، لا تتبعه ، و لا تحققه و لا تغير قلبك عما كان عليه بالنسبة إليه ، من المراعاة و التفقد و الإكرام و الاعتماد بسببه ، بل ينبغي أن تزيد في مراعاته و إعظامه و تدعو له بالخير، فإن ذلك يقنط الشيطان و يدفعه عنك، فلا يلقى إليك خاطر السوء خوفا من اشتغالك بالدعاء و زيادة الإكرام.
ومهما عرفت عثرة من مسلم فانصحه في السر و لا تبادر إلى اغتيابه ، و إذا وعظته فلا تعظه و أنت مسرور باطلاعك على عيبه ، لتنظر إليه بعين الحقارة ، مع أنه ينظر إليك بعين التعظيم بل ينبغي أن يكون قصدك استخلاصه من الإثم ، و تكون محزونا كما تحزن على نفسك إذا دخل عليك نقصان ، و ينبغي أن يكون تركه ذلك العيب من غير نصيحتك أحب إليك من تركه بنصيحتك ، و إذا فعلت ذلك جمعت بين أجر نصيحته و أجر الحزن بمصيبته و أجر الإعانة على آخرته.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|