أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2016
1897
التاريخ: 5-10-2016
1151
التاريخ: 2023-03-28
2083
التاريخ: 18-4-2022
2086
|
مِن الواضح أنّ نكران الجميل ومكافأة الإحسان بالإساءة ، أمران يستنكرهما العقل والشرع ويستهجنهما الضمير والوجدان ، وكلّما عظُم الجميل والإحسان ، كان جحودها أشدّ نكراً وأفظع جريرةً وإثماً .
وبهذا المقياس ندرك بشاعة عقوق الوالدين وفظاعة جرمه ، حتّى عدّ مِن الكبائر الموجبة لدخول النار .
ولا غرابة فالعقوق - فضلاً عن مخالفته المبادئ الإنسانيّة ، وقوانين العقل والشرع - دالٌّ على موت الضمير ، وضعف الإيمان، وتلاشي القِيَم الإنسانية في العاق .
فقد بذل الأبوان طاقات ضخمة وجهوداً جبّارة ، في تربية الأبناء وتوفير ما يبعث على إسعادهم وازدهار حياتهم مادّيا وأدبيّاً ، ما يعجز الأولاد عن تثمينه وتقديره .
فكيف يسوغ للأبناء تناسي تلك العواطف والألطاف ومكافأتها بالإساءة والعقوق ؟.
مِن أجل ذلك حذّرت الشريعة الإسلاميّة مِن عقوق الوالدين أشدّ التحذير ، وأوعدت عليه بالعقاب العاجل والآجل .
فعن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : كن بارّاً ، واقتصر على الجنّة ، وإنْ كنت عاقّاً ، فاقتصر على النار ) (1) .
وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( لو عِلم اللّه شيئاً هو أدنى مِن أُفٍّ ، لنهى عنه ، وهو مِن أدنى العقوق ، ومِن العقوق أنْ ينظر الرجل إلى والديه ، فيحدّ النظر إليهما ) (2) .
وقال الباقر ( عليه السلام ) : ( إنّ أبي نظر إلى رجلٍ ومعه ابنه يمشي ، والابن مُتّكئ على ذراع الأب ، قال : فما كلّمه أبي ( عليه السلام ) مقتاً له حتّى فارق الدنيا ) (3) .
وعن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ثلاثة مِن الذنوب ، تعجّل عقوبتها ولا تؤخّر إلى الآخرة : عقوق الوالدين ، والبغي على الناس ، وكفر الإحسان )(4) .
مساوئ العقوق :
وللعقوق مساوئٌ خطيرة ، وآثارٌ سيّئة تنذر العاقّ وتتوعّده بالشقاء الدنيوي والأُخروي .
فمن آثاره أنّ العاقّ يعقّه ابنه... جزاءً وفاقاً على عقوقه لأبيه .
وقد شهِد الناس صوراً وأدواراً مِن هذه المكافأة على مسرح الحياة .
مِن ذلك ما حكاه الأصمعي قال : حدّثني رجلٌ مِن الأعراب قال : خرجت من الحيّ أطلب أعقّ الناس وأبرّ الناس .
فكنت أطوف بالأحياء ، حتّى انتهيت إلى شيخ في عنقه حبل ، يستقي بدلو لا تطيقه الإبل في الهاجر والحرّ الشديد ، وخلفه شاب في يده رشاء من قدٍّ ملوي ، يضربه به ، قد شقّ ظهره بذلك الحبل .
فقلت له : أما تتّقي اللّه في هذا الشيخ الضعيف ، أما يكفيه ما هو فيه مِن هذا الحبل حتّى تضربه؟.
قال : إنّه مع هذا أبي .
قلت : فلا جزاك اللّه خيراً .
قال : اسكت ، فهكذا كان يصنع هو بأبيه ، وكذا كان يصنع أبوه بجدّه .
فقلت : هذا أعقّ الناس .
ثمّ جلت أيضاً حتّى انتهيت إلى شابٍّ في عنقه زبيل ، فيه شيخ كأنّه فرخ ، فيضعه بين يديه في كلّ ساعة ، فيزقّه كما يزقّ الفرخ .
فقلت له : ما هذا ؟.
فقال : أبي ، وقد خرف ، فأنا أكفله .
قلت : فهذا أبرّ العرب .
فرجعت وقد رأيت أعقّهم وأبرّهم (5) .
ومِن آثار العقوق :
أنّه موجبٌ لشقاء العاق ، وعدم ارتياحه في الحياة ، لسخط الوالدين ودعائهما عليه .
وقد جاء في الحديث النبوي : ( إيّاكم ودعوة الوالد ، فإنّها أحدّ مِن السيف ) .
ومن آثار العقوق :
أنّ العاق يُشاهد أهوالاً مريعة عند الوفاة ، ويُعاني شدائد النزع وسكرات الموت .
فعن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : ( إنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) حضَر شابّاً عند وفاته فقال له : قل لا إله إلاّ اللّه .
قال : فاعتقل لسانه مراراً ) .
فقال لامرأة عند رأسه : ( هل لهذا أُم ؟ ).
قالت : نعم ، أنا أُمّه .
قال : أَ فساخطةٌ أنتِ عليه ؟.
قالت : نعم ، ما كلّمته مُنذ ستّ حجج .
قال لها : ( ارضِ عنه ) .
قالت : رضي اللّه عنه برضاك يا رسول اللّه .
فقال له رسول اللّه : قل لا إله إلاّ اللّه .
قال : فقالها .
فقال النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ما ترى ؟.
فقال أرى رجلاً أسوداً قبيح المنظر ، وسِخ الثياب ، منتن الريح ، قد وليَني الساعة فأخذ بكظمي.
فقال له النبيّ : قل : ( يا مَن يقبل اليسير ويعفو عن الكثير ، اقبل مّني اليسير واعفُ عن الكثير إنّك أنت الغفور الرحيم ) .
فقالها الشاب .
فقال النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : أنظر ، ماذا ترى ؟.
قال : أرى رجلاً أبيض اللون ، حسن الوجه ، طيّب الريح ، حسن الثياب قد وليَني ، وأرى الأسود قد تولّى عنّي .
قال : أعد ، فأعاد .
قال : ما ترى ؟.
قال : لست أرى الأسود ، وأرى الأبيض قد وليَني ثمّ طغى على تلك الحال )(6) .
ومِن آثار العقوق :
أنّه مِن الذنوب الكبائر التي توعّد اللّه عليها بالنار ، كما صرّحت بذلك الأخبار .
والجدير بالذكر ، أنّه كما يجب على الأبناء طاعة آبائهم وبرّهم والإحسان
إليهم ، كذلك يجدر بالآباء أنْ يسوسوا أبناءهم بالحكمة ، ولطف المداراة ، ولا يخرقوا بهم ويضطروهم إلى العقوق والعصيان .
فعن الصادق عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : يلزم الوالدين مِن العقوق لولدهما ، إذا كان الولد صالحاً ، ما يلزم الولد لهما )(7) .
وقال ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( لعن اللّه والدين حمَلا ولدَهما على عقوقهما ، ورحِم اللّه والدَين حمَلا ولدَهما على برّهما )(8) .
_______________________
(1) الوافي : ج 3 ص 155، ع ن الكافي .
(2) الوافي : ج 3 ص 155 ، عن الكافي .
(3) الوافي : ج 3 ص 155 ، عن الكافي .
(4) البحار : م 16 ج 4 ص 23 ، عن أمالي أبي علي ابن الشيخ الطوسي .
(5) المحاسن والمساوئ ، للبيهقي : ج 2 , ص 193 .
(6) البحار : م16 , ج4 , ص 23 ، عن أمالي أبي عليّ ابن الشيخ الطوسي .
(7) البحار : م 16 , ج 4 , ص 22 ، عن خصال الصدوق .
(8) الوافي : ج 14 , ص 50 ، عن الفقيه .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|