أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-09-2014
2392
التاريخ: 2024-05-07
651
التاريخ: 15-6-2016
4066
التاريخ: 1-06-2015
2262
|
هذا التحدّي في عمومه يشمل كلّ الأُمم وكلّ أدوار التاريخ ، سواء العرب وغيرهم ، وسواء مَن كان في عهد الرسالة أم في عهود متأخّرة حتى الأبد ، اللفظ عامّ والخطاب شامل (1) ؛ ولأنّ التحدّي لم يكن في تعبيره اللفظي فقط ليخصّ لغة العرب ، وإنّما هو بمجموعه من كيفيّة الأداء والبيان والمحتوي جميعاً ، كما أنّه لم يخصّ جانب فصاحته فحسب ، ليكون مقصوراً على العهد الأَوّل ، حيث العرب في ازدهار الفصاحة والأدب ، على أنّ الفصاحة والبلاغة لم تختصّ بلغة دون أُخرى ولا بأُمّة دون غيرها .
لكن هناك من حاول اختصاص التحدّي بالعهد الأَوّل وإن كان الإعجاز باقياً مع الخلود زعماً بأنّ عجز ذلك الدور يكفي دليلاً على كونه مُعجزاً أبداً ، هكذا زعمت الكاتبة بنت الشاطئ قالت : مناط التحدّي هو عجز بُلغاء العرب في عصر المبعث ، وأمّا حجّة إعجازه فلا تخصّ عصراً دون عصر ، وتعمّ العرب والعجم ، وكان عجز البُلغاء من العصر الأَوّل ، وهم أصل الفصاحة برهاناً فاصلاً في قضية التحدّي ... (2) .
قلت : ولعلّها في ذهابها هذا المذهب خَشيت أن لو قلنا بأنّ التحدّي قائم ولا يزال ، أن سوف ينبري نائرة الكفر والإلحاد ، مِمَّن لا يقلّ عددهم في الناطقين بالضاد ، فيأتي بحديث مِثله ، وبذلك ينقض أكبر دعامة من دعائم الإسلام !
لكنّها فلتطمئن أنّ هذا لن يقع ولن يكون ؛ لأنّ القرآن وُضع على أُسلوب لا يدانيه كلام بشر البتة ، ولن يتمكن أحد أن يجاريه لا تعبيراً وأداءً ولا سبكاً وأُسلوباً ، مادام الإعجاز قائماً بمجموعة اللفظ والمعنى ، رِفعةً وشموخاً في المحتوى ، وجمالاً وبهاءً في اللفظ والتعبير ، فأيّ متكلم أو ناطق يمكنه الإتيان بهكذا مطالب رفيعة ، لم تسبق لها سابقة في البشرية وفي هكذا قالب جميل ! اللّهمّ إلاّ أن يفضح نفسه .
وفي التاريخ عِبَرٌ تؤثر عن أُناس حاولوا معارضة القرآن ، لكنّهم أَتوا بكلام لا يشبه القرآن ولا يشبه كلام أنفسهم ، بل نزلوا إلى ضَربٍ من السخف والتفاهة ، بادٍ عاره ، باقٍ وشناره ، فمَن حدّثته نفسه أن يعيد هذه التجربة فلينظر في تلك العبر ، ومَن لم يستحِ فليصنع ما شاء .
وتلك شهادات من أهل صناعة الأدب ، اعترفوا ـ عِبر العصور ـ بأنّ القرآن فذّ في أُسلوبه لا يمكن لأحد من الناس أن يقاربه فضلاً عن أن يماثله .
قال الدكتور عبد الله دراز : مَن كانت عنده شبهة ، زاعماً أنّ في الناس مَن يقدر على الإتيان بمِثله ، فليرجع إلى أُدباء عصره ، وليسألهم : هل يقدر أحد منهم على أن يأتي بمِثله ؟ فإن قالوا : نعم ، لو نشاء لقلنا مثل هذا ، فليقل لهم : هاتوا برهانكم . وإن قالوا : لا طاقة لنا به ، فليقل لهم : أيّ شيء أكبر شهادة على الإعجاز من الشهادة على العجز ، ثُمّ ليرجع إلى التاريخ فليسأله ما بال القرون الأُولى ؟ يُنبئك ؟ التاريخ أنّ أحداً لم يرفع رأسه أمام القرآن الكريم ، وأنّ بضعة النفر الذين انغضوا رؤوسهم إليه باؤوا بالخزي والهوان ، وسحب الدهر على آثارهم ذيل النسيان (3) .
___________________________
1- وبتعبير اصطلاحي أصولي أنّ هذا الخطاب يضمّ إلى جانب عمومه الأفرادي إطلاقاً أحوالياً وإطلاقاً زمانياً معاً ، إذاً فللخطاب شمول من النواحي الثلاث : الأفراد الموجودين والأقوام الذين يأتون من بعد وأيّاً كانت حالتهم وعلى أيّ صفةٍ كانوا .
2- الإعجاز البياني : ص65 ـ 68 .
3- النبأ العظيم : ص75 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|