أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-16
1886
التاريخ: 2023-02-23
1034
التاريخ: 29-9-2016
1765
التاريخ: 29-9-2016
2246
|
هي : ذِكر المؤمن المُعيّن بما يكره ، سَواءً أكان ذلك في خَلقِه ، أم خُلُقه ، أو مختصّاته .
وليست الغيبة محصورةٌ باللسان ، بل تشمل كلّ ما يُشعر باستنقاص الغير ، قولاً أو عمَلاً كنايةً أو تصريحاً .
وقد عرّفها الرسول الأعظم ( صلّى اللّه عليه وآله ) قائلاً : ( هل تدرون ما الغيبة ؟) قالوا : اللّه ورسوله أعلم .
قال : ( ذِكرُك أخاكَ بما يَكره ) .
قيل له : أرأيت إنْ كان في أخي ما أقول ؟.
قال : ( إنْ كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإنْ لم يكن فيه فقد بهتّه ) .
وهي مِن أخسّ السجاياً ، وألأم الصفات ، وأخطَر الجرائم والآثام ، وكفاها ذمّاً أنّ اللّه تعالى شبّه المُغتاب بآكل لحم الميتة ، فقال : { وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ } [الحجرات : 12] .
وقال سُبحانه ناهياً عنها : {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء : 148] .
وهكذا جاءت النصوص المتواترة في ذمّها، والتحذير منها : قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( الغيبةُ أسرَع في دين الرجل المسلم مِن الآكلة في جوفه ) (1) .
وقال الصادق ( عليه السلام ) ( مَن روى على مؤمنٍ روايةً يُريد بها شَينه ، وهدْم مروّته ليسقط مِن أعين الناس ، أخرجه اللّه عزّ وجل مِن ولايته إلى ولاية الشيطان ) (2) .
وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( لا تَغتَب فتُغتَب ، ولا تَحفُر لأخيك حُفرة ، فتقَع فيها ، فإنّك كما تَدين تُدان ) (3) .
وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : مَن أذاع فاحشةً كان كمبتدئها ، ومِن عيّر مؤمناً بشيءٍ لا يموت حتّى يركبه ) (4) .
التصامُم عن الغيبة :
وجديرٌ بالعاقل أنْ يترفّع عن مجاراة المغتابين ، والاستماع إليهم ، فإنّ المستمع للغيبة صنو المستغيب ، وشريكُه في الإثم .
ولا يعفيه مِن ذلك إلاّ أنْ يستنكر الغيبة بلسانه ، أو يطوّر الحديث بحديثٍ بريء ، أو النفار من مجلس الاغتياب ، فإنْ لم يستطع ذلك كلّه ، فعليه الإنكار بقلبه ، ليأمن جريرة المشاركة في الاغتياب .
قال بعض الحكماء : ( إذا رأيت مَن يغتاب الناس ، فاجهد جُهدَك أنْ لا يعرفك ، فإنّ أشقى الناس به معارفه ).
وكما يجب التوقّي مِن استماع الغيبة ، كذلك يجدر حفظ غَيبة المؤمن ، والذب عن كرامته ، إذا ما ذُكر بالمزريات ، فعن الصادق ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : مَن رَدَّ عن عرض أخيه المسلم وجبَت له الجنّة ألبتّة ) (5) .
وجدير بالذكر أنّ حُرمة الاغتياب مختصّةٌ بمَن يعتقد الحق ، فلا تسري إلى غيره من أهل الضلال .
بواعث الغيبة :
للغيبة بواعثٌ ودوافع أهمّها ما يلي :
1 - العِداء أو الحسَد ، فإنّهما أقوى دواعي الاغتياب والتشهير بالمعادي أو المحسود . نكايةً به ، وتشّفياً منه .
2 - الهزل : وهو باعث على ثلب المستغات ، ومحاكاته إثارة للضحِك والمجون .
3 - المباهاة : وذلك بذكرِ مساوئ الغير تشدّقاً ومباهاةً بالترفّع عنها والبراءةِ منها.
4 - المجاراة : فكثيراً ما يندفع المرء على الاغتياب مجاراةً للأصدقاء والخُلَطاء اللاهين بالغيبة وخشيةً مِن نفرتهم إذا لم يُحاورهم في ذلك .
مساوئ الغيبة :
مِن أهمّ الأهداف والغايات التي حقّقها الإسلام ، وعنى بها عنايةً كبرى ، اتّحاد المسلمين وتآزرهم وتآخيهم ، ليكونوا المثَل الأعلى في القوّة والمنعة ، وسموّ الكرامة ، والمجد , وعزّز تلك الغاية السامية بما شرّعه من نُظُم وآداب ، لتكون دستوراً خالداً للمسلمين ، فحثّهم على ما ينمّي الأُلفة والمودّة ، ويوثّق العلائق الاجتماعيّة ، ويحقّق التآخي والتآزر ، كحُسن الخُلق وصِدق الحديث ، وأداء الأمانة ، والاهتمام بشؤون المسلمين ، ورعاية مصالحهم العامّة . ونهاهم عن كلّ ما يعكّر صفو القلوب ، ويثير الأحقاد والضغائن الموجِبة لتناكر المسلمين وتقاطعهم كالكذِب ، والغش ، والخيانة ، والسُّخرية .
وحيث كانت الغيبة عاملاً خطيراً، ومِعولاً هدّاماً ، في تقويض صرح المجتمع ، وإفساد علاقاته الوثيقة ، فقد حرّمها الشرع الإسلامي ، وعدّها مِن كبائر الآثام .
فمن مساوئها : أنّها تبذر سموم البغضة والفُرقة في صفوف المسلمين ، فتعكّر صفو المحبّة وتفصم عُرى الصداقة ، وتقطع وشائج القرابة .
وذلك بأنّ الغيبة قد تبلغ المغتاب ، وتستثير حَنَقَه على المستغيب ، فيثأر منه ، ويُبادله الذمّ والقدح ، وطالما أثارت الفتَن الخطيرة ، والمآسي المحزونة .
هذا إلى مساوئها وآثامها الروحيّة التي أوضحتها الآثار ، حيث صرّحت أنّ الغيبة تنقل حسنَات المستغيب يوم القيامة إلى المُستغاب ، فإنْ لم يكن له حسَنات طُرِح عليه مِن سيئات المُستغاب كما جاء عن النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) أنّه قال : ( يُؤتى بأحدِكم يوم القيامة ، فيُوقف بين يدَيّ اللّه تعالى ، ويُدفّع إليه كتابه ، فلا يَرى حسَنَاته ، فيقول : إلهي ليس هذا كتابي فإنّي لا أرى فيه طاعتي , فيقول له : إنّ ربَّك لا يضلّ ولا ينسى ، ذهَب عملُك باغتياب الناس .
ثمّ يُؤتى بآخر ويُدفع إليه كتابه ، فيرى فيه طاعات كثيرة ، فيقول : إلهي ما هذا كتابي ، فإنّي ما عمِلت هذه الطاعات ، فيقول له : إنّ فلاناً اغتابك فدُفعت حسَناته إليك ) (6) .
مسوّغات الغيبة :
الغيبة المحرّمة هي ما قُصِد بها استنقاص المؤمن وإذلاله ، فإنّ لم يقصد بها ذلك ، وتوقّف عليها غرضٌ وجيه ، فلا حُرمة فيها .
وإليك ما ذكره العلماء من الموارد المسوّغة للغيبة :
1 - شكاية المتظلّم لإحقاق حقّه عند الحاكم ، فيصُحّ نسبة الجناية والظلم إلى الغير في هذه الحالة .
2 - نُصح المستشير في أمرٍ ما كالتزويج والأمانة ، فيحقّ للمستشار أنْ يذكر مثالب المسؤول عنه .
ويصحّ كذلك تحذير المؤمن من صُحبةِ فاسقٍ أو مُضلّ ، بذكر مساوئهما مِن الفِسق والضلال صيانةً له مِن شرّهما وإضلالهما ، ويصحّ جرح الشاهد إذا ما سُئل عنه .
3 - ردّ مَن أدّعى نسَباً مزوّراً .
4 - القدح في مقالةٍ فاسدة ، أو إدعاءٍ باطل شرعاً .
5 - الشهادة على مقترفي الجرائم والمحارم .
6 - ضرورة التعريف : وذلك بذكر الألقاب المقيتة ، التي يتوقّف عليها تعريف أصحابها كالأعمش والأعرج ونحوهما .
7 - النهي عن المنكر : وذلك بذكر مساوئ شخصٍ عند من يستطيع إصلاحه ونهيه عنها .
8 - غيبة المتجاهر بالفسق كشرب الخمر ، ولعب القمار ، بشرط الاقتصار على ما يتجاهر به إذ ليس لفاسقٍ غيبة .
ولا بُدّ للمرء أنْ يستهدف في جميع تلك الموارد السالفة ، الغاية النبيلة ، والقصد السليم ، مِن بواعث الغيبة ، ويتجنّب البواعث غير النبيلة ، كالعِداء والحسَد ونحوهما .
_____________________
1- البحار : م 15 كتاب العشرة : ص177 , عن الكافي .
2- البحار : م 15 كتاب العشرة : ص187 , عن ثواب الأعمال ومحاسن البرقي وأمالي الصدوق.
3- البحار : م 15 كتاب العشرة : ص 185 , عن أمالي الصدوق .
4- البحار : م 15 كتاب العشرة : ص 188 , عن ثواب الأعمال ومحاسن البرقي .
5- البحار : م 15 كتاب العشرة : ص 188 , عن ثواب الأعمال .
6- جامع السعادات : ج 2 , ص 301 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|