المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8117 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05

سراج بن عبد الملك بن سراج
25-06-2015
وظائف الاتصال
22-8-2022
معنى كلمة سكب‌
22-11-2015
Extraction of Zinc
10-12-2018
تأثير درجة الحرارة على دجاج اللحم
20-4-2016
الضمائر
16-10-2014


ما هي القواعد الفقهية  
  
1628   10:13 صباحاً   التاريخ: 21-9-2016
المؤلف : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : القواعد الفقهية
الجزء والصفحة : ج1 ص20 - 27.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / القواعد الفقهية / مقالات حول القواعد الفقهية /

قد اصطلح جمع من متأخري الأصوليين- كما يظهر من كلماتهم في مقامات مختلفة- على إطلاق هذا العنوان أعني «القاعدة الفقهية» على أحكام عامة ترتبط بكثير من المسائل الفقهية، و بما ان المقصود هنا بيان مرادهم منها و جهة افتراقها عن المسائل الأصولية و الفقهية و قبل ذلك لا بد من الإشارة إلى تعريف المسائل الأصولية و الفقهية إجمالا فنقول:

اما المسائل الأصولية :

فقد ذكروا لها تعاريف مختلفة لا يهمنا التعرض لها و لما قيل أو يمكن ان يقال فيها كيلا نخرج عن طور البحث ... فلنذكر ما هو الحق عند نافي المقام و ما يكون مقياسا لتشخيص المسائل الأصولية عن غيرها عند الشك في بعض مصاديقها، و لنقدم لذلك مقدمة و هي:

ان علم «أصول الفقه» في عصرنا الحاضر يشتمل على أنواع مختلفة من المسائل أحدهما ما يبحث فيها عن كليات ترتبط بدلالة الألفاظ الواقعة في الكتاب و السنة و معاقد الإجماعات؛ و يسمى «مباحث الألفاظ» ثانيها ما يبحث فيها عن حجية أدلة كثيرة و جواز الاستناد إليها في كشف الأحكام الشرعية و يسمى «باب الامارات و الأدلة الاجتهادية» ثالثها ما يبحث فيها عن وظيفة المكلف عند الشك في حكمه الواقعي مع عدم طريق اليه و هو بحث «الأصول العلمية» رابعها ما يبحث فيها عن حكم تعارض الأدلة الشرعية و طريق‌ علاجها و هو باب «التعادل و الترجيح» و خامسها أبحاث تدور حول «الاجتهاد و التقليد» وحجية قول المجتهد للعامي و حدودها و شرائطها فهي قسم من بحث الحجج الشرعية الا انها مخصوصة بالمقلدين، كما ان ما قبلها اعنى أبحاث التعادل و الترجيح ترجع إليها أيضا لأنها ترجع الى تعيين ما هي الحجة من الأدلة المتعارضة.

ثمَّ لا ريب ان علم الأصول لم يكن بادي الأمر مشتملا على عامة تلك الأبحاث كما يظهر بمراجعة كتب الأقدمين من الأصوليين؛ بل زيدت عليه تدريجا حتى بلغ ما نشاهده اليوم و لا شك في انا نرى نحوا من الارتباط بين هذه المسائل إجمالا بحيث لا يستنفر الطبع من جعلها علما واحدا منفردا بالتدوين، و هذا شي‌ء يظهر للناظر في أول نظره، كما انا نرى بينهما اشتراكا في الأثر وهو أنها تعطى الفقيه قدرة قريبة على كشف الأحكام الشرعية عن مداركها، و اشتراك جميع مسائلها في هذا الأثر أيضا مما لا ينكر؛ أضف الى ذلك انا نرى فرقا واضحا بين هذه المسائل و سائر العلوم التي يحتاج إليها في الفقه كعلمي الرجال و الحديث و اللغة و غيرها بحيث إذا عرض علينا بعض تلك المسائل لم نشك انها من الأصول أو ليست منها، كل ذلك معلوم بالوجدان.

وهذه الأمور، اعنى الارتباط الذي يوجد بين تلك المسائل، و اتحادها في الأثر الخاص؛ و تمايزها عن مسائل سائر العلوم، المعلوم بالوجدان إجمالا، كلها حاكية عن وجود نوع من الوحدة بين تلك المسائل يتجلى بأنحاء مختلفة و من الواضح ان جمع هذه المسائل المختلفة بهذا النحو و جعلها علما واحدا كما تصدى له جمع من المحققين و قرره الآخرون لم يكن صدفة و اتفاقا بل لم يحملهم على ذلك الا الربط الواقعي بينها.

فاذن لا يمكننا القول بخروج بعض هذه الأبحاث من المسائل الأصلية و عدها بحثا استطراديا كما ارتكبه كثير منهم، حتى جعل المحقق القمي قدس سره جل تلك المباحث الا ما شذ منها خارجا عن مسائل الأصول داخلا في مباديها، نظرا إلى انها ليست ابحاثا عن عوارض الأدلة الأربعة بل عن الأدلة بما هي أدلة.

و ليت شعري إذا كانت عامة مباحث الألفاظ و جميع أبحاث الأدلة الاجتهادية و كذا الأصول العملية خارجة عن علم الأصول فأين هذا العلم الذي فرع الاسماع و ملأ الكتب وهل هو البحث عن أحوال تعارض‌ الدليلين فقط و ما الداعي إلى إخراج هذه المسائل المهمة عن علم الأصول؟

ويتلوه في الضعف قول من يرى دخول مباحث الألفاظ طرأ في مبادي هذا العلم، مع انها تقرب من نصف مسائل الأصول ولا يرى اى فرق بينها و بين غيرها من مسائلها فيما يرام من اهدافه فالحق ان تصحيح التعاريف التي ذكروها للأصول أهون من ارتكاب التفكيك بين تلك المسائل.

والتعريف الجامع بين عامة تلك المسائل و ما أشبهها، الحاكي عن الوحدة التي تتضمنها، هو ان يقال: «ان مسائل الأصول هي القواعد العامة الممهدة لحاجة الفقيه إليها في تشخيص الوظائف الكلية للمكلفين» فالمسائل الأصولية تمتاز عن غيرها من المسائل الفقهية و القواعد الفقهية و سائر العلوم بأمور:

أولها- انها ممهدة لحاجة الفقيه إليها في تشخيص وظائف المكلفين، و لهذا تمتاز عن العلوم الأدبية و أمثالها التي لا يستغنى عنها الفقيه، حيث لم تمهد لذلك كما انه يعلم منه ان البحث عن صيغة الأمر و مادتها و كذا المشتق و أمثاله أبحاث أصولية و ان كانت تشبه الأبحاث اللغوية و الأدبية، لأنها مهدت لحاجة الفقيه إليها.

ثانيها- ان نتائجها أحكام و وظائف كلية، فالبحث عن حجية الاستصحاب في الشبهات الموضوعية و كذا البراءة و الاحتياط الجاريتان فيها و ما شاكلها ليست ابحاثا أصولية لان نتائجها أحكام و وظائف شخصية.

ثالثها- انها لا تختص بباب دون باب و بموضوع معين دون آخر، بل تشمل جميع الموضوعات في جميع أبواب الفقه، مهما و جدلها مصداق، فان البحث عن هيئة الأمر و مادته و أبحاث العموم و الخصوص و كذلك أبحاث الأدلة الاجتهادية و الأصول العملية و احكام التعارض و غيرها لا يختص بموضوع دون آخر و بباب من أبواب الفقه دون باب و بهذا تمتاز عن القواعد الفقهية ...

ومما ذكرنا تعرف انه ليس من شرط المسألة الأصولية الوقوع في طريق استنباط الحكم، كما يظهر من غير واحد من الاعلام، و ذلك لان البحث في كثير من مسائله بحث عن نفس الحكم الشرعي لا عما يقع في طريق استنباطه، كالبحث عن‌ البراءة الشرعية في الشبهات الحكمية المستفادة من قوله عليه السّلام «كل شي‌ء لك حلال» بناء على شموله للشبهات الحكمية، فإن هذا البحث بحث عن حكم شرعي عام، و هو الإباحة، غاية الأمر انه لا يختص بباب دون باب و بموضوع دون آخر، بخلاف الاحكام المبحوث عنها في الفقه.

وكذا الكلام في غير البراءة من الأصول العملية عقلية كانت أو شرعية، فإن ما اشتمل منها على حكم ظاهري شرعي كان البحث منه بحثا عن نفس الحكم الشرعي و اما في غيره فالبحث يدور مدار بيان وظيفة الشاك عند الحيرة و الشك على نحو كلى عام من دون اختصاص بباب دون باب و بموضوع دون آخر، كما هو شأن المسائل الفرعية.

واما المسائل الفقهية:

فهي «المسائل الباحثة عن الاحكام و الوظائف العملية الشرعية و ما يئول إليها و عن موضوعاتها الشرعية» فالمسائل الباحثة عن الأحكام الخمسة المشهورة، و كذا ما يبحث عن الأحكام الوضعية، و ما يبحث عن ماهية العبادات، و كذا البحث عن مثل الطهارة و النجاسة الثابتتين لموضوعات خاصة، مما يئول إلى الأحكام تكليفية أو وضعية تتعلق بأفعال المكلفين، كلها أبحاث فقهية داخلة فيما ذكرنا، كما ان البحث عن عبادات الصبي و سائر الاحكام التي تشمله أيضا كذلك، فموضوع المسألة الفقهية ليس خصوص الافعال، و لا أفعال المكلفين، لاستلزامه القول بالاستطراد في كثير من مسائله، كالابحاث المتعلقة بعبادات الصبي و سائر أفعاله، و كالمسائل الباحثة عن أحكام وضعية متعلقة بأعيان خارجية كأحكام المياه و المطهرات و النجاسات، ولا داعي إلى إخراجها من الفقه مع كثرتها، كما انه لا وجه لصرفها عن ظاهرها و إرجاعها إلى البحث عن أفعال المكلفين بالتعسف و التكلف‌ و من هنا تعرف ان القواعد الفقهية «هي أحكام عامة فقهية تجري في أبواب مختلفة» و موضوعاتها و ان كانت أخص من المسائل، الأصولية الا انها أعم من المسائل الفقهية. فهي كالبرازخ بين الأصول و الفقه، حيث انها إما تختص بعدة‌

من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النجاسة فقط، و قاعدة لا تعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخص دون غيرها.

واما مختصة بموضوعات معينة خارجية و ان عمت أبواب الفقه كلها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج فإنهما و ان كانتا تجريان في جل أبواب الفقه أو كلها؛ إلا أنهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضررية و الحرجيّة.

وهذا بخلاف المسائل الأصولية فإنها اما لا تشتمل على حكم شرعي أصلا بل يكون واقعا في طريق استنباطه ككثير من مسائله؛ و اما تتضمن حكما عاما كالبراءة الشرعية الجارية فيما لا نص فيه ... من غير اختصاص بموضوع دون آخر بل تجري في جميع الموضوعات إذا فقد فيها النص.

لا يقال: انها تختص أيضا بموضوع خاص و هو ما لا نص فيه، فانا نقول:

ان هذه الخصوصية ليست خصوصية خارجية من قبل ذات الموضوع، و انما هي خصوصية ناشئة من ملاحظة حكم الشرع كما لا يخفى على الخبير.

والغرض من جميع ما ذكرنا في تعريف المسألة الأصولية و الفقهية و القاعدة الفقهية تشخيص حال بعض المسائل المتشابهة التي قد يقع البحث عنها، و انها من الأصول أو من القواعد الفقهية أو من الفقه نفسه.

ومن المعلوم ان تشخيص حال المسألة و اندراجها في كل واحد من العلوم له دخل تام في طور البحث عنها و كيفية استفادتها عن مباديها الخاصة، فإن كل واحد من هذه العلوم يمتاز بنوع من البحث لا يجري في غيره...

فائدة- قد اشتهر في السنة جماعة من الأصوليين أن المسائل الأصولية تنفع المجتهد دون المقلد، بخلاف المسائل الفقهية فإنها تنفع المجتهد و المقلد كليهما، و قد يجعل هذا طريقا لتمييز المسألة الأصولية عن الفقهية.

ومن نتائج هذا البحث- كما صرحوا به- هو ان تطبيق كبريات المسائل‌ الفقهية على مصاديقها الجزئية ليس من شأن الفقيه، بل عليه بيان الأحكام الفرعية الكلية الدائرة على موضوعاتها العامة و اما تشخيص مصاديقها و تطبيقها عليها عند الحاجة إليها فهو موكول الى المقلد، ليس للفقيه فيه نصيب أصلا- اللهم إلا في عمل نفسه.

وعلى هذا لو كان تشخيص المقلد في بعض الموضوعات مخالفا لمجتهده فليس قوله حجة في حقه، بل {كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84] .

وفيه اشكال واضح، فإنه مخالف لما استقر عليه ديدنهم في طيات كتب الفقه، فنراهم يكثرون البحث عن تشخيص المصاديق الخارجية و صدق العناوين العرفية الواردة في أدلة الأحكام الشرعية على مصاديق مشكوكة و عدم صدقها ثمَّ الإفتاء بما يستقر عليه أنظارهم.

فنراهم مثلا يبحثون عن «التغيير» الموجب لنجاسة الماء و انه صادق على التقديري حتى يحكم بنجاسة إذا تغير تقديرا أم لا؛ وعن الماء الذي نقص عن الكر بمقدار يسير ان إطلاق «الكر» عليه هل هو من باب المجاز و المسامحة أم حقيقة بنظر العرف حتى يجرى عليه احكام الكر؟ وكذا ما أشبهه من التحديدات الواردة في الشريعة، و عن الأحجار المأخوذة من المعادن، هل يصدق عليها عنوان «الأرض» الوارد في أبواب ما يصح السجود عليه حتى يصح السجود عليها أم لا؟ و انه هل يجوز السجود على قشور الفواكه مطلقا أو بعد انفصالها، نظر الى صدق عنوان «ما أكل» الوارد في اخبار الباب عليها أم لا؟.

الى غير ذلك مما لا يحصى كثرة، فإن جميع ذلك في الحقيقة راجعة إلى تشخيص الموضوعات العرفية الخارجية؛ فلولا ان هذه التطبيقات موكولة إلى نظر الفقيه لكان من الواجب الإفتاء بالكليات فقط بان يقال: الماء إذا تغير بالنجاسة نجس؛ و الكر طاهر مطهر، و يجب السجود على الأرض وما خرج منها الا ما أكل و ليس، و يخلى بين المقلدين و بين مصاديق هذه الكبريات الكلية.

والسر في جريان سيرتهم في الفقه على ذلك ان ملاك التقليد- و هو لزوم رجوع الجاهل الى العالم- لا يختص بالأحكام الكلية، بل قد يحتاج تطبيق كثير من الموضوعات العرفية على مصاديقها إلى دقة في النظر و تعمق في الفكر، خارجة‌ عن قدرة العوام كالأمثلة المذكورة، فعليهم الرجوع فيها الى نظر المجتهد ورأيه .

والمجتهد يرجع في تشخيصها الى ارتكازاتهم المغفولة الموجودة في أعماق أذهانهم و أذهان جميع أهل العرف- و منهم مقلديه- فيستخرجها و بها يكشف صدق هذه العناوين على المصاديق المشكوكة و عدمه، فيفتى بمقتضاه.

نعم في المفاهيم الواضحة التي لا فرق فيها بين المجتهد و العامي- كمفهوم الماء و الدم و أمثالهما- كل يرجع الى تشخيصه و ليس تشخيص واحد منهما حجة في حق غيره.

ومنه يظهر وجه عدم جواز تفويض أمر الاستصحاب و غيره من الأصول العملية في الشبهات الموضوعية الى المقلدين مع انها ليست من المسائل الأصولية قطعا، و الوجه فيه ان تشخيص مجاريها و معارضاتها و الحاكم و المحكوم منها مما لا يقدر عليه العامي فهو جاهل بها و يجب عليه الرجوع الى العالم بها و قد عرفت ان رجوع الجاهل الى العالم لا يختص بالأحكام الكلية؛ بل يعمها و الموضوعات المشكلة و ما شاكلها لاتحاد ملاك الرجوع في الجميع.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.