أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-9-2016
1445
التاريخ: 14-9-2016
218
التاريخ: 14-9-2016
395
التاريخ: 14-9-2016
255
|
ويقع البحث في المقام عن انّ تعلّق النهي بالعبادة هل يلزم منه الحكم بفسادها أو انّه لا ملازمة بين النهي عن العبادة والحكم بفسادها ، مثلا نهي الشارع عن الصوم في يومي الفطر والأضحى هل يلزم منه الحكم بفساد الصوم لو أوقعه المكلّف في أحد هذين اليومين أو لا يلزم منه ذلك وحينئذ يترتّب على صومه الإجزاء لو كان قضاء عمّا فات أو وفاء بنذر أو ما الى ذلك.
ولكي يتحرّر محلّ النزاع في المسألة لا بدّ من بيان امور :
الأمر الأوّل : انّ البحث في هذه المسألة بحث كبروي يتصدّى فيه الاصولي للبحث عن ثبوت الملازمة بين النهي عن العبادة والحكم بفسادها أو عدم ثبوت الملازمة ، وبهذا تمتاز هذه المسألة عن مسألة اجتماع الأمر والنهي والتي يكون البحث فيها صغرويا ، إذ يبحث الاصولي فيها عن ان اجتماع الأمر والنهي في مورد هل يقتضي سراية النهي الى مورد الأمر ، بمعنى انّ النهي الوارد على متعلّقه هل يسري لمتعلّق الأمر فيكون متعلّق الأمر منهيّا عنه أو انّ الاجتماع لا يقتضي السراية وبهذا لا يكون متعلّق الأمر منهيا عنه ، وبناء على الأوّل وهو القول بالسراية تكون مسألة الاجتماع من مصاديق النهي في العبادة ، وعندئذ يكون الحكم بفسادها منوطا بنتيجة هذا البحث والذي نحن بصدد بيانه.
الأمر الثاني : انّ مسألة النهي في العبادات من المباحث الاصوليّة العقليّة ، وذلك لأنّ القاضي بثبوت الملازمة وعدمها انّما هو العقل ، نعم هذه المسألة من غير المستقلاّت العقليّة ، بمعنى انّ تحصيل النتيجة الفقهيّة منها منوط بمقدّمة شرعيّة وهي في المقام تعلّق النهي بعبادة وعندئذ لو كانت الملازمة ثابتة فإنّ النتيجة هي فساد تلك العبادة المنهي عنها.
وبهذا تكون مسألة النهي في العبادات كمسألة الضدّ ومسألة مقدّمة الواجب إذ انّها جميعا تشترك في انّها من قسم غير المستقلاّت العقليّة والتي هي من مدركات العقل النظري.
الأمر الثالث : اتّضح ممّا تقدّم انّ النهي قد يكون مولويّا وقد يكون إرشاديّا والذي هو محلّ البحث هو النهي المولوي ، وأمّا النهي الإرشادي ـ كالنهي عن الصلاة فيما لا يؤكل لحمه أو النهي عن الصلاة بغير طهور ـ فإنّه لا ريب في اقتضائه للفساد ، وذلك لأنّه يرشد الى انّ الحصّة المشتملة على المنهي عنه ليست من المأمور به ، وبهذا لا يكون الأمر بالعبادة باطلاقه شاملا لهذه الحصّة ، وعليه لا يمكن تصحيحها ، لأنّ مناط الصحّة في العبادة انّما هو انطباق المأتي به مع المأمور به والمفروض انّ الحصّة المشتملة على المنهي عنه ليست منطبقا للمأمور به. وبهذا يتمحّض
البحث في المسألة عن النواهي المولويّة.
ثمّ انّه يقع البحث عن انّ محلّ النزاع هل يختصّ بالنهي النفسي التحريمي ، كالنهي عن الصوم يوم العيد أو يشمل النهي الغيري والنهي الناشئ عن مزاحمة العبادة لواجب أهمّ منه ملاكا مثلا، فإنّ الأمر بالواجب الأهمّ يقتضي النهي عن العبادة التي هي أقلّ أهميّة والتي هي مأمور بها لو لا مزاحمتها بالواجب الأهمّ ، وهذا مبني على اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه الخاص ، وحينئذ يكون دخول النهي في محلّ البحث مبني على عدم القول بالترتّب وانّ النهي الغيري يكشف عن مبغوضيّة متعلّقه بحيث لا يمكن التقرّب به للمولى جلّ وعلا.
أمّا بناء على القول بالترتّب أو القول بأنّ النهي الغيري لا يكشف عن مبغوضيّة متعلّقه فحينئذ لا إشكال في صحّة العبادة المنهي عنها بالنهي الغيري.
مثلا : لو تزاحم فعل الصلاة مع انقاذ الغريق وقلنا بأهميّة الإنقاذ فحينئذ ان كنّا نقول بالترتّب فلا مانع من صحّة الصلاة وان كان المكلّف قد عصى بتركه للإنقاذ ، وهكذا لو كنّا نقول بأنّ النهي الغيري عن الصلاة لا يكشف عن مبغوضيّتها وان سقوط الأمر بها بسبب التزاحم لا يمنع من صحّتها بعد توفّرها على ملاك الأمر.
نعم لو كنّا نبني على عدم الترتّب وانّ النهي الغيري يكشف عن المبغوضيّة فإنّ النهي الغيري حينئذ يكون داخلا في محلّ البحث.
الأمر الرابع : انّ المراد من العبادة التي نبحث عن الملازمة بين النهي عنها وبين فسادها هي العبادة الشأنيّة ، والمقصود منها الفعل الذي لو وقع متعلّقا للأمر لكان عباديا.
وبتعبير آخر : انّ من الأفعال ما يتوسّل بها العرف عادة للتعبير عن العبوديّة والتقرّب والتذلّل للمولى أو لذي الشأن الرفيع ، بمعنى انّ صدورها خارجا عادة ما يكون لهذا الغرض ، وذلك مثل السجود والركوع والدعاء فإنّ طبع هذه الأفعال هو الاتّصاف بالعباديّة إلاّ انّ اتّصافها بالعبادة لا يكون فعليّا ما لم تقع متعلّقا للأمر ، فالبحث في المقام انّما هو عن هذا النحو من الأفعال لو اتّفق تعلّق النهي بها وانّه هل يلزم من النهي عنها فسادها أو لا؟.
وأمّا العبادة الفعليّة والتي ثبت تعلّق الأمر بها فهي خارجة عن محلّ النزاع ، إذ لا ريب في استحالة تعلّق النهي بالعبادة المأمور بها ، إذ انّ معنى فعليّة الأمر بها انّها محبوبة وموجبة للقرب من المولى جلّ وعلا ، وحينئذ يستحيل اتّصافها بالمبغوضيّة ـ المستكشفة عن النهي ـ لاستحالة اجتماع حكمين متضادين على موضوع أو متعلّق واحد ، فافتراض الأمر بها يمنع عن افتراض النهي عنها.
وبهذا يتّضح انّ محلّ النزاع انّما هو الفعل الذي شأنه الاتّصاف بالعباديّة وانّه لو تعلّق به نهي فهل يكون هذا النهي موجبا لفساد ذلك الفعل أو لا؟
مثلا : صوم يوم العيد أو الصلاة في وقت الفريضة أو زيارة الامام الحسين يوم عرفة كلّها أفعال لها شأنيّة الاتّصاف بالعباديّة بحسب طبعها إلاّ انّها لم تقع متعلقا للأمر ، فلو تعلّق بهذه الأفعال نهي ، فهل انّ هذا النهي يستلزم الفساد فيترتّب على ذلك عدم الإجزاء لو كان الصوم قضاء عمّا فات أو وفاء بنذر وهكذا الكلام في الصلاة وزيارة الامام الحسين عليه السلام.
ثمّ انّ المراد من الفساد في عنوان المسألة هو عدم ترتّب الأثر المطلوب من الفعل المأتي ، فلا يكون المأتي به عند ما يكون منهيّا عنه مسقطا للقضاء أو الإعادة مثلا ، وقد أوضحنا المراد من الفساد بشيء من التفصيل تحت عنوان « الصحّة والفساد ».
وبما ذكرناه يتبلور المراد من المسألة وما هو محلّ النزاع فيها وبقي الكلام عن بيان انحاء تعلّق النهي بالعبادة ، فقد ذكر المحقّق النائيني رحمهالله انّ النهي قد يتعلّق بالعبادة لذاتها ، بمعنى انّ ذات العبادة هو المقتضي للنهي عنها كالصوم في يومي العيدين ، وقد يتعلّق النهي بالعبادة ولكن بسبب مبغوضيّة جزء أو شرط أو وصف ملازم أو مفارق ، فيكون الجزء أو الشرط أو الوصف واسطة ثبوتيّة ، أي علّة لثبوت الحرمة للعبادة ، وقد لا يتعلّق النهي بالعبادة ابتداء وانّما يتعلّق بالجزء أو الشرط أو الوصف ، وحينئذ يكون تعلّق النهي بالعبادة عرضي.
وتفصيل ذلك لا يتّصل بالغرض إلاّ انّه نقول : انّ المعروف بين الأعلام هو انّ النهي عن العبادة يقتضي الفساد ، والخلاف بينهم انّما وقع في حالات تعلّق النهي بجزء العبادة أو شرطها، وأمّا تعلّق النهي بوصفها الملازم فالظاهر اشتهار القول باستلزامه الفساد أيضا.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|