أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-10-2014
1201
التاريخ: 25-10-2014
808
التاريخ: 25-10-2014
1100
التاريخ: 5-4-2018
667
|
أستدل المعتزلة على ذلك بوجهين :
فاوّلهما هو : أنّ الكذب في الكلام قبيح ، نظرا إلى أنّ الكلام الّذي يتّصف بالصدق والكذب عند المعتزلة من قبيل الأفعال دون الصفات ، لأنّ الكلام عندهم إمّا بمعنى التكلّم الحقيقي ـ أعني : كون المتكلّم على وجه يمكن منه القاء الكلام اللفظي إلى من يريد تفهيمه ـ ، أو بمعنى ما به التكلّم ـ أعني : الألفاظ المنتظمة الدالّة على المعاني المقصودة ـ ، أو بمعنى الكلام المصدري وهو التكلّم بالفعل ، وهو خلق الألفاظ الدالّة على المعاني المقصودة. ومعلوم أنّ التكلّم الحقيقي الّذي هو من الصفات لا يتّصف بالصدق والكذب ، فالمتصف بالكذب أوّلا وبالذات هو الكلام اللفظي ـ أعني : الألفاظ الدالّة على المعاني المقصودة ـ وثانيا وبالتبع هو التكلّم بالفعل ـ الّذي هو خلق الألفاظ ـ ، فانّ اتصافه بالكذب بتبعية اتصاف الكلام اللفظي به. ولا ريب في أنّ الكذب في تكلّمه ـ تعالى ـ الفعلي ـ وإن كان بالتبع ـ قبيح. ومع قطع النظر عن اتصاف التكلّم الفعلي بالكذب نقول : لا ريب في أنّ اتصاف الكلام اللفظي به وخلق الألفاظ الدالّة على المعاني الكاذبة قبيح ، والله ـ سبحانه ـ لا يفعل القبيح اصلا ، اي : لا يجوز أن يفعله وإن كان مشتملا على حسن ، كالكذب النافع. فاندفع ما قيل من : أنّ الكذب قد يكون حسنا لكونه نافعا ، وذلك بأنّ الكذب النافع لا يخرج عن كونه قبيحا وإن كان له حسن بوجه ما.
قيل : يتراءى منه المنافاة لما قيل في دفع الشبهة الثنوية من : « أنّه يجوز أن يفعل الواجب ـ سبحانه ـ ما كان خيريته غالبة على شرّيته ، وليس ذلك قبيحا » ؛
وأجيب عنه : بانّه لا شيء من الكذب بحيث يكون حسنه غالبا على قبحه. وهو كما ترى!.
وتقرير الاشكال في المقام : إنّه ما وجه عدم صدور الكذب المشتمل على الحسن ـ كنفع الغير ـ عنه مع أنّ الكلام له معان ثلاثة :
أحدها : ما به التكلّم ، وهو الألفاظ الدالّة على المعاني ؛
وثانيها : خلق الألفاظ الدالّة على المعاني.
وثالثها : التكلّم الحقيقي ـ أعني : كون الذات بحيث يقتضي القاء الكلام إلى من يريده ـ ، والمتّصف بالصدق والكذب انّما هو الكلام بالمعنى الأوّل والثاني دون الكلام بالمعنى الثالث. ولا ريب في أنّ الكلام بالمعنيين الأوليين من قبيل أفعاله ـ سبحانه ـ دون صفاته ، وما هو من صفاته انّما هو الكلام بالمعنى الثالث.
ثمّ الممتنع كون صفاته ـ تعالى ـ مشتملة على القبح دون افعاله ، إذ لم يثبت عدم جواز اشتمال بعض أفعاله وبعض ما يترتّب على ايجاده على قبح ما ، بل هو واقع! ـ كما في الشيطان والسموم المهلكة والاشخاص الشريرة وغيرها ـ ؛ فانّه لا نزاع في أنّ الشرور والقبائح واقعة في عالم الوجود ، غاية ما في الباب انّهما مستندان إلى الأشياء الصادرة عنه ـ تعالى ـ بالذات وإليه ـ سبحانه ـ بالعرض ـ على ما تقرّر في موضعه ـ ، فيجوز أن يصدر عنه ـ سبحانه ـ الكذب المشتمل على حسن ما ويكون مستندا إلى الألفاظ الدالّة على المعاني الّتي هي صادرة عنه ـ تعالى ـ بالذات وإلى الايجاد الّذي هو فعله ـ سبحانه ـ بالعرض.
وأجاب بعض الأفاضل عن هذا الاشكال : بانّه لو صدر هذا القسم من الكلام ـ أعني : الكذب المشتمل على النفع ـ عنه ـ تعالى ـ فلا يخلو من أنّه ـ تعالى ـ إمّا أن لا يقدر ايصال هذا النفع المترتّب عليه بوجه آخر إلى الغير من حيث هو فاعل ، فيلزم عجزه المنافي لقدرته الكاملة ؛ أو لا يعلم وجها آخر حتّى يتمكّن به من ايصال النفع إلى الغير ، وهذا أيضا ظاهر البطلان. ولا يمكن وصول هذا النفع إلى الغير بدون هذا الكذب بالنظر إلى هذا القابل واستحقاقه ، لا بالنظر إلى الفاعل ، لأنّ استحقاق القابل أيضا ممّا له مدخل في جلب المنفعة له ، وهذا أيضا باطل ، أمّا أوّلا فلأنّ القبح لا يورث النفع اللائق للمكلّف ـ وهو الارتقاء من حضيض الطبيعة إلى ذروة الكمال اللائق للنشأة الأخرى ـ ، فان القبيح كالسمّ المنافي لصحّة النشأة الباقية. فكيف يصير سببا لحصولها ومبنى الشريعة الترغيب والتحريص على تحصيلها؟! ؛
وأمّا ثانيا : فلأنّ صدور الكلام الكاذب عنه ـ تعالى ـ المشتمل على الحسن ـ أعني : النفع للغير ـ يوجب صدور الشرّ الكثير المشتمل على الخير بوجه بالذات من الخير المحض المبرّى عن كلّ نقص وآفة ؛ وهذا باطل ، لاستلزامه جهة النقيصة في ذاته ـ تعالى ـ.
وغير خفيّ بانّه يمكن المناقشة في مواضع من هذا الجواب.
وقريب من الشقّ الأوّل من هذا الجواب ما ذكره بعض الفضلاء من أنّ من كان قادرا وحكيما على الاطلاق بحيث يكون جميع الموجودات تحت قدرته يحكم العقل بديهة بأنّ ايجاد الكلام الكاذب منه قبيح وإن كان ذلك الكلام الكاذب مشتملا على حسن ؛ نعم! ، الكلام الكاذب الّذي يكون مشتملا على حسن لا يكون قبيحا في بعض الأوقات بالنسبة إلى من لم تكن قدرته مشوبة بالعجز أصلا ولا يكون قادرا عالما حكيما على الاطلاق ، فالعقل يحكم بأنّ الكذب في كلامه قبيح وإن كان مشتملا على حسن.
والأصوب في الجواب عن الاشكال المذكور أن يقال : الفرق متحقّق بين ايجاد الألفاظ الدالّة على المعاني الكاذبة وبين ايجاد الشيطان ومثله من الموجودات المشتملة على الشرور والقبائح ، فانّ المحرق مثلا يكون محمولا على النار حقيقة وعلى فاعل النار بالمجاز وبالعرض ، وكذا الشرير يحمل على الشيطان حقيقة وبالذات وعلى فاعله وموجده بالعرض وبالمجاز ؛ وأمّا الكلام الكاذب فكما يحمل عليه الكاذب بالذات وبالحقيقة فكذلك يحمل على ملقي الكلام وموجده أيضا من دون تفاوت ، لأنّ حمل الكاذب والصادق على المتكلّم حقيقي وذاتي وليس مجازيا عرضيا ، لأنّ الصادق معناه بالفارسية : « راست گو در قول خود » ، والكاذب معناه بالفارسية : « دروغ گو در قول خود » ، فلو جاز ايجاده ـ تعالى ـ كلاما كاذبا يلزم جواز حمل الكاذب عليه ـ تعالى ـ حقيقة وبالذات ، فيلزم النقص في صفته ـ تعالى ـ ؛ وهو محال ، لأنّ ما يحمل عليه ـ تعالى ـ حقيقة وبالذات يجب أن يكون كمالا على الاطلاق بحيث لا يكون فيه نقص بوجه من الوجوه. وبالجملة العقل السليم حاكم بأنّ الكذب والتلبيس واظهار ما هو خلاف الواقع ونفس الأمر نقص وقبيح يجب تقديسه ـ تعالى ـ عنه.
ولا ريب في أنّ هذا الدليل بناء على المذهب الحقّ من ثبوت حكم العقل بحسن الأفعال وقبحها تامّ صحيح لا خدشة عليه.
وثانيهما : أنّ الكذب ينافي مصلحة العالم ، لأنّه إذا جاز وقوع الكذب في كلام الله ـ تعالى ـ ارتفع الوثوق عن اخباره بالثواب والعقاب وسائر ما اخبر به من احوال الآخرة والأولى ، وفي ذلك فوات مصالح لا يحصى ، والأصلح واجب عليه ـ تعالى ـ عندهم ، فلا يجوز اخلاله به.
قال بعض الأفاضل : كذبه ـ سبحانه ـ أو جواز كذبه مع اطّلاع العباد عيه ينافي مصلحة العالم ويرتفع الثقة معه ، أمّا لو وقع الكذب في الواقع أو جاز ولم يقع ولكن يحفظ الحال ـ تعالى ـ بحيث لا يطّلع عليه أحد لا يلزم خلاف المصلحة وارتفاع الثقة ولا ينافي وجوب الأصلح عليه ـ تعالى ـ ؛
وغير خفيّ بانّه لو جاز الكذب عليه ـ تعالى ـ يعرف العقلاء ذلك كلّيا وإن لم يطّلعوا عليه بخصوص القضايا الخارجية ؛ وبه يحصل ارتفاع الثقة ومنافاة مصلحة العالم.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
في مستشفى الكفيل.. نجاح عملية رفع الانزلاقات الغضروفية لمريض أربعيني
|
|
|