أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-8-2016
1756
التاريخ: 16-10-2016
7746
التاريخ: 30-8-2016
2279
التاريخ: 26-8-2016
1312
|
هل الأصل في الواجبات النفسيّة أو الغيريّة؟ والتعيينية أو التخييريّة؟ والعينية أو الكفائيّة؟
والمناسب ذكر هذه المسألة في البحث عن تقسيمات الواجبات في ذيل مبحث الأوامر كما لا يخفى.
وعلى كلّ حال البحث هنا أيضاً يقع في مقامين: في مقتضى الأصل اللّفظي، ومقتضى الأصل العملي، ولكن قبل الورود في أصل البحث لا بدّ أن نشير إجمالا إلى ماهيّات هذه الاُمور.
فنقول: أمّا الواجب النفسي فهو عبارة عن ما يجب لنفسه وتكون مصلحته قائمة بنفسه بخلاف الواجب الغيري الذي يجب لغيره ويكون مطلوباً لكونه مقدّمة لغيره، ونتيجته أن يكون وجوبه تابعاً لوجوب غيره كنصب السلّم للصعود على السطح، والوضوء والاستقبال بالنسبة إلى الصّلاة.
وأمّا الواجب التعييني والتخييري فالاحتمالات فيهما كثيرة والجدير منها بالذكر هنا احتمالان:
الاحتمال الأوّل: أنّ الواجب التخييري عبارة عن وجوب عدّة اُمور يسقط، بإتيان بعضها بخلاف الواجب التعييني الذي هو عبارة عن وجوب شيء واحد فلا يسقط إلاّ بإتيان نفس ذلك الشيء.
الاحتمال الثاني: أن يكون الواجب التخييري عنوان أحد الفعلين أو أحد الأفعال فالوجوب تعلّق بجامع انتزاعي وهو عنوان «أحدهما» أو «أحدها» بخلاف الواجب التعييني الذي يتعلّق الوجوب فيه بشخص الفعل لا بالجامع.
ونحن نبحث هنا بناءً على كلا المبنيين، وأمّا أيّهما هو الصحيح فسنتكلّم عنه في ذيل مبحث الأوامر عند البحث عن تقسيمات الواجب.
وأمّا الواجب العيني والكفائي فيأتي فيه نظير ما مرّ في الواجب التعييني والتخييري ولكنّه بالنسبة إلى المكلّف لا المتعلّق، فالواجب الكفائي يحتمل أن يكون الوجوب فيه متعلّقاً بجميع المكلّفين على نحو العموم الاستغراقي مع سقوط الوجوب بإتيان من به الكفاية، ويحتمل أن يكون الوجوب فيه متعلّقاً بجامع أحد المكلّفين أو جماعة من المكلّفين.
إذا عرفت هذا فنقول: إذا شككنا في النفسيّة والغيريّة كما إذا شككنا في أنّ غسل الجنابة مثلا واجب نفسي أو واجب غيري، أو شككنا في التخييري والتعييني كما إذا شككنا في أنّ صلاة الجمعة في عصر الغيبة هل هي واجب تعييني أو واجب تخييري يخيّر المكلّف بينها وبين صلاة الظهر، أو شككنا في العينية والكفائيّة كما إذا شككنا في أنّ الجهاد واجب كفائي أو عيني (ولا إشكال في أنّ الشكّ هذا من قبيل الشبهة الحكمية لا الموضوعيّة) فيقع البحث في مقامين:
الأوّل: في مقتضى الأصل اللّفظي، والثاني: في مقتضى الأصل العملي.
أمّا المقام الأوّل: فذهب المحقّق الخراساني(رحمه الله) وجماعة إلى أنّ مقتضى إطلاق الأوامر هو النفسيّة والعينية والتعيينيّة.
وهو واضح بالنسبة إلى النفسيّة والغيريّة، فإذا قال المولى لعبده «اغتسل للجنابة» من دون أن يقيّده بشيء فلا إشكال في أنّ ظاهره وجوب غسل الجنابة مطلقاً سواء كانت الصّلاة أيضاً واجبة أو لا؟
وبعبارة اُخرى: إنّ إطلاقه يقتضي عدم تقيّد وجوب غسل الجنابة بوجوب شيء آخر، ولازمه النفسيّة.
وقد تمسّك بعض الأعلام أيضاً بإطلاق الأمر بالصّلاة من أنّ مقتضاه عدم تقيّد وجوب الصّلاة بغسل الجنابة ولازمه العقلي كون غسل الجنابة واجباً نفسياً، وإليك نصّ كلامه: «لو كان لقوله تعالى «أقيموا الصّلاة» إطلاق فمقتضاه عدم تقييد الصّلاة بالطهارة أو نحوها فالتقييد يحتاج إلى دليل ومؤونة زائدة والإطلاق ينفيه، ولازم ذلك هو أنّ وجوب الطهارة المشكوك نفسي لا غيري»(1).
وأمّا بالنسبة إلى التخييريّة والتعيينية فكذلك تمسّك المحقّق الخراساني(رحمه الله)بإطلاق الأمر لنفي التخييريّة وإثبات التعيينية وهو في محلّه لأنّ الواجب التخييري مقيّد بما إذا لم يأت بالبدل وإطلاق الصيغة ينفي هذا القيد.
نعم إنّه إنّما يكون تامّاً بالنسبة إلى مبنى وجوب جميع الأطراف مع سقوط وجوب كلّ من الأطراف بفعل أحدها حيث إنّه يرجع حينئذ إلى اشتراط وجوب كلّ منها بعدم الإتيان بالآخر، والاشتراط منفيّ بإطلاق الصيغة، وأمّا بناءً على مبنى كون الواجب عنوان أحد الأفعال أو أحد الفعلين فلا، لأنّا لا نعلم من أوّل الأمر أنّ صلاة الجمعة واجب بما هي صلاة الجمعة أو بما أنّها أحد الفعلين، أو أحد الأفعال، ولا معنى للأخذ بالإطلاق هنا، نعم ظهور العنوان في الخصوصيّة أعني خصوصيّة عنوان «الجمعة» ينفي عنوان «أحدهما» وهذا غير مسألة الإطلاق والتقييد، فتدبّر فإنّه دقيق.
وأمّا بالنسبة إلى العينية والكفائيّة فكذلك تمسّك المحقّق الخراساني (رحمه الله) بإطلاق صيغة الأمر لإثبات العينية في محلّه بناءً على مبنى من يقول في الواجب الكفائي: أنّ التكليف به متوجّه إلى عموم المكلّفين (على نحو العموم الاستغراقي) إلاّ أنّ وجوبه على كلّ مشروط بترك الآخر لأنّ مقتضى إطلاق الصيغة عدم الاشتراط فيثبت كونه واجباً عينياً.
وأمّا بناءً على مبنى من يقول: بأنّ التكليف في الواجب الكفائي متوجّه إلى أحد المكلّفين أو جماعة منهم لا بعينها فلا، حيث إنّ المكلّف حينئذ لا يعلم من أوّل الأمر أنّ التكليف توجّه إلى نفسه أو إلى عنوان أحد المكلّفين، كما إذا دقّ الباب فأمر المولى بفتح الباب ولا يعلم العبد من أوّل الأمر أنّه هل المولى وجّه الخطاب إلى شخصه وقال «افتح أنت الباب» أو وجّه الخطاب إلى أحد العبيد لا بعينه وقال «ليفتح أحدكم الباب»، فليس في البين لفظ مشخّص حتّى ينعقد له إطلاق فيتمسّك به، نعم يجري فيه ما مرّ سابقاً في الشكّ بين التخييريّة والتعيينيّة من أنّ ظاهر توجّه الخطاب إلى شخص أو صنف خاصّ أو أخذ عنوان معيّن في لسان الدليل هو اعتباره في الحكم ولازمه هو العينية.
ثمّ إنّه قد ظهر ممّا ذكرنا أنّ لازم الإطلاق في جميع الموارد ليس هو التوسعة في الأفراد بل قد يكون لازمه التضييق والتحديد، حيث إنّ لازم التعيينية في ما نحن فيه هو تضييق الأفراد وحصرها في فرد واحد، كما أنّ لازم العينية هو توسعة أفراد المكلّفين وتعميم التكليف بالنسبة إلى جميعهم.
هذا كلّه بالنسبة إلى المقام الأوّل وهو مقتضى الأصل اللّفظي.
وأمّا المقام الثاني: وهو مقتضى الأصل العملي فيبدو في أوّل النظر أنّ الأصل هو البراءة، وهي تقتضي الغيريّة والتخييريّة والكفائيّة فإنّ القدر المتيقّن من وجوب الوضوء مثلا هو وجوبه بعد الوقت، وأمّا قبله فينتفي بأصل البراءة، ولازمه نفي النفسيّة وإثبات الغيريّة، وكذلك بالنسبة إلى التخييريّة والتعيينية، لأنّ ما تمّت الحجّة بالنسبة إليه هو وجوب أحد الفعلين، فإذا أتينا بالظهر مثلا نشكّ في وجوب صلاة الجمعة وهو ينتفي بأصل البراءة، وكذلك بالنسبة إلى الكفائيّة والعينية فإنّه بعد تصدّي الغير للعمل يشكّ المكلّف في الوجوب على نفسه، وهو أيضاً ينتفي بأصل البراءة.
وبالجملة: إنّ القدر المتيقّن من الخطاب هو التخييريّة والكفائيّة والغيريّة وأمّا الزائد عليها فهو منفي بأصل البراءة.
هذا ما يبدو للإنسان في أوّل النظر، ولكن عند التأمّل والدقّة يمكن التفصيل في التخييريّة والتعيينية والنفسيّة والكفائيّة على المباني المختلفة لأنّه بناءً على المبنى الأوّل في الواجب التخييري والكفائي (من أنّ الخطاب توجّه إلى جميع الأطراف أو جميع المكلّفين) فبعد إتيان أحد الأفراد أو أحد المكلّفين يقع الشكّ في سقوط البدل أو سقوط التكليف عن الآخرين، وحيث إنّ المفروض أنّ التكليف تعلّق بالجميع فمقتضى استصحاب بقاء التكليف أو أصالة الاشتغال هو عدم سقوط التكليف كما لا يخفى، فالبيان المزبور تامّ بناءً على أحد المبنيين فقط.
__________________
1. المحاضرات: ج2، ص199.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|