أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-7-2020
1055
التاريخ: 28-8-2016
1257
التاريخ: 26-8-2016
1491
التاريخ: 5-8-2016
1673
|
كان البحث في فصل سابق منصبّاً على حجية العام في الباقي بعد افتراض كون المخصص مبيَّناً لا إجمال فيه، و إنّما كان الشكّ في تخصيص زائد بمعنى احتمال أن يكون هناك تخصيص وراء التخصيص الأوّل، فقد قلنا بحجّية العام في الباقي مالم يثبت تخصيص آخر.
وأمّا البحث في هذا الفصل فهو فيما إذا كان المخصص مجملاً مفهوماً وصار إجماله سبباً للشك في بقاء مورد، تحت العام، أو داخلاً تحت الخاص، وعلى هذا فالفصلان مختلفان موضوعاً و محمولاً، وإن كانا يشتركان في تعلّق الشكّ ببقاء فرد أو عنوان تحت العام، لكن منشأ الشك في الفصل السابق، احتمال طروء تخصيص زائد على العام وفي المقام وجود الإجمال في المخصِّص فالمسألتان متغايرتان.
ثمّ إنّ إجمال المخصص مفهوماً على قسمين: فتارة يكون مفهوم المخصص مردّداً بين الأقل و الأكثر، وأُخرى يكون مفهومه مردّداً بين المتباينين. وإليك توضيح القسمين بذكر بعض الأمثلة.
أمّا المخصص المردّد مفهومه بين الأقل والأكثر، فإليك مثالين:
أ. إذا قال: كلّ ماء طاهر إلاّ ما تغيّر طعمُه أو لونُه أو رائحته، فإنّ المخصِّص مردّد بين كون المراد خصوص التغيّر الحسي، أو ما يعمّه والتغيّر التقديريّ، كما إذا مزج الماء الذي وقعت فيه النجاسة، بالطيب على فرض لولاه لظهر التغيّر بإحدى صوره الثلاث، فالمخصص (إلاّ ما تغير) مردّد بين الأقل وهو التغير الحسّي، والأكثر وهو شموله له وللتقديري.
ب. إذا قال: أكرم العلماء إلاّ الفسّاق وتردّد مفهوم الفاسق بين كونه خصوص مرتكب الكبيرة، أو الأعم منه ومن مرتكب الصغيرة، فهو مردّد بين الأقل وهو مرتكب الكبيرة ، والأكثر وهو مرتكب الكبيرة والصغيرة.
وأمّا المخصص المردّد مفهومه بين المتباينين.
فكما إذا قال المولى: أكرم العالم إلاّ سعداً، و تردّد بين سعد بن زيد وسعد ابن بكر، فالإجمال في المفهوم صار سبباً لتردّد المخصّص بين المتباينين.
إذا وقفت على إجمال المفهوم بقسميه، فاعلم أنّ الصور المتصوّرة في المقام أربع. لأنّ المخصّص المجمل إمّا متصل أو منفصل وإجمال كلّ، إمّا لدورانه بين الأقل والأكثر، أو بين المتباينين، وإليك أحكام الصور الأربع:
الصورة الأُولى: المخصص المتّصل الدائر مفهومه بين الأقل والأكثر:
إذا كان العام مقروناً من أوّل الأمر بمخصص مجمل مفهوماً مردّد أمره بين الأقل و الأكثر كما عرفت في المثالين، فلا شكّ في أمرين:
1. انّ الخاص حجّة في الأقل ـ أعني: التغيّر الحسّي ـ ومرتكب الكبيرة وليس العام حجّة فيهما بلا كلام.
2. انّ الخاص ليس حجّة في المصداق المشكوك، أي التغير التقديري ومرتكب الصغيرة.
إنّما الكلام في أمر ثالث، وهو هل العام حجّة في هذا الفرد المشكوك أو لا؟ والمسألة مبنية على سريان إجمال المخصص إلى العام فلا يكون حجّة فيه، وعدمه فيكون حجّة.
التحقيق انّه يسري، لأنّ المخصص المتّصل من قبيل القرائن المتصلة بالكلام، وما هذا شأنه يوجب «عدم انعقاد ظهور للعام إلاّ فيما عدا الخاص» فإذا كان الخاص مجملاً، سرى إجماله إلى العام، لأنّ ما عدا الخاص غير معلوم فلا يحتج بالعامّ في مورد الشكّ.
وإن شئت قلت: إنّ التخصيص بالمتصل أشبه شيء بالتقييد حيث يعود الموضوع مركباً من العام وعنوان «غير الفاسق» فلابدّ في الحكم بوجوب الإكرام (حكم العام) من إحراز كلا الجزأين، أعني: كونه عالماً وكونه غير فاسق، والأوّل وإن كان محرزاً بالوجدان، ولكن الثاني (غير فاسق) غير محرز، لأنّه لو كان الفاسق موضوعاً لمرتكب الكبيرة، فالموضوع محرز، لأنّ مرتكب الصغيرة غير فاسق، ولو كان موضوعاً للأعم فهو فاسق، فلا ينطبق عليه عنوان العام المخصَّص(العالم غير الفاسق)، وبما انّه لم يحرز عندئذ الجزء الآخر(غير الفاسق)، فلا يصحّ التمسّك بالعام.
الصورة الثانية: المخصص المتّصل الدائر مفهومه بين المتباينين:
إذا ورد العام منضماً إلى مخصص دائر مفهومه بين أمرين متباينين ليس بينهما قدر مشترك حتى يدور الأمر بين الأقل و الأكثر، كما إذا قال: أكرم العالم إلاّ سعداً، وكان مردّداً بين سعد بن زيد وسعد بن بكر، فلا يمكن التمسّك بالعام في واحد منهما للبيان السابق حيث إنّ العام حجّة فيما عدا الخاص، فيجب إحراز كلا الجزأين :
الأوّل: انّه (عالم) والثاني انّه (ليس سعداً)، وبما أنّ سعداً مردّد مفهوماً بين الفردين، فلا يكون موضوع العام محرزاً بتمامه في أيّواحد من الفردين.
الصورة الثالثة : المخصص المنفصل الدائر مفهومه بين الأقلّ والأكثر:
إذا ورد العام مجرداً عن المخصص ثمّ لحقه مخصص منفصل دائر مفهومه بين الأقل والأكثر، كما إذا قال: أكرم العلماء، وقال بعد فترة : لا تكرم فسّاق العلماء، فلا شكّ أنّ العام ليس بحجّة في مرتكب الكبيرة ويقع الكلام في كونه حجّة في مرتكب الصغيرة.
المشهور بين المحقّقين كونه حجّة في مورد الصغيرة، ويقع الكلام في بيان ما هو الفرق بين المتصل والمنفصل حيث إنّ إجمال المخصص المتصل يسري إلى العام عند دورانه بين الأقل و الأكثر ولا يسري إليه إجمال المخصص المنفصل إذا دار أمره بينهما، وإليك بيان الفرق:
إنّ اتصال المخصص يوجب عدم انعقاد ظهور للعام من أوّل الأمر إلاّ في العنوان المركب(العالم غير الفاسق)، فلا يكون هنا إلاّ دليل واحد وله ظهور واحد.
وهذا بخلاف ما إذا كان المخصص منفصلاً، فإنّه ينعقد للعام ظهور في العموم، ويعمّ قوله: أكرم العلماء، مرتكبَ الصغيرة والكبيرة معاً في بدء الأمر ويكون حجّة فيهما.
ثمّ إذا لحقه المخصص المنفصل فهو لا يزاحم ظهوره، لأنّ ظهوره انعقد في العموم، و إنّما يزاحم حجّيته في العموم، لأنّ ظهور الخاص أقوى، وبما انّ المخصص المنفصل ليس حجّة إلاّ في مرتكب الكبيرة دون الصغيرة، بل كان فيها مشكوك الحجية فلا يزاحم حجيّة العام فيه فيتمسك بالعام الذي انعقد ظهوره في العموم وكان حجّة فيه ما لم يكن هناك حجّة أُخرى والمفروض عدمها.
وبعبارة أُخرى: العام المنفصل عن المخصص ينعقد ظهوره في العموم، فيكون حجّة في وجوب إكرام العالم أعم من مرتكب الصغيرة أو الكبيرة، وهذا الظهور حجّة ما لم يكن هناك دليل أقوى، والمفروض أنّ الدليل الأقوى مجمل مردّد بين الأقل والأكثر، فلا يكون حجّة في المشكوك أي الأكثر فلا ترفع اليد عن الحجّة السابقة إلاّ بمقدار ما ثبتت حجّية الخاصّ فيه، و ليس هو إلاّ مرتكب الكبيرة فيتمسك في مورد الصغيرة، بالعام.
هذا هو المعروف وهناك رأي آخر يطلب من دراسات عليا.
الصورة الرابعة: المخصص المنفصل الدائر مفهومه بين المتباينين:
إذا ورد العام مجرداً عن المخصص، ثمّ لحقه المخصص بعد فترة ولكن دار أمره بين متباينين، كما إذا قال: «أكرم العالم»، ثمّ قال بعد فترة: «لا تكرم سعداً» و كان سعد مردّداً مفهوماً بين «سعد بن زيد وسعد بن بكر» فالإجمال في المصداق وتردّده بين الشّخصين لأجل الإجمال في المفهوم بحيث لو أزيل الإجمال المفهومي لما كان هناك إجمال في المصداق ، فهل يكون العام حجّة في واحد منهما؟
التحقيق: انّه لا يكون العام حجّة بل يسري إجمال المخصص ـ وإن كان منفصلاً ـ إلى العام و وجه ذلك مع أنّه يشترك مع الصورة الثالثة في انفصال المخصص، ولكن يفارقه في شيء آخر، وهو انحلال العلم الإجمالي في الصورة الثالثة في مورد مرتكب الصغيرة فيكون الشكّ فيه شكاً بدوياً بخلاف المقام، فإنّ هنا علماً إجمالياً بحرمة أو عدم وجوب إكرام أحد العنوانين، ومع هذا العلم كيف يمكن التمسك بظهور العام ـ وإن انعقد ظهوره قبل لحوق المخصص المنفصل به في العموم ـ بل يسقط العام عن الحجية في كلّ واحد منهما.
فخرجنا بالنتائج التالية :
1. يسري إجمال المخصص المتصل الدائر أمره بين الأقل والأكثر إلى العام.
2. يسري إجمال المخصص المتصل الدائر أمره بين المتباينين إلى العام.
3. يسري إجمال المخصص المنفصل الدائر أمره بين المتباينين إلى العام.(1)
4. لا يسري إجمال المخصص المنفصل الدائر أمره بين الأقل و الأكثر إلى العام.
_____________________________________________
1. هذه هي الصورة الرابعة قدّمناها في المقام لمساواة حكمها مع القسمين الأوّلين.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|