أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-8-2016
609
التاريخ: 26-8-2016
1067
التاريخ: 25-8-2016
374
التاريخ: 3-8-2016
630
|
يستحيل التكليف بغير المقدور، وهذا له معنيان:
احدهما: ان المولى يستحيل ان يدين المكلف بسبب فعل او ترك غير صادر منه بالاختيار، وهذا واضح، لان العقل يحكم بقبح هذه الادانة، لان حق الطاعة لا يمتد إلى ما هو خارج عن الاختيار.
والمعنى الآخر: ان المولى يستحيل ان يصدر منه تكليف بغير المقدور في عالم التشريع، ولو لم يرتب عليه إدانة ومؤاخذة للمكلف، فليست الادانة وحدها مشروطة بالقدرة بل التكليف ذاته مشروط بها ايضا.
وتوضيح الحال في ذلك ان مقام الثبوت للحكم يشتمل - كما تقدم - على ملاك وإرادة واعتبار، ومن الواضح انه ليس من الضروري ان يكون الملاك مشروطا بالقدرة، كما ان بالإمكان تعلق ارادة المولى بأمر غير مقدور، لأننا لا نريد بالإرادة الا الحب الناشئ من ذلك الملاك، وهو مهما كان شديدا، يمكن افتراض تعلقه بالمستحيل ذاتا فضلا عن الممتنع بالغير، والاعتبار إذا لوحظ بما هو اعتبار يعقل ايضا ان يتكفل جعل الوجوب على غير المقدور، لان الاعتبار سهل المؤونة، وليس لغوا في هذه الحالة، إذ قد يراد به مجرد الكشف بالصياغة التشريعية التي اعتادها العقلاء عن الملاك والمبادئ، ولكن إذا لوحظ الجعل والاعتبار بما هو ناشئ من داعي البعث والتحريك، فمن الواضح ان القدرة على مورده تعتبر شرطا فيه، لان داعي تحريك العاجز يستحيل ان ينقدح في نفس العاقل الملتفت. وحيث ان الاعتبار الذي يكشف عنه الخطاب الشرعي هو الاعتبار بهذا الداعي، كما يقتضيه الظهور التصديقي السياقي للخطاب، فلا بد من اختصاصه بحال القدرة، ويستحيل تعلقه بغير المقدور.
ومن هنا كان كل تكليف مشروطا بالقدرة على متعلقه بدون فرق بين التكاليف الالزامية وغيرها. وكما يشترط في التكليف الطلبي (الوجوب والاستحباب) القدرة على الفعل، كذلك يشترط الشيء نفس في التكليف الزجري (الحرمة والكراهة) لان الزجر عما لا يقدر المكلف على ايجاده، او عن الامتناع عنه، غير معقول ايضا.
وهكذا نعرف، ان القدرة شرط ضروري في التكليف، ولكنها ليست شرطا ضروريا في الملاك والمبادئ.
ولكن هذا لا يعني انها لا تكون شرطا، فإن مبادئ الحكم يمكن ان تكون ثابتة وفعلية في حال القدرة والعجز على السواء، ويمكن ان تكون مختصة بحالة القدرة، ويكون انتفاء التكليف عن العاجز لعدم المقتضى وعدم الملاك رأسا. وفي كل حال من هذا القبيل يقال: إن دخل القدرة في التكليف شرعي. وقد تسمى القدرة حينئذ بـ(القدرة الشرعية) بهذا الاعتبار تمييزا لذلك عن حالات عدم دخل القدرة في الملاك، اذ يقال عندئذ: ان دخل القدرة في التكليف عقلي، وقد تسمى القدرة حينئذ بـ(القدرة العقلية). ولا فرق في استحالة التكليف بغير المقدور، بين ان يكون التكليف مطلقا من قبيل ان يقول الآمر لمأموره (طر في السماء)، او مقيدا بقيد يرتبط بإرادة المكلف واختياره من قبيل ان يقول (إن صعدت إلى السطح فطر إلى السماء)، فان التكليف في كلتا الحالتين مستحيل.
والثمرة في اشتراط القدرة فى صحة الادانة ( المعنى الاول ) واضحة ، وأما الثمرة فى اشتراط القدرة فى التكليف ذاته ( المعنى الثاني ) فقد يقال : إنها نمير واضحة إذ ما دام العاجز غير مدان على أي حال ، فلا يختلف الحال سواء افترضنا أن القدرة شرط في التكليف أو نفينا ذلك وقلنا بأن التكليف يشمل العاجز ، إذ لا أثر لذلك بعد افتراض عدم الادانة ، ولكن الصحيح وجود ثمرة على الرغم من أن العاجز غير مدان على أي حال ، وهى تتصل بملاك الحكم ، إذ قد يكون من المفيد أن نعرف أن العاجز هل يكون ملاك الحكم فعليا في حقه وقد فاته بسبب العجز لكى يجب القضاء مثلا ، أو أن الملاك لا يشمله رأسا فلم يفته شيء ليجب القضاء ، أي أن نعرف أن القدرة هل هي دخيلة في الملاك أولا ، فإذا جاء الخطاب الشرعي مطلقا ولم ينص فيه الشارع على قيد القدرة ظهرت الثمرة ، لأننا إن قلنا باشتراط القدرة في التكليف ذاته كما تقدم ، كان حكم العقل بذلك بنفسه قرينة على تقييد إطلاق الخطاب ، فكأنه متوجه إلى القادر خاصة وغير شامل للعاجز ، وفى هذه الحالة لا يمكن إثبات فعلية الملاك في حق العاجز ، وأنه قد فاته الملاك ليجب عليه القضاء مثلا ، لأنه لا دليل على ذلك نظرا إلى أن الخطاب إنما يدل على ثبوت الملاك بالدلالة الالتزامية ، وبعد سقوط المدلول المطابقي للخطاب ، وتبعية الدلالة الالتزامية على الملاك للدلالة المطابقية على التكليف ، لا يبقى دليل على ثبوت الملاك فى حق العاجز ، وإن لم نقل باشتراط القدرة فى التكليف ، أخذنا بإطلاق الخطاب في المدلول المطابقي والالتزامي معا ، وأثبتنا التكليف والملاك على العاجز وبذلك يثبت أن العاجز قد فاته الملاك وإن كان معذورا في ذلك ، إذ لا يدان العاجز على أي حال.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|