أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-8-2016
509
التاريخ: 3-8-2016
976
التاريخ: 3-8-2016
947
التاريخ: 26-8-2016
980
|
إن قلنا بأنّ المسألة اُصوليّة وأنّ البحث فيها في ثبوت الملازمة بين وجوب المقدّمة ووجوب ذيها وعدمها فلا إشكال في أنّ الثمرة حينئذ هي ثبوت الملازمة بين وجوب كلّ واجب ووجوب مقدّماته، وهي ثمرة لمسألة اُصوليّة تقع كبرى قياس استنباط الأحكام الفرعيّة فيقال مثلا: الملازمة ثابتة بين وجوب المقدّمة ووجوب ذيها، والصّلاة واجبة فتجب جميع مقدّماتها، وأمّا إن قلنا بأنّ المسألة قاعدة فقهيّة كما هو المختار ومقتضى ما عنونه المشهور (من أنّ المقدّمة واجبة أم لا؟) فتكون النتيجة وجوب كلّ مقدّمة وهو حكم كلّي فرعي يستنتج منه أحكام فرعيّة جزئيّة.
ولكن قد خالف فيه بعض وقال بأنّ هذه الثمرة لا أثر لها، أمّا أوّلا: فلأنّ هذا الوجوب ممّا لا أثر له حيث إنّه وجوب غيري لا يترتّب عليه ثواب ولا عقاب ولا يمكن التقرّب به.
وأمّا ثانياً: فلما ذكره بعض الأعلام من أنّه لا إشكال في اللابدّية العقليّة في باب المقدّمة، ومعها يكون إيجاب آخر شرعي لغواً لا أثر له.
ولكن كلا الوجهين غير تامّ أمّا الأوّل: فلـ...إمكان التقرّب بالواجب الغيري وأنّه يترتّب عليه أيضاً الثواب.
وأمّا الثاني: فلأنّه يرجع في الحقيقة إلى عدم وجوب المقدّمة شرعاً مع أنّ النزاع في ترتّب الثمرة وعدمه مبني على وجوب المقدّمة كذلك.
هذا كلّه في الثمرة الاُولى وهي اُمّ الثمرات.
ثمّ إنّه قد ذكروا لبحث مقدّمة الواجب ثمرات اُخرى:
الثمرة الاُولى: أنّه على القول بوجوب المقدّمة إذا نذر الإتيان بواجب شرعي فيحصل البرء من النذر بالإتيان بمقدّمة من مقدّمات الواجب، وعلى القول بعدمه لا يحصل البرء به.
ويرد عليه:
أوّلاً: أنّ هذا ليس ثمرة لمسألة اُصوليّة تقع كبرى لقياس الاستنباط بل إنّه بحث موضوعي في أنّه هل تكون المقدّمة من مصاديق عنوان الواجب الذي تعلّق به النذر أو لا؟ والمعروف أنّ البحث عن الموضوعات الخارجيّة لا يعدّ مسألة فقهيّة وإن كان لنا كلام فيه في محلّه إجمالا.
وقد أورد عليه ثانياً: بأنّ البرء وعدمه تابعان لقصد الناذر، ولكن يمكن الجواب عنه بأنّه ربّما يقصد الناذر ما يصدق عليه عنوان الواجب مهما كان، ولا إشكال في أنّه حينئذ إن قلنا بوجوب المقدّمة يحصل البرء بإتيانها أيضاً وإلاّ فلا.
الثمرة الثانيّة: أنّه على القول بوجوب المقدّمة لا يجوز أخذ الاُجرة على المقدّمة لحرمة أخذ الاُجرة على الواجبات، بخلاف ما إذ لم نقل بوجوبها فيجوز أخذها عليها.
ويرد عليه أيضاً: أنّه ليس ثمرة اُصوليّة، فإنّ جواز أخذ الاُجرة على المقدّمة أو عدمه حكم جزئي يستنبط من كبرى فقهيّة، وهي عدم جواز أخذ الاُجرة على الواجبات.
واستشكل عليه أيضاً: بأنّ أخذ الاُجرة على الواجب لا بأس به، وتوضيح ذلك أنّ عمل الإنسان تارةً : يرجع نفعه إلى نفسه فحسب كما إذا أتى بواجب توصّلي لا نفع فيه للغير، فلا إشكال في عدم جواز أخذ الاُجرة عليه من الغير لعدم الفائدة فيه للغير، فيكون سفهيّاً وهو خارج عن محلّ البحث.
واُخرى: يرجع نفعه إلى الغير ولكنّه عمل عبادي كما إذا أتى بصلاة أو صوم للغير، فيمكن أن يقال أيضاً بعدم جواز أخذ الاُجرة عليه من باب منافاته مع قصد القربة، وهذا أيضاً خارج عن محلّ الكلام.
وثالثة: يكون العمل من التوصّليات ويرجعه نفعه إلى الغير أيضاً كتطهير المسجد الذي يوجب سقوط وجوبه عن الغير فإنّ هذا هو محلّ الكلام، فذهب المحقّق الخراساني(رحمه الله) وكثير من الأعلام إلى جواز أخذ الاُجرة عليه لعدم جريان إشكال السفاهة ولا إشكال قصد القربة فيه، وأمّا ثبوت عدم جوازه في بعض الواجبات بل في بعض المستحبّات فهو من باب أدلّة خاصّة تدلّ على لزوم إتيانه مجّاناً كما في تجهيز الميّت أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو الأذان، وإلاّ لو لم تثبت المجّانيّة فلا إشكال في جواز أخذ الاُجرة.
أقول: قد ذكرنا في محلّه في المكاسب المحرّمة عدم جواز أخذ الاُجرة حتّى في مثل المقام، لأنّ ذلك ينافي الوجوب، لأنّ معنى وجوب شيء كونه وظيفة على العبد، ويوجد عند العرف والعقلاء نوع تضادّ بين أداء الوظيفة وأخذ الاُجرة، ويعدّ أخذ الاُجرة على إتيان الوظيفة باطلا عندهم، فيكون أكل المال به أكلا للمال بالباطل، وبذلك يصدق موضوع قوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} بل لعلّ هذا هو دليل من قال بالمجّانيّة وحرمة أخذ الاُجرة في مثل تجهيز الميّت، وإلاّ لا يوجد دليل لفظي خاصّ يدلّ عليها، وشرح هذا الكلام يطلب من محلّه من أبحاثنا في المكاسب المحرّمة.
الثمرة الثالثة : حصول الفسق بترك الواجب النفسي مع مقدّماته الكثيرة على القول بوجوبها وعدم حصوله على القول بعدمه، نعم هذا إذا كان ترك الواجب النفسي من الصغائر دون الكبائر وإلاّ لكان تركه بنفسه موجباً للفسق.
واُجيب عنها بوجوه:
الوجه الأوّل: إنّه لا يترتّب العقاب على ترك المقدّمة حتّى يوجب تحقّق المعصية، وإن قلنا بترتّب الثواب على فعلها كما مرّ فتأمّل.
الوجه الثاني: أنّ المعصية تتحقّق بترك أوّل مقدّمة من المقدّمات ومعه لا يكون العاصي متمكّناً من إتيان ذي المقدّمة وحينئذ لا يكون ترك سائر المقدّمات بحرام حتّى يتحقّق به الاصرار على المعصية الموجب لارتفاع العدالة وحصول الفسق.
ولكن يمكن الجواب عن هذا بأنّ التارك للمقدّمة الاُولى وإن كان تاركاً في الواقع لخصوصها مباشرةً ولكنّه تارك أيضاً لذي المقدّمة بالتسبيب، والامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.
اللهمّ إلاّ أن يقال: الاصرار على المعصية عنوان عرفي لا يتحقّق إلاّ بترك واجبات مستقلّة لا واجبات مرتبطة بعضها ببعض ـ يحصل بها غرض واحد للمولى.
الثمرة الرابعة: لزوم اجتماع الأمر والنهي في المقدّمات المحرّمة بناءً على وجوب المقدّمة، فعدم جواز إتيان المقدّمة حينئذ متوقّف على القول بإمتناع الاجتماع وترجيح جانب الحرمة بخلاف ما إذا قلنا بعدم وجوب المقدّمة.
ولكن يرد عليها: إنّها ليست ثمرة لمسألة اُصوليّة، لأنّ البحث عن أنّ المقدّمة هل هي مجمع لعنواني الأمر والنهي أو لا، بحث عن موضوع لمسألة اُصوليّة، فهو من مباديء مسائل علم الاُصول لا من نفسها ولا من المسائل الفقهيّة.
وقد أورد عليها أيضاً:
أوّلا: أنّ مقدّمة الواجب ومسألة اجتماع الأمر والنهي مختلفان موضوعاً، فإنّ موضوع مسألة الاجتماع هو ما له جهتان تقييديتان يتعلّق الأمر بإحداهما والنهي بالأخرى، وهذا بخلاف مقدّمة الواجب فإنّ عنوان المقدّميّة ليس من الجهات التقييديّة بل التعليليّة، لأنّ معروض الوجوب المقدّمي هو ذات المقدّمة، والمقدّميّة علّة لعروض الوجوب على الذات، وعليه فلا يتصوّر في المقدّمة جهتان تقييديتان حتّى يتعلّق الأمر بإحداهما والنهي بالأخرى، نعم أنّها تندرج في مسألة النهي عن العبادة إن كانت المقدّمة عبادة، وفي مسألة النهي عن المعاملة إن كانت معاملة.
ولكن يمكن الجواب عنه : بأنّ الحيثيات التعليليّة في الأحكام العقليّة ترجع في الواقع إلى الحيثيات التقييديّة، فإذا حكم العقل بوجوب المقدّمة شرعاً لأنّها مقدّمة كان الواجب حينئذ هو عنوان المقدّمة لا ذاتها.
وثانياً: بأنّه لا يلزم اجتماع الوجوب والحرمة في المقدّمة المحرّمة حتّى على القول بالوجوب، وذلك لأنّ المقدّمة إن كانت منحصرة في الفرد المحرم منها كإنحصار المركوب في الدابّة المغصوبة مثلا فلا محالة تقع المزاحمة حينئذ بين وجوب ذي المقدّمة كالحجّ في المثال وبين حرمة مقدّمته كالركوب، فعلى تقدير كون وجوب الحجّ أهمّ من حرمة مقدّمته لا تتّصف المقدّمة إلاّ بالوجوب، وعلى تقدير كون حرمة المقدّمة أهمّ من وجوب الحجّ لا تتّصف المقدّمة إلاّ بالحرمة، فعلى التقديرين لا يجتمع الوجوب والحرمة في المقدّمة حتّى تندرج في مسألة اجتماع الأمر والنهي (هذا مع قطع النظر عن المراد بالاستطاعة في المثال).
وإن لم تكن المقدّمة منحصرة في الفرد المحرّم فلا تتّصف المقدّمة المحرّمة بالوجوب حتّى يلزم الاجتماع لأنّ حرمتها تمنع عن سراية الوجوب الغيري إليها.
ويمكن الجواب عنه أيضاً: بأنّه تامّ بناءً على امتناع اجتماع الأمر والنهي وانحصار المقدّمة بالمحرّمة، وأمّا بناءً على القول بجواز الاجتماع وعدم سراية النهي من متعلّقه إلى ما ينطبق عليه متعلّق الأمر في صورة عدم الانحصار فلا موجب لتخصيص الوجوب حينئذ بخصوص المقدّمة المباحة، وذلك لأنّ لكلّ من دليلي الأمر والنهي إطلاقاً يشمل المقدّمة المحرّمة أيضاً.
وثالثاً: بأنّه لو سلّمنا صغرويّة المقدّمة المحرّمة لمسألة الاجتماع إلاّ أنّه لا يترتّب عليها ثمرة عمليّة، وذلك لأنّ المقدّمة إمّا توصّلية وإمّا تعبّديّة، فعلى الأوّل يمكن التوصّل بالمقدّمة إلى ذي المقدّمة من دون فرق بين القول بجواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه، ومن دون فرق بين القول بوجوب المقدّمة وعدمه، لأنّ التوصّل بها إلى ذي المقدّمة ذاتي وغير مستند إلى الأمر بها فيحصل مطلقاً، وعلى الثاني (أي ما إذا كانت المقدّمة تعبّديّة كما إذا كانت من الطهارات الثلاث) ففائدة المقدّمة ـ وهي التوصّل بها إلى ذيها ـ لا تترتّب عليها بناءً على امتناع الاجتماع من دون فرق بين وجوب المقدّمة وعدمه، وتترتّب عليها بناءً على جواز الاجتماع من دون فرق أيضاً بين وجوب المقدّمة وعدمه.
توضيح ذلك: إذا قلنا بجواز الاجتماع وكانت المقدّمة عباديّة (وهي منحصرة حينئذ في الطهارات الثلاث) كانت المقدّمة صحيحة يترتّب عليها ذوها، وهي الصّلاة، وإن لم نقل بوجوب المقدّمة لأنّ حسنها الذاتي في الطهارات الثلاث يكفي في صحّتها وعباديتها فلا حاجة إلى تعلّق أمر مقدّمي بها، وأمّا إذا قلنا بإمتناع الاجتماع فتكون المقدّمة باطلة لا يترتّب عليها ذوها بلا فرق أيضاً بين وجوب المقدّمة وعدمه، لأنّها باطلة لوقوع المزاحمة بين الأمر والنهي، لأنّ المفروض هو امتناع الاجتماع وترجيح جانب النهي، هذا إذا كانت المقدّمة واجبة، وإلاّ كان البطلان أوضح.
أقول: يمكن الجواب عن هذا الإيراد أيضاً بأنّه لقائل أن يقول: بعدم الحسن الذاتي للطهارات الثلاث فيحتاج لعباديتها حينئذ إلى قصد الأمر، فوجوب المقدّمة يوجب صحّة الطهارات الثلاث حتّى عند من أنكر حسنها الذاتي (بناءً على جواز اجتماع الأمر والنهي وكفاية الأمر المقدّمي في قصد القربة).
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|