أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-26
1187
التاريخ: 2024-08-01
607
التاريخ: 14-11-2020
2293
التاريخ: 2023-11-16
1215
|
قال تعالى : {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى } [البقرة : 282].
كانت شهادةُ رجلٍ واحدٍ تعادل شهادة امرأتين ، ولماذا ؟
وجاء التعليل في الآية بأنّ إحداهما قد تَضِلّ فيما تَحمّلته حين الأداء ، فكانت الأُخرى هي التي تذكِّرُها ما غاب عنها ، فكانت شهادة المرأتين بتذكّر إحداهما للأُخرى ، بمَنزلة شهادةِ رجلٍ واحد .
وذلك أنّ المرأة أكثر عُرضَةٍ للنسيان فيما لا يعود إلى إلى شؤون نفسها بالذات ممّا لا يُهمُّها في حياتها الأُنوثيّة ، فربّما لا تضبط تفاصيل ما تحمّلته بجميع خصوصيّاته وجزئيّاته ولا سيّما إذا بَعُد عهد الأداء عن عهد التحمّل ، فكانت كلّ واحدةٍ منهما تُذَكِّر الأُخرى ما ضلَّ عنها ، وبذلك تَكمُل شهادتُهما معاً كشهادةٍ واحدة بتلفيقِ بعضها مع بعض وضمِّ بعضِها إلى بعض ، بتفاعل الذاكِرَتَينِ وتعاملِهما بعضاً إلى بعض ، الأمر الذي لا يجوز في شهادة الرجال ، فلو اختلفت الشهادات ولو في بعض الخصوصيّات فَقَدت اعتبارُها ؛ ومِن ثَمّ جاز التفريق في شهادة الشهود لغرض الاستيثاق .
قال الشيخ مُحمّد عَبدَه : إنّ اللّه تعالى جَعَلَ شهادة المرأتين شهادةً واحدة ، فإذا تَرَكَت إحداهما شيئاً مِن الشهادة كأن نَسَيتْه أو ضلَّ عنها تُذَكِّرُها الأُخرى وتَتمّ شهادتُها ، وللقاضي بلْ عليه أنْ يسأل إحداهما بحضور الأُخرى ويعتدّ بجُزءِ الشهادة مِن إحداهما وبباقيها مِن الأُخرى ، قال : هذا هو الواجب وإنْ كان القُضاة لا يَعمَلون بِه جَهلاً منهم .
وأمّا الرجال فلا يجوز له أنْ يُعامِلَهم بذلك ، بل عليه أنْ يُفرّق بينهم ، فإن قصّر أحد الشاهِدَينِ أو نسيَ فليس للآخر أنْ يُذكِّره ، وإذا ترك شيئاً تكون الشهادة باطلة ، يعني إذا تَرك شيئاً ممّا يُبيِّن الحقَّ فكانت شهادته وحده غير كافية لبيانه فإنّه لا يعتدّ بها ولا بشهادة الآخر وإنْ بُيّنت (1) .
وقالوا في سبب ذلك : إنّ المرأة ليس من شأنها الاهتمام بالأُمور الماليّة ونحوها مِن المُعاوضَات ؛ فلذلك تكون ذاكرتُها فيها ضعيفةً ، ولا تكون كذلك في الأُمور المنزليّة التي هي شُغلُها فإنّها فيها أقوى ذاكِرةً مِن الرجُل ، يعني أنّ مِن طَبْعِ البشر ـ ذُكراناً وإناثاً ـ أنْ يَقوى تذكّرُهم للأُمور التي تُهمّهم ويَكثُر اشتغالهم بها ، ولا ينافي ذلك اشتغال بعض نساء الأجانب في هذا العصر بالأعمال الماليّة ، فإنّه قليل لا يعوَّل عليه ، والأحكام العامّة إنّما تُناط بالأكثر في الأشياء وبالأصل فيها (2) .
نعم ، المرأة إنّما تَهتمّ اهتمامها البالغ بما يَعود إلى ذات نفسها وإلى ما يرتبط وشؤونها الأُنوثيّة وزبارج الحياة ، ولا تُعير بشؤون خارج حياتها الأُنوثيّة الزُخرفيّة ذلك الاهتمام ، وتبعاً لذلك يكون عَمَلُ ذاكِرتِها ـ على غِرار سائر قُواها العقلانيّة والجسمانيّة ـ في هذا الجانب ينمو ويشتد ، وبنفس النسبة يأخذ في الضَعف والوَهن في الجانب الآخر .
وفي دراسة عميقة بشأن حالة المرأة النفسيّة جاءت في آية أُخرى : {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: 18] ، وهو مِن أدقِّ التعابير في معرفة النفس بشأن المرأة : إنّما تَرى كمالَها في جمالِها ، وترى جمالَها في زبارج حُليِّها مِن ذهبٍ وفضةٍ وأحجارٍ كريمةٍ ، ومِن ثَمّ في مظطلمات الحياة ومُصطَدَماتها تظلّ حائرةً ، وربّما تضيق عليها الحال فلا يمكنها الإعراب عمّا في ضميرها أو تَتَلجلجُ ويَضطرِبُ لها المَقال .
ولذلك نَرى الشريعة قد أفسحت لها المجال واكتفت بشهادتِهنّ لوحدِهنّ في أُمور تخصُّ شؤون النساء ـ في مثل الولادة والحَمل والحيض وما شابه ـ ممّا ليس للرجال فيها شأن .
* * *
وهكذا ذَكَر سيّد قطب في تفسير الآية ، قال : إنّما دعا الرجال ؛ لأنّهم هم الذين يُزاوِلون الأعمال عادةً في المجتمع المسلم السويّ الذي لا تحتاج المرأة فيه أنْ تَعمل لتعيش ، وتهدر جانب أُمومتِها وأُنوثتِها وواجبها في رعاية أثمن الأرصدة الإنسانيّة ـ وهي الطُفولة الناشِئة المُمثِّلة لجيل المستقبل ـ في مقابل لقُيمات أو دُرَيهِمَات تنالها مِن العملِ ، كما تَضطرُّ إلى ذلك المرأةُ في المجتمع النَّكِد المُنحَرِف الذي نعيش فيه اليوم !
ولكن لماذا امرأتان ؟ إنّ النصّ لا يَدَعَنا نَحدِس ، ففي مجال التشريع يكون النصّ محدَّداً واضحاً مُعلَّلاً { أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى } ، والضَّلال هنا يَنشأ مِن أسباب كثيرة ، فقد ينشأ مِن قلّةِ خُبرة المرأة بموضوع التعاقد ، ممّا يجعلها لا تستوعب كلّ دقائقه وملابساته بحيث تؤدي عنه شهادتَها دقيقة عند الاقتضاء ، فتُذكِّرها الأُخرى بالتعاون معاً على تَذَكُّر ملابسات الموضوع كلّه ، وقد ينشأ من طبيعة المرأة الانفعاليّة ، فإنّها بوظيفتها الأُموميّة شديدةُ الاستجابة الوجدانيّة الانفعاليّة لتلبية مطالب طفلها بسرعةٍ وحيويّةٍ لا تَرجع فيهما إلى تفكير بطيء ، وهذه الطبيعة لا تتجزّأ ، فالمرأة شخصيّة موحَّدة ، هذا طابعها حين تكون امرأة سَويّة ، بينما الشهادة على التعاقد بحاجة إلى تجرّد كبير من الانفعال ، ووقوف عند الوقائع بلا تأثّر ولا إيحاء ، ووجود امرأتين فيه ضَمانة أنْ تُذكِّر أحداهما الأُخرى ـ إذا جَرَفها الانفعال ـ فتتذكّر وتفي إلى الوقائع المجرّدة (3) .
ويعود السرّ في ذلك كلّه ، إلى نقص الضبط فيهنّ ، لأسبابٍ تَرجع إلى طبيعتها الأُنوثيّة ، قال الطبرسي : لأنّ النسيان يَغلب على النساء أكثر ممّا يَغلب على الرجال (4) ، أي في مثل الأُمور التي لا تَمسّ شؤونها البيتيّة وتربية الأولاد .
____________________
1- تفسير المنار ، ج3 ، ص125 .
2- المصدر : ص124 .
3- راجع : في ظِلال القرآن لسيّد قطب ، المجلّد الأوّل ، ص493 مع اختزالٍ يسير .4- راجع : مجمع البيان ، ج1 ، ص398 ، وتفسير القاسمي ، ج1 ، ص635.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|