أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-11-2015
5566
التاريخ: 18-5-2016
5359
التاريخ: 10-05-2015
71489
التاريخ: 10-05-2015
5936
|
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16) فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ } [الأنفال : 15- 18] .
كما ذكرنا في تفسير الآيات السابقة ، فإنّ الحديث عن قصّة معركة بدر وألطاف الله الكثيرة على المسلمين الأوائل من أجل أن يتّخذ منه المسلمين العبرة والدرس في المستقبل ، لذلك فإنّ هذه الآيات توجه خطابها للمؤمنين وتأمرهم أمراً عاماً بالقتال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ). ، و(لَقِيتُمُ) من مادة (اللقاء) بمعنى الاجتماع والمواجهة ، وتأتي في أكثر أحيان بمعنى المواجهة في ميدان الحرب.
و(الزّحف) في الأصل بمعنى الحركة إِلى أمر ما بحيث تسحب الأقدام على الأرض كحركة الطفل قبل قدرته على المشي ، أو الإِبل المرهقة التي تخط أقدامها على الأرض أثناء سيرها ، ويطلق على الجيش الجرار الذي يشاهد من بعيد وكأنّه يحفر الأرض أثناء مسيره.
واستخدام كلمة (زحف) ـ في الآية آنفاً ـ تشير إِلى أنّه بالرغم من أنّ عدوكم قوي وكثير ، وأنتم قليلون ، فلا ينبغي لكم الفرار من ساحة الحرب ، وكما كان عدوكم كثيراً في ميدان بدر فثبتّم وانتصرتم.
فالفرار من الحرب يعدّ في الإِسلام من كبائر الذنوب ، إلاّ أنّ ذلك مرتبط ـ كما نبيّن بعض الآيات ـ بكون الأعداء ضِعفي عدد المسلمين. تذكر الآية بعدها جزاء من يفر من ميدان الحرب مع الإِشارة لمن يستثنون منهم فتقول : (ومن يُولّهم يومئذ دُبره إلاّ متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله).
وكما نرى فقد استثنت الآية صورتين من مسألة الفرار ، ظاهرهما أنّهما من صورة الفرار ، غير أنّهما في الحقيقة والواقع صورتان للقتال والجهاد.
الصورة الأُولى : عُبّر عنها بـ («متحرّفاً لقتال) و«متحرف» من مادة (التحرّف) أي الإِبتعاد جانباً من الوسط نحو الأطراف والجوانب ، والمقصود بهذه الجملة هو أنّ المقاتلين يقومون بتكتيك قتالي إزاء الأعداء ، فيفرون من أمامهم نحو الأطراف ليلحقهم الأعداء : ثمّ يغافلوهم في توجيه ضربة قوية إليهم واستخدام فن الهجوم والانسحاب المتتابع وكما يقول العرب : (الحرب كرّ وفرّ).
الصورة الثّانية : أن يرى المقاتل نفسه وحيداً في ساحة القتال ، فينسحب للالتحاق بإخوانه المقاتلين وليهجم معهم من جديد على الأعداء. وعلى كل حال ، فلا ينبغي تفسير هذا التحريم بشكل جاف يتنافى وأساليب الحروب وخدعها ، والتي هي أساس كثير من الانتصارات.
وتُختتم الآية محل البحث بالقول : إنّ جزاء من يفرّ مضافاً إِلى استحقاقه لغضب الله فانّ مصيره إِلى النّار : (ومأواه جهنم وبئس المصير).
والفعل «باء» مشتق من «البواء» ومعناه الرجوع واتخاذ المنزل ، جذره في الأصل يعني تصفية محل ما وتسطيحه ، وحيث إنّ الإِنسان إذا نزل في محل عدله وسطحه ، فقد جاءت هذه الكلمة هنا بهذا المعنى. وفي الآية إشارة إِلى أنّ غضب الله مستمر ودائم عليهم ، فكأنّهم قد اتّخذوا منزلا عند غضب الله.
وكلمة «المأوى» في الأصل معناها «الملجأ» وما نقرؤه في الآية ، محل البحث (ومأواه جهنم) فهو إشارة إِلى أنّ الفارين يطلبون ملجأ ومأوى من فرارهم لينقذوا أنفسهم من الهلكة ، إِلاّ أنّ ما يحصل هو خلاف ما يطلبون ، إذ ستكون جهنم مأواهم ، وليس ذلك في العالم الآخر فحسب ، بل هو في هذا العالم إذ سيحترقون في جهنم الذلة والانكسار والضياع.
ولذا فقد جاء في «عيون الأخبار» عن الإِمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في جواب أحد أصحابه حين سأله عن فلسفة تحريم الفرار من الجهاد فقال : «وحرم الله الفرار من الزحف لما فيه من الوهن في الدين ، والاستخفاف بالرسل والأئمّة العادلة عليهم السلام ، وترك نصرتهم على الأعداء ، والعقوبة على إنكار ما دعوا إليه من الإِقرار بالرّبوبية وإظهار العدل وترك الجور وإماتة الفساد ، لما في ذلك من جرأة العدوّ على المسلمين ، وما يكون من السبي والقتل وإبطال دين الله عزّ وجلّ وغيره من الفساد» (1) .
__________________
1- نور الثقلين ، ج 2 ، ص 138.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|