أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-12-2015
4816
التاريخ: 11-3-2016
3242
التاريخ: 13-08-2015
2052
التاريخ: 10-04-2015
2274
|
هو أبو جعفر-و قيل أبو العباس-أحمد بن عبد اللّه بن أبي هريرة التطيلي القيسي، فهو عربي الأرومة، أما نسبته إلى تطيلة - و كانت تقع إلى الشمال الغربي من سرقسطة-فلأنها كانت موطن آبائه. و يبدو أن أباه-و ربما جده-هاجر منها مبكرا إلى إشبيلية، فولد الشاعر فيها، و من المؤكد أنه نشأ بها كما يقول ابن سعيد في كتابه «رايات المبرزين» ففيها كان مرباه و تعلمه، و يعلن مرارا أنه ضيّق باستيطانها، يقول عنها:
فتاللّه ما استوطنتها قانعا بها و لكنني سيف حواه قراب
فهو منها كسيف حواه قراب أو غمد، لا بد أن يسكن لها راضيا أو راغما. و ربما بعثه على إعلان ذلك برم و قلق كانت تنطوي عليهما نفسه، بسبب فقده لبصره، إذ كان ضريرا، و بكّر إليه-فيما يبدو-شيء من الصلع أو بعض الشعرات البيض في رأسه، مما جعله يصرخ:
أما اشتفت منّى الأيام في وطني حتى تضايق فيما عنّ من وطر (1)
و لا قضت من سواد العين حاجتها حتى تكرّ على ما كان في الشّعر (2)
و كان يلتقى في إشبيلية دائما بطائفة من الشعراء و الوشّاحين المجيدين في مقدمتهم الشاعر و الوشاح الفذ يحيى بن بقى و كان يقدّمه على نفسه معترفا له بالتفوق و السبق في التوشيح كما مرّ بنا في حديثنا عن الموشحات، و تكفل له شاعر إشبيلي هو أبو القاسم بن أبي طالب الحضرمي المنيشي بمرافقته في روحاته و غدواته. و ليس في ديوانه مدائح لأمراء الطوائف و لا ليوسف بن تاشفين مما يدل على أنه لم يلحق عصر يوسف المتوفي سنة 5٠٠ بينما نجد فيه مدائح لابنه على أمير المرابطين (5٠٠-5٣٧ ه.) مما يدل على أن شاعريته إنما تفتحت في القرن السادس، و قد يؤكد ذلك أنه توفي سنة 5٢5 بينما يقول ابن بسام إنه لم يطل زمانه و لا امتد أوانه، و أنه اعتبط (مات) شابا (أو قريبا من الشباب) عندما به اغتبط» . و يدل ذلك على أن مولده لا يتجاوز سنة 4٩٠ و إن تجاوزها فإلى سنوات معدودات. و في ديوانه مرثية حارة لزوجة له تسمى آمنة، و يبدو أنه اقترن بعدها بأخرى تسمى زهرا، و يذكر في بعض شعره أنها كانت تعنّفه لقعوده عن التماس الرزق، و لعل ذلك ما جعله يكثر من مديحه لذوي الجاه و الثراء في إشبيلية من مثل بني الحضرمي و خاصة محمد بن عيسى و مثل الطبيب أبي العلاء زهر، و كان قد أثرى ثراء طائلا من مهنته و حلّ من السلطان محلا لم يحظ به أحد من أهل الأندلس في وقته و له ينشد:
خشنت فلم تترك و أنت منازع و لنت و لم تأخذ و أنت قدير
من المجد دان دونه متعرّض إلى الهول سباق عليه جسور
كفيل بأرواح الأنام موكّل عليم بأسرار الحمام خبير
و هو يشير في البيت الأخير إلى مهارة أبي العلاء في الطب و علاج الأنام أو الناس و معرفة أسرار الحمام أو الموت. و نظم في أمير المرابطين على بن يوسف بن تاشفين ثلاث قصائد، و يتوسل في إحدى قصائده إلى مالك بن وهيب المتفلسف مواطنه، الذي اتخذه الأمير المرابطي جليسا له و مستشارا، أن يحمل إليه ما ينظمه، و ينزل عند رغبته مرارا، و في إحداها يثنى عليه بمثل قوله:
جنابك للعلا حصن حصين و ذكرك للمنى دنيا و دين
طليعة جيشك الظّفر المواتى و ظلّ لوائك الفتح المبين
جواد بالديار و ما حوته و لو أنّ الزمان بها ضنين
قد اهتزّت بأنعمك الليالي كما تهتزّ بالثّمر الغصون
و له في على بن يوسف بجانب قصائده أرجوزة طويلة، و له أيضا فيه موشحة بديعة، و إحدى فقراتها تمضى على هذه الشاكلة:
سما علىّ لإمرة المسلمينا
صبح جلىّ راق، النّهى و العيونا (3)
سمح أبىّ يرضيك شدّا و لينا
كالهندواني و كالغمام الهتّان وفق الأماني و ملء عين الزّمان
و ممن أكثر من مديحهم ابن حمدين أبو القاسم أحمد بن محمد التغلبي قاضي الجماعة بقرطبة منذ سنة 5١٣ حتى وفاته سنة 5٢١ و كان يرسل بمدائحه إليه، و في أخباره أنه زار قرطبة، و ربما زارها من أجل لقائه، و له يقول:
أسد يملأ العرين من البأ س و طود يحمى من الإملاق (4)
زهيت خطة القضاء به زه و حمام الغصون بالأطواق
أريحىّ تراه يهتزّ للبذ ل اهتزاز القضيب للإيراق (5)
و كان صديقا للشاعر الوشاح يحيى بن بقى ورآه يطرق أبواب بني عشرة قضاة سلا رعاة الشعر لزمانه كما مرّ بنا في ترجمته و قد خص من بينهم أبا العباس أحمد القاضي بعد أبيه علي و أخاه يحيى، فتبع ابن بقى يقدم إليهما مثله شعره و موشحاته، من ذلك قصيدة كافية مدح بها أبا العباس يقول فيها:
لقاضي قضاة الغرب و ابن قضاته تودّدت الآمال و هي سوامك (6)
إذا سمعت أذناه حىّ على العلا فلا الجود متروك و لا البأس تارك
رفعتم لأهل الغرب أعلام دينهم فأبصر مأفوك و أقصر آفك (7)
و قد أضيفت إلى الشاعر في الديوان قصيدة نونية ص ٢١٨ قال الفتح بن خاقان إنه مدح بها القاضي أبا الحسن علي بن القاسم بن عشرة، و عنه نقلها محقق الديوان مع إشارته إلى أن العماد الأصبهاني في الخريدة ذكر أنها في مديح أمير المسلمين على بن يوسف بن تاشفين، و في رأينا أن الصواب ما ذكره العماد، لأن القاضي المذكور توفى سنة 5٠٢ و كان التطيلى لا يعدو حينئذ الخامسة عشرة من عمره، و ذكرنا أن له في الأمير علي بن يوسف ثلاث قصائد فأولى أن تضاف إليها، فيكون له فيه أربع قصائد سوى الأرجوزة. و ألحقت بديوانه في بني عشرة ست موشحات، و قد ذكرنا في ترجمة يحيى بن بقى أن القدماء نصوا على ثلاثة منها بأنها لابن بقى، فنسبتها إلى التطيلي مخطئة، و نظن ظنا أن الموشحتين رقم ١٠ و ١5 الخاصتين بمديح يحيى بن علي بن القاسم حري بهما أن تنسبا أيضا إلى ابن بقى مثل أختهما رقم ١١ في ملحق الديوان إذ هو الذي تفيأ ظلاله كما نصّ القدماء و تغنى به في غير موشحة. و فقط ذات الرقم ١٣ في مديح من يسمى يوسف بن القاسم، فهي التي يمكن أن تضاف إلى التطيلي، و خاصة أن نسبتها إليه شاعت بين الوشاحين حتى ليعارضه فيها ابن الصباغ (8)المتصوف في القرن السابع الهجري و فيها يقول:
إن جئت أرض سلا و افاك بالمكارم فتيان
هم سطور العلا و يوسف بن القاسم عنوان
و له قصيدة بديعة مدح بها السيدة حواء زوجة سير بن أبي بكر الذي مهّد الأندلس ببطولته و قيادته الحازمة ليوسف بن تاشفين، و هو ابن أخيه، و ولاه يوسف إشبيلية و ظل عليها-دهرا: سبعة و عشرين عاما فيما يقال و كانت سيدة فاضلة نبيلة تقرأ القرآن و تنظم الشعر، و كانت لها ندوة في قصر الإمارة بإشبيلية تحاضر فيها الكتّاب و الشعراء و تستمع إلى حوارهم في الشعر و تشارك في نقد بعض الأبيات، و ممن كان يتردد على ندوتها مالك بن وهيب المتفلسف المار ذكره و الكاتبان أبو بكر بن القصيرة و ابن المرخي محمد بن عبد العزيز، و كانت ممّدحة، و من ثناء التطيلي عليها في قصيدته:
مليكة لا يوازى قدرها ملك كالشمس تصغر عن مقدارها الشّهب
دنيا و لا ترف، دين و لا قشف ملك و لا سرف درك و لا طلب
برّ و لا سقم عيش و لا هرم جدّ و لا نصب ورد و لا قرب (9)
و يفيض التطيلي في وصف جودها و ما تغدق من الذهب و الفضة على الأدباء و الشعراء، و يشيد بإخوتها يحيى والي قرطبة و محمد محرّر بلنسية، و لا يشير إلى زوجها حاكم إشبيلية و الأندلس بكلمة، و أغلب الظن أنه كان قد توفي منذ فترة. و لعل صوت الأعمى التطيلي اتضح لنا الآن، و بحق يقول عنه ابن بسام: «له أدب بارع، و نظر في غامضه واسع، و فهم لا يجارى، و ذهن لا يبارى، و نظم كالسحر الحلال، و نثر كالماء الزلال، جاء في ذلك بالنادر المعجز، في الطويل منه و الموجز» .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) وطر: مأرب.
2) تكرّ: تعاود من حين إلى حين، و منه: كرّ الليل و النهار.
3) النهى: العقول.
4) العرين: الغيل أو بيت الأسد. البأس: القوة. طود: جبل. الإملاق: الفقر.
5) القضيب: الغصن: الإيراق: خروج الورقة منه.
6) سوامك: جمع سامك: عال.
7) مأفوك: ضعيف العقل. آفك: كذاب مفتر.
8) انظر أزهار الرياض للمقري ٢/٢٣٣-٢٣5.
9) القرب: سرى الليل لورد الغد يعنى أن ورد العطاء لهذه السيدة في متناول الأيدي و لا يكلف عناء و لا مشقة.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
جامعة كربلاء: مشاريع العتبة العباسية الزراعية أصبحت مشاريع يحتذى بها
|
|
|