أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-31
888
التاريخ: 2024-10-17
205
التاريخ: 2023-02-05
1229
التاريخ: 2024-01-07
844
|
ترجمة أبي الحجاج المنتشاقري
ووصف لسان الدين في ( التاج المحلى ) أبا الحجاج المذكور بما صورتها: حسنة الدهر الكثير العيوب ، وتوبة الزمان الجم الذنوب ، ما شئت من أدب يتألق ، وفضل تتعطر به النسمات وتتخلق ، ونفس كريمة الشمائل والضرائب ، وقريحة يقذف بحرها بدور الغرائب ، إلى خشية الله تعالى تحول بين القلوب وقرارها ، وتثني النفوس عن اغترارها، ولسان يبوح بأشواقه ، وجفن يسخو بدرر آماقه ، وحرص على لقاء كل ذي علم وأدب ، ومن يمت إلى أهل الديانة والعبادة بسبب ، سبق بقطره الحلبة ، وفرع من الأدب الهضبة ، ورفع الراية ، وبلغ في الإحسان الغاية ، فطارت قصائده كل المطار ، وتغنى بها راكب الفلك وحادي القطار ، وتقلد خطة القضاء ببلده ، وانتهت إليه رياسة الأحكام بين أهله وولده ، فوضحت المذاهب بفضل مذهبه وحسن مقصده ، وله شيمة في الوفاء تعلم منها الآس ، ومؤانسة عذبة لا تستطيعها الأكواس ، وقد أثبت من كلامه ما تتحلى به مراتب المهارق ، ويجعل طيبه فوق المفارق ، وكنت أتشوق إلى لقائه ، فلقيته بالمحلة من جبل الفتح لقيا لم تبل صدى ، ولا شفت كمداً، وتعذر بعد ذلك لقاؤه ، فخاطبته بهذه الرقعة :
حمدت على فرط المشقة رحلة
فذكر لسان الدين ما قدمنا إلى آخره .
وقد أورد جملة من مطولاته وغيرها ومؤلفاته ، ولنلخص بعض ذلك فنقول : ومن شعر أبي الحجاج المذكور يمدح الجهة الكريمة النبوية ، مصدراً بالنسيب ،
لبسط الخواطر النفسانية ، قوله :
لما تناهى الصب في تشويقه درر الدموع اعتاضها بعقيقه
متلهف وفؤاده متلهب كيف البقا بعد احتدام حريقه
متموج بحر الدموع بجده أني خلاص يرتجى لغريقه
متجرع صاب النوى من هاجر ما إن يحن للاعجات مشوقه
يسبي الخواطر حسنه ببديعه يُصبي النفوس جماله بأنيقه
قيد النواظر إذ يلوح لرامق لا تنثني الأحداق عن تحديقه
للبدر لمحته كبشر ضيائه للمسك نفحته كنشر فتيقه
سکرتْ خواطر لا محيه كأنهم شربوا من الصهباء كأس رحيقه
عطشوا لثغر لا سبيل لريقه إلا كلمحهم للمع بريقه
139
ما ضر مولى عاشقوه عبيده لو رق إشفاقاً لحال رقيقه
عنه اصطباري ما أنا بمطيعه مثل السلو ولا أنا بمطيقه
سجع الحمام بشوق ترجيع الهوى فأثار شجو مشوقه بمعشوقه
وبكت هديلا راعها تفريقه ويحق أن يبكي أخو تفريقه
وبكاء أمثالي أحق لأنني لم أقض للمولى أكيد حقوقه
وغفلت في زمن الشباب المنقضي أقبح بنسخ بروره بعقوقه
وبدا المشيب وفيه زجر ذوي النهى لو كنتُ مزدجراً لشيم بروقه
حسبي ندامة آسف مما جنى يصل النشيج لوزره بشهيقه
ويروم ما خرم الهوى زمن الصبا ويروم من مولاه رتق فتوقه
ويردد الشكوى لديه تذللاً عل الرضى يحييه درك لحوقه
فيصحّ من سكر التصابي سكره نسخاً لحكم صبوحه وغبوقه
لو كنتُ يممت التقى وصحبته وسلكتُ إيثاراً سواء طريقه
لأفدت منه فوائداً وفرائدا عرضت تسام لرابح في سوقه
لله أرباب القلوب فإنهم من حزب من نال الرضى وفريقه
قاموا وقد نام الأنام فنورهم هتك الدجى بضيائه وشروقه
وتأنسوا بحبيبهم فلهم به بشر لصدق الفضل في تحقيقه
قصرت عنهم عندما سبقوا المدى و لسابق فضل على مسبوقه
لولا رجاء تلمح من نورهم يحيي الفؤاد بسيره وطروقه
وتأرج يستافُ من أرواحهم سبب انتعاش الروح طيب خلوقه
لفنيت من جراً جرائري التي من خوفها قلبي حليف خفوقه
ومعي رجاء توسل أعددته ذخراً لصدمات الزمان وضيقه
حبي ومدحي أحمد الهادي الذي فوز الأنام يصح في تصديقه
أسمى الورى في منصب وبمنسب من هاشم زاكي النجار عريقه
الحق أظهره عقيب خفائه والدين نظمه لدى تفريقه
140
ونفى هداه ضلالة من جائر مستوثق بيغوثه ويعوقه
سبحان مرسله إلينا رحمة يهدي ويهدى الفضل من توفيقه
والمعجزات بدت بصدق رسوله وحقيقه بالمأثورات خليقه
كالظبي في تكليمه ، والجذع في تحنينه ، تحنينه ، والبدر في تشقيقه
والنار إذ خمدت بنور ولادة وأجاج ماء قد حلا من ريقه
والزاد قل فزاد من بركاته فكفى الجيوش بتمره وسويقه
ونبوع ماء الكف من آياته وسلام أحجار غدت بطريقه
والنخل لما أن دعاه مشى له ذا سرعة بعذوقه وعروقه
والأرض عاينها وقد زُويت له فقريب ما فيها رأى كسحيقه
وكذا ذراع الشاة قد نطقت له نطق اللسان فصيحه وذليقه
ورمی عداه بكف حصنا فانثنت هرباً كمذعور الجنان فروقه
وعليه آيات الكتاب تنزلت تتلى بعلو جلاله وبسوقه
وأذيق من كأس المحبة صرفها سبحان ساقيه بها ومذيقه
حاز السناء وناله بعروجه جاز السماء طباقتها بخروقيه
ولكم له من آية من ربه وعناية ورعاية بحقوقه
يا خيرة الأرسال عند إلهه يا محرز العليا على مخلوقه
علقت آمالي بجاهك عدة والقصد ليس يخيب في تعليقه
وعلقت من حبل اعتمادي عمدة لتمسكي بقويه ووثيقه
ولئن غدوتُ أخيذ ذنبي إنني أرجو بقصدك أن أرى كطليقه
وكساد سوقي مذ لجأت لبابكم يقضي حصول نفوذه ونفوقه
ويحن قلبي وهو في تغريبه لمزاره الرباك في تشريقه
وتزيد لوعته متى حث السُّرى حاد حدا بجماله وبنوقه
وأرى قشيب العمر أمسى بالياً ومرور دهري جد في تمزيقه
141
وأخاف أن أقضي ولم أقض المنى بنفود سهم منيي ومروقه
فمى أحط على اللوى رحلي وقد بلغت ركابي للحمى وعقيقه
وأمرغ الخدين في ترب غدا كالمسك في أرج شذا منشوقه
وأعيد إنشائي وإنشادي الثنا ببديع نظم قريحي ورقيقه
حتى أميل العاشقين تطربا كالغصن مر صبا على ممشوقه
وتحية التسليم أبلغ شافع وثنا المديح حديثه وعتيقه
ولذي الفخار وذي الحلى ووزيره صديقه وأخي الهدى فاروقه
مني السلام عليهم كالزهر في تأليفها والزهر في تأنيقه
وقال :
هواكم بقلبي ما لحكمه نسخ ومن أجله جفني بمدمعه يسخو
ومن نشأتي ما إن صحت منه نشوتي سواء به عصر المشيب أو الشرخ
عليه حياتي مذ تمادت وميتي وبعثي إذا بالصور يتفق النفخ
ولي خلد أضحى قنيص غرامه ولا شرك يدني إليه ولا فخ
قتلت سلوي حين أحييت لوعي وما اجتيح بالإقرار في حالي لطخ
وأغدو الى سعدي بكرخ علاقتي وقصدي قصدي ليس سعدى ولا الكرخ
وناصح كتمي إذ زكت بيانه يجول عليه من دموع الأسى نضخ
وأرجو بتحقيقي هواكم بأن أفي فعهد ولا نقض وعقد ولا فسخ
وما الحب إلا ما استقل ثوبته لمبناه رص في الجوانح أو رسخ /142
إذا مسلك لم يستقم بطريقه سلكت اعتدالا مثلما يسلك الرخ
بدا لضميري من سناكم تلمح فبخ لعقل لم يطر عندها بخ
على عود ذاك اللمح مازلت نادبا كما تندب الورقاء فارقها الفرخ
يدي بأـياديكم وقلبي شاغل فمن فكرتي نسج ومن أنملي نسخ
وقال :
إليك تحن النجب والنجباء فهم وهي في أشواقهم شركاء
تخب بركاب تحب وصولها لأرض بها باد سنا وسناء
فأنفاسها ما إن تني صعداؤها وأنفسهم من فوقها سعداء
هم عاجلوا إذ عجل السير داءهم وأشباه مثلي مدنفون بسطاء
فدمعت ودوني للحبيب ترحلوا وما قاعد والراحلون سواء
له وعليه حب قلبي وأدمعي وقد صح لي حب وسح بكاء
بطيبة هل أرضى وتبدو سماؤها وإن تك أرضا فالحبيب سماء
شذا نفحها واللمع منها كأنه ذكاء عبير والضياء ذكاء
فيا حاديا غنى وللركب حاديا عناني بعد البعد عنك عناء
بسلع فسل عما أقاسي من الهوى وسل بقاء إذ يلوح قباء
وفي عالج مني بقلبي لاعج فهل لي علاج عنده وشفاء
وللرقمتين أرقم الشوق لادغ ودرياقه أن لو يباح لقاء
أماكن تمكين وأرض بها الرضى وأرجاء فيها للمشوق رجاء/143
وقال :
يا من بدنياه ظل في لجج حقق بأن النجاة في الشاطي
تطمع في إرثك الفلاح وقد أضعت ما قبله من اشراط
كن حذرا في الذي طمعت به من حجب نقص وحجب إسقاط
وقال:
ترى شعروا أني غبطت نسيمة ذكت بتلاقي الروض غب الغمائم
كما قابلت زهر الرياض وقبلت ثغور أقاحيه بلا لوم لائم
وقال :
ورد المشيب مبيضا بوروده ما كان من شعر الشبيبة حالكا
يا ليته لو كان بيض بالتقى ما سودته مآثم من حالكا
إن المشيب غدا رداء للردى فإذا علاك أجد في ترحالكا
وقال :
لوعة :
لوعة الحب في فؤادي تعاصت أن تداوي ولو أتى ألف راق
كيف يبرا من علة وعليها زائد علة النوى والفراق
فانسكاب الدموع جار فجار والتهاب الضلوع راق فراق
ومن غرائب الاتفاق أنه قال : كنت جالسا بين يدي الخطيب أبي القاسم
التاكروني صبيحة يوم بمسجد مالقة فقال لنا حديثه : رأيت البارحة
في عالم النوم كأن أبا عبد الله الجلياني بيبي شعر في يده وهما :
144
كل علم يكون للمرء شغلاً بسوى الحق قادح في رشاده
فإذا كان فيه الله حظ فهو مما يُعده المعاده
قال : فلم ينفصل المجلس حتى دخل علينا الفقيه الأديب أبو عبد الله الجلياني ، والبيتان معه ، فعرضهما على الشيخ ، فأخبره أنه صنعهما البارحة ، فقال له كل
من في المجلس : أخبرنا بهما الشيخ قبل مجيئك ، فكان هذا من العجائب ولأبي الحجاج المذكور تواليف ، منها كتاب « ملاذ المستعين في بعض خصائص سيد المرسلين » أربعون حديثاً ، وكتاب ( تخصيص القرب وتحصيل الأرب» و «قبول الرأي الرشيد في تخميس الوتريات النبوية لابن رشيد ) و انتشاق النسمات النجدية واتساق النزعات الجدية ) و (غرر الأماني المسفرات في نظم المكفرات ) و ( النفحات الرندية واللمحات الرندية » مجموع شعره ، و « حقائق بركات المنام في مرأى المصطفى خير الأنام » و « الاستشفاء بالعدة والاستشفاع بالعمدة في تخميس البردة » و «توجع الرائي في تنوع المراثي ) و اعتلاق السائل بأفضل الوسائل » و « لمح البهيج ونفح الأريج ، في ترجيز كلام الشيخ أبي مدين من عبارات حكمية وإشارات صوفية ، وكتاب تجريد رؤوس مسائل البيان والتحصيل لتيسير البلوغ لمطالعتها والتوصيل » وفهرسة روايته ، ورجز ذكر مشايخ أبي عمر الطنجي ، وكتاب ( أرج الأرجاء في مزج الخوف والرجاء ) أربعون حديثاً في الرجاء والخوف . وكان رحمه الله تعالى حياً حين ألف لسان الدين «الإحاطة » رحم الله تعالى
الجميع .
ورأيت على ظهر أوّل ورقة من ( الريحانة » بخط الإمام الكبير الشهير الشيخ
أحمد
إبراهيم الباعوني الدمشقي رحمه الله تعالى ما نصه : قال كاتبه إبراهيم بن أ الباعوني - غفر الله ذنوبه ، وستر عيوبه ، ، وبلغه من فضله مطلوبه - صاحب كتاب الريحانة ، آية من آيات الله سبحانه ، لوجه أدبه طلاقة ، وللسانه ذلاقة ،
145
و للقلوب به علاقة ، وفي خطه غلاقة ، يعرفها من عرف اصطلاحه بمطالعته ، وينفتح له باب فهمها بتكرير مراجعته ، فليتأمل الناظر إليه ، والمقبل عليه ، ما فيه من الجواهر ، والنجوم الزواهر ، بل الآيات البواهر ، وليسبح الله تعالى تعجباً من قدرته جل وعلا ، ومواهبه التي عذب ماؤها النمير وحلا ، وليقل عند تأمل دره النظيم وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم (الحديد : (21) ؛ انتهى . وقوله رحمه الله تعالى ( وفي خطه غلاقة و ليس المراد به إلا صعوبة الخط المغربي على أهل المشرق حسبما يعلم مما بعده ، وإلا فإن خط لسان الدين رحمه الله تعالى محمود عند المغاربة ، ولنقتصر من هذا الغرض على ما ذكر ، فإن تتبعه
يطول ؛ إذ هو بحر لا ساحل له.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|