المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
التركيب الاقتصادي لسكان الوطن العربي
2024-11-05
الامطار في الوطن العربي
2024-11-05
ماشية اللحم في استراليا
2024-11-05
اقليم حشائش السافانا
2024-11-05
اقليم الغابات المعتدلة الدافئة
2024-11-05
ماشية اللحم في كازاخستان (النوع كازاك ذو الرأس البيضاء)
2024-11-05

Edmond Nicolas Laguerre
7-12-2016
طاليس
30-8-2016
صفات الحيوانات المفصلية الأرجل
21-1-2016
Copper Metallothioneins
10-12-2017
خطوط الخلايا الدائمة Immortalized Cell Lines
9-9-2018
الشيخ محمد الشهير بالملائكة البرغاني
28-8-2020


أبو القاسم بن الجد  
  
2512   01:49 مساءاً   التاريخ: 23-7-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : ص442-445
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-3-2016 11066
التاريخ: 10-04-2015 3098
التاريخ: 10-04-2015 3234
التاريخ: 8-1-2021 3762

هو أبو القاسم محمد بن عبد اللّه بن الجد الفهري، من أسرة بني الجد، من بيوتات لبلة غربي إشبيلية و إشبيلية نفسها، و في كتاب المغرب ترجمات لغير فقيه و أديب من هذه الأسرة، و قد أكبّ في نشأته على كتب الفقه و الحديث و الأدب، و أخذ اسمه يلمع بين أقرانه في إشبيلية، فاختاره المعتمد بن عباد أميرها وزيرا لابنه الراضي حين ولاّه مدينة الجزيرة الخضراء في أقصى الجنوب، و ظل معه حين ولاّه مدينة رندة غربي مالقة إلى أن استنزله منها المرابطون سنة 4٨4و فتكوا به. و عاد أبو القاسم إلى بلدته: لبلة فولّوه خطّة الشورى و مقاليد الفتوى، و هو مع ذلك يساجل إخوانه و يراسلهم و يخطب مودتهم، و خاصة أبا بكر بن القصيرة رئيس الديوان بمراكش منذ سنة 4٨٧ ليوسف بن تاشفين ثم لابنه على. و يبدو أن ابن القصيرة استدعاه ليعمل معه في هذا الديوان، و لا نعرف تاريخ هذا الاستدعاء، و أكبر الظن أنه استدعاه منذ عهد يوسف بن تاشفين حتى إذا توفى ابن القصيرة سنة 5٠٨ أسندت إلى ابن الجد رياسة الديوان بمراكش إلى أن توفى سنة 5١5 للهجرة.

و قد استهل ابن بسام ترجمته بقوله: «قريع )1)وقتنا، و واحد عصرنا، ممن استمرى )2)أخلاف النظم و النثر، فدرّت له بالبيان أو بالسحر. . و رويدك حتى ترى الصبح كيف يسفر، و ثبج )3)البحر كيف يزخر. و هو على نباهة الذكر، و علو القدر، و شرف المحل من فهر(4) » . و تلا ابن بسام ذلك بطائفة من رسائله، و نقرأ من بينها رسالة كتب بها إلى صديقه رئيس دواوين المرابطين: ابن القصيرة، و قد تصادف أن كان على مسافة قريبة منه، و لم يتفق لهما لقاء، و فيها يقول:

«لم أزل-أعزك اللّه-أستنزل قربك براحة الوهم، من ساحة النجم، و أنصب لك شرك المنى، في خلس الكرى. و ما ظنك بي و قد نزلت على مسافة يوم، و طالما نفر عن

خيالي نوم، و دنوت حتى هممت بالسلام، و قد كان من خدع الأحلام. . و ما كان على الأيام لو غفلت قليلا، حتى أشفى بلقائك غليلا. . و لئن أقعدتني بعوائقها عن لقاء حر، و قضاء برّ فما تحيّفت (تنقصت) ودادي، و لا ارتشفت مدادي، و لا غاضت (نقصت) كلامي، و لا أحفت (استأصلت) أقلامي، و في الكتاب بلغة الوطر، و يستدلّ على العين بالأثر. . و إن فرغت للمراجعة و لو بحرف، أو لمحة طرف، وصلت صديقا، و بللت ريقا، و أسديت يدا، و شفيت صدى (عطشا) ، لا زالت أياديك بيضا، و جاهك عريضا، و لياليك أسحارا، و مساعيك أنوارا» .

و يبدو أنه كتب لابن القصيرة هذه الرسالة حين كان يتولى ديوان الإنشاء بمراكش للمرابطين، و قد تولاه منذ سنة 4٨٧ كما أسلفنا حتى وفاته سنة 5٠٨ و نراه فيها يشير -من طرف خفى-إلى تمنيه أن يستدعيه صديقه للعمل معه في ذلك الديوان، و لا تخفى سطور الرسالة مراده و أنه يأمل لو ردّ عليه بكتاب يحقق له أمنيته. و قد صاغ الرسالة صياغة بديعة، مع لطف الأخيلة و دقة المعاني و مع حسن الأداء. و لا نلبث أن نقرأ له رسالة في وصف مطر بعد جدب شديد، و فيها يقول:

«لما استرابت حياض الوهاد، بعهود العهاد )5)، و تأهّبت رياض النّجاد، لبرود الحداد، و اكتحلت أجفان الأزهار، بإثمد(6)النّقع المثار، و تعطّلت الأنوار، من حلىّ الدّيمة المدرار، أرسل اللّه تعالى بين يدي رحمته ريحا بليلة الجناح، سريعة الإلقاح، فنظمت عقود السّحاب، نظم السّخاب (7)، و لم تلبث أن انهتك رواقها(8)، و انبتك )9)وشيكا نطاقها، و انبرت مدامعها تبكي بأجفان المشتاق، غداة الفراق، فاستغربت (10)الرياض ضحكا ببكائها، و اهتزّت رفات (11)النّبات طربا لتغريد مكّائها (12)، فيا برد موقعها على القلوب و الأكباد، و يا خلوص ريّها إلى غلل النفوس الصّواد (13)، كأنما استعارت أنفاس الأحباب، أو ترشّفت رضابا (14)من الثّنايا العذاب، أو تحمّلت ماء الوصال، أو سرت على أنداء الأسحار و ريحان الآصال. فالحمد للّه على ذلك ما انسكب قطر، و انصدع فجر، و توقّد قبس، و تردّد نفس» .

و لعل صوت ابن الجد اتضح، فهو صوت يفيض بألحان عذبة يأخذ بعضها بتلابيب بعض لما تتميز به من عذوبة و رشاقة، و هو صوت يتخايل أو يتجسد في تصاوير متتابعة، فيمتع النفس بنغماته و أخيلته البديعة. و له من رسالة يخطب فيها وداد أديب و أخوّته:

«إن كانت المداخلة بيننا لم يفتح لها باب، و لا علقت بها أسباب، و لا رمى لنا في محصّبها (15)جمار، و لا عطف بنا نحو كعبتها اعتمار، فقد جمعتنا في معرّف )16)المعرفة معارف، و ضمّتنا من معالم العلم معاهد و مآلف، و وشجت (17)بيننا من أواصر الأدب أنساب، و ضربت علينا في مدارج الطلب قباب، و لا غرو من تداني القلوب على تنائي الديار، و ائتلاف النفوس مع اختلاف النجار )18)، فربما ألّف تشاكل الشيم و الأخلاق، بين مستوطن الشام و ساكن العراق. على أني لا أدعي رتبتك في فنون العلم و الآداب، و من يضاهي محل الفرقد (19)، بمنبت الغرقد، لكني و إن لم أعدّ في رعيلك، فعندي من بضائع الكلم ما ينفق في سوقك، بقيت حلية للدهر فائقة، و غرّة في وجد الزمن رائقة» .

و عذوبة الكلم و حلاوة الصوت و سلاسة الجرس و نعومته، كل ذلك تغرق الآذان في أنغامه مع ما يسوق من أطياف و خيالات رائعة. و كان فيه ميل إلى الدعابة، مما جعله يعارض أبا الحسين بن سراج في رقعته التي مرت بنا و التي شفع فيها عند بعض ذوي الجاه و الثراء لرجل يسمى الزريزير مستعيرا له بعض الصفات المتصلة بالطيور كالريش و العش و الشّكير و التحسير، و على غرار رقعة ابن سراج يقول في رقعته:

«لئن سمّى بالزّريزير، لقد صغّر للتّكبير، و لما طار ببلاد الغرب و وقع، و زقا في أكنافها و صقع )20)، و عاين ما اتفق فيها هذا العام من عدم الزيتون، في تلك البطون، و المتون، و لم يجد بها قرارا، أزمع عنها فرارا. و استخفّه هائج التذكار، نحو تلك الأوكار، حيث يكتسى ريشه حريرا، و يحتشى جوفه بريرا(21)، و يحتسى قراحا نميرا(22)، فخذه إليك، نازلا لديك، ماثلا بين يديك، يترنّم بالثناء، ترنم الذّباب في الروضة الغنّاء. و لن يعدم في جنابك حبّا نثيرا، و خصبا كثيرا، و عشّا وثيرا(23)  » .

و الدعابة لطيفة و الصياغة بديعة، و يقول ابن بسام في ختام ترجمته له إن كلامه أبهى من النجوم و أبهر، و أسرى من النسيم و أسير» لما يشيع به من صياغة تأخذ بمجامع القلوب .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1) قريع: سيد.

2) استمرى أخلاف النظم: احتلب ضرعه.

3) ثبج البحر: وسطه.

4) فهر: قبيلة قرشية.

5) العهاد: المطر.

6) إثمد: كحل. النقع: الغبار.

7) السخاب: القلادة من الأزهار.

8) الرواق: مقدم البيت

9) انبتك: انقطع

10) استغرب في الضحك: بالغ فيه

11) رفات: حطام

12 (المكاء: طائر له تغريد حسن

13 (ريها: شربها حتى الامتلاء. الغلل: جمع غلة: شدة العطش الصوادي. العطشى.

١4) الرضاب: الريق المرشوف.

١5) المحصب: موضع رمى الجمار بمنى.

16) المعرف: الموقف بعرفات، و الاستعارة واضحة.

17) وشجت: تشابكت.

18) النجار: الأصل و الحسي.

19) الفرقد: النجم القطبي: الغرقد شجر قصير فروعه شائكة.

20(  زقا: صاح. صقع: ذهب في كل وجه.

2١) البرير: ثمر الأراك.

2٢) يحتسى: يتجرع. قراحا نميرا: ماء صافيا زاكيا.

23) وثيرا: وطيئا.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.