المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

نموذج رقم ( 15 ) – شهادة الصيانة والاستلام النهائي للمشروع
2023-03-19
الزي الأندلسي في السلم والحرب
24-4-2022
تفسير الآية (9-14) من سورة الشورى
26-8-2020
تذلّله أمام اللّه
11-4-2016
مقدّمة الصحّة
14-9-2016
Xenon Compounds and their Molecular Structure
6-1-2019


ابن القطَّان البغدادي الشاعر  
  
3462   08:35 مساءاً   التاريخ: 26-1-2016
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج3، ص314-316
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

هو أبو القاسم هبة اللّه بن الفضل (418-498 ه‍) بن القطّان عبد العزيز بن محمّد بن الحسين بن عليّ بن أحمد بن الفضل بن يعقوب بن يوسف ابن سالم المتوثيّ، ولد سنة 477 ه‍، و قيل في سابع ذي الحجّة من سنة 478 ه‍.

سمع هبة الدين بن القطّان الحديث من أبيه و من أبي الفضل بن خيرون و أبي طاهر محمّد بن الحسن الباقلاّويّ (الباقلاني) و أبي عبد اللّه الحسين بن أحمد الكرخيّ. و لكنّه اكتفى بالتكسّب بالشعر و ترك كلّ ما عدا ذلك. و كان أكثر اعتماده على الهجاء: هجا قاضي القضاة شرف الدين عليّ بن طراد الزينبي بقصيدة أوّلها:

يا أخي، الشرط أملك... لست للثلب سأترك (1)

و هي طويلة تبلغ مائة و ثمانية عشر بيتا تناقلها الرواة، فحبسه الزينبيّ عليها مدّة (وفيات الاعيان 2:116، راجع 3:119) .

و كانت وفاة ابن القطّان في الثامن و العشرين من رمضان من سنة 558 (30/8/1163 م) في الاغلب، في بغداد.

كان ابن القطّان البغداديّ عارفا بالحديث و بالطب و الكحالة (تطبيب العيون) ، و قيل بل كان طبيبا؛ و لكنّه توفّر على الشعر. و هو شاعر مجيد مليح الشعر رقيق الطبع غلب عليه الهجاء و كثر في شعره المزاح و المجون، و له في هذا الباب حكايات كثيرة أشهرها مع حيص بيص الشاعر. و له: تعاليق طبّيّة- مسائل و أجوبتها (في الطب) -كتاب في العروض (مختصر) . و هو أوّل من استخدم البحر «فعلن مفاعلن فعولن» .

مختارات من شعره:

- خرج الشاعر حيص بيص من دار الوزير الزينبيّ (2) ليلة فنبح عليه جرو كلب فوكزه بسيفه (3) فمات. و بلغت القصّة الى ابن القطّان فنظم أبياتا و ضمّنها بيتين لبعض الأعراب قتل أخوه ابنا له خطأ. و كتب ابن القطّان الأبيات في ورقة و علّق الورقة في عنق كلبة لها أجر ثمّ وكّل بها من يطردها (4) هي و أولادها الى باب الوزير الزينبيّ. و عرضت الورقة على الوزير فإذا فيها:

يا أهل بغداد، إن الحيص بيص أتى... بفعلةٍ أكسبته الخزي في البلد

هو الجبان الذي أبدى تشاجعه... على جريّ ضعيف البطش و الجلد (5)

و ليس في يده مال يديه به... و لم يكن ببواء عنه في القود (6)

فأنشدت جعدة من بعد ما احتسبت... دم الأبيلق عند الواحد الصمد (7)

«أقول للنفس تأساء و تعزية... إحدى يديّ أصابتني و لم ترد (8)

كلاهما خلف من فقد صاحبه...هذا أخي حين أدعوه، و ذا ولدي)»

-و يبدو أنّ ابن القطّان قد ملّ في آخر عمره ذلك الهذر و المجون فأنشد الوزير ابن هبيرة جهم بن عمرو الشيبانيّ الذي تولّى الوزارة للخليفة المستنجد، في ربيع الأوّل من سنة 555 ه‍ (1160 م) قصيدة منها:

مولاي، قد قصّرت بي نهضتي كبرا... فما عليّ بشكوى فاقة حرج (9)

طيّب بليّة عمري بالتعهّد لي... يا من له طيب ذكر نشره أرج (10)

يا من له حجّة بالعزّ قائمة... ارحم-لك الخير-شيخا ما له حجج (11)

فإنّ من جاوز العمرين قد خربت... بالعجز منه أعالي القصر و الأزج (12)

ففيم تخدعني الدنيا بزينتها... و الحين قد حان، و الأحباب قد درجوا (13)

و الرزق-ما دمت حيّا-أبتغيه، كما... يرومه يافع في حرصه لهج (14)

و انت-و اللّه-في علم و في عمل... من يستقيم به في العالم العوج

أولى بمجدك أن تحنو على يفن... مديحه بالذي أوليت مبتهج (15)

___________________

1) الثلب: الذم، الشتم.

2) الشريف أبو القاسم علي بن طراد الزينبي العباسي كان قاضي القضاة و نقيب النقباء و ولي الوزارة للخليفة المسترشد أشهرا من سنة 516 ه‍(1122 م) .

3) الجرو ولد الكلب و الاسد الخ، و جمعه أجر (بفتح فسكون) و كسرتين لأنه منقوص، و اجراء و جراء و أجرية. وكزه: دفعه، ضربه.

4) يطردها: يدفعها، يسوقها.

5) الجري-تصغير جرو. الجلد: القدرة و الاحتمال.

6) يديه مضارع «وداه» (ودى-يدي) : دفع ديته (بكسر و فتح بلا تشديد) أي ثمن دمه. البواء: الكفؤ المساوي. القود: قتل القاتل.

7) جعدة يستعملها الشاعر علما على الكلبة خطأ (لأنها علم على الذئب) . احتسب الرجل ولده: صبر على موته حبا بنيل الأجر من اللّه يوم القيامة. الأبيلق تصغير أبلق. و الابلق من كان في جلده بياض (و يبدو أن الجرو كان أبلق) . الواحد الصمد (المقصود-اللّه) .

8) يشبه الشاعر الأخ و الولد باليدين (لتساويهما في القيمة عنده) .

9) بدأت أعجز عن النهوض لكبر سني. فلا حرج (لوم، ذنب) اذا شكوت لك فاقتي (فقري) .

10) بالتعهد لي: بالاهتمام بي، بالعطف علي. النشر: الرائحة الطيبة. الارج: توهج (اشتداد ريح) الطيب.

11) حجج: دليل، سلطة. قائمة: ظاهرة، معترف بها.

12) العمران: عمر الشباب و عمر الكهولة (؟) . الازج أدنى البناء.

13) الحين: الموت. حان: قرب. درج الأحباب: ذهبوا (ماتوا) .

14) يرومه: يطلبه، يسعى اليه. اليافع: من قرب أن يبلغ مبلغ لرجال (الشاب) . الحرص: البخل بالشيء. اللهج: الولوع بالشيء و الجد في طلبه.

15) اليفن: الشيخ الكبير الفاني. مبتهج: مسرور، ممتلئ (؟) .

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.