أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-31
599
التاريخ: 2024-01-15
1065
التاريخ: 2024-11-19
310
التاريخ: 2024-11-19
208
|
العبد كما يختار وقتا في أول كل يوم ليشارط فيه النفس على سبيل التوصية بالحق ، ينبغي له أن يختار وقتا في آخر كل يوم ليطالب النفس فيه بما أوصى به ، و يحاسبها على جميع حركاتها وسكناتها ، كما يفعل التجار في آخر كل سنة مع الشركاء.
وهذا أمر لازم على كل سالك لطريق الآخرة معتقد للحساب في يوم القيامة , و قد ورد في الأخبار : أن العاقل ينبغي أن يكون له اربع ساعات : ساعة يناجى فيها ربه ، و ساعة يحاسب فيها نفسه و ساعة يتفكر في صنع اللّه ، و ساعة يخلو فيها للمطعم و المشرب.
ولذلك كان الصدر الأول من الخائفين و من تقدّمنا من سلفنا الصالحين في غاية السعي و الاهتمام في محاسبة النفس ، بحيث كانت عندهم من الطاعات الواجبة ، و كانوا أشد محاسبة لنفوسهم من سلطان غاشم ، و من شريك شحيح ، و يعتقدون أن العبد لا يكون من أهل التقوى و الورع حتى يحاسب نفسه أتم من محاسبة شريكه ، و أن من لا يحاسب نفسه إما معتوه أحمق أو لا يعتقد بحساب يوم القيامة ، إذ العاقل المعتقد به مع اهواله و شدائده و ما يوجبه من الخجلة و الحياء و الافتضاح ، إذا علم ان محاسبة النفس في الدنيا تسقطه او توجب خفته ، كيف يجوز له ان يتركها؟.
ثم كيفية المحاسبة بعد العمل : ان يطالب نفسه أولا بالفرائض التي هي بمنزلة راس ماله ، فان ادتها على وجهها شكر اللّه عليه و رغبها في مثلها ، و ان فوتتها من أصلها طالبها بالقضاء ، و إن ادتها ناقصة كلفها بالجبران بالنوافل ، وان ارتكب معصية اشتغل بعتابها وتعذيبها و معاقبتها و استوفى منها ما يتدارك به ما فرط ، كما يصنع التاجر بشريكه , و كما انه يفتش في حساب الدنيا عن الحبة و القيراط و النقير و القطمير، فيحفظ مداخل الزيادة و النقصان حتى لا يغبن في شيء منها ، كذلك ينبغي ان يفتش من افعال النفس و يضيق عليها ، و ليتق غائلتها و حيلتها فانها خداعة مكارة ملبسة , فليطالبها أولا بتصحيح الجواب عن جميع ما تكلم به طول نهاره ، و ليتكفل بنفسه من الحساب قبل ان يتولاه غيره في صعيد القيامة ، ثم بتصحيح الجواب عن جميع افعاله و أحواله : من نظره ، و قيامه ، و قعوده ، و نومه ، و اكله ، و شربه ، حتى عن سكوته لم سكت ، و عن سكوته لم سكن ، و عن خواطره ، و افكاره ، و صفاته النفسية ، و اخلاقه القلبية ، فان خرجت عن عهدة الجواب عن الجميع ، بحيث ادت الحق في الجميع ، و لم يترك شيئا مما يجب عليها و لم ترتكب شيئا من المعاصي : حصل لها الفراغ من حساب هذا اليوم ولم يكن شيئا باقيا عليها ، و ان ادت الحق في البعض دون البعض ، كان قدر ما ادت الحق فيه محسوبا لها ، و يبقى غيره باقيا عليها فيثبته عليها ، و ليكتب على صحيفة قلبه كما يكتب الباقي على شريكه على قلبه و على جريدته , ثم النفس غريم يمكن ان تستوفى منها الديون ، أما بعضها فبالغرامة و الضمان ، و بعضها برد عينه ، و بعضها بالعقوبة لها على ذلك ، ولا يمكن شيء من ذلك الا بعد تحقق الحساب و تمييز الباقي من الحق الواجب عليه ، فإذا حصل ذلك اشتغل بعده بالمطالبة و الاستيفاء.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|