أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-7-2016
1303
التاريخ: 26-7-2016
2173
التاريخ: 19-7-2016
5539
التاريخ: 27-7-2016
1622
|
لاحظ علماء العربية ان حروف العربية مناسبة لمعانيها وان ثمة قيمة تعبيرية للحرف العربي ولم يعنهم من كل حرف انه صوت وانما عناهم من صوت هذا الحرف انه معبر عن غرض وان الكلمة العربية مركبة من هذه المادة الصوتية التي يمكن حل اجزائها الى مجموعة من الاحرف المعبرة ذات الدلالة فكل حرف منها يستقل ببيان معنى خاص مادام يستقل باحداث صوت معين وكل حرف له جرس وايقاع وهذه الصفة الموسيقية امتازت بها اللغة العربية وذهب كثير من الباحثين الى ان لغتنا موسيقية وانها اكتسبت هذه الصفة منذ اقدم عهودها كما هو واضح في نصوصها القديمة والعربي كما هو معروف يعتمد على سمعه في الحكم على النص اللغوي لذا فهو مرهف الحس يستريح الى ضرب من الكلام لحسن وقعه وينفر من اخر لننبو جرسه.
ونرى هذه السمة واضحة كل الوضوح في القران الكريم ودفع هذا المشركين الى نعته بالسحر فقد اراد الوليد بن المغيرة ان يصد الناس عنه بنعته بالسحر(1) ولكنه رجع فقال بعد ان سمع الرسول (ص) يتلو سورة (حم السجدة): (ان له لحلاوة وان عليه لطلاوة وان اسفله لمغدق وان اعلاه لمثر)(2) ونفى ان يكون من كلام البشر.
ص70
واثبات القيمة التعبيرية لصوت حرف واحد في كلمة كأثبات هذه القيمة نفسها للصوت المركب وهو ثنائي لا اكثر او ثنائي الحق به حرف او اكثر او ثلاثي مجرد ومزيد او رباعي منحوت او خماسي او سداسي مشتق او مقيس.
وقد عقد ابن جنى (ت392هـ) باباً في كتابه الخصائص(3) سما (باب امساس الالفاظ اشباه المعاني) قال فيه:(اعلم ان هذا موضع شريف لطيف وقد نبه عليه الخليل وسيبويه وتلقته الجماعة بالقبول له والاعتراف بصحته): وقال(4):
(فأما مقابلة الالفاظ بما يشكل اصواتها من الاحداث فباب عظيم واسع ونهج ملتئم عند عارفيه مأموم وذلك انهم كثيرا ما يجعلون اصوات الحروف على سمت الاحداث المعبر بها عنها فيعدلونها بها ويحتذونها عليها وذلك اكثر مما نقدره واضعاف ما نستشعره).
من ذلك قولهم: خضم وقضم فالخضم لاكل الرطب كالبطيخ والقثاء وما كان نحوهما من المأكول الرطب.
والقضم للصلب اليابس نحو: قضمت الدابة شعيرها ونحو ذلك فأختاروا الخاء لرخاوتها للرطب والقاف لصلابتها لليابس حذوا لمسموع الاصوات على محسوس الاحداث.
ومن ذلك قولهم: النضح للماء ونحوه والنضخ اقوى من النضح قال الله سبحانه: (فيهما عينان ناضختان)(5) فجعلوا الحاء لرقتها للماء الضعيف والخاء لغلظها لمل هو اقوى منها ومن ذلك قولهم: الوسيلة والصيلة والساد كما ترى اقوى صوتا من السين لما فيها من الاستعلاء والوصيلة اقوى معنى من الوسيلة.
ص71
وذلك ان التوسل ليست له عصمة الوصل والصلة بل الصلة اصلها من اتصال الشيء بالشيء ومماسته له وكونه في اكثر الاحوال بعضا له كأتصال الاعضاء بالانسان وهي ابعاضه ونحو ذلك والتوصل معنى يضعف ويصغر ان يكون المتوصل جزءا او كالجزء من المتوصل اليه وهذا واضح فجعلوا الصاد لقوتها للمعنى الاقوى والسن لضعفها للاضعف.
ومن ذلك قولهم: صعد وسعد فجعلوا الصاد لانها اقوى لما فيه اثر مشاهد يرى وهو الصعود في الجبل والحائط ونحو ذلك وجعلوا السين لضعفها لما لا يظهر ولا يشاهد حسا الا انه مع ذلك فيه صعود الجد لا سعود الجسم الا تراهم يقولون: هنو سعيد الجَدّ وهو عالي الجَدّ وقد اتفع امره وعلا قدره فجعلوا الصاد لقوتها مع ما يشاهد من الافعال المعالجة المتجشمة وجعلوا السين لضعفها فيما تعرفه النفس وان لم تره العين والدلالة اللفظية اقوى من الدلالة المعنوية).
وعقد ابن جنى باب اخر سماه: (باب في قوة اللفظ لقوة المعنى) قال فيه:
(هذا فصل من العربية حسن منه قولهم: خشن واخشوشن فمعنى (خشن) دون معنى (اخشوشن) لما فيه من تكرير العين وزيادة الواو ومنه قول عمر رضى الله عنه: اخشوشنوا وتمعددوا: اي اصلبوا وتناهوا في الحشنة.
وكذلك قولهم: اعشب المكان فأذا ارادوا كثرة العشب فيه قالوا: اعشوشب ومثله حلا واحلولى وخلق واخلولق وغدن واغدودن مثله باب فعل وافتعل نحو قدر واقتدر فاقتدر اقوى معنى من قولهم: قدر..........
ونحو من تكثير اللفظ لتكثير المعنى العدول عن معتاد حاله وذلك (فعال) في معنى (فعيل) نحو طوال فهو ابلغ معنى من طويل وعُراض فأنه ابلغ معنى من عريض.
وكذلك خُفاف من خفيف وقُلال من قليل وسُراع من سريع...
وبعد فأذا كانت الالفاظ ادلة المعاني ثم زيد فيها شيء اوجبت القسمة له
ص72
زيادة المعنى به وليست الكلمات سواء في دلالتها على المعنى فمن الكلمات ما هي اصدق في وصف الشيء من كلمات اخرى والصق بالمعنى او اكثر تمثيلا له امام العيون.
والالفاظ تتفاوت في ما بينها جمالا وقبحا من حيث دلالتها على المعنى وعلى جوانبه المختلفة وان المتكلم يستعين على حسب قصده بألفاظ قد تستر جانب القبح في الاشياء او تكشف عنه وان الالفاظ يجب ان تختار لتلائم موقعها في الجمل وفي صياغة المجاز وفي الاية من المعنى المراد هذا جمالها في معناها ومعرضها ويتصل بهما جمالها في جرسها على حسب السياق ثم ان من جمال الاسلوب ما يستعان فيه بالالفاظ وجرسها ونظامها كما في المزاوجة والسجع(6).
فعلاقة اللفظ وما يطرأ عليه من تغيير صوتي بالمعنى من خصائص اللغة العربية التي نالت عناية كثير من علماء اللغة القدامى والمحدثين(7).
ص73
__________________
(1) الرسالة الشافية 122.
(2) دلائل الاعجاز 388.
(3) الخصائص 2/ 152- 168.
(4) الخصائص 2/ 157- 161.
(5) الخصائص 3/ 264- 269.
(6) نظرية النظم 31-32.
(7) ينظر: دراسات في فقه اللغة 141-172 وخصائص العربية 14-43.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|